تعرف حصى الكلى بأنها ترسبات صلبة تتكون في داخل الكلى من الأملاح المعدنية والأملاح الحامضية،
ذات الأحجام والأشكال المختلفة، منها صغير الحجم، حيث يقترب حجمها من حجم حبة الرمل، ومنها متوسط الحجم الذي يقترب حجمها من حجم حبة الحمص.
وهنالك حصى كبيرة الحجم، يقترت حجمها من حجم البيضة. وغالباً ما يكون سطح الحصى أملساً وقد
يكون مسنناً.
وعادة تبدأ هذه الحصى بالتكون داخل حويضة الكلى (تجويف الكلى)، وقد تبقى في الكلى وتزداد حجماً مع
مرور الزمن، أو تتحرك في مسلك البول نزولاً إلى المثانة، لذلك قد تتواجد هذه الحصى في أي قسم من
أقسام الجهاز البولي، مثل: الكلى والحالبين (الأنابيب التي تنقل البول من الكلى الى المثانة). وقد نجدها في
المثانة (الكيس الذي يتجمع فيه البول الى حين إخراجه من الجسم عن طريق الإحليل).
وفي نحو 72% من الحالات تتكون الحصى من أكسلات الكالسيوم Calcium Oxalate، أو من فوسفات
الكالسيوم Calcium Phosphate. وأما الأنواع الأخرى من حصى الكلى، فأذكر منها على سبيل المثال
لا الحصر: حصى "ستروفيت" Struvite (وهذه مكونة من الأمونيوم والمغنيزيوم والفوسفات). وسميت بهذا
الإسم تخليداً للعالم الجيولوجي الألماني Von Struve. وتتكون حصى "ستروفيت" نتيجة التهاب المسالك
البولية المزمن، ويتعاظم حجمها بسرعة بحيث يحتل بعضها معظم حويضة الكلى. وهنالك أيضاً حصى
حامض اليورك Uric Acid، وتتكون هذه نتيجة الجفاف وتناول مواد غذائية غنية بالزلال Protein،
أو بسبب الإصابة بالنقرس Gout.
وتشير الدراسات الى أن نحو 5% من النساء و 15% من الرجال يصابون بحصى الكلى في مرحلة من مراحل حياتهم.
ويصاب بحصى الكلى الناس من جميع الأعمار، غير أنها أكثر انتشاراً بين الفئات العمرية في عمر 22-42سنة.
وقد صادف كاتب هذا المقال (د. جابي كيفوركيان) خلال حياته المهنية كطبيب عائلة، حالتين من حصى الكلى
عند الأطفال، إحداهما لدى طفل خديج (حديث الولادة)، والثانية عند طفل في عامه الأول.
ويعزى ارتفاع نسبة النساء اللواتي يعانين من حصى الكلى لأسباب سلوكية، هي: امتناع نسبة كبيرة من الإناث عن
الذهاب الى المرحاض للتبول في مكان عملهن أو في مكان دراستهن. وذلك بسبب افتقار هذه المراحيض للنظافة
العامة، هذا من جهة، وأما من الجهة الثانية فإنهن يمتنعن عن شرب الماء كي لا يضطررن للذهاب الى المرحاض.
وهذا السلوك يؤدي الى تجمع وركود البول في الجهاز البولي، من جهة، وإلى الجفاف من جهة أخرى. وبالتالي تزداد
كثافة البول وتترسب الأملاح (وبخاصة الحامضية) وتتكون الحصى.
وأود أن ألفت الانتباه هنا الى أن هذه السلوكيات لا تقتصر على الإناث، بل هنالك عدد لا بأس به من الذكور
يعانون من هذه السلوكيات، غير أنها أقل انتشاراً مقارنة مع الإناث.
الأسباب
في أغلب الحالات يكون سبب تكوّن الحصى في الكلى غير واضح، إلا أن هنالك عوامل عدة تلعب دوراً في تكونها،
أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
الجفاف (عدم أو الامتناع عن تناول سوائل بالقدر المطلوب) والاحتفاظ بالبول داخل الجسم لمدة طويلة،
وملازمة الفراش لمدة طويلة، والتهاب مجرى البول المتكرر.
