بسمـ الله الرحمنـ الرحيمـ
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
قـد يـسـأل سـائـل :
مـا الـحـكـمـة فـي أن الـدجـال مـع كـثـرة شـره وفـجـوره وانـتـشـار خـبـر أمـره
ودعـواه الـربـوبـيـة وهـو فـي ذلـك ظـاهـر الـكـذب والإفـتـراء ، وقـد حـذر مـنـه
جـمـيـع الأنـبـيـاء ، لـم يُـذكـر فـي الـقـرآن ويُـحـذر مـنـه ويُـصـرح بـاسـمـه ويُـنـوَّه بـكـذبـه وعـنـاده
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
الـجــواب
أولا ... أن الله قـد أشـار إلـى ذكـره فـي قـولـه تـعـالـى
{ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ... الأنـعـام : 158 }
قـال أبـو عـيـسـى الـتـرمـذي فـي تـفـسـيـر هـذه الآيـة
فـي نـقـلـه حـديـث عـن أبـي هـريـرة رضي الله عـنـه عـن الـنـبـي صلى الله عـلـيـه وسـلـم قـال ...
{ ثـلاث إذا خـرجـن لـم يـنـفـع نـفْـسـا إيـمـانـهـا لـم تـكـن آمـنـت مـن قـبـل أو كـسـبـت فـي إيـمـانـهـا
خـيـرا ، الـدجـال والـدابـة وطـلـوع الـشـمـس مـن الـمـغـرب ــ أو مـن مـغـربـهـا }
حـديـث حـسـن صـحـيـح / أخـرجـه / مـسـلـم ، والـتـرمـذي ، والإمـام أحـمـد
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
ثـانـيـا ... أن عـيـسـى ابـن مـريـم يـنـزل مـن الـسـمـاء الـدنـيـا فـيـقـتـل الـدجـال
وقـد أشـار الله إلـى نـزول عـيـسـى عـلـيـه الـسـلام فـي قـولـه تـعـالـى
{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ
وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ
إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ... الـنـسـاء : 157 }
{ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ... الـنـسـاء : 158 }
{ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ... الـنـسـاء : 159 }
وقـد ذكـر ابـن كـثـيـر فـي تـفـسـيـره ، أن الـضـمـيـر فـي قـول الله تـعـالـى { قَبْلَ مَوْتِهِ }
عـائـد عـلـى عـيـسـى ، أي سـيـنـزل إلـى الأرض ويـؤمـن بـه أهـل الـكـتـاب الـذيـن اخـتـلـفـوا فـيـه
اخـتـلافـا مـتـبـايـنـا ، فـمـن مـدعـي الإلـهـيـة كـالـنـصـارى ، ومـن قـائـل فـيـه قـولا عـظـيـمـا وهـو
أنـه وُلِـد ريـبـة وهـم الـيـهـود ، فـإذا نـزل قـبـل يـوم الـقـيـامـة تـحـقـق كـل الـفـريـقـيـن مـن كـذب
نـفـسـه فـيـمـا يـدعـيـه فـيـه مـن الإفـتـراء
وعـلـى هـذا فـيـكـون ذكـر نـزول الـمـسـيـح عـيـسـى ابـن مـريـم عـلـيـه الـسـلام
إشـارة إلـى ذكـر الـمـسـيـح الـدجـال شـيـخ الـضـلال ، وهـو ضـد مـسـيـح الـهـدى
ومـن عـادة الـعـرب فـي لـغـتـهـم أنـهـا تـكـتـفـي بـذكـر أحـد الـضـديـن عـن ذكـر الآخـر
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
ثـالـثـا ... أنـه لـم يـذكـر بـصـريـح اسـمـه فـي الـقـرآن احـتـقـارا لـه حـيـث يـدعـي الإلـهـيـة
( تـبـارك الله وتـعـالـى فـي جـلالـه وعـظـمـتـه وكـبـريـائـه تـنـزيـهـا عـن كـل نـقـص )
فـكـان أمـره عـنـد الله أحـقـر مـن أن يـذكـره وأصـغـر وأدخـر مـن أن يـحـكـي عـن أمـر دعـواه ويـحـذِّر
ولـكـن الله اكـتـفـى بـإخـبـار الأنـبـيـاء فـكـشـفـوا لأمـمـهـم عـن أمـره وحـذروهـم مـنـه ومـا مـعـه مـن
الـفـتـن الـمُـضِـلـة والـخـوارق الـمـضـمـحـلـة ، وتـواتـر ذلـك عـن سـيـد ولـد آدم إمـام الأتـقـيـاء
عـن أن يُـذكـر أمـره الـحـقـيـر بـالـنـسـبـة إلـى جـلال الله فـي الـقـرآن الـكـريـم ووكـل بـيـان أمـره إلـى كـل نـبـي كـريـم
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
قـد يـسـأل آخـر فـيـقـول ...
قـد ذكـر الله ، فـرعـون فـي الـقـرآن وقـد ادعـى مـا ادعـاه مـن الـكـذب والـبـهـتـان
حـيـث قـال { أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ... الـنـازعـات : 24 }
وقـال { يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ... الـقـصـص : 38 }
والـجـواب
أن أمـر فـرعـون قـد انـقـضـى وتـبـيـن كـذبـه لـكـل مـؤمـن وعـاقـل
وأمـر الـدجـال ، أمـر سـيـأتـي وكـائـن فـيـمـا يُـسـتـقـبـل مـن الـدهـر فـتـنـة واخـتـبـارا لـلـعـبـاد
فـتـرك الله ذكـره فـي الـقـرآن احـتـقـارا لـه وامـتـحـانـا بـه
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
ــ ــ * ــ ــ * ــ ــ
المفضلات