الحمدُ للهِ (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ هو وحدَه لا شريكَ له ( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى) سُبحانَهُ يعلمُ دبيبَ النَّملِ في الليلَةِ الظلماءِ إذا سرى ، واشهدُ أن نبيَّنا محمداً عبدُهُ ورسُلُهُ أمامُ الهدى ، صلى اللهُ وسلم عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الأُمناء ، ومن سار على نهجِهم المباركِ ثم اهتدى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً): أمـا بـعد: أيُّها الأحبةُ في الله ، فَإنَّ الناسَ ، يمتلكونَ أشياءَ خاصةً بِهِم ، لا يُشارِكُهُم فيها أحد ، وهي بُيوتُهم ومنازِلُهم ، وأما الطُرقاتُ والشوارعُ ، فهي من الحقوقِ المشاعةِ بينَ النَّاسِ ، للناسِ حقٌ فيها ، مثلمَا لك حقٌ فيها ، ليس لك أن تتصرفَ فيها كيفما شئتَ ، تسيرُ بأي سُرعةٍ أردتَ ، وتتجاوزُ من شئتَ متى ما شئتَ ، واللهُ عزَّ وجلَّ ، لما أنعمَ على الناسِ بنعمةِ المواصلاتِ ، ويَّسرَلعبادهِ صُنعَ السيارةِ والطائرةِ ، وغيرِهِمَا من وسائلِ السفرِ والحلِ والترحالِ ، قال لهم (لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ *وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ) فَكان من الواجبِ على الناسِ ، قُبالةَ هذهِ النِّعَمِ العظيمةِ ، أن تخشعَ قلوبُهُم وتخضَعَ رقابُهم ، شكراً لربِهِم وخالقِهِم الذي يسرَ وسَخّرَ لهم ذلك ، بعدما كانوا زمناً من أعمارِهِم ، وسلفاً من أُمَمِهِم يتكبدون المشقةَ والعنتَ ، في سبيلِ أن يرتَحِلوا من مكانٍ إلى آخرَ ، وينتقلوا من فجٍ إلى فجٍ ، فتقاربتْ الْمُدنُ ، وتجاورتِ البُلدَانُ ، وصارتِ الحاجاتُ تُقضى بيُسرٍ وسهولَةٍ ، بسببِ رحمةِ اللهِ وشفقتهِ بعبادهِ ولكِنَّ الناسَ في خضمِ هذه الوسائلِ واستخدامِها ، نسوا شُكْرَ هذه النعمةِ ، وتقديرَ هذا الفضلَ ، فأصبحت هذهِ النِّعَمُ نِقَماً ، وشراً ووبالاً على الناسِ ، صارَ في كُلِّ يومينَ أو ثلاثةُ ، يُصَلَّيَ في الجامعِ على مجموعةٍ من النَّاس ، يَموتونَ في حوادثَ مُرُوريةٍ أليمه ، في يومٍ واحد صليَّ في جامع برزان العصر على ستِّ جنائز والمغرب على ثلاث عشرةَ جنازه ، والذي في صلاة المغرب نتيجةُ حادثٍ واحد حادث الطالبات الجامعيات التي ذهب ضحيته أثنا عشرَ طالبةً وسائِقا المركبتين ، فإلى متى ونَحنُ نسيرُ ، في هذا الحصادِ المأساوي الأليم ، واللهُ عزَّ وجل يقول (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ) ويقول سُبحانه (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول{إن دماءَكم وأموالَكم عليكم حرامٌ كحرمةِ يومِكم هذا في بلدِكم هذا في شهرِكم هذا آلا هلْ بلغتُ؟ اللهم فأشهدْ} أرواحٌ تُزهقُ ، ونساءٌ تَتَرمَّلُ ، وأُسَرٌ تَفنى ، وأطفالٌ تُيتمُ ، وأمراضٌ مُزمنةً ، وإعاقاتٌ مستديمةً ،بسببِ التهورِ وعدمَ المُبالاتِ ، في أنظمةِ السير ، عصيةَ اللهَ جلّ وعلا بارتكابِ الأسبابِ التي تُخِلُّ بنظامِ السّيرِ، وعصيةَ وليُّ الأمرِ فيما وضَعَهُ من نظامٍ يكفلُ بتوفيقِ اللهِ للسَّيرِ ، الانتظامَ وأداءَ المهمةِ ، مَا حالُ أطفالٍ في مُستقبلِ الحياةِ ، وشبابٍ في نضرةِ العمرِ ، فقَدُوا عائِلَهم ، وما حالُ المرأةِ ، وقد فقدتْ من يَرعَاهَا وأطفالَها ، وماحالُ الوالدينِ ، وقد زهقتْ روحُ شابِّهمُ اليافعِ ، وحبيبُهما الأملُ ، ما حالُ الأسرةِ ؟ وقد حلَّ بها مُعَاقٌ ، علاجُهُ مُكْلِفٌ ، والكدُّ عليه مُرهقٌ ، أصبحَ مُقعداً عَاجِزاً ، عالةً على أهلِهِ ومجتمعِهِ ودولتِهِ ، حَسرةً في القلوبِ ، بسببِ فعلٍ مُتهورٍ، وتَصَرُفٍ طائشٍ ، وعملٍ غيرِ مسؤولٍ ، إن حوادثَ الطرقِ أيها الإخوةُ في الله ، حَربٌ مُدَمّرةٌ ، بمعداتٍ ثقيلةٍ ، تُنزَفُ بها الدماءُ ، وتُستَنزَفُ فيها الثَّرواتُ ، فما تَستَقبِلُهُ المستشفياتُ والمقابرُ ، وما تحتضنُهُ ملاجئُ الأيتامِ ، ودورُ الرعايةِ الاجتماعيةِ ، كلُّ ذلك أو جلُّهُ ، ضَحَايَا التهورِ وعدمِ المسؤوليةِ ، فأوقِفوا إراقةَ الدماءِ وقتلَ الأنفس ، فَإنَّ النتائِجَ كما ترون وتسمعون ، قَطْعٌ للأيادي ، وبترٌ للأرجلِ ، وكسرٌ للعظامِ ، وموتى ومشلولونَ ، ومُقعَدُونَ ، في صُورٍ مأساويةٍ يصحبُها دموعٌ وآهاتٌ ، وتقلباتٌ وأنّاتٌ ، مَركَبَاتٌ متنوعةٌ ، ووسائلُ نقلٍِ مُتعددةٌ ، يُساءُ استخدامُها، ويقودُها من لا يَقْدِرُها حقَّ قدرِها ، فتحصدُ الأرواحَ ، وتَهْدِمُ الممتلكاتِ ، ونتائجُها هلكى ومعاقونَ وعجزةَ ، فهل كانَ ذلك باعثاً لنا على التأملِ والاعتبارِ ؟ أإلى هذا الحدِّ نتتساهلُ بأرواحِ أبنائِنا وفلذاتِ أكبادِنا في هذا المضمارِ ؟ ، تأملْ يا عبدَ اللهِ كم من الأثامِ ستجني ، وكمْ من الحسرةِ ستلاحقُكَ طوالَ حياتِكَ ، إن كان قلبُكَ حياً ، حين تتسببُ في قتلِ ابنك ، أو يتسببُ هوَ في قتلِ عائلٍ لإسرةٍ كاملةٍ ، ينتظرُهُ الشيخُ الكبيرُ ، والطفلُ الصغيرُ، فتكونَ سبباً في هلاكِهم وحرمانِهم ، باستهتارِكَ وتفريطِكَ ، نَعَم إنَّ ما قدرَهُ اللهُ لا بدَّ أن يكونَ ، ولكن حينَ يقعُ القدرُ وقد عُمِلتِ الأسبابُ ، يرحمُكَ كلُّ محبٍّ ، ويُشفِقُ عليك كلُّ صَديقٍ ، ويعوضُكَ اللهُ خيراً ، نعم تُعتَبرُ مُفَرِطاً ، إذا سلّمت السيّارةَ ، لصغارِ السنِّ أولِقُصّر العقولِ ، وقد رأينا هذا وترونهُ أنتُم ، ويراهُ كُلَّ أحد ، يَتجاوزونَ إشاراةِ المرورِ الحمراء ، ويَعبثُونَ بالسيارات ، فتقعُ أمورٌ شنيعةٌ ، وحوادثٌ مريعةٌ ، فهلاَّ حزمنا أمرَنا وكنَّا صارمينَ مع من ولانا اللهُ رعايتَهم ، فنمنعُهم من القيادةِ إن رأينا منهم عبثاً ، ونسمحُ لهم بها إن أآنسْنا منهم رُشداً ، وأعوذُ بالله من الشيطانِ الرجيم ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم
الحمد للهِ ، حمداً يَلِيقُ بكريمِ وجهِهِ ، وبعظيمِ سلطانهِ ، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، كما يُحِبُ الرَّبُ ويرتضيه ، أشهدُ أن لا إله إلا هو سبحانه لا شريك له ولاندَّ له ولاشبيه . وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، وصفيُهُ وخليلُهُ ، نبياً شرحَ اللهُ صدرَهُ ، ووضعَ عنه وزرَهُ ورفعَ ذكرَهُ . صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وأصحابِهِ ، الطيبينَ الطاهرينَ ، وعلى من سارَ على نهجِهِم إلى يومِ الدينِ ، وسلم تسليماً كثير اً : أما بعد :أيُّها الأخوةُ في الله فإن ولاةَ الأمرِ في هذهِ البلادِ بل وفي كلِّ بلدٍ بحسبِهِ ، وضعوا نظاماً للمُرُورِ ، وألزموا النَّاسَ بهِ ، حِفاظاً على سلامتِهِم ، وحقناً لدمائِهِم ، وحِفظاً لِمُمتَلكَاتِهِم ، ووُضِعَت أسابيعُ المرورِ ، تنشيطاً لهذا الدّورِ ، ورفعاً لمستوى الإلتزامِ بهِ ، وتوعيةً للناسِ بالمفاسدِ الناجمةِ من عدمِ التقيدِ به ، وما سَعَى ولاةُ الأمرِ هذا السعيَ التوعويَ ، إلاَّ من أجلِ سلامةِ الناسِ ، لأن السياراتِ أهلكتَ الناسَ ،في هذا البلَدِ على وجهِ الخصُوصِ ،و في البلادِ العربيةِ على وجهِ العُموم ، وبلغت نسبةُ الحوادثِ عندنا ، رقماً خَيالياً ، جاوزَ مُعدَلاَتِ القَتلى في الحروبِ ،فأوقفوا الدماءَ ياأُلِ الألباب،جعلني الله وإيّاكُم من (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) وصلوا وسلِّموا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، بقولِهِ سبحانه ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تُسقِنا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أنزلْ علينا الغيثَ ولا تجعلْنا من القانطينَ . اللهمأغثْنا، اللهم أغثْنا، اللهم أغثْنا، اللهم أغثْنا غيثاً مُغيثاً هنيئاً مريئاً مريعاً سحًّا غدقاً طبقاً عاماً واسعاً مجللا ، نافعاً غيرَ ضارٍ، عاجلا غيرَ آجلٍ ، اللهم أغثْنا غيثاً مباركا، تُحيي بهِ البلادَ، وتسقي به العبادَ ،. وتجعلْه بلاغاً للحاضرِ والبادِ ، اللهم اسقِ عبادَك وبهائمَك ، وانشرْ رحمتَك ، وأحييبلدَك الميتَ، اللهم سُقيا رحمةٍ ، لا سُقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ. اللهم ارحمِ الشيوخَ الركعْ، والبهائمَالرتعْ، والأطفالَ الرضعْ ، اللهم اكشفْ الضُرَّ عن المتضررينَ، والكربَ عنالمكروبينَ، وأسبغِ النعمَ، وادفعِ النقمَ عن عبادِكَ المؤمنينَ. (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) ،( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) عبادُ الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
المفضلات