قد أنعم الله عز وجل على الإنسان بالإسلام ليكون به خروجه من ظلمته
وإلى فضيلته وبصيرته حتى يجد به طريقه إلى جنته..
وقد شرّع الله عز وجل للإنسان كل شئ ينتفع به وحرم عليه كل شئ يضر به
وميّزه عن سائر مخلوقاته فمنحه عقلاً يتفّكر به ويدرك منه
ما كان عليه وما كان له في أمور حياته ويعرف في ذلك كل حقوقه وحقوق غيره عليه.
فما كان الإنسان ليأتي إلى دنياه كاملاً وليس معصوماً من الأخطاء
التي تثبت أخطائه وذنوبه وأنه معرض لكل شئ وقابل لأي شئ قد يكون به
لأجل أن يعرف من خلال ذلك أنه جاء من أجل أن يمّتحنه ربه فأن أتبع الهدى
فاز بجنته وأن أتبع الضلال كسب عقابه ليكون من الخاسرين وبئس المصير.
ولم يضع الله شيئاً دون أن يتبعه الكثير من الحكم لترشد عقل
الإنسان إلى الطريق المستقيم الذي يجب أن يتبعه في جميع أموره..
وقد خلق الله آدم في بدايته وحيداً لا أنيس له في جنته
وحين استوحش من وحدته كان الله قريباً إليه أقرب من وريده لنفسه
فكان يعلم بحالته وبما كان يشعر به.. فخلق حواء من ضلعه
الذي فوق قلبه مباشرة وهو نائم والحكمة من نومه وقت خلقها
لأجل أن لا يراها وهي تخرج من جسده فيكرها.. وهذا الضلع
الذي جاءت منه مهمته هي حماية القلب كالبيت الذي يملك
سوراً ليشعر ساكنه بطمأنينة.. وليجد به ما يلملم له أشيائه
فجاءت حكمته بهذا لتخبرنا بأن المرأة سكن للرجل وراحة وطمأنينة
حتى يجد بها هدوءه وسكونه وفي المقابل يكون
على الرجل حرث أرضه والدفاع عنها واحترام كل ما فيها.
وقد شرّع الله له أربعة نساء أن وُجد فيه العدل بينهن وأن لديه القدرة على
إكمال حقوقهن المتوجبه في التعدد.. فيخبرنا من وراء حكمته أنه لم يشترط العدل إلا وأن
هناك من يفتقده ولا بستاطعة الجميع أن يعدلوا لتفاوت الأنفس فيما بينها..
حيث هناك من يقدر على ذلك وهناك ليس بمقدوره فعل هذا..
لأستنتج أن الله العزيز الحكيم لم يسمح لكل الرجال في ذلك التعدد من الزوجات إلا العادلين منهم..
والعدل صفه من صفات الله وأن كان هناك من البشر من يتصف بالعدل فيدل على أنه مؤمن بربه
وأنه رجلاً صالحاً يخشى خالقه.. فلا يظلم أحداً ويتمم جميع
الحقوق ليكون بهذا أحد من تقع عليه تلك الشروط المشروطة
في ذلك الزواج المتعدد بالنساء..
ولكثرة خذلان الرجال في ذلك العدل وعدم الإنصاف فيهم كرهت أكثر النساء مبدأ
ذلك التعدد لأسباب أجد أن أهمها أن الرجل قد عجز أن يمنح المرأة ثقته
في وقت جلبه لامرأة أخرى غيرها لتكون جارتها في كل شئ..
فوجدت نفسها أنها غير قادرة أن تثق به في ذلك..
لأن تقلبات الرجل كثيرة وقد أدركت وعاشت وسمعت الكثير من
تلك التقلّبات وهي كافيه لكي لا تجد مكاناً للثقة في داخلها
أو تقبل أن تشترك مع غيرها في زوجها في كل شئ.
ولو ننظر لفطرة المرأة لعذرناها كل العذر في عدم قبولها للتعدد ..
