خطبة جمعة
بعنوان
(المخدرات أعظم الآفات )
كتبها / عبدالله فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ الذِي رَفَعَ الرَّوَاسِي وَبَسَطَ السُّهُولَ ، وَوَهَبَ لِعِبَادِهِ الأَلْبَابَ وَالعُقُولَ ، أَحْمَدُهُ حَمْداً يَلِيقُ بِعَظَمتِهِ وَجَلَالِهِ ، وَيَنْبَغِي لِعِزَّتِهِ وَكَمَالِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِينَ ،
أَمَّا بَعْدُ أَيُّهاَ المُسْلِمُونَ : فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ القَائِلِ ( يَا أَيُّها الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
إِتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ العَقْلَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ ، وَمِنَّةٌ كَرِيمَةٌ ، لاَ يَعْرِفُ قِيمَتَهُ إِلاَّ مَنْ رَأَى مَعْتُوهاً أَوْ سَفِيهاً أَوْ ضَالاًّ أَوْ مُنْحَرِفاً ،
يُزِينُ الفَتَى فِي النَّــاسِ صِحَّةُ عَقْلِهِ
وَإِنْ كَانَ مَحْظُوراً عَلَيْـهِ مَكَاسِـبُـهْ
يَعِيشُ الفَتَى فِي النَّاسِ بِالعَقْـلِ إِنَّهُ
عَلَى العَقْلِ يَجْـرِي عِلْمُهُ وَتَجَارِبـُـهْ
وَأَفْضَلُ قَسْــــمِ اللهِ لِلْمَـرْءِ عَقْـلُـهُ
فَـلَـيْـسَ مِـنَ الأَشْـيَـاءِ شَـيْءٌ يُقَارِبُهْ
إِذَا أَكْمَـــلَ الـرَّحْـمَـــــنُ لِلْمَرْءِ عَـقْـلَــهُ
فَـقَـدْ كَـمُـلَـتْ أَخْـلاَقُـــهُ وَمَــآرِبُــــهْ
فَالسَّعِيدُ مَنْ اغْتَبَطَ بِعَقْلٍ نَاضِجٍ ، يَهْدِيهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ وَفَلاَحٍ ، وَالشَّقِيُّ مَنْ ابْتُلِيَ بِعَقْلٍ مَنْكُوسٍ ، يُرْدِيهِ فِي كُلِّ هَاوِيَةٍ وَبَلِيَّةٍ ، وَفِي كُلِّ شَرٍّ وَضَلاَلٍ ،
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ : أَيُّهَا الشَّبَابُ خَاصَّةً : هَذَا العَقْلُ الذِي وَهَبَهُ اللهُ لَكَ ، هُوَ مِنْحَةٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، حُرِمَ مِنْهُ كَثِيرُونَ ، فَاحْمَدِ اللهَ أَنَّ عَقْلَكَ نَاضِجٌ ، وَفِكْرَكَ سَلِيمٌ ، فحَاَفِظْ عَلَى هَذِهِ الدُّرَّةِ النَّادِرَةِ ، وَنَمِّ عَقْلَكَ وَفِكْرَكَ بِمَا يَنْفَعُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، فَأَنْتَ ذُو عَقْلٍ صَحِيحٍ مُعَافَى ، تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي نَفْسِكَ وَأَهْلِكَ وَمَالِكَ وَأَمَّا فَاقِدُ العَقْلِ مِنْ مُدْمِنِي الْمُخَدِّرَاتِ ، فَلاَ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي نَفْسٍ وَلاَ مَالٍ ، وَلاَ يُؤمَنُ عَلَى عِرْضٍ ، وَلاَ يُوجَدُ فِي البَشَرِيَّةِ مَنْ يَرْضَى أَنْ يُوصَفَ بِالجُنُونِ مَهْمَا كَانَ عَقْلُهُ ، بَلْ إِنَّ العَبَثَ بِالعَقْلِ وَإِفْسَادَهُ يُعَدُّ مِنْ أَشْنَعِ الجَرَائِمِ ،وَأَكْبَرِ الكَبَائِرِ،
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الوَسَائِلِ التِي تُفْسِدُ العَقْلَ ، هِيَ تَعَاطِي المَسْكِرَاتِ أَوْ الْمُخَدِّرَاتِ ، لِذَا جَاءَتْ نُصُوصُ الشَّرِيعَةِ بِتَحْرِيمِ كُلِّ مُسْكِرٍ قَاَلَ تَعَالَى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ )) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ : (( وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الآخِرَةِ )) وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: (( إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ )). قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: (( عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ)) وَسَمَّاهَا الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ الخَبَائِثِ ,
