النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: لغة القرءان من خطبة للشيخ السديس إمام وخطيب الحرم المكي ( بتصرف)

  1. #1

    لغة القرءان من خطبة للشيخ السديس إمام وخطيب الحرم المكي ( بتصرف)



    الحمدُ للهِ ( الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) واشهدُ ألا الهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ يعلمُ ما كانَ وما يكونُ وما تسرونَ وما تعلنونَ. واشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ الصادقَ المأمون، صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الذين كانوا يهدونَ بالحقِّ وبه يعدلونَ. وسلم تسليما كثيرا إلى يومِ يبعثونَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً):أما بعد:أيُّها الأحبةُ في الله ،فقد منَّ الله علينا جميعاً-أبناءَ هذه الأمة الإسلامية- بأفصَحِ لسانٍ، وأبلغِ بيانٍ، وأفضلِ لُغةٍ ، لغةِ القرآن الكريم: اللغة العربية.
    لغةٌ إذا وقعَت على أسماعنا كانت لنا بردًا على الأكبادِ
    ستظـــــــلُّ رابطةً تُؤلِّفُ بيننا فهي الرجاءُ لناطقٍ بالضـــادِ
    للغةِ العربيةِ الشريفةِ ، حقٌّ علينا حقيقٌ ؛ فمن بعضِ حقِّها ، أن نرعَى قدرَها في كلِّ منسوبٍ إليها، وأن نسعَى لنجدَتها كلَّما مسَّها ضُرٌّ، أو حَزَبَها أمرٌ؛ فلُغتُنا العربيةُ اليوم ، وفي عصر أنماط العَولَمة، وغلبَة عامِّيِّ اللهَجات، وثورة التِّقَنات، وانفجار المعلومات، وفضائيِّ القنوات والشبكات ، جفوها أكثر الناس ، إلاَّ من رحم الله ، بعدما كانت عذبَة التغاريد، حسنةَ الألفاظِ والمفاريد، رضِيَ بها الأسلافُ ، في المفاخِر والمنافِحِ، وصَقَلُوا بها الأذهانَ والقرائحَ ، وكانت تُرجمانًا صادقًا لكثيرٍ من الحضارات المُتعاقِبة، وكانت سببًا لتقارُب الأمم ، التي دخلَت في دين الله أفواجًا، فتمازَجَت أذواقُهم، وتوحَّدت مشارِبُهم، وأعلَى الدينُ شأوَها ورفعَ شأنَها.
    فما أهوَى سِوَى لغةٍ سَقَتْها قريشٌ من براعتِها شِهَادًا
    وطوَّقَها كتــــابُ الله مجــــــــــدًا وزادَ سَنَا بلاغتها اتِّقــــادًا
    لقد كان سلفُنا الصالحُ -رحمهم الله- يُعنَون بالعربية، ويُعاقِبون صِبيانَهم على اللَّحنِ، ويُثِيبونَهم على الفصاحَة والبيان. يقول الفاروقُ عمرُ بن الخطاب : (تعلَّموا العربيةَ؛ فإنها تُنبِتُ العقلَ وتزيدُ المُروءةَ)، وكتبَ كاتبٌ لأبي موسى الأشعريِّ  خطابًا لعُمر فبدأَه بقوله: (من أبو موسى)، فكتبَ إليه عُمرُ أن اضرِبه سَوطًا، واستبدِله بغيره. الله أكبر! ويا لله! ما أعظمَ غيرتهم على لُغة القرآن! فلله درُّهُم!سمِعَ الأعمشُ رجلاً يلحَنُ في كلامِه فقال: من الذي يتكلَّم وقلبي منه يتألَّم؟ وكان الحسنُ البصريُّ رحمه الله يقول: "ربما دعوتُ فلَحَنتُ فأخافُ أن لا يُستجابَ لي". وكان أيوبُ السِّختيانيُّ رحمه الله ، إذا لحَنَ استغفرَ اللهَ. وسَمِعَ الخليفةُ المأمونُ ، بعضَ ولده يلحَنُ، فقال: "ما على أحدِكم أن يتعلَّم العربيةَ؟ يُصلِحُ بها لسانَه، ويفُوقُ أقرانَه، ويُقيمُ أوَدَه، ويُزيِّنُ مشهَدَه ، ويُقِلُّ حُجَجَ خصمِه بمُسكِتات حِكَمه".الله أكبر! إن اللغةَ العربيةَ -يا رعاكم الله- هي كما قالَ الإمام الشافعيُّ رحمه الله : "أوسعُ الألسِنة مذهبًا، وأكثرُها ألفاظًا، ولها مكانتُها العُظمى في هذا الدين".يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "اللغةُ العربيةُ من الدين، ومعرفتُها فرضٌ واجبٌ؛ فإنّ فهمَ الكتاب والسنة فرضٌ، ولا يُفهمُ إلا بفهم اللغةِ العربية، وما لا يتمُّ الواجبُ إلاَّ به فهو واجبٌ". ويقول أيضًا رحمه الله: "ومعلومٌ أن تعلُّمَ العربيةَ وتعليمَها ، فرضٌ على الكفاية".فنحنُ مأمورون أمرَ إيجابٍ ، أو أمرَ استِحبابٍ ، أن نحفظَ القانونَ العربيَّ، ونُصلِح الألسِنةَ المائلَةَ عنه . وقد عبَّر الشاطبيُّ -رحمه الله- عن هذا المعنى بقوله: "إن الشريعةَ عربيةٌّ، وإذا كانت عربيَّةً ، فلا يفهمُها حقَّ الفهمِ ، إلا من فهِمَ اللغةَ العربيَّةَ حقَّ الفهمِ، لقد زادَت الشريعةُ اللغةَ العربيةَ مكانةً وأهميَّةً؛ حيث أصبَحت ثانِيَ اثنين لأقوى هُوِيَّة: الهوِيَّة الإسلامية ؛ لأنها كما قال الإمامُ ابنُ كثيرٍ رحمه الله: "أفصحُ اللُّغات، وأجلاها، وأحلاها، وأعلاها، وأبينُها، وأوسعُها، وأكثرُها تأدِيةً للمعاني ، التي تقومُ بالنفوس ، فلهذا أُنزِل أشرفُ الكتبِ ،بأشرفِ اللُّغات". وهي من أهمِّ الوشائِجِ ، لرَفوِ الرَّتقِ ، وإحكامِ الآصِرةِ في وجهِ الفتنِ العواصِف، والمِحَن المُتراكبةِ القواصِف، لذا تنمَّرَ لها الأعداءُ ، وكشَفُوا عن مِرَّتهم السوداء ، وقال قائلُهم: "إننا لن نَنتَصِرَ على المُسلمين ، ما دامُوا يقرؤون القرآنَ ويتكلَّمون العربيةَ، فيجبُ أن نُزيلَ القرآنَ من وجُوهِهم، ونقتلِعَ العربيةَ من ألسِنَتهم". وأعلَنوا عليها حربًا ضَروسًا، وأظهَروا لها وجهًا عَبوسًا، وأنفَقوا الغالِيَ والنَّفيس ، لتغريبِ اللسانِ العربيِّ وقطعِه عن منابِعِ البلاغة ، واللَّجاجةِ به في العُجمة والمَغاغة. ولكن انعكَسَ عليهم الأملُ، واستنوَقَ فيهم الجملُ، وارتدَّت أعمالُهم على وجوهِهم خاسِئة، واشتدَّت لُغتُنا فكأنما هي ناشِئة. ومع كلِّ التحديات والمُتغيِّرات ، فإن اللغةَ العربيةَ محفوظةٌ بحفظِ الله تعالى لكتابه العزيز: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) بارك الله ولي ولكم في القرآن العظيم،



