النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: خطبة جمعة بعنوان ( قطوف من الكسوف )

  1. #1
    مشرف المضايف الإسلامية الصورة الرمزية الشيخ/عبدالله الواكد


    تاريخ التسجيل
    09 2001
    الدولة
    www.alwakid.net
    العمر
    60
    المشاركات
    1,687
    المشاركات
    1,687

    خطبة جمعة بعنوان ( قطوف من الكسوف )



    خطبة جمعة
    بعنوان
    قطوفٌ من الكسوف


    كتبها / عبدالله فهد الواكد
    إمام وخطيب جامع الواكد بحائل


    الْخُطْبَةُ الأُولَى
    أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
    فَإِنَّ الْمَوَاعِظَ وَالْعِبَرَ الَّتِي يَسْتَشِفُّهَا الْعَبْدُ حِينَمَا يَخُوضُ غِمَارَ الْحَيَاةِ، وَيَرَى الْعَجَائِبَ وَالْغَرَائِبَ، وَالدَّقَائِقَ وَالْآيَاتِ، وَقَطَامِيرَ الصُّنْعَةِ الْإِلَهِيَّةِ، وَالْمُعْجِزَاتِ الرَّبَّانِيَّةَ، لَهِيَ مِنْ أَنْفَعِ مَا يُغِذُّ بهِ الْعَبْدُ مَرَاكِبَ سَيْرِهِ الَّذِي يُورِدُهُ الْفَوْزَ وَالنَّجَاةَ، وَيُنِيخُ رِكَابَ الْعَنَاءِ وَالتَّعَبِ فِي جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ.
    إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَيُّهَا النَّاسُ: لَهُوَ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْفَطِنُ، هُوَ ذَلِكَ الذَّاكِرُ الشَّاكِرُ الْحَصِيفُ، الَّذِي لَا تَمُرُّ عَلَيْهِ الْمَوَاعِظُ وَالْعِبَرُ مُرُورَ الْمَاءِ عَلَى الْمُنْحَدَرِ، فَلَا يُورِقُ لَهَا غُصْنٌ وَلَا يَتَدَلَّى لَهَا ثَمرٌ. كَمْ مِنَ الْمَوَاعِظِ الْمُتَحَرِّكَةِ عَلَى الْأَلْسُنِ، لَا تُحَرِّكُ قَلْبًا وَلَا تُوقِظُ إِحْسَاسًا! وَكَمْ مِنَ الْمَوَاعِظِ الصَّامِتَةِ الَّتِي تُزَلْزِلُ الْقُلُوبَ، وَتَهُزُّ النُّفُوسَ، وَتَقْلِبُ حَيَاةَ الْغَفْلَةِ رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ! لَكِنَّ هَذِهِ الْمَوَاعِظَ وَالْعِبَرَ الصَّامِتَةَ بِحَاجَةٍ إِلَى تَأَمُّلٍ وَتَدَبُّرٍ، بِحَاجَةٍ إِلَى عَقْلٍ رَاجِحٍ، يَبُسُّ أَجْزَاءَهَا، وَيَنْثُرُ دَقَائِقَهَا، وَيَقِفُ أَمَامَها طَوِيلاً، لِيَرَى أَسْرَارًا عَجِيبَةً، وَدُرُوسًا غَرِيبَةً.
    أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ حَوَادِثَ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ الَّتِي يَتَدَاعى لَهَا الْعَالَمُ بِأَسْرِهِ، فَمِنْ مُتَفَرِّج ٍ، وَمِنْ مُعْتَبِرٍ، وَمِنْ مُتَّعِظٍ، وَمِنْ مُصَلٍّ، وَمِنْ مُتَوَسِّلٍ بِرَبِّهِ، لَائِذٍ بِهِ مُخْبِتٍ لَهُ
    هِيَ -أَيُّهَا النَّاسُ- دَرْسٌ مِنْ دُرُوسِ الزَّمَانِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُشْبَعَ نَظَرًا وَتَأَمُّلاً.
    فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ وَفَاةِ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلامُ- ابْنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَهَبَّ النَّاسُ يَقُولُونَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحِيَاتِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَقُومُوا فَصَلُّوا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
    وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، وَإِنَّهُمَا لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ؛ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
    وَالْكُسُوفُ يَا عِبَادَ اللهِ: هُوَ ذَهَابُ ضَوْءِ الْشَمْسِ أَوْ بَعْضِهِ ، وَهُوَ أَنْ يحُولَ القَمَرُ بَيْنَ الْأَرْضِ وبَيْنَ ضَوْءِ الشَّمْسِ ، فَيَحجُبَ ضَوْءَ الشَّمْسِ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَه لِفَتْرَةٍ زَمَنِيَّةٍ، تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ مَوَاقِعِ النَّاسِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَزَاوِيَةِ النَّيِّرَيْنِ، فَتُعْتِمُ الأَرْضُ وَتَنْبَهِتُ، وَيَحِيقُ بِالنَّاسِ جَوٌّ كَئِيبٌ حَزِينٌ مُخِيفٌ، تَنْكَدِرُ لَهُ الأَفْئِدَةُ، وَتَنْقَبِضُ لَهُ الْقُلُوبُ، وَيَشْعُرُ النَّاسُ أَنَّهُمْ فَقَدُوا شَيْئًا ثَمِينًا رَافَقَ نَهَارَهُم، فَتَتَهَافَتُ الْقُلُوبُ الْمُسْلِمَةُ، مُسْتَقْبِلَةً قِبْلَةَ رَبِّهَا، مُهْتَدِيَةً بِسُنَّةِ نَبِيِّهَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، تُصَلِّي صَلاَةَ الْكسُوفِ، وَتَدْعُوا وَتَتَوَسَّلُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ، حَتَّى يَنْجَلِيَ مَا بِهَا.
    أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: كَمْ مِنَ الْكُسُوفَاتِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ! فَكَمْ حَجَبَ الْمَرَضُ الصِّحَّةَ، وَكَمْ حَجَبَ الْفَقْرُ الْغِنَى، وَكَمْ حَجَبَ الْعُقْمُ الذُّرِّيَّةَ، وَكَمْ حَجَبَ الشقاءُ السعادةَ، وَكَمْ حَجَبَ السَّهَرُ النَّوْمَ، وَكَمْ حَجَبَ الْفَشَلُ النَّجَاحَ، وَكَمْ حَجَبَ الْعُقُوقُ الْبِرَّ، وَكَمْ حَجَبَ الْبُخْلُ الْإِنْفَاقَ، وَكَمْ حَجَبَتِ الْقَطِيعَةُ الصِّلَةَ، وَالْخُسَارَةُ الرِّبْحَ، كَمْ وَكَمْ! كُسُوفَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ، بَعْضُهَا كُسُوفٌ كُلِّيٌّ، وَبَعْضُهَا كُسُوفٌ جُزْئِيٌّ، كَمَا هُوَ حَالُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ.
    هَذَا الْكسُوفُ الَّذِي يَمُرُّ عَلَى النَّاسِ دَرْسٌ نَسْتَخْلِصُ مِنْهُ مَنْهَجًا نُعَالِجُ بِهِ كُسُوفَاتِ حَيَاتِنَا، فَأَيْنَ النَّاسُ عَنْ كُسُوفِ هَذَا الوَبَاءِ الذِي َعَصَفَ بِالعَالَمِينَ أَيْنَ هُمْ مِنْ اللُّجُوءِ إِلَى اللهِ وَأَيْنَ الْمَرْضَى؟ أَيْنَ الَّذِينَ أَعْتَمَتْ شَمْسُ صِحَّتِهِمْ، وَحَجَبَ عَنْهُمُ الْمَرَضُ لَمَعَانَ الْعَافِيَةِ وَبَرِيقَهَا؟ أَيْنَ هُمْ؟! لاَ يُهْرَعُونَ إِلَى مَنْ لَجَأَ النَّاسُ إِلَيْهِ فِي كُسُوفِهِمْ وَخُسُوفِهِمْ، يَتَضَرَّعُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيَلْجَأُونَ إِلَيْهِ، عَلَّ كُسُوفَ صِحَّتِهِمْ يَنْجَلِي، إِنَّ الْكُسُوفَ وَالْخُسُوفَ مَدْرَسَةُ عَقِيدَةٍ، وَمَدْرَسَةُ تَرْبِيَةٍ، وَمَدْرَسَةُ إِيمَانٍ وَيَقِينٍ، أَيْنَ الْفُقَرَاءُ الَّذِين أَكْسَفَتْ شَمْسُ الْغِنَى عَلَيْهِمْ؟ هَلْ لَجَأُوا إِلَى خاَلِقِهِمْ وَرَازِقِهِمْ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يُفِيضَ عَلَيْهِمْ مِنْ خَزَائِنِ أَرْزَاقِهِ، وَمِنْ مُكْتَنَزَاتِ مُلْكِهِ، أَيْنَ الْمَحْرُومُونَ مِنَ الذُّرِّيَّةِ؟ هَلْ وَقَفْتُمْ أَمَامَ رَبِّ الْبَرِيَّةِ وُقُوفَ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- وَوُقَوفَ زَكَرِيَّا ﴿إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)﴾. فَأَجَابَهُ الرَّحِيمُ الْوَدُودُ: ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا﴾.
    فَعَادَ زَكَرِيَّا -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- يَسْأَلُ رَبَّهُ مُتَعَجِّبًا: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ( قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)﴾.
    وَنِعْمَ بِاللهِ! وَنِعْمَ بِأَرْحَمِ الرَّاحِمينَ، وَخَيْرِ الرَّازِقِينَ، وَأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ!
    اللَّهُمَّ أَنْتَ اللهُ لاَ إِلَه إِلاَّ أَنْتَ، اللَّهُمَّ ارْزُقْ إِخْوَانَنَا الْمُسْلِمِينَ الذُّرِّيَّةَ الصَّالِحَةَ، وَالرِّزْقَ الْوَاسِعَ وَالصِّحَّةَ وَالْعَافِيَةَ، يَا حِيُّ يَا قَيُّومُ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَيَا رَاحِمَ حَالِ الْمُنْكَسِرِينَ. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ﴾.
    أَقُولُ مَا بَلَغَ مَسَامِعَكُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
    الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
    أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ مَعَايِيرَ الْعَيْشِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ مَقْسُومَةٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ فَكَمْ مِنَ الْأَثْرِيَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ مَنْ حَجَبَ عَنْهُمُ الْغِنَى أُنْسَ الْحَيَاةِ، وَسَلَبَهُمْ سَعَادَةَ قُلُوبِهِمْ، وَرَاحَةَ أَنْفُسِهِمْ، وَانْشِرَاحَ صُدُورِهِمْ، فَصَارُوا كُلَّمَا تَكَدَّسَتْ أَمْوَالُهُمْ، تَكَدَّسَ مَعَهَا الْهَمُّ وَالضَّيْقُ، رُبَّمَا كَانَ هَذَا الْكُسُوفُ دَرْسًا نَتَعَلَّمُ مِنْهُ، وَنَعْلَمُ أَنَّهُ كُلَّمَا انْكَسَفَ شَيْءٌ فِي حَيَاتِنَا، فَلَا بُدَّ لِكُسُوفِهِ مِنْ سَبَبٍ، وَكُلَّمَا انْحَجَبَتْ عَنَّا مَصْلَحَةٌ، فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ حَاجِبٍ، نَتَدَاوَى بِالصَّدَقَةِ، وَنُرْزَقُ بِالْفُقَرَاءِ، وَنُمْطَرُ بِالزَّكَاةِ، وَنَسْعَدُ بِالذِّكْرِ، وَنُزَادُ بِالشُّكْرِ، وَنَنْجُو بِالصَّبْرِ، وَنُنْصَرُ بِنَصْرِ اللهِ فِي إِقَامَةِ شَرْعِهِ.
    أَيُّهَا النَّاسُ: هَلْ وَقَفَ الَّذِينَ انْكَسَفَتْ سَعَادَتُهُمْ، وَانْكَدَرَتْ حَيَاتُهُمْ، وَحَجَبَ الشَّقَاءُ وَالْعَنَاءُ وَالْهَمُّ وَالْحُزنُ، بَرِيقَ تِلْكَ السَّعَادَةِ، وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رِيَاضِهَا الْخَضِرَةِ النَّضِرةِ؟ هَلْ هَبَّ أُولَئِكَ إِلَى خَالِقِهِمْ وَكَاشِفِ ضُرِّهِمْ، كَمَا هَبُّوا لِصَلاَةِ كُسُوفِهِمْ وَخُسُوفِهِمْ؟ فَإِنَّ الْكُسُوفَ وَالْخُسُوفَ مَدْرَسَةٌ رَبَّانِيَّةٌ، يُخْضِعُ اللهُ هَذِهِ الْآيَةَ الْعَظِيمَةَ، وَهَذَا السِّرَاجَ المشْرِقَ لِذَهَابِ ضَوْئِهِ شَيْئًا مِنَ النهارِ ،
    أَرَأَيْتُمْ كَيْفَ عَلَّمَنَا الْكُسُوفُ وَالْخُسُوفُ أَنْ نُعِيدَ النَّظَرَ فِي أَنْفُسِنَا، وَنَلْجَأَ إِلَى خَالِقِنَا وَرَازِقِنَا، إِلَى رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ، حَتَّى إِذَا بَذَلْنَا الْأَسْبَابَ الْمُتَاحَةَ، وَتَضَرَّعْنَا لِرَبِّنَا، وَانْكَسَرَ الْفُؤَادُ لِخَالِقِهِ، وَخَضَعَ الْقَلْبُ لِبَارئِهِ، وَأَخْضَلَتِ الدُّمُوعُ لِحَى الْخَشْيَةِ وَالْإِنَابَةِ، كَشَفَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ مَا بِنَا، وَأَزَالَ هَمَّنَا وَغَمَّنَا، وَأَظْفَرَنَا بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ أُمَّةِ الإِسْلَامِ كُلَّ سُوءٍ وَبَلاءٍ وَفِتْنَةٍ. صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَيْرِ الْبَرِيَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

    لملف الخطبة وورد و PDF

    https://drive.google.com/drive/folders/139iEGR9MJN52dTglrMETPmjLmzxoiS7z



    التعديل الأخير تم بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد ; 25-07-2020 الساعة 01:24


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. خطبة جمعة بعنوان ( آخر جمعة في رمضان ) عام 1440 هـ
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-06-2019, 16:54
  2. خطبة جمعة بعنوان ( أنا )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-01-2019, 02:06
  3. خطبة جمعة بعنوان ( قطوف من الخسوف )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-07-2018, 18:27
  4. خطبة جمعة بعنوان ( آخر جمعة في رمضان 1437 )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-06-2016, 22:35
  5. خطبة جمعة الغد بعنوان ( أول جمعة في رمضان ) 1436/9/2هـ
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-06-2015, 15:01

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته