بسم الله الرحمن الرحيم
لا أعلم لماذا لم تطبع بعض المخطوطات التاريخية لحد الآن مع أنها غنية بالمعلومات النادرة ومعاصرة الأحداث ومنها مخطوط النجم اللامع للنوادر جامع
تأليف محمد بن علي آل عبيد وهو من أهالي عنيزة في منطقة القصيم وشاهد عيان ومعاصر لأحداث الجزيرة العربية وماجاورها
في هذا المخطوط ستجدون مالاتجدونه في غيره من القصص والأحداث المغيبة فيما يخص قبيلة شمر وقد سبق وأن اقتبست في موضوع سابق لي قصة معركة حلّيت بين قبيلة شمر بقيادة الامير عبدالعزيز بن رشيد وقبيلة عتيبة وهي قصه عجيبة تبين شجاعة الجنازة الغير مستغربه
وهذي هي القصة الثانية من نفس المخطوطة لنفس الأمير لكن هذه المرة مع خصمه التقليدي عبدالعزيز بن سعود ومعه قبيلة عتيبة الكرام
حيث يسلسل صاحب المخطوطة الأحداث فيقول
(( ثم دخلت 1323هـ ثم أغار عبدالعزيز بن رشيد على عتيبة في أول 1323هـ ثلاث غارات في ثلاث شهور وكلها يقتل شيوخا ويغنم غنائم . من ضمن ماقتله من الشيوخ هم المحيا عيال سداح بن محيا وهم تركي ومتروك ثم بعد ذلك خشي عبدالعزيز بن سعود أن عتيبة ينطلقون من يده فنهض بغزو قليل مايزيد على المائة يريد أن ينزل مع عتيبة خوفا منه أن يتباعوا ابن رشيد فتشتد عليه الوطأة فصدف أن نجد كلها مجدبة في تلك السنة فأول مانزل على الروقة وهم على كبشان ثم أن مشايخ الروقة إجتمعوا وتركوا حجرة الثريا في وسط شعيب وهي الجبال المتشابكة فنزل معهم في ذلك المكان وكانوا يلتفون حوله وكان يقدم الحذر دائما من ابن رشيد وقد بقي محمد أخوه في بريده ومعه رجال من حاشيته ومن خدامه وقصده من إبقاء أخيه محمد في القصيم زيادة ثقتهم وكان قد أكد على أخيه محمد أن يتابع السبور على ابن رشيد فإن وجد عنده حركة نحو عبدالعزيز بن سعود فليسرع بالنذارة له حسب ما أمكنه ذلك ثم أن أخاه محمد أبقى جاسوسا مديما بالكهفة يدعى عاتق الرباب وكان ابن رشيد مخيما على الكهفة نفسها فتبلغ جاسوسه الخبر وتأكد أن عبدالعزيز بن رشيد يغادر الكهفة بعد الظهر غازيا على عبدالعزيز بن سعود وعربانه الذين معه فقد إنكشف الخبر لمن في الكهفة وكانوا في شهر رمضان من السنة المذكورة وكان الإمام قد أبقى عند أخيه محمد ذلوله المشهورة التي تدعى مصيحة فما علم محمد إلا والرباب يدخل عليه في بيته فقال له محمد هات خبرك فقال خذ مني الخبر الصحيح وهو أن عبدالعزيز بن رشيد مشى من الكهفة أمس قبل العصر قاصدا أخوك عبدالعزيز وعتيبة الذين معه فلما تحقق محمد بن عبدالرحمن أن ابن رشيد قد قصد أخيه إستدعى أحد خدامه وهو رجل من النفعة من برقا يقال له سّواد بن ركبان في تلك الساعة التي جاء بها الخبر فقرب له مطية أخيه عبدالعزيز المذكورة مصيحة فركبها سحرا من بريدة وكانوا في رمضان وكان حين ركب من بريدة لايعلم أين مكان عبدالعزيز من ديرة عتيبة ومر بالأثلة وفي نفي من ضحوته يسأل عن مكان عبدالعزيز فلا يجد من يعطيه الخبر عنه فدفعها إلى كبشان وعليها المراشدة من الروقة وهم عرب أبو خشيم وقد نزل وحلالهم في مراحه فحينما سألهم أفادوه بأن عبدالعزيز مع شيخان الروقة وأنهم كلهم متنازلين على حجرة الثريا فما أكل عندهم ولاشرب ولا أناخ فمن وقته ذلك أرخى لها حبالها وجعلها تضبح وتعدوا عدوا منكرا وكانت تعدوا وكأن السباع تنهش من أعقاب رجليها فوصلهم وقد مضى من الليل ثلثه الأول فأناخها على صيوان عبدالعزيز فلم يجد فيه إلا أخ له اسمه سعد فحينما رأى سعد مصيحة علم أنها لم تأتي إلا لأمر مهم فأخرج الكتب ليناولها سعد فقال له سعد ابقها في يدك حتى يحضر الإمام وكان الإمام متزوج تلك الليلة على بنت لطاس الضيط من مشايخ الروقة وكانوا قد أبرزوا له بيت شعر حجبوه عليه كعادة البادية. فقام أخوه سعد في الحال ومشى إلى البيت الذي فيه عبدالعزيز وكان أولاد الإمام عبدالرحمن الفيصل مشهورين بحسن الأدب لبعضهم فلما وصل قريبا من البيت الذي فيه عبدالعزيز تكلم له برفق وكان من عادته أنه قليل النوم فجاوبه عبدالعزيز من فوره بأن قال له ( خير ياسعد ) فقال سعد خير إن شاء الله هذا خادمك سّواد بن ركبان مرسله محمد على مصيحة ومع إحاطة عبدالعزيز بأن مصيحة لاتركب إلا للمهمات الجسيمة , رد عليه الإمام قائلا خير ياسعد هانذا ألبس ثيابي وأخرج عليكم فأنتم شبوا النار فقاموا على النار وأشعلوها فطلع عليهم عبدالعزيز فسلم عليه الخادم ومد الكتب بيده ولما قرأ عبدالعزيز أرسل خدامه كل واحد منهم إلى شيخ من شيخان الروقة ويدعيه للمشورة وكان عبدالعزيز من سجيته أنه ثابت عند نزول الشدائد وينظم أمره برباطة جأش فلما حضروا وقال لهم إني دعيتكم لخبر هذه الكتب وردت علينا من أخوي محمد من بريدة والمرسول هذا هو جالس ومطيته التي أتى عليها مصيحة ذلول شدادي ومحمد يقول في كتابه عدا عليكم بن رشيد أمس العصر راح من الكهفة وأنا أعلم أنه مايريد إلا أنا ولاتغير خيله على عرب قبلي أنا ومن نزل معي ولكن أعطوني رأيكم وكان شيخان الروقة عنده كثيرين فمنهم عبدالرحمن بن تركي بن ربيعان ومارق بن صنيتان الضيط وفاجر بن شليويح وعفاس بن محيا وشلّيل بن نجم وبجاد أبو خشيم وضيف الله بن رازن وضيف الله بن تنيبيك ودعيج بن جبار الغنامي وفارس الزعاق وسويد بن طويق وغيرهم من الرؤساء فلما تكاملوا عنده قال عطوني رأيكم فبدأه بالرأي عبدالرحمن بن تركي بن ربيعان وكان أكبرهم سنا قال نركب على الخيل ونجمع علينا الشاذ من عرباننا ثم نحط بالإبل على عقالين ثم نخلي له البيوت وتظهر جموعنا وخيولنا رزمة وحدة ثم إذا أصبح انقضينا عليه وبأمر الله نهزمه . فقال عبدالعزيز هذا رأي ولكنكم إعرضوا علينا غيره فتكلم مارق بن صنيتان الضيط بأن قال ياعبدالعزيز أنا متأكد أن ابن رشيد معه قومان وأكثرها الخيل والرأي عند الله ثم عندي لأني أعرف يقينا انه مايعرف صباحه باكر علينا هذا وماأدري لعل سبوره تديرنا هذه الليلة وكان الملك عبدالعزيز يستمع لرأيه فقال أني أرى ياعبدالعزيز أن أطيب الرأي عندي فأنت وهؤلاء الشيخان الحاضرين فأقول إنك إنت وأتباعك وخيامك أمير هذه الساعة وتوكل على الله وحنا نخلي الإبل تسري بها الخيل معك وحنا نقفاكم بالبيوت والغنم وآخر وعد لكم النير لأن حنا بدو وضارين بالهجايج فوافق هذا الرأي عبدالعزيز وكان عبدالعزيز لاينساه لمارق الضيط .....