أَيُّهَا النَّاسُ : لَقَدْ أُبْتُلِيَتْ الأُمَّةُ بِدَاءٍ أَخْطَرَ مِنَ الخَمْرِ ، فَإِنْ كَانَتْ الخَمْرَةُ أُمَّ الخَبَائِثِ ، فَالمُخَدِّرَاتُ هِيَ أُمُّ الخَبَائِثِ وَالجَرَائِمِ وَالمَصَائِبِ كُلِّهَا ، فَالمُخَدِّرَاتُ حَرْبٌ مُدَمِّرَةٌ ، يَشُنُّهَا أَعْدَاءُ الأُمَّةِ عَلَى أَغْلَى وَأَثْمَنِ مُقَدَّرَاتِهَا ، يَشُنُّونَ هَذِهِ الحَرْبَ المُدَمِّرَةَ عَلَى عُقُولِ الشَّبَابِ ، لِيَنْغَمِسَ الشَّبَابُ فِي هَذَا البَلاَءِ ، فَيَكُونُوا أُسَارَى لِهَذَا الشَّرِّ المُدَمِّرِ ، يَقُودُهُمْ لِكُلِّ خَائِبَةٍ وَنَقِيصَةٍ ، وَيُوقِعُهُمْ فِي هَتْكِ الأَعْرَاضِ ، وَاسْتِنْزَافِ الأَمْوَالِ ، ثُمَّ يَؤُولُونَ بَعْدَ أَنْ يَذْهَبَ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ مَالٍ وَصِحَّةٍ إِلَى الشَّوَارِعِ وَالمَصَحَّاتِ وَالسُّجُونِ ، فَيَكُونُوا عِبْئًا عَلَى الأُمَّةِ ، بَدَلاً مِنْ أَنْ يَكُونُوا سَوَاعِدَ لِلْبِنَاءِ ، فَمُدْمِنُ المُخَدِّرَاتِ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ ، خَطَرٌ عَلَى أَمْوَالِ وَالِدَيْهِ وَأَهْلِهِ ، لاَ يَأْمَنُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ ، بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يَسْرِقُ أَثَاثَ البَيْتِ وَيَبِيعُهُ ، وَيَسْرِقُ ذَهَبَ أُمِّهِ وَزَوْجَتِهِ وَأُخْتِهِ ، لِيُؤَمِّنَ ثَمَنَ المُخَدِّرَاتِ
لَمْ تُبْقِ المُخَدِّرَاتُ صِفَةَ خَيْرٍ فِي مُدْمِنٍ إِلاَّ اسْتَبْدَلَتْهَا بِصِفَاتِ الشَّرِّ وَالعُدْوَانِيَّةِ ،
المُخَدِّرَاتُ يَا عِبَادَ اللهِ : أَسْلِحَةٌ فَتَّاكَةٌ صُدِّرَتْ إِلَى العَالَمِ كَافَّةً، وَإِلَى المُجْتَمَعَاتِ المُسْلِمَةِ بِصُورَةٍ خَاصَّةٍ ، وَالمُجْتَمَعُ الذِي تَنْتَشِرُ فِيهِ المُخَدِّرَاتُ يَسُودُهُ القَلَقُ وَالتَّوَتُّرُ، وَالشِّقَاقُ وَالتَّمَزُّقُ ، وَتَكْثُرُ فِيهِ الجَرَائِمُ ، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَ شَبَابَنَا وَفَتَيَاتِنَا مِنْ هَذَا الوَبَاءِ وَأَنْ يَحْفَظَ الإِسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ .
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآَنِ العَظِيمِ.....
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ تَعْظِيماً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ
وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً
أَيُّهاَ المُسْلِمُونَ : إِنَّ غَرْسَ الإِيمَانِ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَرَبْطَ النَّاسِ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَبِسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهَمِّ مَا يُتَّقَى بِهِ هَذَا الشَّرُّ العَظِيمُ ، فَيَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَغْرِسَ الإِيمَانَ وَالقِيَمَ الشَّرِيفَةَ فِي نُفُوسِ مَنْ حَوْلَهُ مِنَ الأَفْرَادِ وَالجَمَاعَاتِ، وَأَنْ يَحْذَرَ الشَّبَابُ الرِّفْقَةَ السَّيِّئَةَ ، لِأَنَّ المُخَدِّرَاتِ أَصْبَحَتْ آفَةً مِنْ آفَاتِ هَذَا العَصْرِ، وَازْدَادَ انْتَشَارُهَا فِي العَالَمِ، مِمِا جَعَلَ المُجْتَمَعَاتِ العَالَمِيَّةِ تَخْشَى آثَارَهَا عَلَى شَبَابِهَا وَاقْتْصَادِهَا وَمُسْتَقْبَلَهَا ، وَالوَاجِبُ عَلَى أَفْرَادِ هَذَا المُجْتَمَعِ أَنْ يَكُونُوا فَاعِلِينَ وَمُتَعَاوِنِينَ مَعَ الأَجْهِزَةِ المُخْتَصَّةِ فِي مُوَاجَهَةِ هَذَا الخَطَرِ الذِي يُهَدِّدُ مُجْتَمَعَنَا،
وَصَلُّوا عَلَى مُحَمّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا أَمَرَكُمْ ربُّكُمْ بِذَلِكَ فَقَاَلَ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً )
https://sites.google.com/view/www-al...%AA?authuser=0
المفضلات