فأن فطرتها تفرض عليها أن ترفض كل ذلك .. فكل امرأة تحب زوجها
لا تقبل أن يشترك معها أحداً غيرها مع زوجها.. لأسباب كثيرة
أولاً لعدم ثقتها في عدله لأنها تعرف أنه يحبها كثيراً
فكيف يحب غيرها دامه لا يملك غير قلباً واحداً وقد أخبرها في ذلك
مراراً وتكراراً إلا أن كان يكذب في أمره. .
ومن أساسيات العدل هو ذلك الحب.. وهدا يعطيني أن صاحب
التعدد في الزوجات سيكون مميزاً في كل شئ حتى في الحب
لأن الله قد منحنه قدره بسبب إيمانه على العدل بكل شئ
وستدرك زوجته هذا ولن يتفهم إدراكها إلا من كان أخلاق
زوجه مثل أخلاق زوجها..
ثانياً عند زواج الرجل امرأة أخرى تكون صدمه كبيره لزوجته الأولى
وهذه الصدمة تشكّل أشياء كثيرة في داخلها أو رؤى كثيرة في عقلها ومشاعرها :
رؤية بأنها أصبحت غير مرغوب بها..
ورؤية أنها لم تستطع أن تمنح زوجها كل شئ..
ورؤية أنها تنقصها أشياء ولم تقدر على إرضاء زوجها..
ورؤية أنها قد فقدت زوجها ونار الغيرة بسبب حبها له تحترق بداخلها
وأن الأخرى جارتها قد تستولي على كل شئ وتحتل قلب وعقل زوجها..
ورؤية في خوفها بأن كل من حولها في مجتمعها قد يسّعده ليتشمّت في زواج زوجها عليها..
ورؤية تشعر بها في ذلك الظلم والاهانه والكذب والخيانة والتلاعب في مشاعرها..
ورؤية أن زوجها لم يعد ذلك الزوج الذي وجدته في داخلها وأن كل ذلك الحب الذي تكنه له
ذهب هدراً.. وغيرها من الرؤى والتي لا يشعر بحرقتها ولوعتها إلا صاحبتها..
ثالثاً أن تكوينها ورهافة إحساسها يجبرها على أن تتفرّد في حبّها له وأن لا يشترك أحداً معها في
أشياءها بحيث أنها تعلم أنه محرّم أن يشترك معها رجلاً آخر غير زوجها..
وتجد هذا أنه حق مشروع في تجنب الحرام ليجد الزوج حقه عند زوجته..
وفي نفس الوقت ترى هي أنه لا فرق بين البشر إلا بالتقوى وأن لها حقوقا مثلما للرجل حقوق
وأن لا يحق للرجل بالزواج من غيرها إلا للضرورة التي يتفقوا عليها جميعهم
أما بغير ضرورة لمجرد عبث وتجربة لا أكثر يشعرها بسلب حقوقها
ويجعلها تقول بسبب حرقتها وشعورها بالسلب أنه لا يحق للرجل
أن يتخذ امرأة أخرى ما دام لا يحق لي أن أتخذ رجلاً غيره مع تناسيها
لحق الرجل الذي شرّعه له ربه بسبب حرقتها وشعورها بذلك الظلم..
لأن بعض الرجال بالفعل يكون زواجهم مجرد تجربه وعبث مما يجعل المرأة تخرج من عقلها
وتقول ما لم يجب قوله وأني لوجود هؤلاء في عبثهم أني أعذرهن كل العذر..
ومن كان لديه الحق الحقيقي في الزواج من امرأة أخرى غير الحق الذي شرّعه له ربه في التعدد
لعذرته على زواجه فوق زوجته.. ولعذرته هي على جلبه شريكه لها..
ولكنها تعلم عنه ما لم يعلم عنه غيرها.. وبأنها كانت تعطيه جميع
حقوقه ولم تقصر بشئ من الأشياء التي يطلبها فكان من الظالمين لها
وجزاء الإحسان جزاء مثله بالإحسان.. لأن فعل الحق بالأصل
هو فعل إحسان وأن يقابله فعل مثله بالإحسان.
