صفحة 9 من 16 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 90 من 152

الموضوع: 乂 تأملات قـرآنيــــة 乂

  1. #81
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    سورة الانسان


    3-إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً
    مقدمة تفسير سورة الإنسان بسم الله الرحمن الرحيم سورة الإنسان وهي مكية قد تقدم في صحيح مسلم « 879 » عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة « ألم تنزيل » السجدة و « هل أتى على الإنسان » وقال عبد الله بن وهب أخبرنا ابن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقرأ هذه السورة « هل أتى على الإنسان حين من الدهر » وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود فلما بلغ صفة الجنان زفر زفرة فخرجت نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج نفس صاحبكم أو قال أخيكم الشوق إلى الجنة مرسل-غريب يقول تعالى مخبرا عن الإنسان أنه أوجده بعد أن لم يكن شيئا يذكر لحقارته وضعفه فقال تعالى « هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا » ثم بين ذلك جل جلاله « إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج » أي أخلاط والمشج والمشيج الشيء المختلط بعضه في بعض قال ابن عباس في قوله تعالى « من نطفة أمشاج » يعني ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا ثم ينتقل بعد من طور إلى طور وحال إلى حال ولون إلى لون وهكذا قال عكرمة ومجاهد والحسن والربيع بن أنس الأمشاج هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة وقوله تعالى « نبتليه » أي نختبره كقوله جل جلاله « ليبلوكم أيكم أحسن عملا » « فجعلناه سميعا بصيرا » أي جعلنا له سمعا وبصرا يتمكن بهما من الطاعة والمعصية وقوله جل وعلا « إنا هديناه السبيل » أي بيناه ووضحناه وبصرناه به كقوله جل وعلا « وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى » وكقوله جل وعلا « وهديناه النجدين » أي بينا له طريق الخير وطريق الشر وهذا قول عكرمة وعطية وابن زيد ومجاهد في المشهور عنه والجمهور وروي عن مجاهد وأبي صالح والضحاك والسدي أنهم قالوا في قوله تعالى « إنا هديناه السبيل » يعني خروجه من الرحم وهذا قول غريب والصحيح المشهور الأول وقوله تعالى « إما شاكرا وإما كفورا » منصوب على الحال من الهاء في قوله « إنا هديناه السبيل » تقديره فهو في ذلك إما شقي وإما سعيد كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم « 223 » عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل الناس يغدو فبائع نفسه فموبقها أو معتقها وقد تقدم في سورة الروم عند قوله جل جلاله « فطرة الله التي فطر الناس عليها » من رواية جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه إما شاكرا وإما كفورا وقال الإمام أحمد « 2/323 » حدثنا أبو عامر حدثنا عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مامن خارج يخرج إلا ببابه رايتان راية بيد ملك وراية بيد شيطان فإن خرج لما يحب الله اتبعه الملك برايته فلم يزل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته وإن خرج لما يسخط الله اتبعه الشيطان برايته فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع إلى بيته وقال الإمام أحمد « 3/321 » حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن ابن خثيم عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة أعاذك الله من إمارة السفهاء قال وما إمارة السفهاء قال أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهداي ولايستنون بسنتي فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولايردون علي حوضي ومن لم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون على حوضي ياكعب بن عجرة الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة والصلاة قربان أو قال برهان ياكعب ابن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به ياكعب الناس غاديان فمبتاع نفسه فمعتقها وبائع نفسه فموبقها ورواه « 3/399 » عن عفان عن وهيب عن عبد الله بن خثيم به




    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  2. #82
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    12-وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً
