صِدْقُ التَّوَجُّهِ
الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، والصَّلاةُ والسّلامُ عَلَى أشْرَفِ الْأَنْبِياءِ والْمُرْسَلِينَ ، وَبَعْدُ :
قالَ تَعَالَى(( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) [ آل عمران : 103 ]
فِي هذهِ الآيةِ مِنَ الدُّرُوسِ : أمرَ عبادَه بالاعْتِصَامِ بكتابِهِ وإخْلاصِ العِبادةِ لهُ بِتَوحيدهِ والبُعْدِ عنْ عِبادَةِ غَيْرهِ ،كَما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ ))
رَواهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ .
وَفِي هذهِ الآيةِ مِنَ الدُّرُوسِ : أنَّ الأمةَ الإسلاميّة لا يرتفعُ شأنُها ولا تقوى شوكتُها ولا يدومُ عزُّها ويتحقّقُ نصْرُها إلا إذا كانت على ما كان عليه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابُه وَصَدَقَتْ في توجُّهِها ،وابْتـَعدتْ عن السُّبل الشَّيطانيةِ الَّتي تُفَرِّقُها ، كَمَا قالَ تَعالى (( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا خَطًّا ، ثُمَّ قَالَ : (هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ )ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ ، وَعَنْ شِمَالِهِ ، ثُمَّ قَالَ : ( هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ، ثُمَّ تَلَا : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) رواهُ أحمدُ والدَّارِمِيُّ ، وحسَّنهُ ابنُ حَجَرٍ في الْمِشكاة.
قال شيخُ الإسْلامِ في الْفتَاوَى :والْـخَيْـرُ كلُّ الخيرِ في اتِّباع السَّلفِ الصَّالح، والاسْتِكْثارِ منْ معرفةِ حديثِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، والتَّفقُّهِ فيهِ، والاعْتصامِ بِـحَبْلِ اللهِ، ومُلازمةِ ما يَدْعُو إلى الْجَماعَةِ والأُلْفةِ، ومُـجَانَبةِ ما يَدْعُو إلى الْـخِلافِ والْفُـرْقَةِ، إلّا أنْ يكونَ أمراً بَيِّناً قدْ أمرَ اللهُ ورسولُهُ فيهِ بِأَمْرٍ مِنَ الْمُجَانَبَةِ، فَعَلَى الرَّأْسِ والْعَيْنِ.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
حرر في رمضان 1438 ه
المفضلات