« الاحتفال بمولد النبي ﷺ »
محمد بن سليمان المهوس / جامع الحمادي بالدمام
10 / 3 / 1446هـ
الخُطْبَةُ الأُولَى
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71].
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : دِينُ الإِسْلاَمِ دِينُ الْوَسَطِيَّةِ وَالاِعْتِدَالِ، لاَ غُلُوَّ فِيهِ وَلاَ جَفَاءَ، وَلاَ إِفْرَاطَ وَلاَ تَفْرِيطَ، شَرِيعَةٌ أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى النَّاسِ جَمِيعًا بِأَشْكَالِهِمْ وَأَلْوَانِهِمْ وَأَعْرَاقِهِمْ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: 143]، ثُمَّ مَيَّزَ رَسُولُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مَنْ يَحْمِلُ هَذِهِ الْوَسَطِيَّةَ بَيْنَ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَطَوَائِفِهِمْ، فَقَالَ: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لاَ، إِنَّ بَعْضَكُمْ علَى بَعْضٍ أُمَراءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الأُمَّةَ» [رواه مسلم].
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّهُ سَتَظَلُّ جَمَاعَةٌ مِنْ أُمَّةِ الإِسْلاَمِ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ نُصْرَةِ الْحَقِّ، وَهُمْ مُنْتَصِرُونَ غَالِبُونَ، وَسَيَظَلُّونَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ طَائِفَةً بَعْدَ طَائِفَةٍ، وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ لاَ يَنْقَطِعُ فِي أُمَّةِ الإِسْلاَمِ، فَهُنَاكَ مَنْ يَتَوَارَثُهُ جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ، حَتَّى «يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
وَهَذِهِ الْوَسَطِيَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى صِدْقِ التَّمَسُّكِ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَمَا عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [النساء: 59] . وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» [رواه أبو داود، وغيره، وصححه الألباني].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿والسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: 100]، فَالرِّضَا الْمُطْلَقُ لِلسَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ، وَالرِّضَا الْمَشْرُوطُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ بِمُتَابَعَةِ سُنَّتِهِمْ وَمَنْهَجِهِمْ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ﴾ [النساء: 115] فَمَشَاقَّةُ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: الْبُعْدُ عَنْ دِينِهِ وَمَنْهَجِهِ، وَتَرْكُ الْعَمَلِ بِسُنَّتِهِ، وَاتِّبَاعُ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ؛ أَيْ: طَرِيقَةِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ وَالأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ...» الْحَدِيثُ [متفق عليه].
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاخْتَارَ مُحَمَّدًا فَبَعَثَهُ بِرِسَالَاتِهِ وَانْتَخَبَهُ بِعِلْمِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ بَعْدَهُ فَاخْتَارَ لَهُ أَصْحَابَهُ فَجَعَلَهُمْ أَنْصَارَ دِينِهِ وَوُزَرَاءَ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ قَبِيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ قَبِيحٌ»
[أخرجه الطيالسي في مسنده ،وصححه عدد من العلماء وبعضهم حسنه].
قَالَ حُذَيْفَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: كُلُّ عِبَادَةٍ لَمْ يَتَعَبَّدْهَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- فَلاَ تَعَبَّدُوهَا؛ فَإِنَّ الأَوَّلَ لَمْ يَدَعْ لِلآخِرِ مَقَالاً، فَاتَّقُوا اللهَ يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ، وَخُذُوا بِطَرِيقِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» [رواه ابن المبارك في الزهد: 47].
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ -رَحِمَهَ اللهُ تَعَالَى-: «اصْبِرْ نَفْسَكَ عَلَى السُّنَّةِ، وَقِفْ حَيْثُ وَقَفَ الْقَوْمُ، وَاسْلُكْ سَبِيلَ السَّلَفِ الصَّالِحِ؛ فَإِنَّهُ يَسَعُكَ مَا وَسِعَهُمْ» [الآجري في الشريعة: 294].
