بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الثانية : سماحة الرسول
الحمد لله الذي بعث في الأمّيين رسولا يتلو عليهم آياته ويعلّمهم الكتاب والحكمة وفصل الخطاب، صلّى الله على حبيبنا المصطفى وعلى آله الطيبين الأخيار ما تعاقب الليل والنهار.
عباد الله، في خطبتنا الثانية هذه اخترنا لكم إخواني وأخواتي فصلا من فصول سماحة رسول الله ونبذة عن حسن خلقة ورأفته بأمّته .
نقول والله المستعان :
" بينما النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف إذا سمع اعرابياً يقول: يا كريم كريم .
فقال النبي خلفه: يا كريم
فمضى الاعرابي الى جهة الميزاب(الموجود في الكعبة الشريفة) وقال: يا كريم
فقال النبي خلفه : يا كريم
فالتفت الاعرابي الى النبيوقال: يا صبيح الوجه, يا رشيق القد , اتهزأ بي لكوني أعرابياً؟ والله لولا صباحة وجهك ورشاقة قدك لشكوتك الى حبيبي محمد صلى الله
عليه واله وسلم .
فتبسم النبي وقال: أما تعرف نبيك يا أخا العرب؟
قال الاعرابي : لا
قال النبي: فما ايمانك به؟
قال الاعرابي : اّمنت بنبوته ولم أره وصدّقت برسالته ولم ألقه
قال النبي: يا أعرابي ، اعلم أني نبيك في الدنيا وشفيعك في الاخرة.
فأقبل الاعرابي يقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم
فقال النبي: مه يا أخا العرب ، لا تفعل بي كما تفعل الأعاجم بملوكها، فإن الله سبحانه وتعالى بعثني لا متكبراً ولا متجبراً، بل بعثني بالحق بشيراً ونذيراً.
فهبط جبريل عليه السلام على النبي وقال له:
يا محمد. السلام يقرئـك السلام ويخصك بالتحية والاكرام, ويقول لك : قل للاعرابي, لا يغرنه حلمنا ولا كرمنا،فغداً نحاسبه على القليل والكثير، والفتيل والقطمير
فقال الاعرابي: أو يحاسبني ربي يا رسول الله؟
قال : نعم يحاسبك إن شاء
فقال الاعرابي: وعزته وجلاله،إن حاسبني لأحاسبنّه .
فقال النبي : وعلى ماذا تحاسب ربك يا أخا العرب ؟
قال الاعرابي : إن حاسبني ربي على ذنبي حاسبته على مغفرته، وإن حاسبني
على معصيتي حاسبته على عفوه، وإن حاسبني على بخلي حاسبته على كرمه .
فبكى النبي حتى إبتلت لحيته ...
فهبط جبريل عليه السلام على النبيوقال :
يا محمد،السلام يقرئـك السلام ، ويقول لك:
(يا محمد قلّل من بكائك فقد ألهيت حملة العرش عن تسبيحهم ،
وقل لأخيك الاعرابي لا يحاسبنا ولا نحاسبه فإنه رفيقك في الجنة) " .
سبحان الله العظيم ما أعطر كلام رسول الله وما أكرم الله عزّ وجلّ ، وبما عسانا نقابل إحسان الخالق سبحانه وتعالى ؟ هل نقابل الإحسان بالإحسان ؟ هل نقبل على المولى مهرولين لطاعته ؟ هل نسرع إلى توبته ونتشبث بطاعته ؟ ماذا عسانا أعددنا لليوم الآخر ؟ هل طبّقنا شرع الله تعالى ؟ هل أقمنا الدّين ونشرنا الفضيلة ؟ هل نصرنا المظلوم ورفعنا راية الحق ؟ بماذا سنقابل نور وجه الله العزيز الرحيم ؟ هل نحن جديرون بأن نكون عبادا له ؟ هل نحن في طاعته وهو المطّلع على صنائع أيدينا ؟ أما نستحي من الحق وهو يرانا؟ أما نخجل منه ونحن نظلم ونعتدي ونتجاوز حدّه ونتجرّأ عليه؟ رحماك ربّي وعفوك ومن ذا يغفر الذنوب سواك..رحماك إلهي وسترك ومن ذا يستر غيرك..
المفضلات