ومن حقوق الزوجة على زوجها أن لا يكون جاحداً فيما تقدمه
من كامل الحقوق له وأن لا يضربها الضربة القاضية في زواجه
من غيرها دامه يحبها ويحترمها ولا يحب أن يضايقها أو يجرحها بشئ
دامها تتعامل معه بكل الحب والوفاء والعطاء..
والله حين حلل للرجال أربعة من النساء لم يأمرهم بذلك.. وإنما ذكر أن ذلك حق من حقوقهم
فمن وجد منهم الضرورة في زواجه كان عليه أن يعرف أنه مؤمن
ليعدل وأن ذلك في الأخير هو حق له.. أي وقع الحق له في التعدد
أما لسبب عدم إنجاب زوجته أو لأنها لا تهتم به ومهملة في حقوقه أو لأنه لا يحبها.
وكان زواجه منها بغير إرادته إما إجبار من أهله أو من غيرهم
فتزوج ليجد راحة قلبه بمن يحب.. ولكن أكثر الرجال ركضوا
الى الزواج لمجرد انه حلل لهم ربهم ذلك.. ونسوا ما أمرهم في
التعدد فلم يعدلوا وكسبوا أنهم ظلموا غيرهم من زوجاتهم..
والرجال يختلفون في رجولتهم ويختلفون في عقولهم وبصيرتهم
ورؤياهم فالأمور تتفاوت فيما بينهم.
والحاجة عند رجل منهم تختلف عن حاجة رجل غيره.. فرغباتهم لا تتشابه
إلا في الشهوات والنزوات لهذا تكون نظرة الكثير منهم لا تتعدى شهوته أو
نزوته التي تنتهي ولا يجد بها قيمه.. فمن أحوالهم في أسباب تعددهم للزوجات :
أحوال كثيرة فمنهم من يكون زواجه من أخرى لغرض شخصي لأنه يرى في ذلك
رجولة إما ليثبت ذلك أمام نفسه أو أهله أو يثبته لبعض أصدقائه
ومنهم من يتزوج أخرى
لأن امرأة واحده لا تكفيه ولا تسدَّ له حاجاته في نظره حتى لو كانت ملبّيه لجميع طلباته..
لأنه لا يرى ذلك فرغبته تلح عليه وتخبره أن حاجته لا تكفيها امرأة واحده..
وهذه هي مشكلته القابعة في نفسيته وعقله ومشاعره.
ومنهم من تزوج من امرأه أخرى لغرض التغيير أو التبديل لأنه مضى على زواجه من الأولى
وقت طويل ولأنه يعيش الروتين حتى الملل نفذ منه صبره فتزوج بأخرى وعاده
تكون هذه الحالة في رغبتها لا تتعدى حالة الجماع وتلك النزوة الجماعية
لأن رغبته الحقيقية في زواجه هو التغيير لا أكثر .. وحين يمر شهر من زواجه الثاني
يكتشف أن زوجته الثانية لا تختلف كثيراً عن زوجته الأولى..
لأنه كان هدف زواجه هو الجماع وتجربة امرأة أخرى.. وكان يعتقد أن حياته ستتغير
وتكون أكثر سعادة ولكنه في النهاية بعد مرور زواجه يكتشف أن حياته الثانية هي نفس
حياته السابقة لم يتغير شيئاً بها مجرد شهر واحد من زواجه تمتع فيه لا أكثر
مثل أي زواج جديد يمر في شهره الأول.. وأنه لا فرق بين امرأته الثانية وبين امرأته الأولى.
فنظرته ونيته من التعدد كانت لغرض الجماع والتغيير لهذا أنه فشل في عدله.
ولكن هذا النوع من الرجال لن يتوقف.. سوف يتزوج من ثالثه ورابعة ولن يكتفي
لأن شهوته تقوده وهي البوصلة التي ترسله إلى جميع النساء ولن يكتفي بواحدة منهن.