وحينما طرح مارق الضيط هذا الرأي بمجلس الإمام عبدالعزيز رضيوه جميعا حينما رأو أنه موافق للإمام فإنفض مجلسهم على ذلك ومن ساعتهم شلعوا أطناب الخيام بعد مامضى من الليل نصفه ثم سروا جميعا كما ذكرنا فأما العرب البدو فهم حينما سرت إبلهم تبعوها بالمظاهير وكتبت لهم السلامة جميعا أما ابن رشيد فقد صّبح موضع العرب وضلت غارته فلم يصل منزلهم إلا وقد خار النهار وإحترت الشمس وكفاهم الله شره , ولكنه بعد هذه الغارة إنقلب على مطير الصهبة وهم على الرضم ورؤسائهم بن ضمنة وابن درويش وابن قرناس وأبو قرنين فخفرهم وأخذ منهم ستة وعشرين فرسا وأخذ كرائم إبلهم كما هي عادة الخفر. ثم إنقلب على الكهفة التي هو رجع منها .
وأما سجية عبدالعزيز بن سعود فإنه شراد وراد لايرى من الشردة عيب متى ألجأته الضرورة لها فكان يرى أن الهزيمة التي تقارنها السلامة هي بمثابة نصر له فيشرد حينما ألجأ ته الضرورة على الشردة ويرد حينما يرى ثمرة للورود يجنيها من عدوه ... ))
من مخطوط النجم اللامع للنوادر جامع
تأليف محمد بن علي آل عبيد
أحداث عام 1323هـ
الجزء الثاني الصفحة 163 حتى167
..........................................................
وعن شجاعة الأمير عبدالعزيز المتعب آل رشيد
عام 1324هـ ويقصد معركة روضة مهنا يقول المؤلف
( ثم عزم ابن رشيد سنة 1906م على أن يهاجم ابن سعود مرة أخرى وبدأ يجمع جيشا قوامه أكثر من عشرين ألف مقاتل وإلتحقت به قبيلة شمر كلها من أقصى شمال منطقة جبل شمر كما التحق به به عدد من قبائل أخرى أصغر منها , وأصبح لديه مالا يقل عن الفين وخمسمائة فارس من خيرة فرسان شمر , وحين علم ابن سعود باستعدادات عدوه قام فورا بجعل قواته مهيأة للحرب .
وحوالى ذلك الوقت بعث ابن رشيد رسالة الى ابن سعود يقول فيها : أنه من العار على رجلين مسلمين أن يتسببا بإراقة دماء لاضرورة لها في حرب دامة بينهما . وإقترح أن تحل المشكلة القائمة بينهما بمبارزة شخصية يحصل الفائز فيها على كل شيء . وكان ذلك الإقتراح مغريا لابن سعود الذي كان محاربا ماهرا , لكنه لم يكن واثقا بابن رشيد ولذلك رفض الاقتراح بلباقته المعهودة . وكان أن أثنى في جوابه على شجاعة عدّوه وعلّق على الموقف بقوله : أن ابن رشيد بشجاعته المتهورة كانت لديه رغبة في الموت بينما أريد أنا الحياة وأن رجلا يريد أن يحيا لايسلك سبيل الحكمة إذا نازل رجلا يريد أن يموت , وعلى أية حال فإن الامر كله بيد الله وهو وحده المقدر لنهاية النزاع . )
كتاب توحيد المملكة العربية السعودية
تأليف محمد المانع صفحة 58
................................
أيضا نرى هذا النص
(ويذكر أن ابن رشيد قد تحدى ابن سعود في أكثر من مناسبة لحسم القضية بمبارزة شخصية, إلا أن منافسه الحذر الصبور لم تستهوه هذه الافكار الرومانتيكية الرعناء.
وفي 11 نيسان 1906 فاجأت قوة سعودية ابن رشيد في مخيمه تحت غطاء عاصفة رملية, كان بإمكان الأمير إنقاذ نفسه بالفرار إلا أنه رفض واختار الموت , أطلق صيحة الحرب وأحاط به أعداءه . خلفه ابنه متعب البالغ الثامنة عشرة من العمر. ويظهر أن الأتراك كانوا يدفعون إعانة شهرية مقدارها (200) باون إلى متعب بن رشيد و( 90 ) باون إلى ابن سعود . )
من كتاب حرب الصحراء
تأليف جون غلوب باشا
ترجمة صادق عبد الركابي صفحة 56
.................................................
نايف الصنيدح
9/9/1433هـ
يسمح بنقله
.
المفضلات