    يخبر تعالى عما أرصده للكافرين من خلقه من السلاسل والأغلال والسعير وهو اللهب والحريق في نار جهنم كما قال تعالى « إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون » ولم ذكر ما أعده لهؤلاء الأشقياء من السعير قال بعده « إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا » وقد علم ما في الكافور من التبريد والرائحة الطيبة مع ما يضاف إلى ذلك من اللذاذة في الجنة قال الحسن برد الكافور في طيب الزنجبيل ولهذا قال « عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا » أي هذا الذي مزج لهؤلاء الأبرار من الكافور هو عين يشرب بها المقربون من عباد الله صرفا بلا مزج بها ولهذا ضمن يشرب معنى يروى حتى عداه بالباء ونصب عينا على التمييز قال بعضهم هذا الشراب في طيبه كالكافور وقال بعضهم يجوز أن يكون منصوبا ب « يشرب » حكى هذه الأقوال الثلاثة ابن جرير وقوله تعالى « يفجرونها تفجيرا » أي يتصرفون فيها حيث شاؤا وأين شاؤا من قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم والتفجير هو الإنباع كما قال تعالى « وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا » وقال « وفجرنا خلالهما نهرا » قال مجاهد « يفجرونها تفجيرا » يقودونها حيث شاءوا وكذا قال عكرمة وقتادة وقال الثوري يصرفونها حيث شاءوا وقوله تعالى « يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا » أي يتعبدون الله فيما أوجبه عليهم من فعل الطاعات الواجبة بأصل الشرع وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر قال الإمام مالك « 2/476 » عن طلحة بن عبد الملك الأيلي عن القاسم بن مالك عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه رواه البخاري « 6696 » من حديث مالك ويتركون المحرمات التي نهاهم عنها خيفة من سوء الحساب يوم المعاد وهو اليوم الذي شره مستطيرا أي منتشر عام على الناس إلا من رحم الله قال ابن عباس فاشيا وقال قتادة استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السماوات والأرض قال ابن جرير ومنه قولهم استطار الصدع في الزجاجة واستطال ومنه قول الأعشى-فبانت وقد أثارت في الفؤا د صدعا على نأيها مستطيرا-يعني ممتدا فاشيا وقوله تعالى « ويطعمون الطعام على حبه » قيل على حب الله تعالى وجعلوا الضمير عائدا إلى الله عز وجل لدلالة السياق عليه والأظهر أن الضمير عائد على الطعام أي ويطعمون الطعام في حال محبتهم له وشهوتهم له قاله مجاهد ومقاتل واختاره ابن جرير كقوله تعالى « وآتى المال على حبه » وكقوله تعالى « لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون » وروى البيهقي « 4/185 » من طريق الأعمش عن نافع قال مرض ابن عمر فاشتهى عنبا أول ما جاء العنب فأرسلت صفية يعني امرأته فاشترت عنقودا بدرهم فاتبع الرسول سائل فلما دخل قال السائل السائل فقال ابن عمر أعطوه إياه فأعطوه إياه ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت عنقودا فاتبع الرسول السائل فلما دخل به قال السائل السائل فقال ابن عمر أعطوه إياه فأعطوه إياه فأرسلت صفية إلى السائل فقالت والله إن عدت لا تصيب منه خيرا أبدا ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به وفي الصحيح « خ1419 م1032 » أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر أي في حال محبتك للمال وحرصك عليه وحاجتك إليه ولهذا قال « ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا » أما المسكين واليتيم فقد تقدم بيانهما وصفتهما وأما الأسير فقال سعيد بن جبير والحسن والضحاك الأسير من أهل القبلة وقال ابن عباس كان أسراؤهميومئذ مشركين ويشهد لهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء وقال عكرمة هم العبيد واختاره ابن جرير لعموم الآية للمسلم والمشرك وهكذا قال سعيد بن جبير وعطاء والحسن وقتادة وقد وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الأرقاء في غير ما حديث حتى أنه كان آخر ما أوصى أن جعل يقول الصلاة وما ملكت أيمانكم وقا عكرمة هم العبيد واختاره ابن جرير لعموم الآية للمسلم والمشرك قال مجاهد هو المحبوس أي يطعمون الطعام لهؤلاء وهم يشتهونه ويحبونه قائلين بلسان الحال « إنما نطعمكم لوجه الله » أي رجاء ثواب الله ورضاه « لا نريد منكم جزاء ولا شكورا » أي لا نطلب منكم مجازاة تكافئوننا بها ولا أن تشكروننا عند الناس قال مجاهد وسعيد بن جبير أما والله ما قالوه بألسنتهم ولكن الله علم به من قلوبهم فأثنى عليهم ليرغب في ذلك راغب « إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا » أي إنما نفعل هذا لعل الله أن يرحمنا ويتلقانا بلطفه في اليوم العبوس القمطرير قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس « عبوسا » ضيقا « قمطريرا » طويلا وقال عكرمة وغيره عنه في قوله « يوما عبوسا قمطريرا » قال يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران وقال مجاهد « عبوسا » العابس الشفتين « قمطريرا » قال تقبض الوجه بالبسور وقال سعيد بن جبير وقتادة تعبس فيه الوجوه من