الحمدُ للهِ ( غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أحمَدُهُ سُبحانُهُ وأشكرُه ، وأشهدُ أن لا إله لنا غيرهُ ، ولا ربَّ لنا سواه ، ولا نَعبدُ إلاَّ إيَّاه ، وأشهدُ أن نبينا مُحمداً عبدُهُ ورسُوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانه وسلم تسليماً مزيداًيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً): أما بعدُ أيُّها الأحبةُ في الله ،: هنيئاً لمن وُفِّقَ للوقوفِ بعرفاتْ ، وهنيئاً لمن صامَ يومَ عرفاتْ، وهنيئاً للتائبينَ والمستغفرينَ، فكم من تائبٍ قُبلتْ توبتُهُ، ومُستغفرٍ مُحيتْ حوبتُهُ، وكم من مستوجِبٍ للنَّارِ أجارَهُ اللهُ منها وأبعدَهُ اللهُ عنها ، يقولُ عليه الصلاةُ والسلامُ { مامن يومٍ أكثرَ من أن يُعتقَ اللهُ فِيه عبداً ، من النَّارِ . من يومِ عرفةَ } رواه مسلمٌ ، ها هُوَ الحاجُ ، يعُودُ إلينا طاهراً نقياً ،من الذنوبي والخَطايا ، لأن الذي لا ينطقُ عن الهوى يَقُولُ بأبي هو وأمي {من حجَّ هذا البيتَ ، فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ رجعَ كيومِ ولدتُهُ أمُّهُ} يعني من الذنُوبِ ، فََحُييتَ أيُها الحاجُ الكريمُ ، إن كنتَ قصدتَ بحجِّكَ ابتغاءَ وجهِ ربِّكَ ، والتزمتَ بهدي خالقِكَ ، وتمسكتَ بسُنةِ نبيِّكَ محمدٍ e ، فَعُدتَ وقد غُفرتْ ذنُوبُكَ ، فأنتَ اليومَ بيننا .. طاهرٌ كيومِ ولدَتْكَ أمُّكَ ، فإذا كان كذلكَ ! فَاحذرْ أيُها الحاجُ ، من العودةِ إلى الدّنسِ ، والإفراطِ بالذّنوبِ بلا تفكيرٍ ، بعدَ النّقاءِ والصّفاءِ والتطهيرِ ، هاأنتَ اليومَ قد عُدْتَ من تلكَ الرّحلةِ المقدسةِ ، ومن تلكَ الديارِ الطاهرةِ ، والأماكنِ المباركةِ ، وقد وقفتَ بعرفةَ .. في لحظاتٍ ، باها اللهُ بكَ وبمن معَكَ من الحجيجِ ملائكتَهُ ، وَمَنَحَكَ ربُّكَ من الخيرِ والثوابِ ، ما اللهُ وحدَهُ يعلمُهُ ويعرِفُهُ ، فسَلِ اللهَ الثباتَ على الإسلامِ والإيمانِ ، !! فَإنَّ ارتكابَ الذنوبِ بعدُ الغُفرانِ ، دَمَارٌ ووبالٌ وخُسرانٌ ، فعليكَ بالوفاءِ بِما عاهَدَتَّ اللهَ عليهِ ، من إيمانٍ به جلاّ وعلا ، وتصديقاً بكتابِهِ ، ووفاءً بعهدِهِ ، واتباعاً لسنةِ نبيِّهِ محمدٍ r ، فَتُؤدي الواجباتِ التي أمرَكَ اللهُ بها ، وتَنتَهي عن كُلِّ ما نهاكَ اللهُ عنهُ ، وتَتّبعْ سُنةَ نبيِّكَ محمدٍ r ، قولاً وعملاً ، فمن علاماتِ الحّجِّ المبرورِ ، أن يرجعَ المرءُ زاهداً في الدُنيا ، راغباً في الآخرةِ ، مُتحلياً بالمكارمِ ، مُبتعداً عن المآثمِ ، مُحافظاً على الصّلواتِ ، عازفاً عن الشهواتِ ، صادقاً في قولِهِ ، مُخلصاً في عملِهِ ، مُتواضعاً مع أهلِهِ وإخوانِهِ ، مُراقباً اللهَ في جميعِ أعمالِهِ وأقوالِهِ ، مُدركاً لقولِهِ تعالى (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) وإذا همَّ بالسيئةِ ، تذكرَ قولَ النبيِّ e كما عندَ الإمامِ أحمدَ والحاكمِ {إذا لقيتَ الحاجَ فسلمْ عليه وصافحْهُ ، ومُرْهُ أن يستغفرَ لك ، قبلَ أن يدخُلَ بيتَهُ فإنهُ مغفورٌ له } وتذكرْ قولَ اللهِ ( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) وقوله تعالى ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) فاستضاءَ بنورِ الضّياءِ ، فتوقفَ عن ارتكابِ الذّنبِ ، واسترجعَ في الأمرِ ، واستغفرَ وتابَ إلى اللهِ ، وتعوذَ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ ، ومن فِتنتِهِ ووساوسِهِ ،أيها الحاجُ الكريم ، تذكرْ إنك بدأتَ مع اللهِ ، حياةً جديدةً وفتحتَ صفحةً بيضاءَ ناصعةً نقيَّة ، فاعملْ على أن لا يُكتبَ عليكَ فيها ، إلا عِبارةُ المدحِ والثناءِ ، والشُكرِ والتقديرِ ، حَذَارِ من الرُجوعِ إلى الذنوبِ ، فتلوثُ صحيفتَكَ ، وتشوهُ مَنَظَرَكَ أمامَ ربِّك ، واتقِ اللهَ قدرَ استطاعتِكَ ،ويا أيُها الناسُ جميعاً ، إنكم لم تُخلقوا عبثاً ، ولن تتركوا سُدى ،وتعلمونَ أنَّ لكُم مَعَاداً ، يحكُمُ اللهُ فيه بينكُم ، فخابَ وخسرَ ، من خـرجَ من رحمةِ اللهِ ، التي وسعتْ كُلَّ شيءٍ ، وحُرمَ الجنةَ ، التي عرضُها السماواتُ والأرضُ ، واعلموُا أن الأمانَ غداً ، لمن خافَ ربَّهُ وباعَ قليلاً بِكثيرٍ ، وفانياً بباقٍ ، ألا ترونَ أنكم في أسلابِ الهالكينَ ، وسيخلُفُها من بعدِكم الباقونَ ، كذلك حتى تُردوا إلى خيرِ الوارثينَ ، ثُم هَا أنتُم ، في كُلِّ يومٍ تُشيعونَ غادياً ورائحاً إلى اللهِ ، قد قضى نحبَهُ ، وبلغَ أجلَهُ ، ثُم تُغيبوُنَهُ في صَدعٍ من الأرضِ ، ثُم تَدَعُونَهُ غيرَ مُوسّدٍ ولا مُمَهدٍ ، قد خَلعَ الأسبابَ ، وفارقَ الأحبابَ ، وواجَهَ الحسابَ ، غنياً عما تركَ ، فقيراً إلى ما قدمَ ، فاستعِدّوا للقاءِ اللهِ عزّ وجلّ ، واستثمِروا أوقاتَكُم ، فِيما يعوَدُ عليكُم نفعُهُ في الآخرةِ ، فَإنها سَتُفرحُكُم . يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنونَ ، يومَ تتطايرُ الصُّحفُ ، وتَرتَجِفُ القُلوبُ ، وتَتَقّلبُ الأفئدةُ ، وترى الناسَ سُكارى وما هُم بِسُكارى .. ولكنَّ عذابَ اللهِ شديدٌ ، وأيمُ اللهِ ، إني لأقولُ لكُم هذه المقالةَ ، وما أعلمُ عندَ أحدٍ منكم من الذنوبِ ، أكثرَ مما عندي ، ولكن عزائُنا قولُ الحقِّ جلَّ وعلا (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)وقلُهُ عزَّ وجل(نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) غَفَرَ اللهُ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ والمُسلماتِ من كُلِّ ذنبٍ ، فاستغفروهُ يغفرْ لكم إنه هو الغفور الرحيم ..
الحمدُ للهِ العزيزِ الغفارِ ، مقلبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، والقلوبِ والأبصارِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لاشريك له ، وأشهدُ أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ المصطفى المختارَ صلى الله عليه وعلى آلِهِ الطيبينَ الأطهارِ وعلى جميعِ أصحابِهِ البررةِ الأخيارِ ومن سارَ على نهجِهم واهتدى بهديهم إلى يومِ الحشرِ والقرارِ: أما بعدُ أيها الإخوةُ في اللهِ ، فَإن الخيرَ كُلَّهُ ، فضلٌ من اللهِ على عبادِهِ ، فيجبُ أن يُحمدَ عليهِ ويُشكرَ ، فالذين اغتنموُا هذه الخيراتِ مواسمَ الخيرِ ، يقولُونَ يومَ القيامةِ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ) أما الشرُ كلُّ الشرِّ والتفريطِ ، كلُّهُ من ابنِ آدمَ ، قدرَ عليهِ بسببِ إتباعِ هُوى النفسِ ، وكما قالَ تعالى (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) وذلك حينَ ( تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ ، وبَادروا بالأعمالِ الصالحةِ ، التي سوفَ تجدونها أمامَكم (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ، وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) عِبادَ الله ، صلوا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسّراجِ المُنيرِ ، كما أَمَرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، بقولِه سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ،أُعفوا عنَا ، ويا وسعَ المغفرةِ ، أغفر لنا ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، أرحمنَا بِرَحمَتِكَ الواسعة ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
المفضلات