بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الزاهد يحيى بن معاذ :
"من أراد تسكين قلبه بشئ دون مولاه لم يزد استكثاره من ذلك إلا اضطراباً "
لا تخلو الحياة الدنيا من الهموم والغموم التي تحز في القلب وتدمي الفؤاد ، فتفيض لها المدامع وتسكب لها العبرات
وكثيراً ما يبحث الإنسان عن متنفس لهذا القلب المكلوم يجد في ظلاله الراحة والسكينة والسعادة المفقودة .
وفي رحلة البحث الحثيث قد يضل الإنسان طريقه ، ويقطع الفيافي والقفار باحثاً عن ضالته المنشودة
وسعادته المفقودة في المال أو في الجاه أو في التمتع بالشهوات ، أو حتى في التعلق ببشر .
ويظل الإنسان يستكثر ويستزيد من هذه الأشياء فما يزيده هذا إلا حسرة وألماً وقلقاً واضطراباً
كالظمآن الذي لا يزيده ماء البحر إلا عطشاً يقطع الأكباد .
ألم يعلم هذا الإنسان أن السعادة المنشودة لا تأتي إلا من داخل النفس لا من خارجها ؟!!،
هكذا قال أحد الصالحين :
" طالعت كثيراً وجربت كثيراً وخالطت أوساطاً كثيرة وشهدت حوادث عدة ، فخرجت من هذه السياحة
القصيرة المدى ، الطويلة المراحل بعقيدة ثابتة لا تتزلزل هي أن السعادة التي ينشدها الناس جميعاً
إنما تفيض عليهم من نفوسهم وقلوبهم ، ولا تأتيهم من خارج هذه القلوب أبداً "
نعم السعادة لا تأتي إلا للقلوب الموصولة بالله النابضة بالحياة
التي رفعت شعار (( وعجلت إليك رب لترضى ))
قلوب شعرت أن الله أقرب إليها من كل شئ وأحب إليها من كل شئ وألطف بها من كل شئ
ففرت إليه وأحبت مناجاته وعطرت أنفاسها بذكره وشعرت بالأنس في قربه
فطاب عيشها وانشرح صدرها وشعرت بما شعر به الصالحون حين قالوا :
(لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لجالدونا عليه بالسيوف )
رزقنا الله وإياكم حلاوة الإيمان ولذة الوصال وسعادة القرب .
هل جربت أن تلزم مُصلاك بعد كَل فريضة لمدة خمس دقائق؟
(ألا يكفي الساعات الطوال التي نقضيها فيما لايفيد)
خمس دقائق بعد كل صلاة تناجي فيها ربك وترتقي بروحك بحديث خافت ذليل إلى العزيز الجبار وتدعوه وتستغفره..
ـ ما أجمل الأرواح حيت تَحلق ثم تَحلق ثم تزداد تحليقاً الى العوالم العلوية !
حديث الروح للآروآح يسري ...وتُدركه الأروآح بلآعنآء
هتفت به وطآر بلآجنآح ...وشق انينه صدر السمآء ..
..
خمس دقآئق تملأ كيانك اُنس بالله وتُضفي على حيآتك أجوآء من السكينه والسعآده
التي لامثيل لهآ ..
ستحظر لك الدُنيآ بأسرهآ في حُلل من الربيع الطلق وسيبدو الكون بمن فيه في عرس بهيج ..
,’
(أول مايحاسب عليه العبد يوم القيامه الصلاة
فإن صلحت صلح سائر عمله وأن فسدت فسد سائر عمله )
أزف الرحيل
أختي المسلمة :
اسألي نفسك في صراحة وخشوع وتفكر وخضوع :أين الآباء والأجداد .. !
وأين الكثيرون من الأهل والأحباب !!ستجدين الجواب مصحوباً بدموع الحزن .. وأزيز القلوب على الفراق :
هم تحت طيات الثرى والتراب !
نعم هذا هو المصير .. وهذا هو المصير ..
تفكر في مشيبك والمآب *** ودفنك بعد عزك في التراب
إذا وافيت قبراً أنت فيه *** تقيم به إلى يوم الحساب
وفي أوصال جسمك حين تبقى *** مقطعةً ممزقةً الإهاب
فلولا القبر صار عليك ستراً *** لأنتنتِ الأباطح والرَّواب
خُلقنا للممات ولو تُركنا *** لضاق بنا الفسيح من الرحاب
ينادى في صبيحة كل يوم *** جدوا للموت وابنوا للخراب
يا أمة الله ..
كم في كتابك من خطأ وزلل ،وكم في عملك من سهو وخلل ..
يُذكر أن رجلاً جاء إلى إبراهيم بن أدهم فقال: أين العمران ؟! فأخذ إبراهيم بيده حتى وقف به على القبور فقال له : هنا العمران !!
ولذلك قال الشاعر :
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه *** وإن بناها بشر خاب بانيها
أختي المسلمة
وقفتُ مرةً على قبر من القبور قد أُعِدَّ لدفن ميت فرأيت بين التراب المنثورخصلة من شعر إمرأة. ماتت منذ زمن ، اللهُ أعلم به ..!
فقلت في نفسي :
كم يا ترى كانت هذه المرأة أو الفتاة تعتني بهذا الشعر الجميل وتمنع عنه كل أذى وكل ما يذهب رونق جماله ونعومته !!
لكن أُنظري كيف حاله وقد اختلط بالتراب والثرى ؟!!
فالبدار البداريا أمة الله .. ويا محمية هذا الدين ويا أمل هذه الأمة .. البدار البدارإلى توبة نصوح ورجعة صادقة لله تعالىمن قبل أن يحين الحين ويبين البين !!
المفضلات