خطبة جمعة
بعنوان
( والنخل باسقات )
14/1/1444
منقولة مع التعديلات
عبدالله بن فهد الواكد
جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
الحَمْدُ للهِ المُتَفَرِّدِ بِالجَلَالِ وَالبَقَاءِ ، المُتَوَحِّدِ بِالكَمَالِ وَالكِبْرِيَاءِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ ، تَرَكَنَا عَلَى المَحَجَّةِ البَيْضَاءِ ، َصلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، أَهْلِ الجُودِ وَالكَرَمِ وَالوَفَاءِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَاعِبَادَ اللهِ : إتَّقُوا اللهَ القَائِلَ ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : (اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)
جَنَّاتٌ طَيِّبَاتٌ ، مُثْمِرَاتٌ مُورِقَاتٌ ، بَاسِقَاتٌ لَها طَلْعٌ نَضيدٌ. ، رِزْقاً لِلْعِبَادِ ..
التَّمْرُ يَاعِبَادَ اللهِ غِذَاءٌ لِلأَبْدَانِ ، وَشِفَاءٌ لِلأَسْقَامِ ، وَقُوتٌ لِلْعِيَالِ ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (لاَ يَجُوعُ بَيْتٌ عِنْدَهُمْ التَّمْرُ ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
فَالنَّخْلَةُ نَبْتَةٌ مُبَارَكَةٌ ، رُطَبُهاَ فَاكِهَةٌ لِلصَّائِمِ، وَزَادٌ لِلْمُسَافِرِ، أُكْرِمَتْ بِثَمَرِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا)
التَّمْرُ طَعَامٌ يُشْبِعُ وَيُغْنِي .. فَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : إِنْ كَانَ لَيَمُرُّ الهِلَالُ وَالهِلَالُ وَالهِلَالُ ، ثَلَاثَةُ أَهِلَّةِ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَ فِي بَيْتِ آلِ مُحَمَّدٍ نَارَا، قِيلَ لَهَا : فَمَا طَعَامُكُمْ ؟ قَالَتْ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالمَاءُ .
وَلَمَّا فَتَحَ اللهُ خَيْبَرَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : الآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ ، أَخْرَجَهُ البُخَارِيِّ.
فَالتَّمْرُ دَوَاءٌ وَشِفَاءٌ بإِذْنِ اللهِ ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتِ عَجْوَةٍ لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ اليَوْمَ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ ) أَخْرَجَهُ البُخَارِي
وَفِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ( العَجْوَةُ مِنْ الجَنَّةِ ، وَفِيهَا شِفَاءٌ مِنْ السُّمِّ ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَالتَّمْرُ يَا عِبَادَ اللهِ : قُوتٌ يُؤْكَلُ وَيُدَّخَرُ ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بَابُ ادِّخَارِ التَّمْرِ قُوتًا لِلْعِيَالِ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لَاتَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ ).
وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُحِبُّ التَّمْرَ وَيُكْثِرُ مِنْ أَكْلِهِ ، قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ ، فجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُ أَكْلًا ذَرِيعًا ، وَفِي رِوَايَةٍ أَكْلاً حَثِيثًا ، أَخْرَجَهً مُسْلِمٌ . وَفِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، بَعَثَتْنِي أُمُّ سُلَيْمٍ بِقِنَاعٍ فِيهِ رُطَبٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فجَعَلَ النَّبِيُّ يَقْبُضُ قَبْضَةً فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ، وَيَقْبُضُ القَبْضَةَ فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ ، ثُمَّ جَلَسَ فَأَكَلَ بَقِيَّتَهُ ، أَكْلَ رَجُلٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَشْتَهِيهِ .
وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَجْمَعُ أَحْيَانًا التَّمْرَ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الطَّعَامِ ، قَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ جَعْفَرَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالقَثَّاءِ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ البَطِّيخَ بِالرُّطَبِ ،وَيَقُولُ نَكْسِرُ حَرَّ هَذَا بِبَرْدِ هَذَا، وَبَرْدَ هَذَا بِحَرِّ هَذَا .
