مساكم الله بالخير
بعد قرون من هيمنته على مصادر المعرفة، بات الكتاب المطبوع يواجه منافسة الكتاب الالكتروني المزود بتقنيات كبيرة، لكن أرقام بورصة اتحاد المكتبات الألمانية تظهر أن الألمان ما زالوا أوفياء للكتاب التقليدي المطبوع.
في الآونة الأخيرة شهد عالم الكتاب نقلة تقنية كبيرة، فقد أصاب طرح جهاز أي باد القارئ للكتب في الأسواق الألمانية قبل أسابيع قليلة، عالم الكتاب المطبوع بالذهول. وعلى الرغم من أهمية هذه النقلة التقنية إلا أن يورغن هورباخ، أمين صندوق بورصة الكتب الخاصة باتحاد المكاتب الألمانية، لا يعتقد أن الكتاب الاليكتروني سيؤثر بشكل كبير على مستقبل الكتاب المطبوع، ويضيف هورباخ قائلاً: "لا أعتقد أن الكتاب الالكتروني سيتطور بشكل حيوي سريع".
ثورة في عالم الكتاب
جهاز أي باد القارئ للكتب
وما تزال مبيعات الكتاب الالكتروني في ألمانيا ضئيلة نسبياً، حيث تقل عن 1 في المائة، في حين أنها قاربت نسبة 5 في المائة في الولايات المتحدة، حسب بعض التقديرات. وفي هذا السياق يقول مضيفاً: "نحن نلهث وراء التطور". ويرى الخبير الألماني أن القراءة الرقمية تنطوي على مخاطر عدة للكتاب المطبوع، كأن يتم تنزيل الكتب عبر الإنترنت بصورة غير شرعية مما يعني حرمان دور النشر من ثمن هذه الكتب. لكن العاملين في مقر اتحاد تجار الكتب في مدينة فرانكفورت، يعلمون أن القطاع ربما بات مقبلاً على أهم ثورة في عالم الكتب منذ أن اخترع غوتنبيرغ طباعة الكتاب .
من جهته يرى ألكسندر سكيبيس، المدير التنفيذي لبورصة تجار الكتب الألمان في فرانكفورت، أن السرعة التي يسير بها هذا التطور وما سيؤول إليه في النهاية تبقى من الأمور غير الواضحة المعالم بعد. غير أن سكيبيس لا يشكك في أن الكتب الرقمية ستتزايد خلال السنوات المقبلة وستتزايد في ألمانيا نفسها. ويضيف في هذا السياق: "قطاع الكتب في ألمانيا مهيأ لهذا التطور"، لذلك أنشأ اتحاد دور النشر الألمانية موقعاً الكترونياً يضم نحو 24 ألف كتاب رقمي، وتشارك في الموقع معظم دور النشر الألمانية الكبيرة. كما بدأ الاتحاد مؤخراً محادثات مع شركة ابل بشأن آفاق التعاون لنشر الكتاب الرقمي.
"ظاهرة غير شعبية"
المزج بين فوائد التكنولوجيات الحديثة في مجال الكتب والاستمتاع بقرائة الكتب المطبوعة أصبح خياراً وارداً
ويرى هورباخ أنه مادام سعر أجهزة القراءة الرقمية عدة مئات من اليوروهات، ستظل هذه القراءة "ظاهرة غير شعبية" ولن تصبح شعبية إلا بعد تراجع أسعار هذه الكتب. وخلافاً لما هو عليه الحال في أمريكا فإن سوق الكتاب التقليدي في ألمانيا مازال مستقراً. وعلى الرغم من تراجع مبيعات القطاع خلال الأشهر الخمسة الأولى للعام الجاري بنسبة 0.4 في المائة، فإن القطاع حقق نسبة نمو اسمي بنسبة 0.8 في المائة عام 2009، فقد وصل إجمالي مبيعاته إلى 9.69 مليار يورو رغم الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. يُشار إلى أن قطاع الكتب قلص عدد الكتب المنشورة من 94278 عنواناً جديداً عام 2008 إلى 93124 عنواناً عام 2009، كردة فعل على تأثيرات هذه الأزمة العالمية .
وفاء للكتب التقليدي
على الرغم من التقدم الكبير للتكنولوجيا في كافة مجالات الحياة، إلا أن العديد من القراء ما زالوا يفضلون التردد على المكتبات والاستمتاع بقراءة الكتب الورقية
وكانت المفاجأة أن نسبة الأدب الروائي في هذه الكتب بلغت 33.8 في المائة مقارنة بـ 32.3 في المائة عام 2008. وارتفعت نسبة أدب الأطفال والشباب إلى 15.7 في المائة عام 2009 مقارنة بـ14.6 عام 2008. كما استمر تزايد عدد الكتب المباعة عبر الانترنت عام 2009 وبلغ إجمالي المباع عبر المنافذ الالكترونية 12.2 في المائة من إجمالي مبيعات قطاع الكتب في ألمانيا مقارنة بـ10.7 عام 2008.
وتظهر هذه الأرقام أن الألمان ما يزالون أوفياء للكتاب والكتاب التقليدي بشكل خاص، مما يمنح قطاع النشر وقتاً للقيام بجهود داخل أروقة السياسة في برلين للحصول على مكاسب فيما يتعلق بحقوق النشر. ويرى سكيبيس أن هناك تحولاً في توجه الحكومة الألمانية بشأن الكتب الالكترونية وأن الساسة أدركوا أن الإنترنت لا يمكن أن يصبح منطقة بعيدة عن حكم القانون، وأنه من الضروري إلزام المواقع الالكترونية بلوائح تحمي حقوق الملكية الفكرية.
المفضلات