كتبها..صالح جريبيع الزهراني
شخصياً..ليس لدي أدنى اعتراض على ما تتخذه الدولة من إجراءات تحقق مصلحة الوطن والمواطن..ومن المؤكد أن الجميع مع الوطن قلباً وقالباً..يفتدونه بأرواحهم فضلاً عن أموالهم..كما أظن أن الغالبية العظمى يدركون ما تمر به بلادنا من ظروف مرتبطة بانخفاض سعر النفط وبالمشاركة في استقرار الأوضاع في العديد من الدول العربية..ومقاومة التحديات الخارجية التي تريد الشر بنا جميعاً.
وغير صحيح أن تسلب الوطنية ممن يقلق على وطنه ويناقش مستقبل أطفاله.
ومن هذا المنطلق فإنني سأشير إلى كيانات وفئات أخرى من الشعب ينبغي أن لا تكون وأن لا يكونوا بمنأى عن المشاركة في اجتياز الأزمة..حيث إن هذه الكيانات وهؤلاء الأشخاص يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه الوطن جنباً إلى جنب مع المواطن..وأن يضحوا بقليل من أرباحهم ورفاهيتهم التي عادة ما تكون على حساب(الضعوف).
ويمكن تحديد هذه الكيانات والأشخاص بما يلي :
أولاً..البنوك والشركات الكبرى :
حيث إن هامش الأرباح والإعفاءات والدعم والميزات التي تحظى بها البنوك والشركات يجب أن تخفض أو تتوقف..وأن تعاد جدولة الأرباح وفق حدودها الدنيا وبإشراف مباشر من الدولة..وأن تعاد هيكلة بعض الشركات شبه الحكومية خاصة لكبح الفساد وتحقيق الكفاءة العالية..مما يتحقق معه تحجيم الهدر وزيادة أرباح الدولة من جهة وتقليل النفقات على المواطن وزيادة رفاهيته من جهة أخرى..ومن أمثلة ذلك:
1- إعادة جدولة القروض البنكية الشخصية وفق المعطيات الجديدة وبهامش ربح معقول وموحد وثابت وليس تراكمياً كما تفعل البنوك الآن.
2- إعادة النظر في نظام المناقصات الحكومية وما يسمى بالتعميد المباشر وما يسمى بعقود الباطن..والتي تستنزف الميزانيات بثلاثة وأربعة أضعاف التكلفة مقابل مشاريع متعثرة أو سيئة التنفيذ وغير نافعة.
3- إعادة هيكلة الشركات الكبرى شبه الحكومية إدارياً وإعادة هيكلة عملياتها مثل أرامكو والخطوط السعودية وغيرها من الشركات..حيث إن رواتب مجلس إداراتها ومدرائها ومستشاريها وخبرائها ومندوبيها تعادل في بعض الأحيان ما ينفق على بقية موظفيها في مبالغات في الرواتب والإنتدابات تصل إلى حد(الفجور) بالإضافة إلى خلق الوظائف الإقليمية والدولية والكرم الحاتمي في الميزات والمخصصات..والاجتماعات التي يسافر المجتمعون فيها(بحلهم وطلهم) ليعقدوها بأمريكا وأوربا ثم يعودون وكأن الرياض أو الدمام لا تتسع لهم.
4- اضطلاع هيئة الاتصالات بدورها وكبح جماح أطماع شركات الاتصالات التي تقدم أسوأ الخدمات بأعلى الأسعار عالمياً..وتضيق الخناق على المستخدمين بمنع وحجب البرامج المجانية..وتحقق في نفس الوقت أرباحاً خيالية تصل إلى عشرة أضعاف أرباحها في الدول الأخرى..حيث نجد الشركة (س) تقدم خدمة أفضل بسعر أرخص في الكويت مثلاً بينما تقدم هنا خدمة سيئة بعشرة أضعاف ما تقدمه هناك.
5- أثبتت بنوكنا وشركاتنا الكبرى أنها عبارة عن وعاء(للهط) جيوب الناس فقط..دون أن تقدم خدمة تذكر لهذا المجتمع الذي تجني منه أرباحاً خيالية..في حين أن البنوك والشركات الكبرى في جميع أنحاء العالم تقوم ببناء المدارس والمستشفيات الخيرية والحدائق والطرقات وغيرها..وتسهم بشكل كبير في تكاليف المعيشة والعلاج والدواء والتعليم للأسر الفقيرة..وتقدم المبادرات الإنسانية وتسارع في حل الأزمات..ومن هنا فإنني أتمنى استقطاع جزء من أرباح تلك البنوك والشركات للخدمة الاجتماعية لأنهم لن يبادروا بها أبداً.
