خُطْبَةُ جُمُعَةِ
بِعِنْوَانِ
( رِيَاحُ الإِعْلَامِ )
كَتَبَهَا / عَبْدُاللهِ بْنُ فَهْدِ الْوَاكِدِ
إِمَامُ وَخَطِيبُ جَامِعِ الْوَاكِدِ بِحَائِل
الخطبة الأولى
الحَمْدُ للهِ مَامْتَدَّتْ لِمَسْأَلَتِهِ أَكُفُّ السَّائِلِينَ وَخَرَّتْ لِعِبَادَتِهِ جِبَاهُ العَابِدِينَ ، وَأشهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ أَجْمَعِينَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
أَيَّهَا المُسْلِمُونَ :
لَعَلَّ أَوْجَ الكَمَالِ ، وَلَذِيذَ المَقَالِ ، يَقِفَانِ بِنَا عَلَى رُبَى أَعْلَى القِمَمِ ، وَخَيْرِ الأُمَمِ ، أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، التِي شَرَّفَ اللهُ قَدْرَهَا ، وَأَعْلَى ذِكْرَهَا ، فَمَا تَرَادَفَتْ السُّنُونُ ، عَلَى سَمَاءٍ خَيْرٍ مِنْ سَمَاهَا ، وَمَا تَزَاحَمَتْ الأَيَّامُ ، عَلَى أَرْضٍ خَيْرٍ مِنْ أَرْضِهَا وَثَرَاهَا ، وَمَا احْتَدَمَتْ اللَّيَالِي ، حَوْلَ بَرِيَّةٍ ، خَيْرٍ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحَابَتِهِ ، وَلَا أُمَّةٍ خَيْرٍ مِنْ أُمَّتِهِ ، مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، الذِي أَحْيَا اللهُ بِهِ القُلُوبَ المَوَاتَ ، وَشَرَحَ بِهِ الصُّدُورَ المُنْقَبِضَاتِ ، وَأَنَارَ بِهِ دَاجِيَاتِ المَسَالِكِ ، وِأَزَالَ بِهِ مُرْعِبَاتِ المَهَالِكِ ، وَنَشَرَ بِهِ الدِّينَ ، وَأَنَارَ بِهِ طَرِيقَ المُسْلِمِينَ ، وَأَنْطَقَهُ بِالوَحْيِ المُبِينِ ، فَقَالَ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ ( وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) ، ذَلِكُمْ الرَّاعِي ، وَتِلْكُمْ الأُمَّةُ ، لَنْ تَحْلُمَ الدُّنْيَا بِمِثْلِهَا ، وَلَنْ تُقِلَّ الأَرْضُ خَيرًا مِنْهَا ، وَلَنْ يُشَنِّفَ المَسَامِعَ ، أَطْيَبُ مِنْ سِيرَتِهَا ، لَيْسَ لِأَّنَّ مِنْهَا أَباَبَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ وَعَلِيَّ ، وَسَائِرَ أَهْلَ الصِّدْقِ وَالإِيمَانِ ، أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، المُرَبِّينَ وَالمُؤَدِّبِينَ ، وَالمُعَلِّمِينَ وَالفَاتِحِينَ ، رَضِي اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ، فَكَيْفَ كَانَ هَؤُلاءِ الطَّيِّبُونَ الأَطْهَارُ ، قَبْلَ أَنْ تَبْزُغَ فِي سَمَائِهِمْ شَمْسُ الإِسْلَامِ ، أَوَلَمْ يَكَونُوا ضُلَّالًا يَعْبُدُونَ الحَجَرَ وَالشَّجَرَ ، أَوَلَمْ يَكُونُوا جَهَلَةً يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، أَوَلَمْ يَكُونُوا عَالَةً يَسْلُبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَلَمَّا شَرِبُوا مِنْ نَبْعِ الدِّينِ المَعَينِ ، وَتَنَفَّسُوا مِنْ هَوَائِهِ الصَّافِي ، صَارُوا شُمُوسًا ، تَمْحُوا آيَةَ الليْلِ ، وَتَجْعَلُ آيةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ، وَمَضَوْا يُسَابِقُونَ الشَّمْسَ ،
