الشيخ سليمان بن أحمد الدويش
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فالشيء من معدنه لايستغرب , والرجال يعرفون في الأزمات , واشتدادِ المحن , والمواقفُ الحكيمة الراشدة لاتعرف المجاملات , ولاتنثني للأراجيف .
في كل مناسبة يكشف لنا هذا الأسد " نايف بن عبدالعزيز " أنه لايقبل المساس بالسياسة العامة للدولة , التي جعلت من الكتاب والسنة مصدراً أساسياً لها , ومن منهج السلف نبراساً لطريقها , مؤكداً على ماقاله سابقاً في محافل متعددة , من أن منهج هذه البلاد سلفي , وسيبقى سلفياً , وأنها لن تتخلى عن شعيرة الأمربالمعروف والنهي عن المنكر , مهما كلفها ذلك من ثمن , وذلك نابع من عمق الفهم والإدراك , للمخاطر التي تواجهها هذه البلاد – حرسها الله - , من قبل الأعداء الخارجيين والداخليين , من الطابور الخامس , وزوار السفارات .
هاهي يد سموه تتدخل , ليثبت للجميع أنه إذا قال فعل , وإذا أنذر أعذر , وأن من لم يكن له من نفسه واعظ , فإنه سيعظه بما يكف شره وأذاه , وأن لكل أمرٍ حد .
وهاهي المواقف تكشف الحقائق , وتبين بجلاء , أن الأمن " كل الأمن " أحد أبرز الخطوط الحمراء , التي لايمكن المساس بها , أو تجاوزها .
أراد الأسد " نايف بن عبدالعزيز " , من خلال رسائلة المتتابعة , كما في منتدى جدة الاقتصادي , حين منع الاختلاط , وبعض مظاهر الانحلال المصاحبة له , التي سبق أن صدر بشأنها بيان من سماحة مفتي عام المملكة , وكما في معرض الكتاب الدولي , المقام حالياً , الذي تم افتتاحه بالأمس , ولايخفى مافيه من تجاوزات بلغت حدَّا لايطاق , أن يقول لأعداء الأمن , أو لمن حاول أن يحصر الأمن بنمط واحد , إن الأمن أشمل مما تذهبون إليه , وأعم مما تريدون حصره فيه , وأن القائمين على الأمن سيحاربون كل مظاهر الإخلال فيه , ولن يتهاونوا في ذلك , وأن إغماض العين أحياناً لايعني الغفلة أو النوم .
أراد أن يقول لهم : إننا وبصفتنا الموكلون بالمحافظة على الأمن , لن نسمح لأهل التفجير والقتل , وسنلاحقهم في كل مكان , لإخلالهم بالأمن , ولن نسمح لمن يغذي ذلك الفكر لإخلاله بالأمن , كما لن نسمح لمن يُخل بالأمن الأخلاقي , ولهذا دعمنا وسندعم كل الجهات , المعنية بالحفاظ على أخلاق المجتمع وسلوكه , وسنمنع كل مظاهر التعدي على الأمن الأخلاقي , من سينما أو اختلاط أو نحوه , ولن نسمح بالمساس بأمن العقيدة , وسنضرب بذات اليد , كل مروج للأفكار الهدامة , والمعتقدات الفاسدة , وسنمنع كل تطاول , وسنردع كل متطاول , كما لن نسمح بالمساس بالأمن الاجتماعي , أو الأمن النفسي , أو أمن العقول , وسنجند كل إمكاناتنا لمواجهة العدوان بكل أشكاله وصوره .
نعم , لقد أراد أن يوصل هذه الرسالة , للمعنيين بالأمر , والمتابعين لما يجري , وأراد منهم أن يفهموها جيدا , كما أراد منهم أن يفهموا أمراً آخر , وهو أنه حاضر في الواقع , ومدرك لأبعاده , وأنه مطلع على التفاصيل , ومتابع للأحداث , وأن عجز المقصود بالرسالة عن فهم المراد , لايعني تخلي المرسل عن واجباته ومسؤولياته , لذلك جاءت بعض مواقفه كالصعق الكهربائي لمن توجهت إليه , ومن ذلك منعه للسينما , وحديثه عن جريدة الوطن , وما تخفيه من توجهات سيئة مشبوهة , وحديثه عن الهيئات , وأنها أحد أعمدة الدولة الرئيسية , وتهديده لزوار السفارات بقطع ألسنتهم , وإنكاره لتناول وسائل الإعلام الفج , لبعض القضايا , وتوبيخه لبعض الناس علانية , بسبب مواقفهم المتخاذلة , وتوجيهه بملاحقة الفساد في درة العروس وماشابهها , وغير ذلك مما يعجز الإنسان عن حصره .