لأن مشاعره وقلبه بسبب رغبته وشهوته قد تبرّمج على التعدد
ولن يتوقف وهكذا . . . هلم جرى
ومنهم من يتعدد بسبب مشاكله لأنه غير قادر أن يدير الأمور أو يستطيع أن
يسيطر عليها فأتعبته مشاكله مع زوجته.. والبعض منهم من ينصحه ويقول له أضرب النساء بالنساء !
ليجد راحة باله وهدوئه ويجد حسن المعاشرة بسبب حرب الزوجات فيما بينهن لكسب
قلب وعقل الزوج أكثر من الأخرى فيعزم على الزواج وحين تمر الأيام
يكتشف أن مشاكله قد زادت في حدها وتطورت إلى أكثر مما كانت عليه
فيشعر بتعبه وحيرته إلى أن يصل الأمر أنه يجد راحته خارج بيته.
مسكين كان يستمع إلى غيره أكثر من أن يستمع إلى نفسه أو يستمع إلى الحق أو إلى تلك
القدرة بأن يجعل التفاهم برجولته في شخصيته أن يقع بينه وبين زوجته
فيجد الحلول في مشاكله ونهايتها دون أن يكون بحاجه إلى أخرى ليجد فيها نهاية
مشاكله ولكنها قد زادت وضاع بين زوجاته ليكون بعد هذا من نشفق عليهم في أمورهم.
ومنهم من يتزوج ويتعدد ليثبت لنفسه أنه قادر بماله أن يفتح أكثر من بيت..
لأنه من النوع الذي يتعامل مع المشاعر معاملة الأرقام والحسابات
فيحب التعدد والكثرة في كل شئ كثرة الأموال كثرة
الزوجات كثرة الأولاد وغير ذلك..
ولكن هذا يضيع عنده كل شئ حتى الأبناء.. وهذا لا يختلف كثيراً
عن ذلك الرجل الذي يريد أن يثبت رجولته بتعدد الزوجات إلا
أن الأول لا يملك غير غروره في نفسه.. وعاده الغرور لا يصّلح
الأمور ويبتعد عن كل نيه صافيه.
ومنهم من يتعدد بالزوجات لأن زوجته غير قادرة على الإنجاب
ولكنه يحبها كثيراً ويرفض فكرة الارتباط بغيرها ولأنها تشعر
بعضمة حبه لها.. فهي هي من تلح عليه بأن يتزوج بغيرها
ليجد الأولاد.. لأنها واثقة بأنه لن يخذلها ويقوم بالعدل بكامل
حقوقها فهذا لا خوف على المرأة عنده.
ومنهم من يتعدد حتى يكون مثله مثل غيره أو ليشبه أباه أو أخيه الذي أكبر منه
حيثوا أنهم تعددوا الزوجات وكأنها وراثة يجب أن يتبعها
فهدا يجب أن تخاف المرأة على حالها عنده.
لأنه يتبع غيره ويحاول التشبيه به وعاده هذا من النوع لا تبقى قيمه أصيله
أوموقف نبيل عنده.. لأنه لا يعرف قيمه نفسه ويجهل ما يرغب به
فتكون المرأة عنده حائرة لا تعرف كيف ترضيه حتى لو قامت
بجميع طلباته وحقوقه.. فكان الله في عونها
ومنهم من يتعدد لضرورة البقاء مع أبناء أخيه المتوفي ليحافظ عليهم..
فيتزوج أمهم ولكن بشرط أن يكون بداخله قبل أي شئ هو
الهدف الانساني والولاء لأخيه.. فأن كان بهذا فلا خوف على
المرأة عنده.. فحتماً ستجد عنده ذلك العدل وعليها مراعاة ذلك
وأن تتفهم موقفه وتساعده على أكمال مهمته حينها سيعرف الرجل أنه
لا يزال يرى القيمة الاصيلة في زوجته الأولى مما تصبح زوجاته صاحبات عقل مميز
فيتفقوا على التفاهم بينهم.. مما يجد الزوج عندهم الاكتفاء والاغتناء بهم.