يَنْشُرُونَ الدِّينَ حَيْثُمَا أَشْرَقَتْ ، وَيَطْوُونَ
دَيَاجِيَ الضَّلَالِ حَيْثُمَا غَرَبَتْ ، وَإِلَّا ، فَهَلْ نَفَعَ أَبَا لَهَبٍ نَسَبُهُ ، وَأَبَا جَهْلٍ مَنْصِبُهُ ، وَأُمَيَّةَ مَالُهُ ، بَلْ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي أَفْضَلِ الخَلْقِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ (8) )، بَلْ إِنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( أَدَّبَنِي رَبِّي فَأَحْسَنَ تَأْدِيبِي ) ، هَذَا الدِّينُ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ ، الذِي يُوَجِّهُ النَّاسَ لِلْخَيْرِ وَلِلتَّوْحِيدِ وَلِلنَّمَاءِ ، لاَ يُرِيدُهُ أَعْدَاءُ اللهِ وَلَا يُرِيدُونَ بَقَاءَ مَنْ يَحْمِلُهُ ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون )
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ :
جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ
عَرَفْتُ بِهَا صَدِيقِي مِنْ عَدُوِّي
فَالمُسْلِمُ لاَ يَسْتَكْثِرُ الأَذَى مِنْ أَعْدَاءِ هَذَا الدِّينِ وَخُصُومِهِ وَلَكِنَّهُ يَسْتَكْثِرُ ذَلِكَ وَيَمْقُتُهُ مِنْ بَنِي الجِلْدَةِ وَإِخْوَانِ العَقِيدَةِ ، مِمَّنَ وَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِ خُصُومِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَأَعْدَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجمَاَعَةِ وَعَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ الخَالِصِ وَأَهْلِ هَذِهِ البِلَادِ الطَّيِّبَةِ المَمْلَكَةِ العَرَبِيةِ السُّعُودِيَّةِ ، فَنَحْنُ حُكَّامًا وَمَحْكُومِينَ وَعُلَمَاءَ وَمُوَاطِنِينَ سَائِرُونَ عَلَى النَّهْجِ القَوِيمِ وَالمَحَجَّةِ الظَّاهِرَةِ البَيِّنَةِ ، وَلَنْ يَضُرُّنَا بِإِذْنِ اللهِ كَيْدُ مَن أَرْعَدَ وَأَزْبَدَ فَعَنْ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : ( سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ يَقُولُ: لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ )
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : هَذِهِ الهَجْمَةُ الإِعْلاَمِيَّةُ الشَّرِسَةُ اللَّئِيمَةُ الظَّاَلِمَةُ عَلَى بِلَادِنَا ، المُرَادُ مِنْهَا هُوَ النَّيْلُ مِنْ بِلَادِنَا بِتَشْوِيهِ سُمْعَتِهَا وَالنَّيْلِ مِنْ مَكَانَتِهَا ، وَاسْتِهْدَافِ هَذَا الوَطَنَ العَزِيزَ فِي دِينِهِ وَأَمْنِهِ وَقِيَادَتِهِ وَمُوَاطِنِيهِ وَمُقَدَّرَاتِهِ ،
هَذِهِ مُؤَامَرَةٌ خَبِيثَةٌ جُنِّدَتْ لَهَا وَسَائِلُ إِعلَامٍ مَأْجُورَةٌ ، وَاصْطَفَّتْ ضِدَّ هَذِهِ البِلَادِ المَصُونَةِ المَحْرُوسَةِ ، فَاسْتَمِعُوا إِلَى وَصِيَّةِ اللهِ لَكُمْ قَالَ تَعَالَى ( إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)
الإِعْلَامُ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : رِيَاحٌ تَثُورُ وَتَسْكُنُ وَتَضُرُّ وَتَنْفَعُ وَفِيهَا الطَّيِّبَةُ وَفِيهَا العَاتِيَةُ وَفِيهَا رِيَاحُ الخَيْرِ وَفِيهَا رِيحُ الشَرِّ ، هَذِهِ الأَبْوَاقُ المَأْجُورَةُ المَسْعُورَةُ، التِي تَكْتُبُ وَتَنْعِقُ وَتَصُولُ وَتَتَبَاكَى ، أَصْبَحَتْ رِيحًا عَاتِيَةً خَبِيثَةً وَإِعْلاَمًا مُمَنْهَجًا لَئِيمًا ، يَتَكَسَّبُ عَلَى مَصَالِحِ الأُمَمِ وَأَمْنِ الشُّعُوبِ ، وَاسْتِقْرَارِ الأُمَمِ ، وَيَقْتَاتُ عَلَى مَوَائِدِ الكَذِبِ وَالتَّضْلِيلِ ، لِأّنَّ الهَدَفَ لَيسَ الإِعْلَامُ وَهُوَ الإِخْبَارُ بِمَا وَقَعَ إِنَّمَا دَافِعُهُ الحَسَدُ وَالغِلُّ وَالتَّرَبُّصُ وهَدَفُهُ الهَدْمُ وَالتَّفْتِيتُ وَالتَّمْزِيقُ ، أَبْوَاقٌ شَيْطَانِيَّةٌ جَمَعَتْهَا المَكَاسِبُ المَادِيَّةُ ، حَوْلَ مَكِيدَةٍ إِبْلِيسِيَّةٍ شَيْطَانِيَّةٍ نُسِجَتْ وَدُبِّجَتَ بِالخُبْثِ وَالخَدِيعَةِ وَنَقْضِ العُهُودِ وَالمَوَاثِيقِ ، لِلإِضْرَارِ بِبِلاَدِنَا الكَرِيمَةِ ، بِمَمْلَكَةِ السَّلَامِ ، وَالبَلَدِ الحَرَامِ ، وَالرِّيحُ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : تَحْمِلُ مَاَ كَانَ فِي وَجْهِهَا مِنْ هَبَاٍء وَقِشَاشٍ وَرَمِيمٍ وَقُشُورٍ وَهَشِيمٍ قَالَ تَعَالَى ( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ) وَأَمَّا الجِبَالُ الشَّامِخَةُ الرَّوَاسِي فَلَا تُؤَثِّرُ الرِّيحُ فِيها شَيْئًا مَهْمَا اشْتَدَّتْ وَصَرْصَرَتْ ، لِأَنَّهَا ثَقِيلَةٌ رَاسِخَةٌ ، قَالَ تَعَالَى ( وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) ، فَالإِعْلَامُ الجَائِرُ الظَّالِمُ الخَبِيثُ ، لاَ يُؤَثِّرُ فِي البِلَادِ المُتَمَاسِكَةِ التِي يَلْتَفُّ شَعْبُهَا حَوْلَ قِيَادَتِهِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي أُولِي العُقُولِ الرَّاجِحَةِ وَالأَفْكَارِ السَّلِيَمَةِ التِي تَعْرِفُ مَقَاصِدَ هَذِهِ الحَمْلَةِ الشَّرِسَةِ ، وَنَوَايَا هَذَا الإِعْلَامِ اللَّئِيمِ ، فَهِي رَاِسِخَةٌ فِي رَجَاحَةِ عَقْلِهَا وَسَلاَمَةِ عَقِيدَتِهَا وَوَلاَئِهَا لِدِينِهَا وَوُلَاةِ أَمْرِهَا وَوَطَنِهَا وَأَنْتُمْ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ كَذَلِكَ ، وَأَمَّا القَشَّةُ وَمَا شَابَهَهَا حَاشَا عُقُولُكُم الكَرِيمَةُ ، فَسَتَذْهَبُ أَدْرَاجَ الرِّياَحِ ، وَلَنْ يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ ، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يحَفْظَكمُ جمَيِعاً وَيَحْفَظَ بِلَادَنَا وَأَنْ يَحْفَظَ خَادِمَ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيِّ عَهٍدِهِ الأَمِينِ وَأَنْ يَحْفَظَ جُنْدَنَا وَلحُمَتَنَا وَأَمْنَنَا وَاسْتِقْرَارَنَا