وأحياناً قد يؤدي
فرط نشاط الغدد جارات الدرقية Parathyroid Glands (المسؤولة عن تنظيم استقلاب الكالسيوم في
الجسم) الى تكون حصاة كالسيومية. وكما ذكرت سابقاً فإن مرض النقرس يؤدي الى تكون الحصى نتيجة ارتفاع مستوى
حامض اليوريك في الجسم.
وأما
الأكسلات فهي نتاج الاستقلاب (الأيضي) الحاصل في الجسم، وهذه تتواجد طبيعياً في البول. وهنالك مواد غذائية
عدة غنية بالأكسلات، هي: القهوة والراوند والسبانخ والخضراوات الورقية.
وكما ذكرت سابقاً، فإن
التهاب المسالك البولية المزمن يلعب دوراً في تكون الحصى الكلوية، علماً أن البكتيريا المسؤولة
عن التهاب المسالك البولية، تقوم بتحليل (تفكيك) "اليوريا" Urea الموجودة في البول، وينتج عن ذلك "الأمونيا"
Ammonia، ما يؤدي الى تحول البول من حامضي الى قلوي، وهذا يؤدي بدوره الى تكون حصاة يدخل في تركيبها
الكالسيوم والمغنيزيوم وفوسفات الأمونيوم.
وكل العوامل والأسباب المذكورة سابقاً تؤدي الى ارتفاع تركيز البول بالأملاح المعدنية والحامضية،
وهذا بدوره يؤدي الى تبلورها والتصاق بعضها مع بعض مكونة الحصى.
وبصيغة أكثر تفصيلاً، أستطيع القول إن البول يحتوي على الكالسيوم والأكسلات وحامض اليورك ذائبة فيه
وفي حالة توازن. وأما في حال حدوث خلل في التوازن والتركيز بين هذه الأملاح لأسباب معينة، مثل:
الجفاف / تناول مواد غذائية وعقاقير معينة (سيأتي ذكرها لاحقاً) / انخفاض مستوى المواد الكيميائية المانعة لتكوين الحصى،
كل ذلك يؤدي الى ارتفاع نسبة تركيز هذه الأملاح المعدنية والحوامض، وبالتالي ترسبها وتكون الحصى.
ومن الأدوية التي يؤدي تناولها مدة طويلة الى تكون حصى الكلى، أذكر على سبيل المثال لا الحصر الأدوية التالية:
Acetzolamide, Furosemide, Indinavir والسلفا Sulfa بأنواعها المختلفة.
وأما المواد الغذائية الغنية بالأكسلات، فهي:
الراوند، والقهوة، والسبانخ، والخضراوات الورقية الأخرى.
الصورة السريرية
في أغلب الحالات تنتقل (تنزل) الحصوة تلقائياً عبر الحالبين الى المثانة، ومن ثم تخرج من الجسم عن
طريق الإحليل (الأنبوب الذي ينقل البول الى خارج الجسم).
ويؤدي تنقل الحصوة خلال المسالك البولية إلى حدوث الم شديد يسمى "مغص كلوي" Renal Colic. ويتطلب الأمر
في معظم الحالات نقل المريض الى غرفة الطوارئ لإعطائه سوائل عن طريق الوريد ومسكنات للألم خلال نوبة المغص.
وفي بعض الحالات تكون الحصاة صغيرة جداً بحيث تخرج الى خارج الجسم دون إحساس المريض بأي ألم.
وقد يؤدي تنقل الحصاة عبر المسالك البولية الى حدوث نزيف، وخصوصاً في حال كون الحصاة مسننة السطح.
غير أن هذا النزيف ما يلبث أن يتوقف تلقائياً في حال خروج هذه الحصاة.
وفي بعض الحالات تكون الحصاة كبيرة الحجم، بحيث تحتل مساحة واسعة من حوض الكلية. وأحياناً تأخذ
الحصاة شكل حوض الكلية بحيث يتعذر انتقالها من الكلى إلى المسالك البولية السفلى. وفي هذه الحالة يتطلب
الأمر التدخل الجراحي.
ومن
الأعراض والعلامات التي تصاحب نوبة الألم (المغص الكلوي)، ما يلي:
المفضلات