[GASIDA="type=center title="إليك يا زهرة اللوريت!" bkcolor=#FF9999 color=#FFFFFF width="70%" border="6px double #FFFFFF" font="bold medium anaween" bkimage="""]
سلام عليك يا زهرة اللوريت ..
وطيب الله أوقاتك وأجواءك وروحك بأريج اللوتس, وأنعش قلبك بعبق الباكينام ..
كم عمرا مر على آخر حوار بيننا؟ أتذكرين؟ لعله ـ حسب توقيت اللهفة ـ دهر! لست أدري لمَ نترك مروج السعادة الممرعة ونفرُّ إلى مفاوز الهموم الممضة, وبحيرات الجفاف والعطش! أليست السعادة هي الغاية في الدنيا؟ فما بالنا إذن نهرب منها بعد أن نسترخي فترة على شواطئها الجميلة, ونستحم في مياهها الباردة, ونستنشق هواءها البليل, ونقطف ثمارها الحلوة! أترانا نتركها من أجل أن نعيد شحنها في قلوبنا؟ أم أننا نغادرها مجبرين؟ السعادة إكسير يصنعه توافق ظروف المرء مع نفسه, وقد أردنا تطويع الظروف فتطوعت بقدرة القادر لنا لتوافق الرغبات النبيلة السامية في نفوسنا, ولا سعادة بلا نبل, ولا حب بلا سمو, وما كل سرور يغمرنا في لحظة هاربة يكون سعادة, السعادة هي الحب السامي, أما حب الغريزة فسرور عارض وهيهات هيهات لعارض أن يزاحم ثابتا!
أكتب لك اليوم لا لأني تذكرتك, وكيف أتذكرك وأنا لم أنسك يوما ولن أنساك ما تردد النفس, وتنفس الورد في الغلس؟ نسيانك غير متاح ولو أردته, وإن طرق بابي يوما زجرته وطردته, فصورتك الجليلة انطبعت لتكون خلفية ثابتة في شاشة الدماغ!
أكتب لك لأني أشعر أني محتاج إلى الحديث إليك ولو من بعيد, واللوذ بحرم عطفك الذي لا تحده حدود, ومناجاتك ولو في الخيال يا صاحبة العطوفة ..
أحيانا تغمرني شحنة عاطفية, تدفعني إلى التصرف بحماسة المراهقين عندما تتأجج دماء الشهامة في عروقهم وتدفعهم في بادرة لطف إلى تقديم أقصى ما يستطيعون من العون لمن يحتاجه في لحظة ضعف .. تغمرني تلك الحماسة إلى نقش مقطوعة من حديث الروح على الصفحة الأولى من ديوان الحب, لكن الاعتبارات الأخرى تعترضني وفي عينيها نظرة صارمة تفجع القلب, وتدفق نهر العاطفة لا يستطاع له صد, ولو أقيم أمامه ألف سد وسد, لذلك أحيل كتابتها مضطرا إلى مدونة خيالي الخاصة. والعجيب أن كل نتاج تلك الشحنات يصادرها جبروت الوقار, احتراما لخصوصيتها لا لخروجها عن المدار.
كيف أعبر لك عن اشتياقي يا أيقونة الهوى؟ وكيف أشرح لك التفاعلات الكيميائية التي تحدث في شراييني, فتفجر خلايا مشاعري, وتنشر الدفء في روحي, عندما يمر طيفك في الخيال؟ أنا والله في غاية اللهفة, ولعل قلبك أنبأك بهذا, فللقلوب شبكة لا يعزلها عازل, وإلكتروناتها تبث على الموجة القصيرة والمتوسطة والطويلة فتغطي آفاق الكون لتصل إلى هدفها بلا أدنى هامش من خطأ.
لم ينحل جسمي لغيابك, ولم ترتبك إنزيمات دماغي لفراقك, ولم أسقط طريح الفراش وجدا عليك, بل أنا في خير وعافية ولله الحمد والفضل والمنة, والفراق ليس فراق الأجساد بل فراق القلوب, وإذا كانت أجسادنا متباعدة فإن قلوبنا متعانقة, ولو فرقتنا سهول وهضاب وجبال, أو حتى أنهار وبحار ومحيطات.
أمر أحيانا بطرقات تجتاحني عندما أدخلها ذكراك العذية, وتطل علي فيها صورتك البهية, وتغمرني فيها أنفاسك الزكية, ورائحة عطرك الهادئ الساحر القوية, وتحاصرني فيها مشاعرك فتحتويني وتسيطر على تفكيري, فيسرح خيالي بعيدا بعيدا إلى حيث أراك جالسة أو نائمة أو ماشية أو منهمكة في المطبخ وقد ارتديت مريولا أبيض, وشمرت عن ذراعيك, وعقصت شعرك على هيئة كرة صغيرة, فتتخدر روحي وتلقي إليك التحية, وتقرأ عليك المعوذات, وتدعو لك بدوام الصحة والعافية. لست أدري ما علاقة ذكراك بهذه الطرقات التي لم تمري بها يوما! لقد ارتبطت بك في مخيلتي ارتباطا لا انفكاك له, ولذلك أحببتها, وتستحق هذا الحب.
لقد أحببتك في البعد فكيف سيكون حالي في القرب؟ أتعلمين؟ لا أريد أن أحبك في القرب, فالقرب يقتله الاعتياد, والبعد يفسح للخيال أن يمارس دوره في تأجيج المشاعر, ولا أريد لمشاعري أو مشاعرك أن تخمد, فالخمود هو الموت, ولا حياة في معيشة الرتابة وترمد العواطف, ولذلك لا تستغربي إن رأيت مني جفافا أو جفاء أو حتى جرحا لمشاعرك بتصرف أحمق مني, وسأفعل ذلك وهذا وعد مني وقد فعلته سابقا مرارا إن كنت تذكرين .. وغايتي نبيلة ـ ياللحماقة! ـ وهي تقليب جمر المشاعر كلما آذنت بخمود, لتتوهج من جديد, وتعود قوية مثيرة يتمنى المرء في ذروتها أن يغادر الحياة وهو في تلك الحال .. لقد علمتني الحياة يا روعة الحياة أنه لا شيء بلا ثمن, وأنا أريد أن أدفع ثمن السعادة لي ولك من دموعك واضطراب قلبك, ومن عصر قلبي بيدي وكيّه بميسمي, وأنا أنوب عنك في إمضاء هذا التصرف بتفويض من قلبك, تفويض شامل كتبناه وبصمنا عليه بدماء عروقنا في ذلك الزمن السحيق تحت شجيرة الطلح في منعطف وادي الهوى .. يالجنوني ويالحظك المشؤوم!
أستودع الله روحك الطاهرة
[/GASIDA]
..
المفضلات