مسامير الرضا.. وجرح اللسان


التاريخ : الجمعة 06 أغسطس 2010 12:51:12 صباحاً


كتب د.عصام عبداللطيف الفليج

مباشر- الوطن: كان هناك ولد كثير التذمر..سريع الغضب..يصعب ارضاؤه، وكلما غضب نسي نفسه وتلفظ بألفاظ نابية، أو تصرف تصرفات هائجة.

ناداه والده ذات يوم وأعطاه علبة مسامير ولوح خشب وقال له: كلما شعرت بالغضب أو فقدت أعصابك أو تشاجرت مع أي شخص، قم بطرق مسمار واحد في هذا اللوح.

في الأسبوع الأول قام الولد بطرق 37 مسماراً في لوح الخشب، وفي الأسبوع الثاني حاول الولد ان يتحكم بنفسه فقل عدد المسامير، وفي الأسبوع الثالث تعلم الولد كيف يتحكم بنفسه بسهولة فانخفض عدد المسامير، حتى أتى اليوم الذي لم يطرق فيه الولد أي مسمار في لوح الخشب.

عندها ذهب الولد ليخبر والده أنه لم يعد بحاجة الى ان يطرق أي مسمار، فقال له والده: الآن قم بخلع كل المسامير من لوح الخشب.

فذهب الولد وخلع كل المسامير أمام والده، فلما انتهى قال له الأب: أحسنت..ولكن انظر الى هذه «الثقوب» التي تركتها في لوح الخشب..انها لن تعود أبداً كما كانت وستبقى غائرة، وكذلك علاقتك مع الآخرين..فعندما تحدث بينك وبين الآخرين مشادة أو اختلاف وتخرج منك بعض الكلمات السيئة، فأنت تتركهم بجرح في أعماقهم كتلك الثقوب التي تراها.ولا يهم كم من المرات قد اعتذرت لهم، لأن الجرح مازال موجودا، فجرح اللسان أقوى من جرح الأبدان (جرح السيف يبرى، وجرح اللسان ما يبرى).

نعم.. الأصدقاء جواهر نادرة، هم يبهجونك ويساندونك، هم جاهزون لسماعك في أي وقت تحتاجهم، وهم بجانبك فاتحين قلوبهم لك، لذا أرهم مدى حبك لهم، ولا ترهم تسلطك عليهم.

هذه القصة اللطيفة التي سمعتها وقرأتها في دورات تدريبية سابقة تعطي مدلولا على أثر العلاقة الانسانية بين الأصدقاء والأقارب، فينبغي ألا تلغي أية علاقة الحواجز «الأدبية»، بل هي أدعى لمزيد من الاحترام والتقدير.وأسهل كلمة نسمعها «لا تواخذوني..أنا عصبي» فتنتقل بين الأبناء ويتوارثونها بالتلقي، حتى توصم تلك العائلة ببذيئة اللسان.

علينا ان نتذكر ان للناس – أصدقاء وأقارب وزوجات – حدودا للتحمل، فلا تجبروا الناس على اتخاذ قرار تندمون بعده، وقد قالوا في الأمثال «لسانك حصانك، ان صنته صانك، وان هنته هانك».

٭٭٭

«ما ارتفع شيء الى السماء أعظم من الاخلاص، ولا نزل شيء الى الأرض أعظم من التوفيق، وبقدر الاخلاص يكون التوفيق».