النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: خطبة جمعة بعنوان ( السيول والأمطار بين الغفلة والإعتبار )

  1. #1
    مشرف المضايف الإسلامية الصورة الرمزية الشيخ/عبدالله الواكد


    تاريخ التسجيل
    09 2001
    الدولة
    www.alwakid.net
    العمر
    60
    المشاركات
    1,693
    المشاركات
    1,693

    خطبة جمعة بعنوان ( السيول والأمطار بين الغفلة والإعتبار )



    السُّيُولُ وَالأَمْطَارُ
    بَيْنَ الغَفْلَةِ وَالإِعْتِبَارِ

    خُطْبَةٌ مُوَفَّقَةٌ رَائِعَةٌ لِلشَّيْخِ محُمَّدِ السبر وَفَّقَهُ اللهُ
    مَعَ التَّشْكِيلِ وَبَعْضِ التَّعْدِيلاَتِ وَالإِضَافَاتِ الطَّفِيفَةِ

    عبدالله فهد الواكد

    الخطبة الأولى

    الحمدُ للهِ الذِي صَبَّ المَاءَ صَبًّا، وَشَقَّ الأَرْضَ شَقًّا، وَأَنْبَتَ فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا، وَزَيْتُونًا وَنَخْلاً، وَحَدَائِقَ غُلْبًا، وَفَاكِهَةً وَأَبًّا، مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُم.
    وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللهُ، جَعَلَ مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محُمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
    أمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ : فَأُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ القَائِلِ ( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
    أَيُّهَا المسْلِمُونَ : تَعِيشُ بِلَادُنَا هَذِهِ الأَيَّامُ أَجْوَاءً غَائِمَةً وَسُحُبًا مُمْطِرَةً ، وَبُرُوقًا لاَمِعَةً ، وَأَوْدِيَةً جَارِيَةً وَسُدُودًا مُمْتَلِئَةً ، وَنُفُوسًا بِرَحْمَةِ اللهِ مُسْتَبشِرِةً ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الوَلِيُّ الحَمِيدُ ﴾
    أَيُّهَا المسْلِمُونَ : مِنْ أَجْمَلِ اللَّحَظَاتِ فِي الدُّنْيَا ، لحَظَاتُ نُزُولِ المَطَرِ، بَلْ لَا تَكَادُ تُوجَدُ صُورَةٌ فِي الدُّنْيَا أَجْمَلَ مِنْ نُزولِ الغَيْثِ مِنَ السَّمَاءِ، لَاسِيَّمَا مَعَ حَاجَةِ النَّاسِ وَالحَيَوَانِ وَالأَرْضِ إِلَى المَاءِ ، وَصَدَقَ اللهُ العَظِيمُ إِذْ يَقُولُ: ﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ ﴾ نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجعَلَهاَ سُقْياَ رَحْمَةٍ لاَ سُقْياَ عَذَابٍ، وَلاَ بَلَاءٍ، وَلاَ غَرَقٍ وَلاَ هَدْمٍ ، وَأَنْ يَعُمَّ بِنَفْعِهَا وَبَرَكَتِهَا البِلَادَ وَالعِبَادَ.
    المَاءُ يَا عِبَادَ اللهِ : آيةٌ مِنْ آياَتِ اللهِ ، وَدَلِيلٌ مِنْ دَلاَئِلِ قُدْرَةِ اللهِ البَاهِرَةِ ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ ﴾
    المَاءُ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ جَلِيلَةٌ ، وَهِبَةٌ مِنَ الخَالِقِ عَظِيمَةٌ ؛ ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ المَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ أَمْ نَحْنُ المُنزِلُونَ ﴾
    المَاءُ أَغْلَى مَفْقُودٍ ، وَأَرْخَصُ مَوْجُودٍ ، ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ ﴾ فَإِذَا انْعَدَمَ وَغَارَ وَ عَجِزَ النَّاسُ عَنْ طَلَبِهِ ، فَقَدَتِ الأَرْضُ نَضَارَتَها، وَعَدِمَتْ ثِمارَهَا، وَهَلَكَتْ مَاشِيَتُها، وَأَصْبَحَ لَوْنُهاَ شَاحِبًا ، فَإِذَا نَزَلَ عَلَيْهَا المَاءُ اهْتزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴿ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي المُوتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ وَلَكِنَّ هَذَا المَاءَ مَوْزُونٌ مِنْ رَبِّ العَالمَينَ وَمُوكَلٌ بِهِ مَلَكٌ ، إِنْ زَادَ عَنْ حَدِّهِ وَقَدْرِهِ هَلَكَتِ الخَلِيقَةُ ، وَلَكِنَّ اللهَ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ﴿ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾
    المَاءُ أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ : جَعَلَهُ الحَيُّ الرَّزَّاقُ لِلأَرْضِ حَيَاةً ، وَلِعِبَادِهِ بَرَكَةً وَرَحْمةً ، وَلِلْأَنْعَامِ رِزْقًا ﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحَصِيدِ ﴾ ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلَى الأَرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ ﴾
    المَاءُ خَلْقُهُ عَجِيبٌ ، وَنَبَؤُهُ غَرِيبٌ ، صَوَّرَهُ رَبُّهُ بِلاَ لَوْنٍ ، وَأَوْجَدَهُ بِلاَ طَعْمٍ ، وَأَنْزَلَهُ بِلاَ رَائِحَةٍ ، خَفِيفُ الرُّوحِ بَهِيُّ الطَّلْعَةِ ، لَطِيفٌ رَقِيقٌ ، سَهْلٌ رَفِيقٌ ، يُخَالِطُ الأَوْرِدَةَ ، وَيُرْوِيَ الأَفْئِدَةَ ، وَيُحْمَلُ فَي الآنِيَةِ وَالأَسْقِيَةِ ، عَنِيدٌ إِذَا بَغَى مُهْلِكٌ إِذَا طَغَى ، يَجْرِفُ الوُدْيَانَ ، وَيَبْلُغُ الجِبَالَ فَيُغْرَقُ مَنْ تَحْتَهُ وَيَهْدِمُ مَا أَمَامَهُ.
    أيُّها المُسْلِمُونَ : وَمَا أكْثرَ آيَاتِ القُرْآنِ التِي تَسْرُدُ ذِكْرَ المَاءِ وَثَمَرَاتِهِ وَبَرَكاَتِهِ فِيمَا يَزِيدُ عَلَى سِتِّينَ مَوْضِعًا ، تَحْفَلُ بِالصُّوَرِ وَالمَشَاهِدِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِهِ نِعْمَةً وَرَحْمَةً مِنْ اللهِ تَعَالَى، لَيْسَ هَذَا فحَسْب بَلْ وَنِقْمَةً وَعَذَابًا وَبَلاَءً عَلَى الظَّالِمِينَ وَالكَافِرِينَ وَالجَاحِدِينَ، نَعَمْ يَاَعِبَادَ اللهِ فَهَذِهِ النَّسَمَاتُ اللَّطِيفَةُ وَالقَطَرَاتُ الخَفِيفَةُ التِي نَنْعَمُ بِهَا ، قَدْ تَكُونُ سَيْلاً هَادِرًا مُهْلِكًا ، المَاءُ جُنْدِيٌّ مِنْ جُنُودِ اللهِ ، سَجَّلَ لَهُ القُرآنُ صَوْلاَتٍ وَجَوْلَاتٍ بِأَمْرِ رَبِّهِ ، ضِدَّ مَنْ خَالَفَ أَمْرَ اللهِ ، وَاسْتَكْبَرَ فِي الأَرْضِ ، فَكَانَ نِقْمَةً تُحْدِثُ الكَوَارِثَ وَالمَوْتَ ، التِي لاَ تُنْسَى أَبَدَ الدَّهْرِ
    لَقَدْ أَغْرَقَ اللهُ - جَلَّ وَعَلاَ - بِهذاَ المَطَرِ أَقْوَامًا تَمَرَّدُوا عَلَى شَرْعِ اللهِ ، وَفَسَقُوا وَظَلَمُوا، فَكَانَ عَاقِبَتُهُمْ أَنْ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ هَذَا الجُنْدِيَّ ، فَأَغْرَقَهُم وَمَزَّقَهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى المَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ * وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ إِنَّهُ المَاءُ الذِيِ طَغَى ، لِيُهْلِكَ مَنْ تَجَبَّرَ وَطَغَى ، أَغْرَقَ المَاءُ فِرعَونَ وَأَذَلَّهُ ﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ ﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى ﴾ إِنَّهُ المَاءُ ، الذِي جَاءَ لِقَوْمِ سَبَأٍ سَيْلاً عَرِماً فَكَانُوا أَحَادِيثَ ، وَمَزَّقْهُمْ اللهُ كَلَّ مُمَزَّقٍ ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴾ إِنَّهُ المَاءُ الذِي طَهَّرَ اللهُ بِهِ جُنْدَ الإِسْلاَمِ ، وَأَصْحَابَ سَيِّدِ الأَنَامِ ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ ﴾ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ : ((اللَّهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهاَ، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهاَ، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ))، قَالَتْ: وِإِذَا تَخَيَّلَتْ السَّمَاءُ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا أَمْطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ : ((لَعَلَّهُ - يَا عَائِشَةُ - كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ : فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا)) رَوَاهُ مُسْلِمُ.
    هَكَذَا كَانَ سَيِّدُ الخَلْقِ وَأَعْرَفُ الخَلْقِ بِاللهِ ، وَأَحْمَدُهُمْ وَأَشْكَرُهُمْ للهِ ، نَحْمَدُ اللهَ وَنَشْكُرُهُ ، وَنَتُوبُ إِلَيْهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ .
    أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ ، مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ .

    الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

    أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:
    إِنَّ هَذَا الغَيْثَ الذِي أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَيْنَا لَمِنْ فَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، فَكُلُّنَا يَعْلَمُ أَنَّ بِلاَدَناَ لَيْسَ بِهَا أَنْهَارٌ، وَإِنَّماَ تَعْتَمِدُ بَعْدَ اللهِ عَلَى مِيَاهِ الآباَرِ التِي تُغَذِّيهاَ الأَمْطَارُ، فَعَلَيْناَ أَنْ نَشْكُرَ اللهَ عَلَى نِعْمَتِهِ، وَأَنْ نَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى طَاعَتِهِ، فَإِنَّ مَنْ قَامَ بِشُكْرِ اللهِ زَادَهُ اللهُ، وَمَنْ كَفَرَ بِنِعْمَةِ اللهِ حَرَمَهُ اللهُ؛ ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ فَالمَطَرُ نِعْمَةٌ ، يَفْرَحُ بِهِ الكِبَارُ وَالصِّغَارُ ، إِلَّا أَنَّ البَعْضَ يَقْلِبُهَا إِلَى مَصَائِبَ وَأَحْزَانٍ، حَيْثُ يُعَرِّضُونَ أَنْفُسَهُمْ وَمَنْ مَعَهُمْ لِلْمَخَاطِرِ وَالهَلَاكِ ، فَعَلَى الرَّغْمِ مِنَ التَّحْذِيرَاتِ الشَّدِيدَةِ لِلدِّفَاعِ المَدَنِيِّ بِالإِبْتِعَادِ عَنْ أَمَاكِنِ السُّيُولِ وَالأَوْدِيةِ وَتَجَمُّعَاتِ المَطَرِ حِفَاظاً عَلَى سَلَامَةِ الأَشْخَاصِ وَسَلاَمَةِ مَنْ مَعَهُمْ مِنَ الأُسَرِ مِنَ الغَرَقِ أَوْ الإِنْجِرَافِ الخَطِيرِ فِي مَجَارِي السُّيُولِ، إِلاَّ أَنَّ بَعْضَ الشَّبَابِ هَدَاهُمْ اللهُ يَعْمَدُونَ إِلَى المُغَامَرَةِ بِاقْتِحَامِ تِلْكَ الأَوْدِيَةِ وَمَجَارِي السُّيُولِ بِأَقْدَامِهِمْ أَوْ بِالسَّيَّارَاتِ غَيْرَ عَابِئِينَ بِالتَّحْذِيرَاتِ الأَمْنِيَّةِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الغَرَقُ وَالمَوْتُ وَالإِصَابَاتُ وَإِتْلَافُ الأَرْوَاحِ وَالمُمْتَلَكَاتِ ،
    فَعَلَى الجَمِيعِ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ ، وَخَاصَّةً الشَّبَابُ، أَلَّا يُعَرِّضُوا أَنْفُسَهُمْ وَمَنْ مَعَهُمْ لِلْغَرَقِ بِالجُلُوسِ فِي بُطُونِ الأَوْدِيَةِ أَثْنَاءَ هُطُول الأَمطَارِ أَوْ التَّخْيِيمِ وَالنَّوْمِ فِيهَا ، أَوْ الدُّخُولِ بِسَيَّارَاتِهِمْ أَثْنَاءَ التَّنَزُّهِ بِالأَمَاكِنِ المُمْتَلِئَةِ بِالسُّيُولِ ، وَعَلَى أَوْلِياءِ الأُمُورِ الإِهْتِمَامُ بِمُرَاقَبَةِ النِّسَاءِ وَالأَطْفَالِ وَتَحْذِيرُهُمْ مِنْ مَغَبَّةِ الإِقْتِرَابِ مِنْ أَمَاكِنِ تَجَمُّعِ السُّيُولِ وَمَجَارِيهَا، وَعَدَمُ تَرْكِهِمْ يَلْعَبُونَ حَوْلَهَا وَيَخُوضُونَ فِيهَا حَتَّى لاَ يَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ.
    اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَاعْمُرْ قُلُوبَناَ بِطَاعَتِكَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللهُمَّ، كَمَا أَغَثْتَ بِلَادَنَا بِالأَمْطَارِ فَأَغِثْ قُلُوبَناَ بِالإِيمَانِ وَاليَقِينِ، وَأَقِرَّ أَعْيُنَنَا بِنَصْرِ الإِسْلاَمِ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ حَالَهُمْ، وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ، وَوَحِّدْ صَفَّهُمْ، وَقِهِمْ شَرَّ أَنْفُسِهِمْ وَشَرَّ عَدُوِّهِمْ. اللهُمَّ آمِنَّا فِي الأَوْطَانِ والدُّورِ، وَأَصْلِحِ الأَئمَّةَ وَوُلاَةَ الأُمُورِ.
    صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مُحَمَّدٍ



    الملفات المرفقة


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. خطبة جمعة بعنوان ( آخر جمعة في رمضان 1437 )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-06-2016, 22:35
  2. خطبة جمعة بعنوان ( بعد عام من العاصفة )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-04-2016, 01:24
  3. خطبة جمعة الغد بعنوان ( أول جمعة في رمضان ) 1436/9/2هـ
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-06-2015, 15:01
  4. خطبة جمعة بعنوان ( الصبر )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 18-03-2011, 08:59
  5. خطبة جمعة بعنوان ( الصبر )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة مسموعة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-05-2009, 20:08

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته