مهما كانت الأسباب.. عليه الصبر والاحتساب
رجال دين: حارق نفسه.. خالد في النار
داعين من يوقعون الظلم في شعوبهم إلى اتقاء الله والشعوب إلى الابتعاد عن إغضاب الله بـ«الانتحار»
القرضاوي يستدرك.. ومفتي السعودية وعلماء: قتل النفس حرام.. والصبر والاحتساب علاج الظلم
عبدالعزيز آل الشيخ: محرم قتل النفس احتجاجاً ومن يطبلون لمحرقي أنفسهم ضعفاء نفوس
لا يجوز قتل النفس لأي سبب.. ومن يواجه الظلم يبذل الأسباب
عجيل النشمي: حرق النفس انتحار صريح وذنب عظيم.. باجماع الفقهاء
أحمد الكوس: النفس خلقها الله لا يجوز حرقها وقتلها
بدر الحجرف: لايختلف اثنان على حرمة قتل النفس حرقاً أو غيره
كتب نافل الحميدان وفواز العجمي:
التونسي محمد البوعزيزي الذي اضرم النار في نفسه احتجاجا على ما لاقاه من ظلم في بلاده مشعلا مع النار في جسده ثورة في بلاده اقتلعت رأس النظام الحاكم لايزال تأثيره حاضرا في الاوساط العربية والاسلامية بالذات بما ادى عمله ذاك الى سير آخرين على نهجه في عدد من الدول.
وقد اثارت تحية الشيخ الدكتوريوسف القرضاوي للشاب التونسي من خلال برنامجه الشريعة والحياة على قناة «الجزيرة» احتجاجات في الاوساط الاسلامية سيما لدى العلماء، مستنكرين ما فهم على انه فتوى من القرضاوي بجواز ما قام به البوعزيزي، فأصدر مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ فتوى اكد فيها حرمة قتل النفس حرقا للاحتجاج فيما كان القرضاوي استدرك على موقعه الالكتروني، موضحا انه لم يفت بجواز ما قام به البوعزيزي شرعا وانه انما يبتهل الى الله عز وجل ان يصفح عنه ويغفر له فعلته تلك، داعيا الشباب التماس وسائل اخرى لمقاومة الظلم والطغيان وموردا في مقال له بعنوان تصحيح لازم آية قرآنية تحرم قتل النفس.
وقد ايد في هذا السياق اساتذة شريعة وعلوم اسلامية ودعاة في الكويت ما جاء في فتوى مفتي السعودية آل الشيخ والتي لم يخرج عنها بدوره الدكتور القرضاي.
وعما قاله ال الشيخ فقد افتى المفتي العام للسعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بتحريم قتل النفس حرقا للاحتجاج، داعيا المسلمين الى «الصبر والاحتساب» بعد ان شهدت دول عربية عدة حوادث من هذا النوع، بحسب ما افادت صحيفة الحياة امس.
وذكرت الصحيفة ان المفتي «حرم قتل النفس حتى ان كانت الظروف المعيشية صعبة»، واكد «ان قتل النفس بالاحراق جريمة نكراء».
واضاف في محاضرة القاها في الرياض «ان احراق وقتل النفس من كبائر الذنوب وهو اقدام على شر، بل على المرء الصبر والاحتساب وبذل الاسباب النافعة والاقدام».
كما ذكر ال الشيخ بان قتل النفس بالحرق «جريمة نكرة ومصيبة عظمى لا يجوز انتشارها بين المسلمين ولا ينبغي للمسلم اللجوء لمثل هذا العمل الذي يعد انتحارا، وهو من الجرائم النكرة، وهذه الأعمال تشوه صورة المسلمين، وعلى المسلم التحمل والصبر».
وانتقد المفتي «من يطبل ويعظم» هذه الممارسة، معتبرا ان هؤلاء «من ضعفاء الايمان والنفوس».