    الحمد لله، جعلَ القرآنَ عربيًّا غيرَ ذِي عِوَج، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تحدَّى بفصاحةِ القرآن العربَ ذوِي الحُجَج، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، بالفصاحةِ منعوتٌ، وبالبلاغة مبخُوت، صَلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه، وعلى آله وصحبِهِ العُدولِ الثُّبُوت، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، والزَموا لغةَ دينكم؛ تسعَدوا في الدَّارَين، وتفوزوا بخير الجزاء في الدنيا ، ودار الخُلد والبقاء.معاشر المؤمنين، لا بُدَّ من الاستِمساك بهُويَّتنا الإسلامية ، ولُغتنا العربية، وربطِ الأجيالِ بها، وفَطمِ أنفُسنا عن مراضِع العُجمةِ المَقيتة ، وهَجر الألفاظ الأجنبيَّة اللَّقيطة، وأن نُقبِلَ على لغتِنا، وننأَى بها عن اللَّحن فيها.كما أن اعتِزازَنا بلُغتنا الأمِّ ، لا يُنافِي حاجةَ الأمة إلى تعلُّم اللغاتِ الأخرى؛ لتحقيقِ رسالتِنا العالميَّة بلا نِدِّيَّة، ولا مُزاحمةٍ ولا انهزاميَّة، كما أن رسالةَ الإعلام ، ووسائل الدِّعاية والإعلان ، عظيمةٌ في هذا الشأنِ المُهمِّ. حفِظَ الله لغتَنا من كل مكروه، وحيَّا اللهُ أهلَها وذوِيها، وأبقاهم لها ذُخرًا يصُونون عِرضَها، ويحفَظون أرضَها، ويسترِدُّون قرضَها، ويجمَعون شتاتَها، ويُحيُون مواتَها، إنه جوادٌ كريمٌ . وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، عِبادَ الله ، صلُّوا وسلِّموا -رحمكم الله- على خير الورَى، كما أمرَكم بذلك ربُّكم جل وعلا، فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].صلَّى عليك اللهُ يا علَمَ الهُدى ما ناحَ طيرٌ أو رفَّت الأشجارُ ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على سيد الأولين والآخرين، ورحمةِ الله للعالمين، نبيِّنا وقُدوتنا وحبيبِنا محمد بن عبد الله، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين والأئمةِ المهديين، ذوي الشرفِ العلِيِّ، والقدرِ الجلِيِّ: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمانَ، وعليٍّ، وارضَ اللهم عن سائر أصحاب نبيِّك أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعن الطاهرات أمَّهات المُؤمنين، وعنَّا معهم برحمتك يا أرحمَ الراحمين.اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمشركين، واخذُل الطغاةَ والظالمين وسائرَ أعداء الدين ، إنَّكَ على ذلِك قدِيرٌ ، وبالإجابَةِ لجَدِيرٌ ، يا ربَّ العَالمِين ، اللَّهُم إنَّا نسألُكَ ، أن تَرْفَعَ ذِكرَنا ، وتَضَعَ وِزرَنا ، وتُطَّهِرَ قُلُوبَنا ، وتُحصِّنَ فُروجَنا ، وتغفرَ لنا ذُنوبَنا ، ونسألُكَ الدَّرجاتِ العُلى مِن الجنَّةِ ، اللَّهُم اغفِرْ لِجميعِ موتىَ المُسلِمين الَّذينَ شَهِدوا لَكَ بِالوحدَانيَّةِ ، ولِنبيِّكَ بالرِّسالَةِ ، وماتوا على ذلِك ، اللَّهُم اغفرْ لَهُم وارحمهُم وأكرِمْ نُزُلَهم ووسِّعْ مُدخَلَهم ونقِّهم مِن الذُّنوبِ والخطَايا كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ مِن الدَّنَسِ ربَّنا أتِنا في الدُّنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسَنَةً وقِنا عذابَ النَّارِ عِبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمُرُ بالعَدلِ والإحسَانِ وإيتاءِ ذي القُربى وينهى عنِ الفَحشاءِ والمُنكرِ والبَغي يعظكم لعلَّكُم تذكَّرون فاذكروا اللهَ العظِيمَ يذكُرْكُم واشكُرُوهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُم ولَذِكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنَعُون



    الملفات المرفقة
    للدخول لموقعنا الخاص

    اضغط على الصوره



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. استمع وشاهد تراويح الحرم المكي للشيخ علي جابر رحمه الله
    بواسطة شام في المنتدى الاهداءات المرئية والسمعية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-10-2007, 20:23
  2. صوت أذان الحرم المكي ( كامل )
    بواسطة هند القاضي في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 12-11-2006, 02:01
  3. قصة إمرأة تركية .. بكت وأبكتني في الحرم المكي
    بواسطة ناصر الحق في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-09-2003, 08:25
  4. خطبة أنت تحكم دولة للشيخ عبد الله الواكد إمام جامع الواكد بحي مغيظة بمدينة حائل
    بواسطة الداعيه / براك الفريسي الجربا في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-01-2002, 20:50
  5. خطبة العزة بهذا الدين للشيخ عبد الله السالم الطوياوي إمام جامع العلي بحي أجا بحائل
    بواسطة الداعيه / براك الفريسي الجربا في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-01-2002, 10:15

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته