لا أعرف ما الذي دفعني هذا الصباح لتصفح صحيفة تبوك الالكترونية ..
ربما لـ سقوط ثلاث ضحايا قتلى خلال عشرة أيام يعطي مؤشر عالي لأن تصبح تبوك الورد يوماً أخت لـ ساو باولو البرازيلية من الرضاعة الدموية
و خلال تتبعي مجريات تلك الأحداث الدموية ..
لفت انتباهي هنا و هناك كتاّب المقالات في كثير من المواقع و الصحف فـ الجميع أشبع حدث الموسم :
( منال الشريف و قيادة المرأة ) هجوم و تهكم و سخرية تارة .. و تارة أخرى تأيد و تصفيق و تبجيل ..
رغم أني لا أرى في معارض ما يبرر تشبثه بالرفض سوى فكر ذكوري عقيم أو شماعة الفكر الليبرالي التي ينسبون إليها كل محاولة لتجديد !
و لا أرى في مصفق و مؤيد سوى محاولة انتصار لحدث جديد مثير على الساحة أو تعصب ضد ذلك الحزب الذي وصف منذ الأزل بالمتشدد و مرة بالإرهابي و أخرها بالوهابي
فـ أي تأيد أو معارضة هنا خالية من الموضوعية
و كل الأفكار و الشواهد و الأمثلة و حتى الإسقاطات لهذه المواضيع كانت هشة لا تخدم الفكر الواعي و لا تقنعه
فـ أحدهم يقول في مقال :
( سأضرب مثالا بسيطا على احترامنا وتقديرنا للمرأة حينما يكون مجموعة من الرجال يقفون صفو فاعند موقع الصرافة وتأتي امرأة فإن الجميع يتنحون جانبا ويتركون لها الفرصة للسحب أو غيره من العمليات فهل تجد هذا الأمر في أي مجتمع آخر غير مجتمعنا السعودي؟ )
لا يعلم هذا الفطن أن ضربه الهش هذا وقف خصماً ضد فكرته و ليس في صفها !
فحين يصف لنا بأن المجتمع السعودي بهذا الكم من الرقي و الاحترام و الذوق في تعامله مع المرأة في الإمكان العامة أبسطها موقف الصراف الآلي – الذي أكل عليه الدهر و شرب – فـ أن الرجل السعودي سـ يعمم هذا السلوك السوي في المواقف المشابهة للموقف الأصلي
فـ حين يمن علينا الربّ و نصبح قريباً زملاء في القيادة سواء في الشوارع أو عند الإشارات المرورية أو محطة الوقود و حتى عند الكراش ..
فلن نجد من يحاول تجاوز سيارة تقودها فتاة و لا يحاول مطلقاً مضايقتها بالتلصص عليها من خلال مرآة السيارة أثناء انتظار إشارة المرور و سـ يبادر في خدمتها أن تعطلت سيارتها و لا تستغرب أن دفعته الشهامة و الكرامة العربية الأصيلة بأن يتبرع بدفع نقود الوقود ..
حقيقة هذا الأخذ و العطاء و الشد و الرخي في حبال الجدل و تعالي الأصوات ليس غريب علينا في أي قضية رأي عام تخص المرأة بالتحديد
القضية في رأيي ليست قضية حلال و حرام و لا فكر ليبرالي أو علماني أو رافضي و غيرها من الانقسامات المذهبية الفكرية و الادعاءات الباطلة ..
القضية في مجملها و تفصليها قضية مجتمع ذكوري متعالي ..
فما الفرق بين أن تقضي المرأة حاجتها بوجود سائق أجنبي مجهول الخلفية الأخلاقية و الدينية و بين أن تقود هي بنفسها سيارتها و تقضي حاجتها دون الاستعانة بذلك الأجنبي ؟
المرأة في مطالبتها للقيادة لا تطلب حق من حقوقها و لكنها تطلب العدل في هذه الحقوق !
:
فاطمة الشريف الحويطات
المفضلات