الحمدُ للهِ الذي استخلصَ الحمدَ لنفسِهِ ، واستوجبَهُ على جميعِ خلقِهِ ، الذي ناصيةُ كلِّ شيءٍ بيديهِ ، ومصيرُ كلِّ شيءٍ إليهِ ، القوي في سلطانِهِ ، اللطيفُ في جبروتِهِ ، لا مانعَ لما أعطى ، ولا معطيَ لما منعَ ، أشهدُ أن لا إلهَ إلا هوَ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسُولُه وصفوتُهُ من خلقِهِ ، وأمينُهُ على وحيهِ ، أرسلَهُ بالمعروفِ آمراً ، وعن المنكرِ ناهياً ، وإلى الحقِّ داعياً ، [ حتى أكملَ به الدينَ ، وتممَ به النعمةَ ] ، وأنذرَ به أهلَ الأرضِ ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ الطيبينَ الطاهرينَ ،وسلَّمَ تسليماً كثيراً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) أما بعد : أيها الأخُوةُ في الله ، فإنَّ التدخينَ ساهمَ في قتلِ الملايينِ منَ البشرِ ، ولهُ أسرارٌ وأضرارٌ غيرُ القتل ، فَلَهُ أضرارٌ على القلبِ ، حيثُُ يزيدُ في ضرباتِ القلبِ، وأَضرارٌ على الجهازِ التنفسيِّ ، حيثُُ يسببُ سرطانَ الرئةِ ،وقد سَجلتِ الإحصائياتُ ، أنَّ نسبةَ الوفياتِ بالسّرطانِ من جرَّاء التدخين ، عاليةٌ جُدًا ، إذا قورنتْ بنسبةِ الوفياتِ بنفسِ المرضِ عندَ غيرِهِمْ ، وحوادثُ السرطانِ هذهِ تتزايدُ بازديادِ عددِ اللفَائِفِ الْمُدَخَنَةِ يوميًا ، كماَ يسببُ سرطانَ الْحُنجرةِ ، ويَزيدُ في أمراضِ الحساسيةِ والربوِ ، وضيقِ التنفسِ وللتدخينِ أضرارٌ على الجهازِ الهضميِّ، فهوَ يُسببُ سرطانَ الفمِ والبلعومِ والمريءِ والبنكرياسِ ، ويزيدُ منْ قرحةِ المعدةِ والإثنيْ عشرَ، ويسببُ حموضةَ المعدةِ.وللتدخينِ أضرارٌ على الجهازِ العصبيِّ، فهوَ يسببُ الاكتئابَ والقلقَ والخمولَ والكسلَ واعتلالَ المزاجِ واضطراباتِ النومِ وضعفَ الشهيةِ والتوترَ وسرعةَ الانفعالاتِ، يقولُ العوامُ عنِ الدخانِ أنهُ بدايةُ فسادِ المرءِ، وهذا صحيحٌ ، هذا ما يفسرُ وقوعَ المدخنِ بعدَ ذلكَ في الخمرِ أو المخدراتِ ، فالدخانُ هو العتبةُ الأولى ،في بوابةِ السكرِ والخمورِ والمخدراتِ ، وهذا ما يشهدُ عليهِ الواقعُ ، وهذا ما يزيدُ من خطورةِ الدخانِ ، الذي يبدأُ بهِ الشابُ عبثًا، ثم ينتهي بهِ إلى أمورٍ لا تحمدُ عقباهاَ.ويكفي أنهُ يقتلُكَ ، كم دلتْ على ذلكَ الأحصاءاتُ ، واللهُ عزَّ وجلَّ يقول ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)(النساء: من الآية29) ، فَهُناكَ تسعةُ ملايينَ مدخنٍ في العالمِ يموتونَ سنوياً ، بسببِ التدخينِ ، وهُنا وما أدراكَ ما هُنا ، عشرونَ ألفَ سعودياً يَموتونَ سنوياً بسببِ التدخينِ ، وإجماليُّ مايَتِمُ إنفاقهُ سنوياً على التدخينِ في المملكةِ فقط ، حوالي عشرونَ مِليارَ ريالٍ سعوديٍّ ، لهذا السببُ قامتْ الجمعيةُ الخيريةُ لمكافحةِ التدخينِ ، بعدةِ حملاتٍ للتوعيةِ بأضرارِ التتدخينِ ، لأنَّ هذهِ الإحصاءاتُ المذهلةُ ، تجعلُ الأنسانَ يقفُ مذعوراً من تأثيرِ هذا الدُّخانِ ، الذي فَشَا شُرْبُهُ بَينَ الصِّغَارِ وَالكِبَارِ، وقَدْ يُخْفِيهِ شَارِبُهُ، وَلَكِنَّ آثَارَه تُنْبئُ عَنْ أَسْرَارِه ، فكَم تَعَالَتِ الأصوَاتُ في إِنكَارِ شُربِ الدُّخَانِ ، وكم صَدَرَتْ التَّحذِيراتُ الطِّبِيةُ من أضرَارِهِ ، وكم صَدَرَ من الفَتاوى