أولاً وقبل كل شئ..
لا أحب أبداً أن أخفي " عتبي " في داخلي.. لإيَّ إنسان كان..
هذه هي مشاركتي الثانية لهذا الموضوع لأنني لم أكتفي بمشاركتي الأولى لأهمية ما جاء في الموضوع..
ولكن ما يزيدني غرابة ودهشة أن جميع المشاركات التي قبل مشاركتي وبعدها مباشرة قد أقتبست وردّ عليها..
ولكن عادة لا أهتم لمثل هذه الأحوال.. فربما صدقوا البدو حينما قالوا..
( المنسي مابه خير )..
المهم نعود للموضوع أختي الفاضلة المحترمة..
وفاصلة أخرى..
يجب أن يكون التوافق مرضياً بين الوجدان والعقل..
حتى تكون نظرة الإنسان للحياة نظرة واقعية وناضجة..
حينها سيكون على علـمٍ وقناعة بأنه وحده المسؤول عن كل ما يصدر عنه..
ولكن هنا وهناك حدث الكثير من الحوادث في عالمنا اليوم وكلنا قرأنا وسمعنا بها..
هناك أطفال حكم عليهم بالأعدام بسبب جرائم أرتكبوها عندما كانوا صغاراً إلى حد يبلغ ثلاثة عشر عاماً..
والشريعة الأسلامية لا تفرض أبداً عقوبة الأعدام بحق الأشخاص الذين لم يبلغوا سن الرشد..
في يوليو عام 2005 حكم بالأعدام على أحمد ذو الأربعة عشر عاماً من
العمر بسبب قتله طفلة اخرى عندما كان يبلغ الثالثة عشر من العمر.. ونفذَّ الحكم في الخامسة عشر
وحاكمت محكمة الدمام أحمد بأعتباره بالغاً بناءاً على تقديرها لخشونة صوته.. وظهور شعر العانة لديه..
مع أنه يحتاج لأخصائي نفسي لفحصه من أجل تحديد مدى بلوغه..
فالقضية قضية عقل ومبدأ..
فما دام ترون الخامسة عشر أو السادسة بالغاً.. يتحكم بتصرفاته وأموره
ويرى أحوال الأمور على حقيقتها.. فجميعكم لديكم أخوة مادون الثامنة عشر
ولكنكم تديرون أمورهم وتراقبونهم دائماً.. لدرجة تتحكمون في أختياراتهم..
لماذا.. ؟؟
لأن لديكم يقين وإيمان بأنه لم يصل للمرحلة التي يتحكم فيها سواء عن قراراته أو تصرّفاته.. فما زال بنظركم طفلاً يحتاج
للرعاية والرقابة..
إذاً لم تكتمل عنده التكوينات التي تريدونها وترونها..
فبعض الناس يقولون بألسنتهم ما ليس بقلوبهم..
يطبّقون أقوال الأحكام ولا يطبقون أفعالها..
ويرون أن مرحلة البلوغ هي الخامسة عشر ولكن لا يرون في حياة أقربائهم وأخوانهم بأنهم بالغين قادرين على
التحكم في تصرفاتهم..
أن الله عز وجل حينما بيّن سنّ الرّشد لم يقل أن هذا هو نهاية المطاف
وبأن الإنسان قد وصل إلى نهاية مرحلة بلوغه..
بل بيّن أن للبلوغ شروط وأن شرط العمر هو بداية شروطها ثم يأتي بعده شرط العقل والأدراك والوجدان والأخلاق..
فلم يترك الإسلام كبيرة وصغيرها إلآ وأحصاها..
ولكننا نتنقل بين هنا وهناك..
فيجب أن لا نحمّل الأطفال فوق ما لا يحتملوا ذنبهم..
أنتِ أو أنتَ لديك أخ عمره الخامسة عشر أو السادسة عشر قتل إنساناً..
هل ترى أنه يجب أن يعاقب.. أم يعاقب غيره.. ؟؟
فيجب أن لا ننظر إليهم بالعين التي نظر بها الكثير من قسا عليهم في حكمه..
لأن كل واحد منهم له شريك في جريمته..
فأهله لم يحسنوا تربته.. !!
ومجتمعه الإنساني هو الذي من أغراه ومهد له جريمته.. !!
وحكومته هي التي وضعته في سجون الأحداث ليتعلّم من غيره براعة الجرائم وأفضل طرائقها..
فلو لقنوه فيما يلقنونه من دروس الأخلاق والأداب وربّوه على الأستقلال الذاتي والأخلاقي.. ما حدث له ما حدث.. !؟
فما تحت سنّ العشرين لا يجني الله عليه ولا نفسه.. وأنما يجني عليه أهله وناسه ومجتمعه الذي يعيش فيه..
فالنهبط للواقع قليلاً.. وندرك ما كان غائباً عن عقولنا.. ونعيش الأحكام بالأفعال والأقوال.. لا أن نسقط منهما شيئاً..
أما عن زواج القاصر..
فأعتقد وبفكري وحدي دون غيري..
أن أكبر جرماً..
أن يزوج الأب أبنته ما تحت الخامسة عشر..
ومن قال بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتزويج المبكّر..
أقول له بأن رسولنا الحبيب لم يقصد أن تزوجوا الذي لا يعي إدارة الأمور.. ولا الذي لا
يتستطع تحمّل مسؤوليتها.. وأنما قصد صاحب الأخلاق العاقل القادر على إمساك زمام الأمور وإدارتها على أحسن أوجهها..
أخيراً وفاصلة أخرى..
يجب أن ننظر أولاً إلى أحوال الأنفس قبل محاكمة عقولها وأجسادها..
فما خلق الله الإنسان مجرماً أو لصاً..
بل خلق له روح وقلب وعقل.. ويحتاج للتربية والوقت لتنضج معه.. فيكون إنساناً
يحكم تصرفاته.. ولكننا نزجره ونسحقه دون أن يغمض لنا جفن.
والله أعلم..
المفضلات