بسم الله الرحمن الرحيمإن حركة التدوين التي أينعت في أواخر العهد الاموي وأزدهرت في العصر العباسي الأول لم تكن وليدة الصدفة أو نتيجة لظروف غير طبيعية بل أنه وكأي علم من العلوم الاسلامية مر بمراحل تدريجية بدأت بالرواية الشفوية أولاً .ثم التدوين البدائي غير المبرمج الناشئ من الاهتمام الشخصي والضرورة الاجتماعية ثانياً.والمتسم بطابع العفوية والفضول العلمي ، حيث كانت الصحف والمدونات آنذاك وسيلة لمساعدة الذاكرة .ثم جاءت مرحلة جمع المادة من أفواه الرواة ومن ثم بدأت حركة الترتيب فكل موضوع رتب على حدة في كتاب خاص يحمل عنواناً منفرداً.وكان كتاب نسب قريش لمؤلفه أبي عبد الله المصعب بن عبد الله بن المصعب الزبيري المتوفي سنة (236هـ).وكتاب في نسب آل أبي طالب هو كتاب تسمية من أعقب من ولد أمير المؤمنين () للسيد يحيى بن الحسن العقيقي المعروف بصاحب كتاب النسب المتوفي سنة (277هـ).وكذلك كتب نسب ولد العباس ونسب بني عبد الشمس وكتاب نسب بني محارب وغيرها.ونادراً ما وصلنا من هذه الكتب شيء بسبب فقدان مخطوطاتها وبعدها كانت المرحلة الأهم وهي جمع الرسائل والمواد والمواضيع في كتاب واحد مع مراعاة وحدة التسلسل الزمني.أو مراعاة الجانب الطبقي واعتبارات أُخر، وقد استمرت هذه المرحلة حسب ما نقله المؤرخون الى القرن الثالث الهجري.وذكر المؤرخون أنه بلغ أوجهِ على يد النسابة والمؤرخ الشهير أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري وهو من أعلام القرن الثالث الهجري.المتوفي سنة (279هـ) في كتابه المعروف بأنساب الاشراف والملاحظ أنه وبفعل الظروف وتشجيع الحكام واهتمامهم بالنسب والنسابين .فقد كثر عدد الذين رووا أنساب العرب طوال القرن الاول وأوائل القرن الثاني للهجرة.وبرزت اسماء أعلام في هذا المجال منهم الصحابي الاقرع بن حابس التميمي الدارمي،ابن لسان الحمرة ، النسابة البكري ، الشرقي بن القطامي، الوليد بن حصين ، حماد الراوية ، عوانة بن الحكم ابو الحكم الكلبي ، عبد الله بن ثعلبة، أزهر بن ميمون ، ومحمد بن السائب الكلبي وابنه هشام ... وآخرون ، يطول ذكرهم( ).وقيل( ) أن ممن عرف بالانساب حسان بن ثابت حيث أمره رسول الله (r) بمعرفة معايب المشركين بأستعلام وضعهم.وذلك لأطلاعه كشاعر على مطاعن الافخاذ والاعقاب وذكر السويدي( ) أن منهم أبا بكر بن أبي قحافة () وله قصة معروفة مع قوم من ربيعة حيث واجه نسابتهم دغفل كما ويعد سيدنا عقيل بن أبي طالب من أعلام النسابين كما قاله في الفهرست.والكميت بن زياد الاسدي كما قاله في أعيان الشيعة وكذا ابو مخنف بن يحيى الازدي .وقد عد ابن قتيبة في كتابه المعارف جمعاً ، منهم دغفل النسابة وعبيد بن شربة الجرهمي والنسابة البكري وابن لسان الحمرة المعروف بالناسب وغيرهم.وتعد الفترة الذهبية لتدوين كتب النسب كما قلنا أواخر القرن الثاني الى أواخر القرن الثالث الهجري.إذ كان ذاك عصر العناية بالانساب تدويناً وضبطاً ، ونزعها من الصدور الى السطور والسير فيه من خلال الاهتمام بالقبيلة الواحدة وخصوصياتها الى تجميع الاقوال بتجميع أنساب القبائل العربية وميّزها عن سائر القوميات .وقد ذكرت المصادر عدة نسابين كانت لهم مدونات في النسب تعد البذرة للشروع في تدوين الانساب وتسجيلها .ولها الاثر الفعال في تثبيت هذه الانساب وأقرارها في كتب وموسوعات .أمثال صحار بن العباس العبدي الذي نُسب اليه كتاب في النسب في صدر الاسلام .والنسابة أبن الكواء الذي أعتبر أحد كبار علماء النسب في صدر الاسلام .والنسابة مثجور بن غيلان الضبي حيث ألّف كتاب في الانساب كان متداولاً يوم ذاك .ورجالات آخرين كانوا قمة في عَلمهم وفنّهم نذكر منهم أبن الكلبي وأبي عبيد القاسم بن سلام والزبير بن بكار وأبي أسحاق ابراهيم بن محمد العباسي وأبن الاثير وغيرهم.وقد أخذ أبو النضر نسب قريش عن أبي صالح عن سيدنا عقيل بن أبي طالب ()( ).وقد ذكر أبن النديم فهرست كتب أبن الكلبي الكثيرة والتي أكثرها في الانساب.الا أن المخصوص فيها هو للنسب الهاشمي ، حيث الشرف الوضاح والكرامة الطاهرة التي لا تدرك ، وحسبه من المآثر والمفاخر قوله (r). (كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة ، الا سببي ونسبي)
المفضلات