ومنهم من يتعدد لأنه لم يجد الحب .. ولاحترام أهل زوجته أما لقرابة أو غيرها أو
خوف من ربـّه لوجود ضميره.. فلم يسرّح أمرها
وخصوصا أنها تعرف أنها لم تستطع أن تجعله يحبها أو هو لم يقدر
على أن يتقبّل حبها أو التعامل معها في مشاعرها..
لأنه بمرور كل ذلك الوقت بينهم.. لم يقدروا على التفاهم بينهم ولم يتكوّن
ذلك الحب الحقيقي بينهم.. ليربط ما كان فيما بينهم من سلوك وموقف وتعامل وإحساس
غير أنهم اعتادوا على مشاعر الغربة في حياتهم.. وكل هذا هم فيه
لا يدركون حقائقه ولا يعرفون سبب تلك العلّة التي تحيل بينهم
فقط يعرفوا أنهم لم يتقبلوا بعضهم فأختار كلاً منهم برغم جمعتهم
عالماً أو مكاناً خاصاً بهم.. ويفتقد للأبواب والنوافذ فلا يستطيع
الطرف الآخر أن يتسلل إليه أو يستطيع أن يرسل إليه بعض المشاعر الدافئة التي
تربط بينه وبينها.. فعجز كلاً منهم على إسعاد الآخر..
مع أنهم بعيدين عن المشاكل التي تزيد من حدة التوتر بينهم
فقط كان الصمت يحتل أكثر أوقاتهم وكأنهم ضيوف التقوا
بمكان واحد.. ويحاول كلاّ منهم أن يفهم حياة الآخر إلى أن يأتوا الأبناء
فيأخذوا أكثر أوقات أمهم أو أبيهم.. فيبعثروا لهم هدوئهم بسبب ذلك الانتماء
وبسبب شقاوتهم فيسقط آخر ركن من أركان صمتهم وسكونهم
فتبدأ تلك المشاكل تتسرب نحوهم شيئاً فشيئاً.. مع أن الزواج والأبناء
استقرار لحياة المرء ولكن لغياب الحب والتفاهم جعل ذلك الاستقرار مملاً
يحتضن ذلك الروتين الذي لا ينفذ منه شعور بالحب أو متعة في المشاعر غير أنه
إحساس بالمسؤولية والتي تتزايد مهمتها كل يوم تفكيراً وقولاً وعملاً
فيحاول الرجل أن يجد الحب عند غيرها.. ولكنه للأسف يخطي مره أخرى
دون أن يشعر بتكرار خطئه فيتزوج من أمراه أخرى بنفس الطريقة التقليدية
فيقامر ويدخل بحياة جديدة ونسي أن الزواج لا يجب المقامرة فيه
ولكن يبدو أن نصيبه قد أرسله فيبدأ حياته.. ومع مرور الوقت
يكتشف أنه لا فرق بينها وبين حياته السابقة إلا أنه بعد تجربته الاخيره
قد كشفّت له الفرّق بين زوجته الأولى وبين زوجته الثانية..
فأكتشف حينها في زوجته السابقة أنه يحبها حباّ كان يجهله وهي
كانت بالمثل فبعدما تزوج عليها أدركت مشاعرها وعرفت أنها لن تستغني عنه..
وأنه لا يمكنه أن يجد غيرها.. يجد عندها ذلك الصبر الذي صبرت عليه زوجته الأولى
فكان في حياته الثانية أكثر تعقيداً وأكثر مشاكل فلم يستقرَّ له مستقرّ وانتهى في طلاقه.
فبعض التجارب الجديدة هي رحمه على أصحابها ليعرف المرء
ما كان عليه وما أصبح فيه.. فانكشفت له تلك القيم التي كان
لا يدرك قيمتها ولا يعرف كيف الوصول إليها.. لأن ذلك الحب
يحتاج إلى عطاء وعناية يوميه.. ليشعر المرء بسعادة وقد كان
محجوباً لعدم ذلك التفاهم.
