يقول تعالى ( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون )
يقف المسلم المتدبر في آيات القرآن الكريم عند كلمة " الحيوان " فى قوله تعالي " وإن الدار الآخرة لهي الحيوان " (العنكبوت 64 )
ويقول في نفسه :
ما علاقة "الحيوان" الذى يمشى على أربع بالدار الآخرة ؟
فيقرأ الآية مرة ثانية " فيجد المولى سبحانه وتعالى يختم الآية الكريمة بقوله " لو كانوا يعلمون " وفى ذلك إشـارة ضمنيــة إلى البحــث في هذه الكلمة ، فيرجع إلى كتب التفاسير، فيجد تفسيرا للكلمة تأتى فى بعضها على النحو التالى :
(1) ( الطبري ) الحيوان: حياة لا موت فيها.
(2) ( ابن كثير ) الحيوان: أى الحياة الحق التي لا زوال لها ولا انقضاء، بل هى مستمرة أبد الآباد.
(3) ( القرطبى ) الحيوان : أى دار الحياة الباقية التى لا تزول ولا موت فيها ، وزعم أبو عبيد أن الحيوان والحياة والحي بكسر الحاء واحد .
(4) ( البغوى ) الحيوان: أى الحياة الدائمة الباقية، والحيوان بمعني الحياة، أى: الحياة الدائمة.
(5) ( البيضاوي ) الحيوان: مصدر حي، سمي به ذو الحياة وأصله حييان فقلبت الياء الثانية واواً وهو أبلغ من الحياة لما فى بناء فعلان من الحركة والاضطراب اللازم للحياة.
(6) ( فتح القدير ) قال ابن قتيبة وأبو عبيدة: إن الحيوان الحياة، وقال الواحـــدي ( وهو قول جميع المفسرين) ذهبوا إلى أن معني الحيوان هاهنا الحياة.
ومن هذه التفاسير ، يعلم المسلم أن معني الحيوان هنا " الحياة " وليس " الحيوان " الذى يمشى على أربع ، فيسأل المسلم نفسه مرة أخرى :
لماذا ذكر رب العزة الآية بلفــظ " الحيوان " ولم يذكرها بلفظ "الحياة " ؟
لابد أن هناك فرقا في المعني بين اللفظين......... نعم هناك فرق بين اللفظين فى المعنى ، وسببه النون المسبوقة بالألف المد ، ونعلم جميعا أن كل زيادة فى مبنى الكلمة تعطى زيادة فى المعنى ، مثل : كلمة " مدرس " و " مدرسون " فزيادة الواو والنون هنا زيادة فى المبنى وتعطى زيادة فى المعنى ، لأن كلمة مدرس تدل على المفرد ، والواو والنون تدل على الجمع ، وهو ما يسميه علم اللغة الحديث : المورفيم : وهو أقل وحدة صرفية تحمل معنى فى بنية الكلمة ، والنون المسبوقة بالألف المد فى نهاية الاسم تعطى زيادة فى المعنى وهى : حقيقة الشيء ، والاسم بدون الألف والنون يدل على صورة الشىء ، والفرق بين حقيقة الشىء وصورته ، كالفرق بين حقيقة الشخص وصورته فى المرآة ، فالحياة صورة ، أما الحياة بزيادة الألف والنون ( بحذف تاء التأنيث وقلب الألف واوا ) هى الحيوان أى حقيقة الحياة .
المفضلات