عمدة كفر البلاص ( 19 )
( هناك ، قريبا من المسجد ،
أخذ بعض الرجال يعملون بهمة و نشاط ،
مددوا فوق الأرض بجوارهم بعض الأنابيب المعدنية ، أخذوا يحفرون بفؤوسهم حتى أحدثوا فجوة عميقة بالأرض ،
ربط العمال ثلاثة أعمدة حديدية ببعضها البعض بالحبال من أطرافها العلوية ، نصبوها بشكل أفقي ، باعدوا بين أطرافها السفلية لتأخذ شكلا هرميا فوق هذه الفجوة ،
ثبتوا بأعلى الأعمدة بكرة يتدلى منها طرفي حبل ، مثبت في أحدهما أسطوانة حديدية مفرغة ،
أخذ أحدهم يجذب الطرف الآخر من الحبل ثم يفلته بصورة متكررة حتى بدأت هذه الاسطوانة تغوص بالأرض ،
و كلما غاصت مسافة ما بباطن الأرض ، رفعوها ليفرغوا ما بداخلها من الرمال ،
ثم يعودوا لتكرار شد الحبل و إفلاته بصورة مترددة ,
أخذ الرجال يرددون إنشادهم بصوت رخيم )
ـ هيلا هيلا ، صلوا ع النبي ، هيلا هيلا ...
( في هذه الأثناء مر عليهم الخفير التوابتي ، صرخ فيهم )
ـ بتهبب إيه يا جدع انته و هو ؟ و مين اللي أذن لك أصلا إنك تحفر جنب دار شيخ الغفر ؟ هي العملية سايبة و الا يعني .....
( يخرج شيخ الخفر من داره على إثر صرخاته )
ـ مالك يا توابتي فيه إيه ؟
ـ لا مافيش يا حضرة شيخ الغفر ، ده أنا كنت باسألهم بس بيعملوا إيه جنب دارك ؟
ـ و انته مالك انته ؟ لازم يعني تحط مناخيرك في كل حاجة ؟
ـ العفو يا شيخ الغفر العفو ، بس أنا كنت فاكر إن آني ها ....
ـ أنت ها تقعد تحكي لي قصة حياتك ، اجري بسرعة لعمك حسنين هات للرجالة صندوق كاكولة .
ـ فوريرة .
ـ الهمة يا رجالة ، عاوزين نخلص قبل الضهر عشان الشمس .
ـ أمرك يا شيخ الغفر .
( يمر الشيخ جمعة )
ـ سلام عليكم .
ـ سلام سيدي و رحمة الله و بركاته ، عملت إيه يا شيخ جمعة ؟
( يسلم على شيخ الغفر ، يميل مقتربا من أذنه )
ـ زي ما قلت لي بالظبط ، ما فيش نفر في البلد إلا و عرف إنك الكل في الكل دلوقتي ، ده غير شاعر الربابة اللي داير في البلد يحكي لهم حكاية أبو زيد الهلالي اللي قتل السلعوة ، ما عدش للناس سيرة غير شيخ الغفر و أفضاله ع الكفر و أهل الكفر ...
ـ تمام كده ، الله ينور عليك .
ـ لا مؤاخذة و لو فيها رزالة يعني ، الجماعة دول شكلهم أغراب مش م الكفر ، همه بيعملوا إيه لا مؤاخذة ؟
ـ و الله العظيم عارف إنك ها تسأل السؤال ده ، بس برضه ما فيش مانع تعرف و تعرف البلد كلتها ، دول رجالة جايبهم م البندر عشان يدقوا لنا طرمبة مية ، خلاص ، ما عدش شرب م الترعة بعد كده .
ـ الله يبارك فيك يا شيخ الغفر ، أيوة كده ، هو ده الكلام .
ـ و أديني عاملها بيني و بين الجامع أهو ، عشان اللي عاوز يتوضى و اللي عاوزة تطبخ .......
ـ روح يا شيخ الله يعمر بيتك ، بعد إذنك لما أروح أخلي الولية تعمل للرجالة براد شاي .