هنا أن التعدد قبل أن يكون أي شئ هو احتياج إنساني مقنع في تواجده وضرورته
وليس مجرد تغيير أو تجربه أو أن يهدف إلى غرض شخصي يتجرد منه كل
هدف إنساني أو كل قيمه أصيله.. أنه حياة يتوجب بها العدل والاحترام
وصوّن كل القيّم الإنسانية التي تثبت أن الإنسان مازال إنساناً
يتطلّع إلى أن يكون ممن يرضون ربهم ودينهم ولا يكون ممن ظلموا غيرهم
فماتت فيهم ضمائرهم وكانوا من الخاسرين.
فلا يتعدد الرجل إلا أن كان عادلاً.. ويدرك جيداً كيف يتعامل
مع الأمور وقادر على أن يطوّع زوجاته على التفاهم والاستقرار بعيداً
عن كل تلك المشاكل.. ليكون بهذا الرجل الحقيقي الراعي المربي الذي
يدرك أن هناك سيكون أطفالاً.. وهم بحاجه إلى ضمان يضمن لهم
استقرارهم ويضمن لهم بيئة سليمة صحية تنعم بالحب بعيداً عن
كل تلك المشاكل التي قد تحدث بين الزوجات في ذلك التعدد
وقد تخلق عداوة بين الأخوة وتنافر في الوصل فيما بينهم..
فكل هذه الأشياء يجب مراعاتها قبل أن يخطوا الرجل خطوته في التعدد..
ويدرك جيداً أنه قد رتب أوضاعه وأموره في ذلك الشأن.
ولوجوب العدل في التعدد هو في الأساس لغرض المحافظة على
توازن الأمور فيه حتى ينتج حياة مليئة بالحب والتفاهم
ولا شك أن كل تعدد يفتقد لقوة شخصية الرجل وحكمة عقله
هو تعدد لا يمكن له أن يستمر وقد يفشل في بداياته مما يتسبب في
أضرار نفسيه وجسديه.
وأني بحثت كثيراً عن أسباب التعدد في حياة الرجل غير أسبابه في رغبته لإنجاب الأطفال
وجدت أن أهمها هو الافتقاد إلى الحب فهذا الحب هو ركائز الأشياء وبقائها على حالها
فلو كان الحب في حياة الرجل وأنه يحب زوجته حبّـاً جمّـاً
لوجدها أنها هي كل النساء في حياته..
ففي كل يوم بسبب حبه لها.. يراها جديدة عليه كليّلته الأولى معها
ولا يملّها أبداً.. فتغنيه عن كل النساء ولا يرى أن هناك من بين كل
النساء من هي أجمل منها ويترّقب كثيراً.. لكي يتفرّد بها..
لأن وقته في الحب معها هو الأجمل من أي شئ آخر..
فالحب هو الذي يفرض العدل في كل حياة ويجعل الأمور جميلة في
أعين أصحابها حتى لو مرَّ عليها أعوام كثيرة.. فأنها تبقى على جمالها
ولا تذهب روعتها في دفئها وحسنها وطيبتها.. ولكن بغير الحب
فأن الفاقد له كل يوم يعيش تجربه جديدة.. ويفتش في كل وجه
من الوجوه وكل قلب من القلوب ولن يكتفي بمكان إلا أن
يجد ذلك الحب الذي به الاستقرار الحقيقي.
وليس الاستقرار في التعدد الذي يخلوا من ذلك الحب.
وأن الحب هو علاج جميع أمراض مشاكل الإنسان في كل شئ
فأن كان يحب دينه ورسوله بكل ذلك الحب.. فسيتّبع أوامره
ويجتنب نواهيه.. وأن كان يحب عمله تقدم أكثر به وكان من
المبدعين فيه.. وأن كان يحب دراسته أصبح من المميزين بها
ففي الحب يعود على صاحبه كل شئ من تلك المحبة والنجاح والفلاح والتقدم.
والله أعلم.
والسلام.
المفضلات