الهول « قمطريرا » تقليص الجبين وما بين العينين من الهول وقال ابن زيد العبوس الشر والقمطرير الشديد وأوضح العبارات وأجلاها وأحلاها وأعلاها وأولاها قول ابن عباس رضي الله عنه قال ابن جرير والقمطرير هو الشديد يقال هو يوم قمطرير ويوم قماطر ويوم عصيب وعصبصب وقد اقمطر اليوم يقمطر اقمطرارا وذلك أشد الأيام وأطولها في البلاء والشدة ومنه قول بعضهم-بني عمنا هل تذكرون بلاءنا عليكم إذا ما كان يوم قماطر-قال الله تعالى « فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا » وهذا من باب التجانس البليغ « فوقاهم الله شر ذلك اليوم » أي آمنهم بما خافوا منه « ولقاهم نضرة » أي في وجوههم « وسرورا » أي في قلوبهم قاله الحسن البصري وقتادة وأبو العالية والربيع بن أنس وهذه كقوله تعالى « وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة » وذلك أن القلب إذا سر استنار الوجه قال كعب بن مالك في حديثه الطويل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه « قطعة » قمر « خ4418 م2769 » وقالت عائشة رضي الله عنها دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا تبرق أسارير وجههه الحديث « خ3555 م1459 » وقوله تعالى « وجزاهم بما صبروا » أي بسبب صبرهم أعطاهم ونولهم وبوأهم « جنة وحريرا » أي منزلا رحبا وعيشا رغدا ولباسا حسنا وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة هشام بن سليمان الداراني قال قرئ على أبي سليمان الداراني سورة « هل أتى على الإنسان » فلما بلغ القارئ « وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا » قال بما صبروا على ترك الشهوات في الدنيا ثم أنشد يقول-كم قتيل لشهوة وأسير أف من مشتهي خلاف الجميل**شهوات الإنسان تورثه الذل وتلقيه في البلاء الطويل-


    تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  3. #83
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    22-إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً
    يخبر تعالى عن أهل الجنة وماهم فيه من النعيم المقيم وما أسبغ عليهم من الفضل العميم فقال تعالى « متكئين فيها على الأرائك » وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة الصافات وذكر الخلاف في الاتكاء هل هو الاضطجاع أو التمرفق أو التربع أو التمكن في الجلوس وأن الأرائك هي السرر تحت الحجال وقوله تعالى « لا يرون فيها شمسا ولازمهريرا » أي ليس عندهم حر مزعج ولابرد مؤلم بل هي مزاج واحد دائم سرمدي لا يبغون عنها حولا « ودانية عليهم ظلالها » أي قريبة إليهم أغصانها « وذللت قطوفها تذليلا » أي متى تعاطاه القطف إليه وتدلى من أعلى غصنه كأنه سامع طائع كما قال تعالى في الآية الأخرى « وجنى الجنتين دان » وقال جل وعلا « قطوفها دانية » قال مجاهد « وذللت قطوفها تذليلا » إن قام ارتفعت معه بقدر وإن قعد تذللت معه حتى ينالها وإن اضطجع تذللت له حتى ينالها فذلك قوله تعالى « تذليلا » وقال قتادة لا يرد أيديهم عنها شوك ولا بعد وقال مجاهد أرض الجنة من ورق وترابها المسك وأصول شجرها من ذهب وفضة وأفنانها من اللؤلؤ الرطب والزبرجد والياقوت والورق والثمر بين ذلك فمن أكل منها قائما لم تؤذه ومن أكل منها قاعدا لم تؤذه ومن أكل منها مضطجعا لم تؤذه وقوله جلت عظمته « ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب » أي يطوف عليهم الخدم بأواني الطعام وهي من فضة وأكواب الشراب وهي الكيزان التي لا عرى لها ولا خراطيم وقوله « قوارير قوارير من فضة » فالأول منصوب بخبر كان أي كانت قوارير والثاني منصوب إما على البدلية أو تمييز لأنه بينه بقوله جل وعلا « قوارير من فضة » قال ابن عباس ومجاهد والحسن البصري وغير واحد بياض الفضة في صفاء الزجاج والقوارير لا تكون إلا من زجاج فهذه الأكواب هي من فضة وهي مع هذا شفافة يرى ما في باطنها من ظاهرها وهذا مما لا نظير له في الدنيا قال ابن المبارك عن إسماعيل عن رجل عن ابن عباس ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه إلا قوارير من فضة رواه ابن أبي حاتم وقوله تعالى « قدروها تقديرا » أي على قدر ريهم لا تزيد عنه ولا تنقص بل هي معدة لذلك مقدرة بحسب ري صاحبها هذا معنى قول ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي صالح وقتادة وابن أبزى وعبد الله بن عمير والشعبي وابن زيد وقاله ابن جرير وغير واحد وهذا أبلغ في الاعتناء والشرف والكرامة وقال العوفي عن ابن عباس « قدروها تقديرا » قدرت للكف وهكذا قال الربيع بن أنس وقال الضحاك على قدر كف الخادم وهذا لا ينافي القول الأول فإنها مقدرة فيالقدر والري وقوله تعالى « ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا » أي ويسقون