النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: ماذا بعد رمضان ؟

  1. #1

    ماذا بعد رمضان ؟



    الْخُطْبَةُ الْأُولَى
    إنّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنّ مُـحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)) أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيِثِ كِتَابُ اللهِ ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّم، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثاتُها ،وَكُلَّ مُحْدثةٍ بِدْعَةٍ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٍ، وكُلَّ ضَلالةٍ فِي النّارِ .
    أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ / إنّ مِنْ أعظمِ النّعم التي يُنعم الله بها على عباده، أنْ بَلّغهم أيامَ الطاعات، ومواسمَ الخيرات، ونُزولَ الرحمات، لِيتزودوا من الحسنات، ويستغفرونَ عن ما بدر منهم من الذنوب والسيئات، ولقد عِشْنا مع شهر رمضان أجملَ الأوقات فَالْـهِمَمُ عاليةٌ ، والصدورُ منشرحةٌ , والنفوسُ مقبلةٌ على ربِّها، وهذا كلُّه فضلٌ من الله ومنّة ، كما قال تعالى ((وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا )) وقال تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ))
    أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ / لقد مضتْ أعمالُ الطَّاعاتِ والقُربات التي عُمِلتْ في رمضان ، وبقي قَبُولُها ، ولاشك أن المطلبَ الأعظمَ قَبولُ هذه الأعمال ،فلقد كان السلف الصالح يجتهدون في إكمال العمل وإتمامه وإتقانه ثم يهتمّون بعد ذلك بِقَبولِه ، ولما نزلت هذه الآيةُ على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ تقولُ أمُّ المؤمِنينَ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ": قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: (( لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ)) رواهُ التِّرمِذِيُّ ، وصحّحَهُ الْأَلْبَانِـيُّ
    قال فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ - رَحِمَهُ اللهُ - : لأَنْ أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَقَبَّلَ مِنِّي مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ؛ لأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾
    وقالَ عبدُ العزيز بنُ أبي روّاد - رَحِمَهُ اللهُ - : أدركتُهُم يَـجْتهِدُونَ فِي الْعَمَلِ الصّالحِ فإذا فَعلُوه وَقَعَ عَليْهِمُ الْـهَمُّ أيُقْبَلُ مِنْهُمْ أمْ لا ؟
    وقالَ مَالِكُ بنُ دِينارٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: الخوفُ عَلى الْعَمَلِ ألاّ يُـقْبَلُ أشَدُّ منَ الْعَمَل .
    وقد ذكر العلماءُ أنّ من علاماتِ قَبُولِ العملِ تتابعُ الحسناتُ ، والمداومةُ على فِعْل الطّاعات بعدَ رمضان، فيا مَنْ أطعتَ اللهَ في شهرِ رمضان، إيّاكَ أنْ تَعودَ إلى المعاصي والأوزارِ بعدَه ، فَحُضورُكَ إلى المساجدِ والمحافظة على الصلاة في رمضان لا بُد أنْ يستمرّ بعْد رمضان، وكذا تلاوةُ الْقُرآنِ ، وقيامُ اللَّيلِ ، والصيامُ ، والْـجُودُ والْكَرَمُ ، وهكذا بقيةُ الأعْمال ؛ فاللهُ خلقكَ لِعبادته وطاعَتِهِ ، كمَا قالَ اللهُ تَعالى (( وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) وقال تعالى (( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ )) وهذه العبادةُ لا تَنْتهي ولا تَنْقَطِعُ إلا بِموتِ الْعَبْدِ ، كمَا قالَ تعالى (( وَاعبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ اليَقِينُ ﴾ وَعَنْ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنْها - قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ)) رواه البُخاري . وعَنْها - رَضِيَ اللهُ عَنْها – ((إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا )) رواهُ مُسْلم .
    فاتّقُوا اللهَ تَعالى عبادَ الله واعْلَمُوا أنَّ الْـمُوفّقَ منْ وُفّقَ لعملٍ صالحٍ مَقْبول ، اللَّهُمَّ وفّقْنا لِصالـِحِ الأقْوالِ والأعْمَالِ واجْعَلْنا منَ الـْمَقْبُولِينَ ياربَّ الْعَالَـمِينَ .
    باركَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الكتابِ والسُّنة، وَنَفَعنا بِما فِيهِما مِنَ الآياتِ وَالْحِكْمَةِ ،أقولُ قَوْلِي هَذا، واسْتغفرِ اللهُ لِي وَلَكُم مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإنّه هُوَ الْغَفُورُ الرَّحيم .
    اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
    الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَانِهِ ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً ، أمّا بَعْدُ : فاعْلَموا عِبادَ اللهِ : أنَّ المداومةَ على الأعمالِ الصالحةِ سببٌ في حُسنِ خَاتِمَةِ الْعبد ، قالَ صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم : ((إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عز وجل بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ)) قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: ((يَفْتَحُ اللَّهُ عز وجل لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ )) رواه الترمذي وصححه الألباني .
    وقالَ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ)) قِيلَ: وَمَا اسْتَعْمَلَهُ؟ قَالَ: ((يُفْتَحُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ )) رواه الإمامُ أحمد ، وصحّحه الألباني .
    ، فاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واحْرِصُوا على طاعةِ ربِّكم ، فالسّعيدُ من وُعِظ بِغيره ، فكمْ سَمِعْنا من ماتَ وهو ساجداً ، ومن ماتَ وهو معتكفاً ، ومن مات وهو محرماً ، ومن مات وهو في طريقٍ لعمل صالح وهكذا فَلْأعمالُ بِالخواتِيم ، اللّهُم تُبْ علينا وأحْسِنْ خاتِمَتِنا وارزقْنا الجنةَ ياربّ العالمين ،هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا على مَنْ أَمَرَ اللهُ باِلصّلاةِ والسّلامِ عَلَيْهِ ، فَقَال ((إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا)) وقالَ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ صَلّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلّى الله ُعَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)) رَوَاهُ مُسْلِم .



    الملفات المرفقة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. ماذا بعد رمضان ؟ ( خطبة جمعة اليوم 6/10/1433هـ )
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-08-2012, 06:03
  2. ماذا بعد رمضان ؟
    بواسطة سامي اباالخيل في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-08-2012, 20:49
  3. ماذا استفدنا من رمضان
    بواسطة سامي اباالخيل في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 19-08-2012, 00:56
  4. (( ماذا بعد رمضان ؟ )) خطبة الجمعة القادمة 6/10/1430هـ
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-10-2009, 01:38
  5. (( ماذا بعد رمضان ؟ )) خطبة الجمعة القادمة 6/10/1430هـ
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة مسموعة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-10-2009, 01:38

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته