الحسد الكويتي سمة لا تفارق البعض الذين لا يهدأ لهم بال، الا بالنظر للآخرين بضيقة عين.
ولعل الحسد، الذي تحول الى صفة مميزة لدى بعض الكويتيين 'عيال بطنها'، اشبه بطبخة المجبوس على نار هادئة.
ان العديد من الوقائع امتاز بها الحسد الكويتي والتي ظهرت على السطح وشهدت التجاذب السياسي والاعلامي لمحاولة الانقلاب على بعض مستحقات من هم اقل شأنا منهم.
حتى ان البعض اصبح ينظر لقضايا 'الحسد الكويتي' على أنها ميزة نتفوق بها على الدول التي تمتلك المفاعلات النووية لأن لكليهما مميزاته الخاصة.
فبدلا من الانشغال بكيفية التطوير في تفكيرنا بتنا 'مكانك راوح'، اذ نرى انفسنا باننا افضل من غيرنا في كل شيء حتى، من قدراتنا الاستراتيجية وعقول البعض المميزة، اصبحت لدينا بطالة كويتية مقنعة واجهزة حكومية فاسدة وصراع دائم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وموظفون غير ملتزمين بالدوام ويفضلون الاجازات على العمل، ويزورون الاجازات الطبية حتى يتفرغوا لانجاز ابتكاراتهم التي ستنافس العالم بحسدهم.
لقد سئمنا ومللنا 'ولاعت جبودنا من التمييز' و'انت ولد فلان وانت ولد علان' وكأن قضيتنا اصبحت هي التمايز فيما بيننا، على الرغم من اننا لم نتجاوز المليون ونصف المليون مواطن.
حتى اطفالنا ورثوا هذه العادة السيئة وتحولت بطونهم الى كروش منتفخة، لأنهم باتوا يعانون من 'ضيقة العين' واصبح همهم النظر للآخرين، الامر الذي دفعهم لتناول الوجبات السريعة لتفريغ همومهم عندما يجدون من هم افضل منهم. دول المنطقة اصبحت تواكب التطور وتتقدم في العديد من القضايا، اما نحن فلا نزال مشغولين في فضح بعضنا البعض والكشف عن 'اصولنا' وافعالنا وفلان لا يستحق ان يكون مواطنا وآخر لا يستحق العيش بيننا.
هل هذه بالفعل مميزات المواطن الكويتي؟ ام اننا نبالغ؟
لو تطرقنا الى الامور بتعقل وأحببنا للآخرين ما نحب لبعضنا لما تولدت لدينا قناعة 'عيال بطنها' ولما اصبح حالنا التذمر المستمر ولما نشبت الحروب والصراعات التي تنتقل معنا من مكان الى مكان حتى خارج البلاد.
ولو نظرنا الى الوضع الراهن في واقعنا لوجدنا اننا في حالة يرثى لها، واتحدى كل مواطن لا يكرر المقولة المعتادة 'انا زهقان'.
نحن في بلد يمتلك الوفرة المالية التي يحسدنا عليها البعض والتي تحولنا الى بلد مميز في تنميته بدلا من الانشغال في صراعاته، ولو عدنا الى الغزو الغاشم لوجدنا ان الدولة صرفت الرواتب لابنائها وهم في الخارج، او في الداخل بواسطة البعض، فلماذا اصبحنا نرجع الى الوراء؟ ولماذا لا نحمد رب العالمين على النعمة التي اعطانا اياها؟
ان انشغالنا بالتمييز فيما بيننا، 'وكلنا عيال تسعة'، سيجعلنا نستمر في تخلفنا ورجعيتنا، بينما العالم مشغول، بقضايا اهم واكبر وكيفية التطوير من قدراته وقدرات شعوبه، خصوصا في ظل التطور التكنولوجي في مختلف المجالات. احبوا لغيركم كما تحبون لأنفسكم وتخلصوا من عقدة 'الانا' وعيال بطنها وتفرغوا لتطوير عقولكم وامكاناتكم وواكبوا التفوق الذي تمتاز به الدول الاخرى بدلا من الحسد فيما بينكم.
بقلم -مبارك عبدالهادي.
المفضلات