للكآبة ايد حريرية الملامس قوية الاعصاب تقبض على القلوب وتؤلمها بالوحدة فالوحدة حليفة الكآبة
اما تلك الكآبة التي اتبعت ايام حداثتي فلم تكن ناتجة عن حاجتي الى اللعب واللهو لأنها كانت متوفرة لدي ولا عن افتقاري الى الرفاق لانني كنت اجدهم اينما ذهبت بل هي اعراض علة طبيعية في النفس كانت تحبب اليَ الوحدة والأنفراد وتميت في روحي الميول الى الملاهي والالعاب وتخلع عن كتفي اجنحة الصبا وتجعلني امام الوجود كحوض مياه بين الجبال يعكس بهدوئه المحزن رسوم الاشباح والوان الغيوم وخطوط الاغصان ولكنه لا يجد ممرا يسَير فيه جدولا مترنما الى البحر
هكذا كانت حياتي وقد اوقفتني متأملا تجاه هذا العالم وأرتني سبل البشر ومروج ميولهم وعقبات متاعبهم وكهوف شرائعهم وتقاليدهم
وقد ولدت ثانية والمرء ان لم تحبل به الكآبة ويتمخض به اليأس وتضعه الحبة في مهد الاحلام تظل حياته كصفحة خالية بيضاء في كتاب الكيان
وبعد ولادتي الثانية شاهدت ملائكة السماء تنظر الي من منافذ السماء الصافية وكما احسست ان ابالسة الجحيم يضجون ويتراكضون في صدري ومن لا يشاهد الملائكة والشياطين في محاسن الحياة ومكروهاتها يظل قلبه بعيدا عن المعرفة ونفسه فارغة من العواطف
اخوكم
عازف الليل
المفضلات