الشَّرعِيَّةِ بِتَحرِيمِهِ ، وكمْ أُلِّفَ من الكُتُبِ والرَّسَائِلِ .. بِبيانِ مَفَاسِدِهِ ، ومع هَذا كُلِّهِ فشَارِبُوهُ لا يُجِيبُونَ داعِياً ، ولا يَسمعونَ ناصِحاً ، بل يُضايقونَ النَّاسَ ، في مجالِسِهم ومكاتبهم وسيَّاراتِهِم ، وفي الحَدِيثَ كما فِي الصَّحِيحَينِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ e قَالَ:{منْ أكلَ ثومًا أو بَصلاً فلْيَعْتَزِلْنا} وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:{فإنَّ الملائِكَةَ تَتَأَذَّى ممَّا يتأَذَّى مِنهُ النَّاسُ} فهاذا في الثومِ و البَصَلَ وَهُما حَلاَلٌ ، تَتَأذَى مِنْ رَائِحَتِهِما المَلاَئِكَةُ، فَكَيفَ بالدُّخَانِ الخبيث؟!الذي يسببُ هذه المشاكلِ ويقتُلك ،ألافَعُودُوا إِلَى رَبِّكمَ وَارْجِعُوا إِليهِ ، يامن ابتُليتم بهِ ،توبُوا إلى الله ،قَبلَ التَحَوُّلِ وَالاْنقِلاَبِ ، ارْجِعُوا إِلى رَبِّكمْ ، مَا أَقْرَبَ الرَّحْمَةَ ، إِذَا أَبْدَى النَّاسُ التَّوبَةَ، يقَُولُ اللهُ سُبْحَانَهُنَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ويقولُ سُبحانه (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (الشورى:25) (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (التوبة:104)
بارك الله لي ولكم في القران العظيم
ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً أما بعد:أيها الأخُ المسلمُ ، اليومُ يوُمُ الجمعةِ ، وفي آخرِ اليومِ ساعةٌ من أوقاتِ استجابةِ الدعوةِ ، فاصْدُقِ العزيمةَ من هذا المكانِ ، واسألْ اللهَ في هذهِ السَّاعةِ ، أن يعْصِمَكَ من التدخينِ ، فواللهِ إن تركَ الدخانِ ، أيسرُ من أيِّ شيءٍ ، إذا لازمَهُ إِصرارٌ ، والدليلُ حالُ المريضِ ، لوقالَ لهُ الطبيبُ { أنتَ أو الدخانُ } تركَهُ مُباشرةً ، لكن هل سننتظِرُ حتى يتركَنَا الدخانُ ، هل سننتظرُ حتى يقولَ لنا الطبيبُ هذه العبارةَ ، فلماذا لا نتركُهُ قبلَ أن يتركَنا ، نتركُهُ لوجهِ اللهِ ونحنُ مُختَارينَ قَادرينَ ، قَبلَ أن نتركُهُ لأجلِ صِحتنِا ونحنُ مُجبَرينَ ، نسألُ اللهَ أن يعصمَ هذه الوجوهَ الطيبةَ من ثَرِّهِ ، ويُخرِجَ من ابُتليَ بهِ من شرَّه ،وأن يَهدي أصحابَ الدكاكينِ والمحلاتِ ، التي تَتعاملُ به وتبيعُهُ ، وتتركَ بيعَهُ لأنهُ حَرامٌ ، وأن يأخذَ بيدِ ولاةِ الأمرِ إلى محارَبتِهِ ونبذِهْ ، ألا وصلّوا وسلّموا على من أمرتم بالصلاة والسلامِ عليه فإنه يقول{ إن من أفضَلِ ِأيامِكُم يومُ الجمعة فيه خلق آدم وفيه قُبِض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاةِ فيه فإنًّ صلاتكم معروضةٌ علي قالوا وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت فقال إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكلَ اجسادَ الأنبياء}اللهم صل وسلّم وأنعم وأكرم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، ورض اللهم عن أصحابه الأطهار ماتعاقب الليل والنهار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرحم الراحمين ، اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) عباد الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر لله اكبر والله يعلم ماتصنعون
المفضلات