وقف أبو سليمان جمال الدين بن مالك الصرصري يوما على المنبر
ولما وقف قال ، ولم يكن يدري ، أن أحدا سيكتب قوله
ارتجل قائلا قصيدته المعروفه بتوبة وندم :-
أنا العبد الذي كسب الذنوبا ؛ وصدته الأماني أن يتوبا
أنا العبد الذي أضحى حزيناً ؛ على زلاته قلقـاً كئيبـا
أنا العبد الذي سُطرت عليه صحائف لم يخف فيها الرقيبا
أنا العبد المُسيء عصيت سراً فمالي الآن لا أبدي النحيبا
أنا العبد المُفرط ضاع عمري فلم أرعَ الشبيبة والمشيبا
أنا العبـد الغريق بُلُج بحـرٍ أصيح لربما ألقى مجيبـا
أنا العبـد السقيم من الخطايا وقد أقبلت ألتمس الطبيبا
أنا العبد المُخلف عن أناسٍ حووا من كل معروفٍ نصيبا
أنا العبد الشريد ظلمت نفسي وقد وافيت بابكم منيبا
أنا العبد الفقير مددت كفي إليكم فادفعوا عني الخطوبا
أنا الغـدار كم عاهدت عهداً وكُنت على الوفاء به كذوبا
أنا المقطوع فارحمني وصلني ويسر منك لي فرجاً قريبا
أنا المضطر أرجو منك عفواً ومن يرجو رضاك فلن يخيبا
فيا أسفـى على عمـرٍ تقضى ولم أكسب به إلا الذنوبا
وأحـذر أن يُعاجلني مماتٌ يُحير هول مصرعه اللبيبا
ويا حزناه من حشري ونشري بيومٍ يجعل الولدان شيبا
تفطرت السمـاء به ومارت وأصبحت الجبـال به كثيبا
إذا ما قمـت حيراناً ظميا حسـير الطـرف عُرياناً سليبا
ويا خجلاه من قبح اكتسابي إذا ما أبدت الصحف العيوبا
وذِلة موقفٍ وحساب عدلٍ أكون به على نفسي حسيبا
ويا حذراه من نار تلظى إذا زفـرت وأقلغـت القلـوبا
تكـاد إذا بدت تنشق غيظاً على من كان ظّلاماً مريبا
فيا من مدّ في كسب الخطايا خُطاه أما آن لك أن تتوبا
ألا فاقلِع وتب واجهد فإنا رأينا كـل مجتهدٍ مصيبـا
وأقبل صادقاً في العزم واقصد جناباً للمُنيب له رحيبا
وكُن للصالحين أخاً وخلاً وكُـن في هـذه الدنيا غريبا
وكُن عن كل فاحشةٍ جباناً وكن في الخير مقداماً نجيبا
ولاحظ زينة الدنيا ببغضٍ تكُن عبداً إلى المولى حبيبا
فمـن يخبر زخارفهـا يجدهـا مُخالبـةً لطالبها خلوبا
وغُض عن المحارم منك طرفاً طموحاً يفتن الرجل الأريبا
فخائنـة العيون كأسـد غابٍ إذا ما أهملـت وثبت وثوبـا
ومن يغضض فضول الطرف عنها يجد في قلبه روحاً وطيبا
ولا تُطلق لسانك في كـلامٍ يجر عليك أحقـاداً وحوبـا
ولا يَبـرح لسانك كـل وقـتٍ بذكـر الله ريّاناً رطيبا
وصلي إذا الدجى أرخى سدولاً ولا تضجر به وتكن هيوبا
تجـد أُنساً إذا أودعت قبراً وفارقت المُعاشـر والنسيبا
وصُم ما تستطيع تجـده رياً إذا ما قمت ظمآناً سغيبا
وكُن متصدقاً سراُ وجهراً ولا تبخل وكُن سمحاً وهوبا
تجـد ما قدمتـه يداك ظلاً إذا ماعانت البشـر الكروبا
وكُن حسن السجايا ذا حياءٍ طليق الوجه لا شكساً قظوبا
بصوت الشيخ عبدالعزيز الأحمد
بصوت الشيخ محمد حسان
بصوت الشيخ مشاري العفاسي
المفضلات