ـ ما لوش لزوم ، الواد التوابتي راح يجيب لهم كاكولة .
ـ بسم الله ما شاء الله ، كده بقى البلهارسيا ها تخرج من بلدنا بلا رجعة .
ـ هي البلهارسيا بس ، دي البلهارسيا و كل الأمراض و البلا الأزرق اللي معششة في الكفر ، خلاص ، الجهل و العك اللي كنتم غرقانين فيه ده خلاص ، بح .
( يأتي التوابتي يحمل صندوق المياه الغازية على كتفه )
ـ ساقعة يا وله ؟
ـ أمال إيه ؟ ده أنا أول ما قلت له عاوز كاكولة لشيخ الغفر نزل جوه الحفرة بنفسه و عبى لك الصندوق كله من تحت خالص .
ـ طب حطه هنا يا وله ، و افتح لكل واحد م الرجالة قزازة ، و افتح لك واحدة انته كمان و هات أسقع واحدة هنا لعمك الشيخ جمعة .
ـ أوامرك يا شيخ الغفر .
ـ الله يعمر بيتك يا شيخ الغفر ، طول عمر بيت أبو حماد بيت كرم بصحيح.
ـ طب تعالى ندخل جوه و خلي الرجالة تشوف شغلها .
( يدخل شيخ الخفر و الشيخ جمعه إلى داخل الدار بينما يعود الرجال للعمل بجد و نشاط ، تتردد أصواتهم )
ـ هيلا هيلا ، صلي ع النبي ، هيلا هيلا ....
( داخل الدار ، يجلس شيخ الغفر و الشيخ جمعه يتجاذبان أطراف الحديث)
ـ أخبار صحة العمدة إيه دلوقتي ؟
ـ زي ما هو ، لا بينطق لا من فوق و لا من تحت .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، هو إيه اللي جرى له ؟
ـ و هو انته بتستقل الكفر و بلاويه ، ده أنتم تنقطوا و تشلوا أتخن تخين ، و بعدين بيني و بينك العضمة كبرت بعيد عنك .
ـ طب و الدكتور رأيه إيه ؟
ـ ها يقول إيه ؟ كل ما أسأله يقول لي الأمل في ربنا كبير ، بس شكلها كده ما فيش فايدة ،آدينا بنعمل اللي علينا و الباقي على ربنا .
ـ طب ما ينفعش نسفره يتعالج ؟
ـ سفر إيه يا شيخ جمعة ، و همه يعني الدكاترة هناك على راسهم ريشة ؟ ما هم برضه دكاترة زي الدكتور اللي عندنا بالظبط ، و الشهادة لله الراجل مش مقصر معاه في أيتها حاجة .
ـ على رأيك ، يلا ، ربنا يتولاه برحمته .
( يدخل التوابتي يصرخ )
ـ إلحق يا شيخ الغفر ...
ـ فيه إيه يا وله ؟
ـ الطرمبة اللي الرجالة دقوها ...
ـ مالها يا وله ؟ حصل إيه ؟ اتكلم ؟
ـ تعالى شوف بنفسك .
( ينتفض شيخ الخفر واقفا ، ينطلق إلى خارج الدار )
ـ فيه إيه يا رجالة ؟
( و إذا بشعلة نار عالية تخرج من الأنابيب المغروسة بالأرض )
ـ إيه ده ؟
ـ إلحق يا شيخ الغفر ، الكفر عايمة على بير بترول ...
ـ بترول ؟
ـ أيوة ، تلاتة بالله العظيم أهوه ، شوف بنفسك ...
ـ إيه النار دي يا وله ؟
ـ ده الغاز اللي بيبقى متخزن فوق بير البترول ، و لو غوطنا شوية ها نوصل للبير ذات نفسه .
( يتقافز الجميع فرحا في الهواء ، يحتضنون بعضهم ،
تتعالى الصرخات هنا و هناك ،
يصرخ شيخ الخفر فيهم )
ـ بس يا وله انته و هوه ، حسك عينك حد يعرف بالموضوع ده لغاية لما نتأكد ، واد يا توابتي .
ـ أمرك يا كبير البلد ؟
ـ طفوا النار دي و اقفلوا الماسورة دي بسرعة ، و حط لي عليها اتنين غفر ما يرمشوش .
ـ أمرك يا كبير البلد .
( يتبع )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
عمدة كفر البلاص ( 20 )
( نشاط غير عادي يدب في القرية ،
رجال أشداء من ذوي البشرة البيضاء يرتدون ملابس زرقاء و على رؤوسهم خوذات صفراء ، يعملون بجد و نشاط ،
تحول الكفر إلى معسكر حربي ،
معدات و سيارات و آلات حفر عملاقة تنتشر هنا و هناك ،
تجمهر الأهالي عن بكرة أبيهم حول السياج الذي ضربه الرجال حول المكان )
ـ يا حلاوة يا ولاد .
ـ علي الطلاق بالتلاتة ما هم أجانب ، تلاقيهم صابغين شعرهم أصفر .
ـ يا سلام ، و صابغين جلدهم أبيض كمان ؟
ـ طب حد فيكم سمعهم و همه بيتكلموا انجليزي ؟
ـ و الله العظيم أجانب ، أقطع دراعي من هناهو إن ماكانوش أجانب ..
ـ ياراجل حرام عليك ده أنا سامع بوداني اللي ها ياكلها الدود الراجل اللي واقف هناك جنب الونش دهو و هو بيقول ( نو ) و (يس) كمان ...
ـ ما يمكن تكون قطة مستخبية تحت الونش بتنونو و هو بيقولها ( بس )..
ـ طب بص بص بص ، السيجارة اللي بيشربها عاملة إزاي ....
ـ يا حلاوة يا ولاد ، تلاتة بالله العظيم شيخ الغفر ده مرزق ، شوف حصل إيه أول ما مسك البلد ...
ـ و الله و ها تتنغنغي يا بلد ...
ـ أمال فين شيخ الغفر يا وله .
ـ قاعد مع البهوات جوه عشان يتفق معاهم .
ـ و المصحف ما ها نشوف أيام أحلى من أيامك يا شيخ الغفر .
ـ شوف قلب حال البلد إزاي .
ـ طب و رحمة أمي ربنا بيحبنا عشان بعت لنا الراجل دهو ، قولوا ورايا بسرعة يا ولاد الوزة ، شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة .
( يهتف الأهالي باسم شيخ الخفر )
ـ شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة .
ـ شيخ الغفر يا كبير ، طلع نغنغنا من البير .
ـ شيخ الغفر يا كبير ، طلع نغنغنا من البير .
( داخل الدار ،
جلس شيخ الخفر على كرسيه ، جلس إلى يمينه امرأة شقراء و عن يساره يجلس رجل أشقر يرتدي بنطال (جينز) أزرق و قميص أبيض أنيق ، يقف وراءهم رجل بملابس زرقاء و على رأسه خوذة صفراء ،
تضع المرأة أمام شيخ الخفر بعض الأوراق )
ـ جرى إيه يا حاجة ؟ ها أمضي عمياني يعني ؟ لا معلش ، مش ها أمضي على أيتها حاجة إلا لما أعرف الأول إيه اللي لينا و إيه اللي علينا .
( يتكلم الرجل الجالس بجواره بالإنجليزية ، عندها يقوم الرجل الواقف وراءهم بترجمة كلامه )
ـ سنأخذ حك استخراج البترول و تكريره و تصديره مكابل خمسة دولارات للبرميل الواحد ، و سنضع هذه الأموال في حسابكم الذي سنفتحه لكم ببنوك سويسرا ، علاوة على ذلك سنقوم بإعلان استقلال بلدكم ، لتصبح دولة ذات سيادة و تعيينكم زعيما لهذه الدولة ....