ثانياً..القطط السمان :
أكل ومرعى وقلة صنعة
هذا أصدق وصف لهؤلاء..تأتيهم اللقمة وهم نائمون..منهم فئة الأشباح الذين لا تراهم إلا في لاس فيغاس والشانزليزيه وماربيا وهونولولو..ومنهم فئة أذناب الأشباح الذين يتاجرون بأسماء أولئك فيغتصبون الأراضي ويزورون الصكوك ويقدمون الرشاوي ويفتتحون الشركات والمؤسسات الوهمية ويتاجرون بفيز العمال ويعقدون الشراكات المشبوهة ويحتكرون أسواق السلع ويبالغون في الأسعار..ولا يتنازلون عن (مليم)رغم انخفاض الأسعار في كل مكان ورغم انخفاض مستوى دخل المواطن..أولئك الذين يسمون أنفسهم شيوخاً(بفلوسهم)..الذين آخر همهم الشرع والنظام والمواطن..بل إن آخر همهم الوطن..فطائراتهم جاهزة في المطار..وفللهم وقصورهم متناثرة حول العالم..وحساباتهم البنكية متخمة بالدولارات في سويسرا وغيرها..وبعضهم يحمل جنسيات أخرى..والسعودية بالنسبة له مجرد ضرع يدر (الدراهم)ولا يشعر جهتها بأي انتماء ولا يحمل في قلبه لها مثقال ذرة من حب..وليس على استعداد أن يضحي لأجلها بدولار واحد..بل إنه ينتهز الفرصة ليغادرها..ويدير أعماله ما استطاع من خارجها..ويسيئ إليها ويشوه سمعتها بقوله في كل مناسبة.
هؤلاء السمان يجب أن يطالهم الجوع قليلاً ليخفف من ذواتهم وكروشهم(المنتفخة) فيصبحوا أصحاء ويصبح الوطن صحيحاً.
ثالثاً..محدثو النعمة(بنو هياط) :
هذه الفئة بالذات يجب أن يتم الحجر عليهم ومصادرة أموالهم وإيداعها في حسابات الدولة ليستفيد منها المواطنون الأصحاء..حيث إن هؤلاء فاقدون للأهلية شرعاً وقانوناً..إنهم مجانين..وإلا هل يعقل أن يقوم إنسان عاقل بالغ بإطعام الناقة أوراقاً مالية..أو تزيينها وتحليتها بالذهب..أو شرائها من الأساس بخمسة ملايين ؟! وهل يعقل أن يقوم إنسان عاقل بالغ بغسل أيدي ضيوفه بدهن العود؟!
ثم ماذا عن الذين يقومون باستعراض مقتنياتهم بشكل فج عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليزيدوا الفقراء والمساكين حسرة فوق حسراتهم..والذين يقومون بشحن سياراتهم إلى لندن وباريس ليغروا بها بنات الأعاجم اللائي يسخرن من قبيح صنعهم وضحالة عقولهم.
ماذا عن الذين يطرزون حماماتهم بالذهب..ويصنعون الورد بالأوراق المالية ويشترون فستان الزفاف بمليوني ريال..ويقدمون (للطقاقة) مائتي ألف ريال وللمطربة مليون ريال.
ماذا عن الذين يقدمون لخمسة من الضيوف ما تنوء به شاحنتان من الأرز واللحوم.
ماذا وماذا وماذا ... أليس هؤلاء بمجانين فاقدين للأهلية تماماً..إن هذا ليس تصرفاً في المال الخاص وإسرافاً فيه فحسب..بل هو فحش ومعصية أشد ضرراً على المجتمع من بعض القضايا الثانوية التي أشغلنا بها مشائخ الدين مثل النمص وتشقير الحاجبين.
رابعاً..التجار..ومن شايعهم :
لن يتنازل التاجر عن أرباحه الخيالية هكذا ببساطة..ومن حقه..طالما أن وزارة التجارة أقرت الاحتكار رغم طنطنتها بأن أسواقنا مفتوحة..فأي انفتاح ونظام الوكالات ما زال اً..أي انفتاح ونحن نشتري الدواء من مصر بعشرة ريال وهنا بمائة ريال..أي انفتاح ونحن نشتري قطعة غيار السيارات من أمريكا بمائة ريال وهنا بثلاثة آلاف..أي انفتاح يا وزارة التجارة والطماطم يصل سعر الكيلو منها في رمضان لثلاثين ريالاً..وأي انفتاح حين نستأجر في الريفيرا الفرنسية فيلا بخمسين يورو في الليلة وهنا نستأجر غرفة في فندق بجدة مطلة على حفرة صرف صحي وخبائر فئران وشارع ترابي ومكيف عطلان بخمسمائة ريال في الليلة..أي انفتاح أيتها الجهات المسؤولة سواءً وزارة التجارة أو غيرها ونحن نعاني من الغلاء والمبالغة في أسعار كل شيء دون هوادة ودون رحمة ودون ضمير من عصابات المتسترين المسمين بالتجار..وعصابات(المقيمين)الذين سيطروا على كل شيء وأنتم نائمون..
أي انفتاح وأية شفافية ونحن نشتري شقة مثل (حق الصلصة) بسبعمائة ألف وفيلا كرتونية بمليون ونصف في أطراف الصحراء..وإلى متى هذا الجنون في الأسعار..ألا يمكن أن تتدخل الجهات المعنية لتخفيضه رغم أنف التاجر المتستر..ألا تعلم وزاراتنا أن التاجر السعودي المتستر لن يتأثر أبداً بتخفيض الأسعار..ألا تعلم أنه يكتفي بالفتات كل شهر وهو في منزله وأن الأرباح للأجانب وأن التخفيض سيطال أرباحهم وليس أرباح المتسترين البلهاء من المواطنين..إذا لم لا تتدخلون..وأنتم تعلمون أن الغلاء قصم ظهور الناس..أم أن الانفتاح هذا هو انفتاح جيوبكم لجني المعلوم..والتصحيح هذا هو تصحيح أوضاعكم المالية.
المفضلات