خطبة جمعة
بعنوان
( كورونا الجديد الإلحاقي )
كتبها
عبدالله فهد الواكد
جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
الحَمْدُ للهِ رب العالمين ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً ،
أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : فَأُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ القَائِلِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
الصِّحَّةُ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ مِنْ أَسْبَابِ حِفْظِ النَّفْسِ التِي هِيَ مِنْ الضُّرُورَاتِ الخَمْسِ التِي أَمَرَ اللهُ بِحِفْظِهَا قَالَ تَعَالَى ( وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (البقرة:195) ، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُسْبِغَ عَلَيْناَ وَعَلَيْكُمْ الصِّحَّةَ وَالعَافِيَةَ وَعَلَى المُسْلِمِينَ جَمِيعاً ، وَأَنْ يُوَفِّقَناَ لِشُكْرِهاَ
إِنَّ هَذَا المَرَضَ أَعْنِي كُورُونَا الجَدِيدَ الذِي انْتَشَرَ فِي بَعْضِ البَلَادِ لَهُوَ خَطِيرٌ جِدًّا إِذَا انْتَشَرَ بَيْنَ النَّاسِ بِحَيْثُ تَصْعُبُ السَّيْطَرَةُ عَلَيْهِ ، خَطِيرٌ إِذَا أَصْبَحَ وَبَاءً وَكَثُرَ المُصَابُونَ فَهَذِهِ الأَمْرَاضُ المُعْدِيَةُ دَمَّرَتْ البَشَرَ عَبْرَ الزَّمَنِ ، وَمِنْهَا الجُدَرِيُّ الذِي قَتَلَ الكَثِيرَ ، وِمِنْهَا الطَّاعُونُ الذِي تَسَبَّبَ فِي إِبَادَةِ المُجْتَمَعَاتِ ، فِي أُورُوبَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ فِي القَرْنِ الرَّابِعِ عَشَرَ، إِسْتَفْحَلَ الطَّاعُونُ وَعُرِفَ حِينَهَا بِالمَوْتِ الأَسْوَدِ لِشَنَاعَتِهِ وَتَفَشِّيهِ وَكَثْرَةِ مَنْ هَلَكُوا بِهِ ، قَضَى عَلَى المَلاَيِينِ مِنَ البَشَرِ ، وَذَكَرْنَا فِي الخُطْبَةِ المَاضِيَةِ حَادِثَةَ طَاعُونِ عُمْوَاسَ وَالذِي وَقَعَ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَمَا انْتَشَرَ فِي بِلاَدِ الشَّامِ وَلَمْ يَدْخُلْ عُمَرُ الشَّامَ بِسَبَبِهِ وَالْتَزَمَ أَحَادِيثَ العَزْلِ التِي وَرَدَتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِهَا وَمِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطاعونِ بِأرْضٍ، فَلاَ تَقْدِمُوا عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَحَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا سَمِعْتُمْ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإذَا وقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا " مَتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَفِي طَاعُونِ عُمْوَاسَ مَاتَ مِنْ المُسْلِمِينَ فِي الشَّامِ قُرَابَةُ ثَلاَثِينَ أَلْفاً ، مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ وَمُعَاذُ بنُ جَبَلٍ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرو وَضِرَارُ بْنُ الأَزْوَرِ وَالحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَعُتْبَةُ بْنُ سُهَيْلٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ ، فَلاَ يُسْتَهَانُ بِهَذَا الدَّاءِ وَيَجِبُ عَلَى الجَمِيعِ أَنْ يَلْزَمُوا التَّعْلِيمَاتِ الصَّادِرَةَ مِنْ الجِهَاتِ المُخْتَصَّةِ حِرْصًا عَلَى السَّلَامَةِ وَالوِقَايَةِ وَتَبَعًا ِلذَلِكَ فَقَدْ نَظَرَتْ هَيْئَةُ كِبَارِ العُلَمَاءِ فِي دَوْرَتِهَا الإِسْتِثْنَائِيَّةِ الرَّابِعَةِ وَالعِشْرِينَ المُنْعَقِدَةِ بِمَدِينَةِ الرِّيَاضِ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ المَاضِي فِيمَا عُرِضَ عَلَيْهَا بِخُصُوصِ الرُّخْصَةِ فِي عَدَمِ شُهُودِ صَلَاةِ الجُمُعَةِ وَالجمَاَعَةِ فِي حَالِ انْتِشَارِ الوَبَاءِ أَوْ الخَوْفِ مِنْ انْتِشَارِهِ، وَبِاسْتِقْرَاءِ نُصُوصِ الشَّرِيعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ وَمَقَاصِدِهَا وَقَوَاعِدِهَا وَكَلَامِ أَهْلِ العِلْمِ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ فَإِنَّ هَيْئَةَ كِبَارِ العُلَمَاَءِ تُبَيِّنُ الآتِي
أَوَّلاً : يَحْرُمُ عَلَى المُصَابِ شُهُودُ الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لاَ يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٌّ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلاَمُ : ( إِذَا سَمِعْتُمْ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ فِيهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