ـ نعم نعم ؟ طب و العمدة الله يطول لنا في عمره ؟
ـ لا عليك سيدي الزعيم ، سنأخذه في طائرة خاصة و نعالجه في مستشفياتنا و سيلقى العناية اللازمة .
ـ أيوة بس هو العمدة برضك ، و المفروض يفضل عمدة .
ـ و من قال أننا سنقيله من العمودية ، سيظل كما هو بنفس مسماه ، عمدة كفر البلاص ، و لكن دولة كفر البلاص شيء آخر و كيان آخر ، فلن يعترف المجتمع الدولي بكفر البلاص ، و لكن أمام العالم ستكون دولة كفر البلاص ، دولة مستقلة ذات سيادة ، مجرد مسميات لا أكثر يا أخي الزعيم ، و لك طبعا مطلق الحرية في اختيار من يساعدوك في هذه المهمة ، كما أننا سنقوم كذلك بتوفير الحماية لبلدكم .
ـ حماية ؟ ليه إن شاء الله ؟
ـ سيدي الزعيم ، أنت تعلم جيدا أن بلدكم لصغر حجمها من الممكن أن تكون مطمعا لأية قوة غريبة تقوم باحتلالها و نهب ثرواتها ، لذلك لن تستطيعوا حماية أنفسكم بهذه البنادق الخشبية ، و لكن سنمدكم بكل الآلات العسكرية اللازمة من دبابات و صواريخ و طائرات و جنود ...
ـ طيب ، بس أني برضه عاوز أهالي الكفر ينوبهم م الحب جانب ، الأرض اللي انتم ها تحفروا و تدوروا فيها دي برضه أرضهم و وارثينها أبا عن جد .
ـ أكيد ، فسنكوم بتوفير بيت و سيارة و راتب شهري كبير لكل فرد مكابل حرية التنقيب في أي مكان تختاره الشركة .
ـ عظيم ، طيب و الأكل و الشرب و الذي منه ؟
ـ سنقوم ببناء مجمعات استهلاكية لكل أصناف الأطعمة و المشروبات ، يشترون منها ما يلزمهم ، علاوة على توزيع حصة تموينية لكل منهم مجانا .
ـ كده بقى ممكن أمضي و أبصم لكم بالعشرة كمان .
( يوقع شيخ الخفر على الأوراق التي أمامه ، يصيح الرجل الأشقر )
ـ ما تسمعينا زغروتة يا جاكلين .
( تتعالى الضحكات بينما تضع المرأة الشقراء يدها على فمها تزغرد ،
تنطلق على إثرها الزغاريد و التصفيق و التهليل خارج الدار ،
و تعزف الموسيقى و يتراقص العمال فرحا ،
أخذ الأهالي يهتفون و يرددون )
ـ شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة .
ـ شيخ الغفر يا كبير ، نغنغنا و طلع م البير .................
( يتبع )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
عمدة كفر البلاص ( 21 )
( تبدلت بيوت كفر البلاص الطينية قصورا ،
كل قصر يقف أمام بابه أكثر من سيارة فارهة ،
تبارى أهالي القرية في فخامة القصور و السيارات ،
كل منهم يحاول التميز عن الآخرين ،
في مكان فسيح على أطراف القرية ، يبدو عليه أنه أعد خصيصا للمباريات ،
أقيم حول المكان بعض المصاطب في صورة مدرجات حجرية للمشاهدة ،
بدء بعض الأهالي يتوافدون ،
كل منهم يجلس داخل هودج مفروش بفراش حريري محشو بريش النعام ، مطرز بخيوط ذهبية بأبهى الزخارف الملونة ، يتكئون على الوسائد اللينة ،
كل هودج يحمله أربعة رجال أشداء من ذوي البشرة السمراء ، عرايا الصدر و البطن ،
ما إن وصلوا إلى المكان حتى وضع الحمالون كل هودج فوق إحدى المصاطب الحجرية ،
يرفع أحد الحمالين طرفي الستائر الحريرية الشفافة المثبتة في جوانب الهودج ، يخرج الآخر مروحة من ريش النعام يحركها لأعلى و أسفل لتحريك الهواء ،
أشار الرجل الجالس داخل هودجه لأحد الحمالين ليقترب منه ،
حدثه بصوت واهن )
ـ خدني جنب سيدك توفيق .
( رفع الحمالون الهودج ، لاصقوه بجوار آخر ،
عندها رحب به توفيق الذي يجلس داخل هودجه )
ـ يا أهلا و سهلا ، عامل إيه ؟
ـ زي ما أنته شايف .
ـ انته جبت منين العبيد البيض دول ؟
ـ و غلاوتك لسه جايبهم من أوروبا امبارح ، طلبتهم من شركة ع النت امبارح الصبح ، لقيتهم واصلين بالليل .
ـ طب ما تبقى تجيب لي زيهم .
ـ من عيني حاضر ، بس لو أنا منك تاخد الصيني أحسن .
ـ إشمعنى ؟؟؟
ـ الصيني ها يبقى شكله جديد ، عينين ضيقة و كلهم ها يبقوا شبه بعض ، و بعدين كلهم مقاس واحد ، غير كده بيلعبوا كراتيه و يعملوا أكروبات ، و أندومي كمان ، يعني فول أوبشن .
ـ خلاص شوف لي الصيني .
( ينادي توفيق )
ـ هات اللاب توب يا وله .
( يحضر أحد الحمالين له جهاز الكمبيوتر المحمول ، يقوم توفيق بالعبث بالمفاتيح )
ـ خلاص يا ريس ، الليلة يكونوا عندك وحياتك .
ـ خلاص كده ؟
ـ طبعا ، شوفت العربية الجديدة بتاعتي ؟
ـ لا .
ـ فيه شركة أجنبية بعت لها تعمل لي عربية مخصوص ، هاند ميد يعني ..
ـ يعني إيه ؟ مش فاهم .
ـ صانعينها لي مخصوص على إيديهم ، بتشتغل بالطاقة الشمسية ، و فيها أوضة نوم و أوضة سفرة و حمامين و مطبخ ، حاجة كده على ما قسم .
ـ الله عليك ، و النبي تقول لهم يعملوا لي واحدة أني كمان .
ـ حاضر ، بس هو أني كل ما أعمل حاجة تقولي اعملي زيها ؟
ـ من جاور السعيد يسعد ، و بعدين انته مش صاحبي ؟ يبقى لازم تساعدني برضك ، أمال ها أطلب م الغرب يعني .
ـ ماشي يا سيدي ، و لا يهمك .
ـ هو الماتش ها يبدأ أمتى ؟
ـ أهم وصلوا أهم .
( أتي بعض الرجال من ذوي البشرة السمراء ،
كل منهم يحمل سلحفاة كبيرة كتب على ظهر كل منها رقما ملونا ،
عندها بدأ المذيع الداخلي للساحة بالتعليق على المباراة )
ـ سيداتي سادتي ، ستبدأ بعد قليل المباراة النهائية بين السلاحف التي وصلت لهذه المرحلة ، و أحب أن أذكركم أن أكثر من ثلاث مائة سلحفاة قد اشتركت في هذه المسابقة ، لم ينجح غير أربع سلاحف في الوصول لهذه المرحلة النهائية ،
سلحفة أبو اسماعين في الحارة رقم واحد ...
( يصفق الحمالون )
ـ و سلحفة توفيق أبو شقفة في الحارة رقم اتنين ...
ـ سقف جامد يا وله دي بتاعتي ..
( يصفق الحمالون بقوة )
ـ و سلحفة إبراهيم أبو عطية في الحارة رقم تلاتة ..
( تصفيق )
ـ و أما سلحفة التهامي أبو خميس في الحارة رقم أربعة ،
( وضع الرجال السلاحف على خط البداية المرسوم فوق الأرض ،
انبطح كل منهم خلف سلحفاته يحفزها ،
أشار أحدهم برايته الشطرنجية فبدأ السباق ،
بدأت السلاحف تتحرك داخل الحارات التي أعدت لكل منهم ،
بدأ كل من الرجال المنبطحين خلف السلاحف يزحف صارخا لتحفيزها ،
في هذه الأثناء تتوافد بعض الجواري ، يحملن على رؤوسهن ما لذ و طاب من الطعام و الشراب ،
تذهب كل منهن لتضع الطعام و الشراب الذي تحمله أمام سيدها داخل هودجه ،
أخذ الجميع يشاهدون المباراة بينما يتناولون طعامهم و شرابهم ،
بعد قليل أتت بعض الجواري ، تحمل كل منهن أرجيلة كبيرة تفوح منها رائحة الحشيش ، تضعها أمام سيدها ،
ما هي إلا ساعات قليلة حتى كادت السلاحف أن تصل لخط النهاية ،
عندها زاد التصفيق و التهليل ، عندها تعالى صوت المذيع محفزا )
ـ ها هي سلحفة السيد توفيق أبو شقفة تحاول التقدم إلى خط النهاية ، و نرى أيضا سلحفة السيد التهامي أبو خميس تحاول و تحاول ،
الله عليكم ، إيه الحلاوة دي ؟ ما هي إلا كام شبر و تصل ، إنها تبذل مجهودا غير عادي ، إنها من النوع النادر ، فعلا ، الغالي تمنه فيه ، الله عليها ، هيا هيا ، فاضل ع الحلو دقة ، لا تقول لي استراليا و لا اليابان ، سلحفة توفيق أبو شقفة هي اللي ها تفوز بالمهرجان ، الله ، الله ، الله ، يلا ، يلا ، يلا ، هيـــــــــه ، الله أكبر ، لقد وصلت فعلا لخط النهاية ...
( تهليل و تصفيق ، يتقافز الحمالون فرحا ، يقبلون بعضهم البعض )
ـ ها هي سلحفة السيد توفيق أبو شقفة تفوز بالمركز الأول ، مبروك ، ألف مبروك ، سلحفة السيد التهامي أبو خميس في المركز التاني ، و سلحفة أبو اسماعين في المركز التالت ، مبروووووك للفائزين ، ألف مبرووووووك ..
( عندها يحمل الحمالون السلحفاة ، يأخذونها إلى هودج توفيق ، يقبلها ، يأخذها أحد الحمالين و يرحل ،
رجل يحمل كاميرا تلفزيونية ، بصحبته فتاة شقراء ، يتوجهون إلى هودج توفيق ، تسأله الفتاة بينما يقوم الرجل بالتصوير )
ـ مبروك يا سيد توفيك ، ألف مبروك ..
ـ الله يبارك فيك ، شكرا .
ـ هل لنا أن نعرف سر هذا التفوك للسلحفاة التي تخصكم ؟
ـ فيه ناس كتير بتسألني السؤال ده ، و طبعا أحب أجاوب عليه من خلال شاشة تليفزيون كفر البلاص ، يا جماعة الفوز ده مش جاي من فراغ ، ده أني صارف عليها كتير و الله ، أولا السلحفة دي من النوع النادر اللي مش موجود زيه في أي مكان في العالم ، ده أنا جايبها من أدغال استراليا ، دي بتاكل خص ورور أمريكي ، بيجي مخصوص كل يوم بطيارة خاصة ، غير كده جايب لها مدربين متخصصين في النوع ده بالذات من هولندا ، ده بقى غير الدكاترة اللي جايبهم لها من انجلترا ، السلحفة بالذات كل ما تراعيها و تدلعها كل ما تديك .
ـ شكرا على هذا الحديث الحصري لتلفزيون كفر البلاص و في النهاية تحب تسمع أغنية إيه ؟
ـ بأحب أسمع فنان كفر البلاص المحبوب ، الكوارشي ، في أغنيته المشهورة ، دلعنا أكتر دلعنا .
( يتبع )
المفضلات