عوامل قومة الأمة ومنعتها كثيرة وكثيرة، ومما لا شك فيه أننا نحن الخليجيين نسر ونسعد بكل ما من شأنه توحيدنا وجعلنا في بوتقة واحدة، متعاونين متضامنين فيما بيننا في جميع الميادين وعلى مختلف الأصعدة، ونكون سعداء مسرورين لكل خطوة تقربنا من بعضنا البعض أكثر فأكثر، فنحن شعوب دول مجلس التعاون الخليجي نملك كل العناصر وكل المقومات التي تجعل منا شعبا واحدا في دولة واحدة تحت مظلة سياسية واقتصادية وعسكرية متكاملة.
إن الخطوة المباركة التي خطتها مملكة البحرين الشقيقة عام 2002م بتبنيها لفكرة ازدواج الجنسية البحرينية بالجنسيات الخليجية الأخرى هي خطوة رائدة نحو تكريس المواطنة الخليجية، وهي خطوة واقعية نحو الوحدة الخليجية الشاملة وهدف جوهري سام لجمع أبناء دول الخليج العربي جميعا تحت راية واحدة، إن سماح مملكة البحرين للخليجيين بالاحتفاظ بجنسياتهم عند منحهم الجنسية البحرينية يأتي في حقيقة الأمر استكمالا للانجازات الكبيرة التي حققها مجلس التعاون الخليجي خلال مسيرته الخيرة والمباركة الهادفة إلى تعزيز ودعم العلاقات العربية الخليجية وترسيخ عمق الروابط بين مواطني دول مجلس التعاون والانتماء الخليجي الواحد، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل توافق بقية دول مجلس التعاون الخمس الأخرى على أن يحتفظ مواطنوها بجنسياتهم عند كسبهم لجنسية من أية دولة أخرى حتى وان كانت من دول مجلس التعاون الخليجي نفسه؟! إن الذي نعلمه هو أن قوانين الجنسية في دول مجلس التعاون الخليجي لا تسمح لمواطنيها بازدواج الجنسية.
إن خطوة مملكة البحرين الشقيقة في تبنيها لمشروع ازدواج الجنسية لمواطني دول الخليج العربية هي في الحقيقة خطوة واقعية وفعالة لا يمكن التقليل من شأنها ودورها في تحقيق المشروع الوحدوي الخليجي، فالجنسية هي المعيار الدولي لتحديد ركن الشعب، وركن الشعب هو أهم أركان قيام الدولة، إن فكرة ازدواج الجنسية لأبناء وبنات دول الخليج العربية ستكرس بلا شك مفهوم المواطنة الخليجية بكل معانيها وتدعم وتقوي المصالح الخليجية المشتركة، وستستهدف تحقيق آمال وتطلعات أبناء الخليج العربي نحو التكامل الذي هو من أسمى وأغلى أمنياتنا كخليجيين.
وفي رأيي المتواضع أن ازدواج جنسياتنا هو الطريق الأمثل والأسرع لقيام نواة للوحدة الخليجية المنشودة، وفي اعتقادي أيضا أن ليس هناك أية محاذير سياسية أو اقتصادية وغيرها من المشروع الخليجي نحو تطبيق فكرة تعدد أو ازدواج الجنسية الخليجية أو توحيدها، إن المحاذير التي يخشى منها لفكرة ازدواج الجنسيات الخليجية تكمن في استغلال بعض الأشخاص المزدوجين للجنسية الخليجية للخدمات الشخصية الكثيرة والمتنوعة المدعومة من بعض دول مجلس التعاون الخليجي، وهذه المحاذير في تصوري يجب ألا تكون حجز عثرة في طريق أي مشروع يرمي إلى توحيدنا كخليجيين، ويدعو إلى غرس روح الانتماء إلى وطن واحد ودولة واحدة في خليج عربي موحد، وأملنا كبير في أن تتبنى دول مجلس التعاون الأخرى الخطوة الرائدة التي تبنتها حكومة مملكة البحرين الشقيقة، هذه الخطوة المباركة التي جاءت بمبادرة كريمة من الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ملك مملكة البحرين.
إن الخليجيين اليوم وأكثر من أي وقت مضى هم في أمس الحاجة إلى وحدة الصف ووحدة القرار، لأن المخاطر التي تحيط بهم وبدولهم كثيرة وكثيرة والأطماع الخارجية إقليمية وأجنبية تقف لهم بالمرصاد، وعلى الأخص من الدول التي لها أطماع تاريخية في دول الخليج العربي، وبمناسبة الكلام عن فكرة ازدواج الجنسية لمواطني دول الخليج العربية والتي تبنتها ونفذتها مملكة البحرين فإني أتمنى لهذه المملكة العربية الخليجية الصغيرة بحجمها و الكبيرة بأهلها الأمن والاستقرار والعيش الرغيد في ربوعها، هذه المملكة الشقيقة التي هي مفتاح الخليج العربي ثقافيا وعلميا وأدبيا، آمل من كل قلبي أن يكون الحوار الهادئ البناء هو الفيصل بين الشعب وقيادته في هذه الدولة العربية الخليجية، وأسأل الله عز وجل أن يوحد الكلمة والصف بين الشعب البحريني الكريم وقيادته الموقرة وأن يعود الصفاء والأمن لهذا البلد العزيز كما كان في السابق، هذه أمنيتي وأمنية كل مواطن خليجي مخلص ومحب، فهل تتحقق أمنياتنا كخليجيين في الوحدة الخليجية ابتداء بازدواج الجنسية وانتهاء بقيام دولة عربية خليجية واحدة يحسب لها ألف حساب وحساب، أرجو ذلك مخلصاً.
حفظ الله الخليج العربي وأهله ودوله من شر الأشرار وكيد الفجار المتربصين بنا الدوائر في الليل والنهار، قولوا آمين
المفضلات