وَيَقُولُ الإِمَامُ أَحْمَدُ-رَحِمَهَ اللهُ تَعَالَى-: «أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا: التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَالاِقْتِدَاءُ بِهِمْ»
[أصول السنة: 14].
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَالِمِينَ عَامِلِينَ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُتَّبِعِينَ مُقْتَدِينَ، وَبِمَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مُسْتَمْسِكِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ وَسْطِيَّةِ الدِّينِ وَالِاعْتِدَالِ فِيهِ : أَنْ لَا يُعْبَدَ اللَّهُ وَلَا يُتَقَرَّبَ لَهُ بِعِبَادَةٍ إلَّا بِمَا شَرَعَهُ رَسُولُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَالْبُعْدُ كُلُّ الْبُعْدِ عَنْ الْبِدَعِ بِأَشْكَالِهَا وَصِوَرِهَا ؛ وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَحْدَثَهُ النَّاسُ فِي الْقُرُونِ الْمُتَأَخِّرَةِ بَعْدَ الْقُرُونِ الثَّلاَثَةِ الأُولَى الْمُفَضَّلَةِ مِنِ احْتِفَالٍ بِيَوْمِ وِلاَدَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وَالَّذِي لَمْ يَفْعَلْهُ قَرْنُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِيهِ يَحْتَفِلُ بِمَوْلِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لاَ صَحَابَتُهُ الأَبْرَارُ، وَلاَ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ الأَخْيَارِ ؛ وَإِنَّمَا أُحْدِثَ هَذَا الاِحْتِفَالُ الْبِدْعِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْقَرْنِ الرَّابِعِ الْهِجْرِيِّ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ وَابْتَدَعَهُ هُمُ الرَّافِضَةُ الْعُبَيْدِيُّونَ -الَّذِينَ يُسَمَّوْنَ زُورًا وَتَلْبِيسًا بِالْفَاطِمِيِّينَ-؛ ابْتَدَعُوهُ مَعَ مَا ابْتَدَعُوهُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَوَالِدِ وَالاِحْتِفَالاَتِ الْبِدْعِيَّةِ.
ثُمَّ أَحْيَا الصُّوفِيَّةُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ بِدْعَةَ الاِحْتِفَالِ بِيَوْمِ مَوْلِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وَأَحْيَا الرَّافِضَةُ بِدَعَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنْ جَدِيدٍ، وَمَا زَالَتْ هَذِهِ الْبِدَعُ مُسْتَمِرَّةً إِلَى يَوْمِنَا هَذَا.
وَالْحَقِيقَةُ التَّارِيخِيَّةُ الثَّابِتَةُ الَّتِي لاَ تَقْبَلُ الشَّكَّ: أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ هُوَ يَوْمُ وِلاَدَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، بَلِ الأَرْجَحُ وَالأَصَحُّ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّهُ يَوْمُ وَفَاتِهِ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ-، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ، فِدَاهُ أَبِي وَأُمِّي وَنَفْسِي.
فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَأْمَنَ الأَمِينَ وَالْحِصْنَ الْحَصِينَ مِنْ فِتَنِ هَذَا الزَّمَانِ وَمُغْرِيَاتِهِ، إِنَّمَا هُوَ التَّمَسُّكُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُ الأُمَّةِ، وَهُوَ الْمُخْرِجُ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ، وَالنَّجَاةُ مِنْ كُلِّ مِحْنَةٍ، وَالرُّقِيُّ بِكُلِّ مَجَالٍ، وَالتَّطَوُّرُ بِكُلِّ الأَحْوَالِ؛ فَلاَ رُسُوخَ لِقَدَمٍ، وَلاَ ثَبَاتَ لِمُعْتَقَدٍ، وَلاَ بَقَاءَ لِفِكْرٍ، وَلاَ تَحَقُّقَ لِوَعْدٍ، وَلاَ أَمْنَ مِنْ عِقَابٍ، إِلاَّ بِالتَّمَسُّكِ الشَّدِيدِ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَمَا عَلَيْهِ سَلَفُ الأُمَّةِ ؛ هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، وَقَالَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [رواه مسلم].
المفضلات