في مقال كتبه احمد العرفج في صحيفة المدينه تعرض العرفج بالنقد لمن يقوم بواجباته الاجتماعيه من اكرام الضيف والقيام بتأدية واجب العزاء.
مقال لارأس له ولا قدم..قرأت كتاباته قرآه سريعه فلم اجد لها معنى..لكن بما اني اعرف انه من اهل تلك الديار فسيصبح المعنى واضحا جليا , ولهم الحق في ذلك وهذه سجيه انعم الله بها عليهم وسيضلون ينقلونها جيلا الى جيل.
قال العرفج:
في مَقالٍ سَابق، تَكلَّمنا عَن وَاحدة مِن العَيْنَات الثَّلاث، وهو «العُرس»، وبَقي «العَزيمة» و«العَزاء».. تلك الثَّلاث هي التي تَستحوذ عَلى أذهان السّعوديين -والسّعوديّات طَبعاً-، فالإنسان في المَملكة العربيّة السّعوديّة؛ لا يَخرج مِن عَزيمة إلَّا ليتّجه لعَزاء، ولا يَخرج مِن عَزاء، إلَّا ليَستجيب لعُرس، في دَائرة اجتماعيّة تُنهك البَدن، وتوجع الذِّهن..! حَسناً.. لنتّجه لمَا نَحنُ بصَدده، وهو «العَزيمة»..! فالعَزائم في السّعوديّة -في مَجملها- شَكلٌ مِن أشكَال النِّفاق، فالعَازم مُتْعب، والمَعزوم مُجبَر، والمستفيد هو تلك المَطابخ التي كَتَبَتْ على لوحاتها: «استعداد تَام لإقامة العَزائم»..! فلو اشتققنا مِن العَزيمة «الجَذر اللغوي»، فهي مِن الفعل «عَزَم»، وهذا الفعل يَدلُّ عَلى الإصرار، وبَذل الجُهد، وإعطاء المَشقَّة، لتَنفيذ أمر مِن الأمور، وقد جَاء في القرآن العَظيم قَوله جَلَّ وعَزّ: «إنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور»، فالعَزيمة في إطارها الفِكري واللغوي والثَّقافي، نَوعٌ مِن العَذاب الاجتماعي، الذي يَتّفق على تَنفيذه كلا الطَّرفين، العَازم الذي بَذل الجُهد، والمَعزوم الذي حَضر رَغم أنفه، ولن أُشير إلى أنواع العَزائم، فهي كَثيرة، ولكن أُشير إلى نوعٍ مِنها يَمتاز بالظَّرافة، وهو ما يُسمِّيه الحجازيّون -عليهم مِن الله الغُفران- «عَزيمة مَراكبيّة»، وهي تَأتي دَائماً في آخر لحظة مُتلبّسة بـ«ثياب المُصادفة»، ومُسمَّاها يَدل عليها، وقولنا «مَراكبيّة»، فَهُم يَعنون بها: كُلّ مَن يَعزم وهو بالبَحر على ظَهر سَفينة، ويَدعو أهل الشَّاطئ ليُشاركوه الأكل، في حين أنَّ المُشاركة مُستحيلة، لأنَّ بين العَازم والمَعزوم مياه البَحر وأمواجه..! و«العَزيمة» في شَكلها الظَّاهري، هي تَسابُق بين الأعراب، وتَطاول في عَدد رؤوس الخِراف، وكُلَّما كَان المَعزوم ذا مَرتبة عَالية، كُلَّما جَلس في صَدر المَجلس. هذا إذا كَانت «العَزيمة» تَقليديّة، أمَّا إذا كَانت العَزيمة حَديثة «مودرن»، فإنَّ البوفيه المَفتوح يَنشر «بساطه» في هذا العَالَم، لتَبدو المُفارقة وَاضحة، والمَعَالِم جَارحة لمَن يَتعاطون هذا البوفيه..! فأنتَ تُلاحظ أنَّ الأعراب يَملأون الصّحون مِن غير حَاجة، ويَتعاطون مَع الأطعمة وكأنَّها غَنائم، ويَتسابقون في أخذ الكميّات، التي تَملأ بطون عَشرة جَائعين مِن جَوعى إفريقيا، وتَجد الأطباق وهي مَحشوّة بمَا لَذّ وطَاب مِن الأطعمة، ويَتركها صَاحبها كَما أحضرها..! ومَع الأسف، حتَّى في الأكل نَحمل ثَقافتنا البَدويّة، بحيثُ تَجد أنَّ الكُلّ يَنطلق للرُّز واللحم، ويَهجر الأطعمة المُختلفة التي أُتيحت له لتَجربتها وتَذوّقها؛ في مِثل هذه المُناسبات القَليلة..! أمَّا في القسم النِّسائي، فالأمر أَشد وأَنكى، لأنَّ المَرأة تَحمل كُلّ العَاهات الرِّجاليّة، ثُمَّ تضيف لها كُلّ عَاهاتها الخَاصَّة، المُتمثِّلة في مُراعاة الرِّيجيم، ومُراقبة صيرورة الرُّوج، بحيثُ لا يَصطدم اللحم مَع أحمر الشِّفاه..! حَسناً.. مَاذا بَقي..؟! بَقي القَول: إنَّ ثَقافة الجوع مَازالت مُسيطرة على الرّؤوس، إنَّني أتفهّم إقامة العَزائم قبل أربعين سَنة، عندما كان الجوع طَاغياً، والموسرون مِن النَّاس قَليلاً، لذا يَفرح المَعزوم بأي عَزيمة يَتلقَّاها، ولكن الآن -بعد أن شبعت النّفوس، وانتفخت الكروش- فالعَزائم أصبحت مَظهراً مِن المَظاهر التي يَجب التَّفكُّر في تَعاطيها والتَّعامل معها..! وإن نَسيت، فلا أنسى كيف أنَّ الكثير مِن المدعوّين؛ يَلتهم الطَّعام بالأصابع الخَمس، حتَّى تَطفح معدته، ثُمَّ يَبحث عن علبة بيبسي، يشترط أن تَكون «دايت»، ليَهضم بها ما التهمه في جَوفه، مِن شحوم ولحوم.
المفضلات