وهاهي رسالته الحاضرة , التي لن تكون الأخيرة - بحول الله - , بالمنع العاجل للاختلاط في معرض الكتاب , ومنع الكتب المخالفة للعقيدة والأخلاق , لها مدلولها , ولم تكن من فراغ , بل هي رسالة تؤكد على أن هذه البلاد , لايصلحها ولا يصلح لها إلا الشرع , وأن من يبتغي لها وبها منهجاً غيره , فإنها تتعذَّره وستحاربه , وأن قدر هذه البلاد أن تحافظ على ما قامت عليه , من حماية جناب الشريعة , ومنع التطاول عليها , وأن ما يريده الأعداء , من فتنة وفساد , أو ما يخوفوننا به من عدو خارجي , أو إعلام غربي , لن يثنينا عن الحفاظ على مكتسباتنا , التي يتربع على رأس هرمها , ويتبوأ أسمى منزلة فيها , ديننا وقيمنا وأخلاقنا .
ومن هنا فإني أبعث رسالة ملؤها التقدير والإكبار , معطرة بأصدق عبارات الشكر والثناء , ممزوجة بالدعوات الصادقة , إلى مقام سمو النائب الثاني , لمواقفه النبيلة , وغيرته الصادقة , وسياسته الحكيمة , مؤملا أن تكون هذه القرارات , درساً لمن تسول له نفسه , أو تخدعه الأماني , وأن يعرف أن رجالات هذه البلاد , من خادم الحرمين الشريفين , وولي عهده الأمين , وسمو نائبهما , وأمير منطقة الرياض - حفظهم الله - وغيرهم , ممن يمسكون بمقاليد الحكم في هذه البلاد – حرسها وحرسهم الله - , قد تربوا في محضن الغيرة والإباء , ونهلوا من معين الحمية والشرف , فوالدهم هو الإمام عبدالعزيز – طيب الله ثراه - , وهو من علمتم في غيرته وصدقه , والشيء من معدنه لايستغرب , وهم فرع ذلك الأصل , ومعاذ الله أن يختلف الفرع عن أصله , أو أن يتغير عليه , لاسيما والأصل مما تفخر النفس به , وتنتشي لسماع أخباره , وتطرب لسيرته , وتعجب من حميته وغيرته .
وأبعث رسالة أخرى , إلى الذين يريدون السوء لهذه البلاد , أوالذين يريدون لنا أن نتلقف زبالات الأفكار , وأن نتلطخ بما هجره غيرنا , أو اكتوى بنار فساده , من مظاهر الانحراف والفساد , من الاختلاط والتبرج والتحرر , أن يعودوا إلى رشدهم , ويراجعوا أنفسهم , وأن يعلموا أنه لامكان لهم هنا , وأن بلادنا – حكاما ومحكومين - لاترضى بغير الفضيلة , وستحارب بكل قوة من يحارها .
اللهم عليك بالفجرة المنافقين , والخونة الليبراليين , والرجس العلمانيين .
اللهم اهتك سترهم , وزدهم صغارا وذلا , وأرغم آنافهم , وعجل إتلافهم , واضرب بعضهم ببعض , وسلط عليهم من حيث لايحتسبون .
اللهم اهدِ ضال المسلمين , وعافِ مبتلاهم , وفكَّ أسراهم , وارحم موتاهم , واشفِ مريضهم , وأطعم جائعهم , واحمل حافيهم , واكسُ عاريهم , وانصرمجاهدهم , وردَّ غائبهم , وحقق أمانيهم .
اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك مؤيدا وظهيرا , ومعينا ونصيرا , اللهم سدد رميهم , واربط على قلوبهم , وثبت أقدامهم , وأمكنهم من رقاب عدوهم , وافتح لهم فتحا على فتح , واجعل عدوهم في أعينهم أحقر من الذر , وأخس من البعر , وأوثقه بحبالهم , وأرغم أنفه لهم , واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترس من السباع .
اللهم أرنا الحق حقاوارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه , ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل .
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا .
اللهم أصلح الراعي والرعية .
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليها دينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء .
هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
وكتبه
سليمان بن أحمد بن عبدالعزيزالدويش
المفضلات