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
( وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا)
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ ربِّ العالمينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ نبيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : لَقَدْ أَمَرَ اللهُ المُسْلِمِينَ بِأَنْ يَكُونُوا أُمَّةً وَاحِدَةً ، بِعَقِيدَتِهَا وَمَنْهَجِهَا وَوَلاَءِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ ، مُتَعَاوِنَةً عَلَى الخَيْرِ ، وَعَلَى نُصْرَةِ شَرِيعَةِ اللهِ ، وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ قَالَ تَعَالَى ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) فَبِلَادُكُمْ بِحَاجَةٍ إِلَيْكُمْ ، فَلَا غِنَى لِلْمُوَاطِنِ عَنْ وَطَنِهِ وَلَا لِلْوَطَنِ عَنْ مُوَاطِنِيهِ ، وَخُصُوصًا فِي خِضَمِّ هَذِهِ الأَحْدَاثِ ، التِي ابْتُلِيَتْ بِهَا الأُمَّةُ ، وَإِنَّ أَمْنَ هَذِهِ البِلَادِ وَاسْتِقْرَارِهَا ، وَرُقِيِّهَا وَحَضَارَتِهَا ، يَعْتَمِدُ بِالدَّرَجَةِ الأُولَى عَلَى سَلَامَةِ العَقِيدَةِ وَاسْتِقَامَةِ المَنْهَجِ ، وَالدِّفَاعِ عَنْ هَذَا الوَطَنِ ، وَالوُقُوفِ فِي وَجْهِ كُلِّ مُغْرِضٍ وَنَاعِقٍ
بَاءَتْ حَنَاجِرُهُمْ بِالذُّلِّ خَاسِرَةً
تَجُرُّ أَذْيَالَهَا سُودًا إِلَى صَبَبِ
دَهْرٌ يَمُرُّ بِنَا سُودٌ عَجَائِبُهُ
مَنْ عَايَشَ الحُقْرَ لَا يَخْلُو مِنَ العَجَبِ
هَذِي البِلَادُ حَبَاهَا اللهُ مَكْرُمَةً
ضُيُوفُهُ فِي حِمَاهَا طِيبَ مِنْ صَحِبِ
نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ مَنْ رَامَ أُمَّتَنَا
كُنَّا لَهُ كَحِرَابٍ فِي يَدِ الْحَرِبِ
اللهُ أَكْرَمَ بِالتَّوْحِيدِ أُمَّتَنَا
وَأُنْزِلِتْ فِي ثَرَانَا أَفْضَلَ الْكُتُبِ
وَاخْتَارَ فِينَا رَسُولًا مِنْ عَشِيرَتِنَا
مُحَمَّدًا خَيْرَنَا فِي الأَصْلِ وَالنَّسَبِ
قَدْ جَاءَ بِالمِلَّةِ البَيْضَاءِ ظَاهِرَةً
أَنْقَى وَأَصْفَى تَعَالِيمًا مِنَ الذَّهَبِ
عَلَيكَ صَلَّى إِلَهُ النَّاسِ مَا هَتَنَتْ
سَحَائِبٌ فِي فَضَاءٍ وَاسِعٍ رَحِبِ
صَلُّوا وسَلّمُوا عَلَى مَنْ أَمَرَكُمْ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ ، فَقَالَ تَعَالَى ((إنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النّبِيِّ يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ))
المفضلات