[align=justify]فلله وقت ذوّب الغشُّ ناره
فلم يبق إلا صارم أو ضبارمُ
المتنبي
يئن (شطي) ، ويشتكي (جاسم) ، وتبكي (ريان) ، وقبلهم كثيرون ، وسيأتي بعدهم كثيرون بلاشك ، اعتدنا مؤخراً بين فترة وأخرى أن نقرأ مناشدة طفل أو شاب من البدون لا يريد أكثر من حقه في الحصول على مال أو جواز سفر للعلاج من مرض لا يرحم ضعفه وفقره في ظاهرة تسوّل أجبر البدون عليها فعدوهم ربما يتلذذ بمثل هذه المناظر ويفرح برؤيتهم يقفون في طوابير اللجان الخيرية ليشعر نفسه ولو مؤقتاً بأن الرؤوس لم تتساوَ بعد ، وأن العين لا ينبغي لها أن تعلو على الحاجب ، وأن قصار العمر يجب أن يقدموا الحديث بين يديهم بكلمة (طال عمرك) .
يشتكي أبناء البلد المخلصون الأوفياء من البدون من ضيق ذات اليد في حين تثبت الوثائق أن الملايين من أموال البلد كانت تصرف بلاحسيب ولا رقيب ، ولأناس معروفين ومغمورين ، ولأسباب معلومة ومجهولة ، وأبناء البلد المخلصون الأوفياء يكتفون بالنظر والحوقلة ، فهم أولى من غيرهم بهذا المال وكيف لا وهم من ساهم فعلا في بناء هذا البلد وحمايته والدفاع عنه منذ نهضته الحديثة .
أبناء البدون يقاسون من أجل لقمة عيش كريمة ، لفظتهم قلوب اصحاب القرار حين احتضنتهم قلوب الدوارات ليبيعوا فيها (البَنَك) ، وطردتهم الوزارات والشركات حين آمنت بقدراتهم الأرصفة وسمحت لهم ببيع الخضار والفواكه ، لا يحمل أحدهم في جيبه دينارا واحداً ، في حين أن الملايين كانت تحول لـ(كاذب) يناقض وصفه اسمه ليزور الحقائق في جنيف ، وليظهر المظلوم في صورة الظالم ، والمغدور به في صورة الغادر ، وليعطي المتنفذين من الهبات التي إن رأتها العيون استحت عن الكلام بعدها الألسن ، وليطعمهم من وجبة (سدّ الحنك) قليلا ..... وما يخدم بخيل !!
سنون تتلوها سنون ، ولا زالت الكذبة التي يرددها البعض من أن حل قضية البدون مكلف مالياً على البلد تنطلي على السذج من الناس ، ويقتنع بها غير المتابعين للأحداث ، وإن المتابع بتمعن ليجد أن البلد أنفقت عبر بعض رؤوس الفساد فيها الأموال الطائلة ولا زالت تنفق ، من أجل محاولة تحسين صورة البلد – زعموا – في قضية البدون وتصوير البدون على أنهم ليسوا أصحاب حق ، ولو أنهم أنفقوا تلك الأموال لحل القضية لأصبحت الآن من أحاديث الماضي ، ولكانت الآن في طي النسيان ، ولكن (أليس منكم رجل رشيد) ؟!
إن شمس الحقيقة مهما غطتها غيوم الزيف والتزوير لمشرقة لا محالة ، وإن ليل الظلم والجور وقلب الحقائق مهما طال واسود جانبه ، فإن آذان الفجر قادم لا محالة ليحزن كل وسواس خنّاس ، ويفرح المضطهدون من الناس ، وإن غبار الكذب والغش والخديعة مهما طال ، فلابد للجو أن يعود صحواً على خلقته الأولى ، ولا بد لطيور المحبة أن تشدو فوق أغصانها في أعشاشها حيث مسقط رأسها ، وإن اليوم مهما طال فلابد أن يتبعه غد ، وإن سكتت الأفواه اليوم فسيختم عليها غداً لتتكلم بدلاً عنها الأيدي فتشهد بما بطشت ورشت وزورت وأخفت من الحقائق ، وعندها سيفرح المؤمنون وسيضيق ذرعاً الكاذبون الأفّاكون ، وسيعلم الذين ظلموا يومها أي منقلب ينقلبون .
[/align]
المفضلات