وَعَنْ ابْنَيْ بُسْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَا دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدَّمْنَا زُبْدًا وَتَمْرًا ، وَكَانَ يُحِبُّ الزُّبْدَ وَالتَّمْرَ .أَخْرَجَهُ ابودَاوُدَ في سننه.
وَفِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُ التَّمْرَ مَعَ اللَّبَنِ، وَيُسَمِّيهِ الأَطْيَبَانِ .
وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَايَسْتَقْذِرُ مِنَ التَّمْرِ شَيْئاً، قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أٌتِيَ النَّبِيٌّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ عَتِيقٍ ، فجَعَلَ يُفَتِّشُهُ يُخْرِجُ مِنْهُ السُّوسَ . أَخْرَجَهُ ابُودَاوُدَ .
وَالتَّمْرُ مَعَاشِرَ المُسْلِمِينَ زَادُ المُسَافِرِ ، قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُماَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثمُائَةَ رَاكِباً ، أَمِيرُنَا أَبُوعُبَيْدَةَ ابْنُ الجَرَّاحِ، نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا ، فَكَانَ مِزْوَدِي تَمْرٌ ، الحَدِيث.. أخرجه البخاري ومسلم .
وَالتَّمْرُ خَيْرُ مَايُقَدَّمُ لِلأَضْيَافِ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةُ ؟ قَالَا الجُوعُ يَارَسُولَ اللهِ. قَالَ وَأَنَا وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنَي الذِي أَخْرَجَكُمَا ، قُومُوا ، فَقَامُوا مَعَهُ، فَانْطَلَقَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ الحمَدُ للهِ مَا أَحَدٌ اليَوْمَ أَكْرَمُ أَضْيَافًا مِنِّي ، فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بِسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ كُلُوا مِنْ هَذِهِ . أخرجه مسلم .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ بُسْرٍ نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ طَعَامًا وَتَمْراً ، فَكَانَ يَأْكُلُ التَّمْرَ وَيُلْقِي النَّوَى بَيْنَ إِصْبِعَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ ، قَالَ وَأَخَذَ أَبِي بِلِجَامِ دَابَّتِهِ فَقَالَ يَارَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ لَنَا فَقَالَ ( اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِيمَا رَزَقْتَهُمْ وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ).
وَفِي التَّمْرِ سُنَنٌ : مِنْهَا الإِفْطَارُ عَلَيْهِ ، قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَتَمَرَاتٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ . أخرجه أهل السنن
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِي ( نِعْمَ سَحُورُ المُؤْمِنِ التَّمْر )
وَفِي صَحِيحِ البُخَارِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَغْدُوا يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ وِتْراً.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم
فاستغفروا ربكم وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين . أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ فَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ ، وَارْعَوْ نِعْمَتَهُ حَقَّ رِعَايَتِهَا فَمَنْ لَايَشْكُرُ قَلِيلَ النِّعْمَةِ لَايَشْكُرُ كَثِيرَهَا ،
وَمِنْ حَقِّ اللهِ فِي هَذِهِ النِّعْمَةِ ، إِخْرَاجُ زَكَاتِهَا، وَمِقْدَارُ نِصَابِ الزَّكَاةِ فِي التُّمُورِ ثَلاَثُمَائَةُ صَاعاً ، يَعْنِي إِذَا بَلَغَ مَحْصُوَلُكَ مِنْ التَّمْرِ سِتُّمَائَةَ كِيلُوا تَقْرِيبًا فَفِيهِ نِصْفُ العُشْرِ ، وَتُضَمُّ الأَنْوَاعُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ حِسْبَةً لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ لِأَنَّهَا كُلُّهَا تُمُورٌ الأَحْمَرُ مِنْهَا وَالأَصْفَرُ مِنْ جِنْسِ التَّمْرِ.
وصلوا وسلموا على رسولكم محمد
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد .. .
المفضلات