مساكم الله بالخير
لا يوجد لاعب كرة قدم في وقتنا الحاضر يحكم السيطرة على الكرة، ويسحر جمهور كرة القدم كليونيل ميسي، النجم الأرجنتيني الذي يراهن الجميع على أنه سيلعب دورا حاسما في مونديال جنوب إفريقيا وسيقود بلاده نحو الفوز باللقب.
ليونيل ميسي ظاهرة كروية فريدة
عندما بلغ النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي من العمر ثلاثة عشرة عاما، كادت مسيرته الكروية أن تنتهي عند هذا الحد. وحينها كان ميسي يلعب في صفوف نادي " نيويلز اولد بويز" للشباب في مدينة روساريو مسقط رأسه. و كان مدربه آنذاك مقتنعا تماما بالموهبة الفذة التي يتمتع بها ميسي. لكنه كان يعتقد في الوقت نفسه بأن قصر قامته ستمنعه من قطع أشواط مهمة في عالم كرة القدم. وبالفعل كان طول ميسي في ذلك الوقت لا يتعدى 1,40 سم، بسبب نقص في هرمون العظام كان يعني منه النجم الأرجنتيني وتسبب في عطل عملية النمو. ولم يكن لميسي أي أمل في العلاج، نظرا إلى كلفة النفقات الباهظة، ولم يكن لأبويه، أو حتى لناديه في روساريو، القدرة على تحملها.
بيد أن الفرج جاء من أوروبا. وتحديدا من نادي برشلونة الإسباني. وفي أول لقاء خاضه ميسي الصغير بقميص الفريق الكاتالوني للبراعم أحرز الأخير خمسة أهداف كانت كفيلة بإقناع برشلونة بتحمل نفقات العلاج. وطيلة أربع سنوات كان على ميسي أخذ حقنة بشكل يومي. وعندما خاض أولى مبارياته ضمن منافسات الدوري الإسباني كان طوله قد بلغ 1,69 سم. وبعدها بستة أشهر انتزع صدارة قائمة هدافي الدوري الإسباني.
لاعب فريد
وأحرز ميسي لغاية هذه اللحظة أكثر من مائة هدف لحساب برشلونة الإسباني. ولعل أهم الأهداف التي بقيت عالقة في الذهن هذا الموسم الرباعية التي أحرزها في إياب ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا ضد أرسنال الانكليزي في المباراة التي انتهت بفوز برشلونة بأربعة أهداف مقابل هدف يتيم. وطيلة مسيرته الكروية، ظل ميسي وفيا لبرشلونة؛ وبرشلونة لميسي. والاثنان في علاقة متناغمة فيما بينهما تميزها لغة الأخذ والعطاء.
ميسي كاد أن يترك الملاعب في سن مبكرة
لميسي قدرة هائلة على تقديم الجديد وسحر الجمهور بطرق مراوغة غير تقليدية وبشكل إبداعي خارق. كما أنه يتميز بالقوة والسرعة على مجاراة أي خصم. فضلا عن تسديداته المتميزة والكرات العرضية الخطيرة. وما يميز ميسي أيضا الهدوء والتركيزالتام على أرض الملعب خصوصا في المواقف الحاسمة.
ميسي أم مارادونا؟
وبظهور ميسي على الساحة، تغير السؤال التقليدي الذي كان يطرح سابقا بين عشاق كرة القدم، حول أفضل لاعب في العالم هل هو الأرجنتيني الأسطورة دييغو مارادونا أم الجوهرة البرازيلية بيليه. الآن أضحى السؤال، من هو الأفضل مارادونا أم ميسي؟.
من الأفضل مارادونا أم ميسي؟
سؤال كهذا، جاء كنتيجة منطقية للهدف الذي أحرزه ميسي في أبريل 2007 في مباراة بين برشلونة وخيتافي الإسبانيين. يومها قطع الأخير مسافة 60 مترا، متجاوزا أربعة مدافعين مختلفين بالإضافة إلى الحارس. ثم وضع الكرة في المرمي من نفس الزاوية التي وضع منها مواطنه مارادونا هدفه التاريخي، والثاني لصالح الأرجنتين، في مباراة ربع النهائي لكاس العالم 1986 ضد انكلترا. ووصف هدف مارادونا آنذاك بهدف القرن. وبعد هدف ميسي، امتلأت الصحف العالمية بمقارنات بينه وبين مارادونا، في حين أطلقت الصحف الإسبانية على ميسي اسم "ميسيدونا".
أما صاحب الشأن، فكثيرا ما علق على مثل تلك المقارنات بالقول "إن مارادونا أفضل لاعب أنجبته الملاعب"، مشيرا إلى أنه في "بداية مشواره الكروي". لكنه في حقيقة الأمر، ينزعج من المقارنات، التي "لا تحظى بأهمية" حسب رأيه.
في المقابل، حسم أسطورة الكرة الأرجنتينية والمدرب المشرف على المنتخب في مونديال جنوب إفريقيا مارادونا، الأمر بشكل نهائي قبل أقل من ثلاثة أسابيع من انطلاق بطولة كأس العالم 2010، قائلا :"إن مستوى ميسي في الوقت الحالي، أفضل بكثير مما كنت عليه في 1986". مضيفا أن الأخير يشكل القوة الضاربة للمنتخب، وأنه "يراهن عليه لانتزاع لقب بطولة كأس العالم 2010".
ميسي ومنتخب الأرجنتين
وحاز ميسي على جائزة أفضل لاعب في أوروبا والعالم لعام 2009. وفاز مرتين مع برشلونة بلقب دوري أبطال أوروبا، ناهيك عن العديد من الألقاب الدولية. لكن كل هذا لا يروي عطش الأرجنتينيين، الذي يطالبونه بتحقيق بعض مما حققه مع برشلونة. ولم ينجح ميسي إلى غاية اللحظة في إظهار ما في جعبته مع منتخب بلاده، ما دفع البعض إلى التشكيك في ولاء اللاعب ووطنيته.
ليونيل ميسي لدى تسلمه جائزة أفضل لاعب كرة قدم في العالم 2009
وشارك ميسي ضمن تشكيلة الأرجنتين في مونديال ألمانيا 2006. لكنه لعب ثلاث مباريات فقط. وفي المباراة الحاسمة التي جمعت بين منتخب بلاده ونظيره الألماني في الدور ربع النهائي، بقي ميسي على مقاعد الاحتياط وخسرت الأرجنتين أمام ألمانيا، وأقصيت من البطولة. وقد استغل ميسي السنوات الأربع لبلوغ مستوى أكثر نضجا وتألقا. وإذا نجح بالفعل في الظهور بمستواه المعهود في برشلونة، فإنه حتما سيترك بصمات تاريخية في بطولة جنوب إفريقيا. ولربما، قد نتبعُ أخيرا نصيحة الصحفي الإسباني الذي حث العالم على تغيير مصطلح "لعبة كرة القدم" إلى لعبة "ليونيل ميسي".
المفضلات