ثَانِياً : مَنْ قَرَّرَتْ عَلَيْهِ جِهَةُ الإِخْتِصَاصِ إِجْرَاءَاتُ العَزْلِ فَإِنَّ الوَاجِبَ عَلَيْهِ الإِلْتِزَامَ بِذَلِكَ ، وَتَرْكَ شُهُودِ صَلاَةِ الجَمَاعَةِ وَالجُمُعَةِ وَيُصَلِّي الصَّلَواتِ فِي بَيْتِهِ أَوْ مَوْطِنِ عَزْلِهِ ، لِمَا رَوَاهُ الشَّرِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ الثَّقَفِيُّ رَضِيَ اللهُ عُنْهُ قَالَ : ( كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ) أَخْرَجَهُ مُسْلِم
ثَالِثاً : مَنْ خَشِيَ أَنْ يَتَضَرَّرَ أَوْ يَضُرَّ غَيْرَهُ فَيُرَخَّصُ لَهُ فِي عَدَمِ شُهُودِ الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لاَ ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةَ ، وَفِي ُكلِّ مَا ذُكِرَ إِذَا لَمْ يَشْهَدْ الجُمُعَةَ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا ظُهْراً أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ هَذَا وَتُوصِي هَيْئَةُ كِبَارِ العُلَماَءِ الجَمِيعَ بِالتَّقَيُّدِ بِالتَّعْلِيمَاتِ وَالتَّوْجِيهَاتِ وَالتَّنْظِيمَاتِ التِي تُصْدِرُهَا جِهَةُ الإِخْتِصَاصِ، كَمَا تُوصِي الجمَيِعَ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاللُّجُوءِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي أَنْ يَرْفَعَ هَذَا البَلاَءَ قَالَ اللهُ تَعَالَى : ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاِشفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ : ( وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْءَانِ العَظِيمِ
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ ربِّ العالمينَ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيه وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.: أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ فَاتَّقُوا اللهَ القَائِلَ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : الهَدَفُ مِنْ تَعْلِيقِ الدِّرَاسَةِ هُوَ العَزْلُ وَعَدَمُ الإِخْتِلَاطِ حَتَّى تَدُلُّ المُؤَشِّرَاتِ عَلَى انْتِهَاءِ المَرَضِ تَمَامًا فَعَلَيْكُمْ جَمِيعًا أَيُّهَا المُسْلِمُونَ البُعْدُ عَنْ التَّجَمُّعَاتِ وَالأَمَاكِنِ المُخْتَلِطَةِ وَالعَامَّةِ وَعَلَى مَنْ وَجَدَ أَعْرَاضًا كَالسُّعَالِ وَالعُطَاسِ وَالحَرَارَةِ وَضِيقِ التَّنَفُّسِ فَعَلَيْهِ بِمُرَاجَعَةِ المَصَحَّاتِ وَأَنْ يَبْتَعِدَ عَنْ التَّجَمُّعَاتِ وَخُصُوصًا المَسَاجِدَ فَيُصَلِّي الجُمُعَةَ وَالجَمَاعَةَ فِي بَيْتِهِ ، عِلْمًا أَنَّ الوَقْتَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ قُلِّصَ مُؤَقَّتاً إِلَى عَشْرِ دَقَائِقَ وَعَلَى أَحَدِنَا أَنْ لاَ يُورِدَ كَفَّيْهِ فَمَهُ وَأَنْفَهُ بَعْدَ مُصَافَحَةِ الآخَرِينَ أَوْ مُلَامَسِةِ الأَشْيَاءِ إِلاَّ بَعْدَ غَسْلِهِمَا جَيِّدًا بِالمَاءِ وَالصَّابُونِ ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الوَسْوَسَةِ التِي يَظُنُّهَا بَعْضُ النَّاسِ إِنَّمَا هِيَ إِجْرَاءٌ مُؤَقَّتٌ لِمُحَاصَرَةِ الوَبَاءِ وَعَزْلِهِ حَتَّى يَنْتَهِي بِإِذْنِ اللهِ كَمَا قَرَّرَ ذَلِكَ الأَطِبَّاءُ وَأَيَّدَهُ الشَّرْعُ وَالعُلَمَاءُ ، فَهُوَ فَيْرُوسٌ يَنْتَقِلُ عَنْ طَرِيقِ اللُّعَابِ أَوْ السُّعَالِ أَوْ العُطَاسِ وَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَطَسَ أَوْ سَعَلَ أَنْ يَضَعَ مِنْدِيلاً أَوْ نَحْوِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَفَمِهِ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوبَهُ عَلى فِيهِ، وَخَفَضَ أَوْ غَضَّ بِهَا صَوْتَهُ" رَوَاهُ أَبُو دَاودَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَعَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَيَأْخُذَ بِأَسْبَابِ الوَقَايَةِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( إِعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ،
عِبَادَ اللهِ ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) فَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ ، اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ،
ملاحظة : لم أستطع تحميل ملف الوورد / PDF هنا مشكلة في الشبكة
من أراده موجود هنا
https://drive.google.com/drive/folders/11ftyefV55u427tDiaayUeetSYEOFRYZb
المفضلات