وقد قال رئيس رابطة علماء الشريعة بدول مجلس التعاون الخليجي د. عجيل النشمي ان الفقهاء يتفقون على حرمة قتل النفس لأن الانسان لا يملك نفسه بل هي ملك لله تبارك وتعالى منوهاً الى ان الأحاديث الصحيحة ايضاً أكدت على حرمة ذلك ومنها قول الرسول عليه الصلاة والسلام «ومن جأ نفسه بحديدة يأتي يوم القيامة وحديدته بيده» او كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، واضاف النشمي «ولذلك لا يجوز للانسان حتى ان يتبرع بجزء من جسده تتوقف عليه الحياة».
وقال النشمي ان حرق الانسان نفسه صريح في الانتحار لأن الانتحار يحتاج الى نية وهذا ظاهر فيه العمد والقصد بخلاف من يسقط من عمارة فيحتمل انه سقط بأي سبب من الاسباب الأخرى ولكن هذا الذي حرق نفسه لا نحكم عليه بالكفر لاننا لا ندري ربما مات على التوحيد لكن فعله يستحق عليه الذنب العظيم.
انتحار!
وبدوره قال الامام والخطيب بوزارة الاوقاف الشيخ د. أحمد الكوس «ان قتل النفس أمر لا شك محرم بالكتاب والسنة وان الله عز وجل حرم قتل النفس فهي من خلق الله سبحانه وتعالى فلا يجوز للانسان ان يحرق نفسه او يقتلها وحينها يكون قتل انتحر والانتحار محرم في الاسلام مشيرا من الاحاديث في السنة النبوية الى ما جاء عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها ابداً ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يأجا بها في بظنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها ابداً».
وعليه يقول الكوس فانه مهما بلغ الانسان من جوع أو ظلم او بلاء فان الواجب عليه الصبر والاحتساب وان ينصح بحسب قدرته واما ما نشاهده اليوم من احراق بعض الناس انفسهم في الدول العربية والاسلامية رداً على الضيق والظلم الذي يقع عليهم من بعض الحكومات فهذا لا يجوز.
وفي المقابل دعا الكوس الحكومات وولاة الأمور ان يتقوا الله فيهم ولا يظلموهم وعليهم مسؤولية كبيرة امام الله تعالى في ارساء العدالة واعطاء كل ذي حق حقه وتوفير العيش الكريم لهم.
وكذلك اوضح الداعية الشيخ بدر الحجرف انه لا يختلف اثنان على عدم جواز قتل النفس حرقا او غيره، مبينا ان قتل النفس يعتبر انتحارا فما بالنا بالحرق الذي هو لا شك مخالف للقرآن والسنة ولا يجوز القيام به مهما كان السبب، داعيا من يتعرض لازمات او ضيق أو في نفسه في حياته ان يلجأ الى الله سبحانه فهو سبحانه وتعالى قادر على ان يغير همومه ويفرج كربه وييسر حاله، مبينا ان هناك الكثيرين ممن اصبحوا يلجؤون لما يأمرهم به الشيطان فيقومون بمثل هذه الافعال، مشددا على ان الاسلام ينهى عن الحرق بل ذهب الى ابعد من ذلك بعدم جواز حرق الحيوان فما بالنا بالانسان.
========================================
مؤكدا حرمة قتل النفس.. وموجها الشباب العربي لأساليب أخرى لمقاومة الطغيان
يوسف القرضاوي موضحاً: بل اتضرع إلى الله ان يغفر لـ«البوعزيزي» فعلته.. وليبتهل معي المسلمون من أجله
استدرك الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي ما فهم من تحيته للشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي اضرم النار في نفسه احتجاجا على الظلم، مؤكدا حرمة قتل النفس وقال مايلي نصه كما هو موجود على موقعه الالكتروني:
لقد أساء بعض الناس فهم حديثي عن الشاب التونسي الحر الكريم، الذي أحرق نفسه، بعد ان ضاق ذرعا بالحياة والأحياء، وأغلق المسؤولون أمامه أبواب الرزق، فهو جامعي لم يجد عملا، الا ان يشتري عربة يبيع عليها الخضار، يكسب منه رزقه، فمنعه رجال الأمن وصادروا عربته، فحاول ان يشتري عربة أخرى فلم يمكن ذلك، واشتكى الى الشرطة، فصفعته شرطية على وجهه، ولجأ الى الوالي يشكو اليه فطرده، وهنا قرر ان يذهب الى الساحة التي كان يبيع فيها، ويوقد النار في جسده أمام الملأ، احتجاجا على الجوع من ناحية، وعلى امتهان كرامته من ناحية أخرى، وهو عربي من بني هلال، ولهذا تسمى المنطقة (أبو زيد)، نسبة الى أبي زيد الهلالي، الفارس المشهور.
هذا هو الشاب محمد أبوعزيزي، الذي كان احراقه نفسه الشرارة التي أشعلت الثورة العظيمة في الشعب التونسي الذي استجاب له، وانتقلت من مدينة الى أخرى، ومن ولاية الى ولاية، ومن فئة الى أخرى، حتى تحولت تونس الخضراء الى شعلة حمراء، التهمت نارها الطغاة والظالمين.
أود ان أقول: اني لم أكتب فتوى في هذا الموضوع، ولكني علَّقت عليه في برنامجي (الشريعة والحياة) وقلت: اني أتضرع الى الله تعالى وأبتهل اليه ان يعفو عن هذا الشاب ويغفر له، ويتجاوز عن فعلته التي خالف فيها الشرع الذي ينهى عن قتل النفس، كما قال تعالى: {ولا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ان اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (النساء: 29)، ودعوت الاخوة في تونس والمسلمين عامة: ان يدعوا الله معي، ويشفعوا عنده لهذا الشاب الذي كان في حالة ثورة وغليان نفسي، لا يملك فيها نفسه وحرية ارادته، فهو أشبه بحالة الاغلاق التي لا يقع فيها الطلاق، «لا طلاق في اغلاق». رواه أحمد.
وأنا هنا أوجب على الأنظمة الحاكمة ان تسأل نفسها: ما الذي دفع هذا الشاب ان يحرق نفسه؟، وتحاول ان تجد لمشكلته حلا.
وهنا أنبِّه الى قاعدة شرعية مهمة، وهي ان الحكم بعد الابتلاء بالفعل، غير الحكم قبل الابتلاء به، فقبل الابتلاء بالفعل ينبغي التشديد حتى نمنع من وقوع الفعل، أما بعد الابتلاء بوقوعه فعلا، فهنا نلتمس التخفيف ما أمكن ذلك.وفي ذلك أمثلة وأدلة كثيرة.فهذا ما قلته، وما لا أزال أقوله.
وأنا أنادي شباب العرب والمسلمين في مصر والجزائر وموريتانيا وغيرها، الذين أرادوا ان يحرقوا أنفسهم، سخطا على حاضرهم، ويأسا من مستقبلهم: أيها الشباب الحر: {لاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ انَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ الاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (يوسف: 87)، وان مع العسر يسرا، وبعد الليل فجرا، وأشد ساعات الليل سوادا وظلمة هي السويعات التي تسبق الفجر.
أيها الشباب: حافظوا على حياتكم، فان حياتكم نعمة من الله يجب ان تشكر، ولا تحرقوا أنفسكم، فان الذي يجب ان يحرق انما هم الطغاة الظالمون، فاصبروا وصابروا ورابطوا، فان مع اليوم غدا، وان غدا لناظره قريب، وصدق رسول الله اذ يقول: «ان الله ليملي للظالم حتى اذا أخذه لم يفلته» ثم تلا قوله: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ اذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ ان أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} (هود: 102).
ولدينا من وسائل المقاومة للظلم والطغيان ما يغنينا عن قتل أنفسنا، أو احراق أجسادنا. وفي الحلال أبدا ما يغني عن الحرام.
.
.
.
منقول : جريدة الوطن الكويتية
المفضلات