يعني الأبرار أيضا في هذه الأكواب « كأسا » أي خمرا « كان مزاجها زنجبيلا » فتارة يمزج لهم الشراب بالكافور وهو بارد وتارة بالزنجبيل وهو حار ليعتدل الأمر وهؤلاء يمزج لهم من هذا تارة ومن هذا تارة وأما المقربون فإنهم يشربون من كل منهما صرفا كما قاله قتادة وغير واحد وقد تقدم قوله جل وعلا « عينا يشرب بها عباد الله » وقال ههنا « عينا فيها تسمى سلسبيلا » أي الزنجبيل عين في الجنة تسمى سلسبيلا قال عكرمة اسم عين في الجنة وقال مجاهد سميت بذلك لسلاسة سيلها وحدة جريها وقال قتادة عين فيها تسمى سلسبيلا عين سلسلة مستقيد ماؤها وحكى ابن جرير عن بعضهم أنها سميت بذلك لسلاستها في الحلق واختار هو أنها تعم ذلك كله وهو كما قال وقوله تعالى « ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا » أي يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة « مخلدون » أي على حالة واحدة مخلدون عليها لا يتغيرون عنها لا تزيد أعمارهم عن تلك السن ومن فسرهم بأنهم مخرصون في آذانهم الأقرطة فإنما عبر عن المعنى بذلك لأن الصغير هو الذي يليق له ذلك دون الكبير وقوله تعالى « إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا » أي إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة وكثرتهم وصباحة وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ولا يكون التشبيه أحسن من هذا ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن قال قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو مامن أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف خادم كل خادم على عمل ما عليه صاحبه وقوله جل وعلا « وإذا رأيت » أي وإذا رأيت يامحمد « ثم » أي هناك يعني في الجنة ونعيمهاوسعتها وارتفاعها ومافيها من الحبرة والسرور « رأيت نعيما وملكا كبيرا » أي مملكة لله هناك عظيمة وسلطانا باهرا وثبت في الصحيح « خ6571 م186 » أن الله تعالى يقول لآخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا إليها إن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها وقد قدمنا في الحديث المروي من طريق ثوير بن أبي فاختة عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه فإذا كان هذا عطاؤه تعالى لأدنى من يكون في الجنة فما ظنك بمن هو أعلى منزلة وأحظى عنده تعالى وقد روى الطبراني « 12/13595 » ههنا حديثا غريبا جدا فقال حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا محمد بن عمار الموصلي حدثنا عقبة بن سالم عن أيوب بن عتبة عن عطاء عن ابن عمر قال جاء رجل من أهل الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم سل واستفهم فقال يا رسول الله فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة أفرأيت إن آمنت بما آمنت به وعملت بما عملت به إني لكائن معك في الجنة قال نعم والذي نفسي بيده إنه ليرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله كان له بها عهد عند الله ومن قال سبحان الله وبحمده كتب له مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة فقال رجل كيف نهلك بعد هذا يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبل لأثقله فتقوم النعمة أو نعم الله فتكاد تستنفد ذلك كله إلا أن يتغمده الله برحمته ونزلت هذه السورة « هل أتى على الإنسان حين من الدهر » إلى قوله « ملكا كبيرا » فقال الحبشي وإن عيني لترى ما ترى عيناك في الجنة قال نعم فاستبكى حتى فاضت نفسه قال ابن عمر ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدليه في حفرته بيده وقوله جل جلاله « عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق » أي لباس أهل الجنة فيها الحرير ومنه سندس وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم والإستبرق منه مافيه بريق ولمعان وهو مما يلي الظاهر كما هو المعهود في اللباس « وحلوا أساور من فضة » وهذه صفة الأبرار وأما المقربون فكما قال تعالى « يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلوا ولباسهم فيها حرير » ولما ذكر زينة الظاهر بالحرير والحلي قال بعده « وسقاهم ربهم شرابا طهورا » أي طهر بواطنهم من الحسد والحقد والغل والأذى وسائر الأخلاق الرديئة كما روينا عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال إذا انتهى أهل الجنة إلى باب الجنة وجدوا هناك عينين فكأنما ألهموا ذلك الشراب فشربوا من إحداهما فأذهب الله ما في بطونهم من أذى ثم اغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم فأخبر سبحانه وتعالى بحالهم الظاهر وجمالهم الباطن وقوله تعالى « إن هذا كان لكم جزاءا وكان سعيكم مشكورا » أي يقال لهم ذلك تكريما لهم وإحسانا إليهم كما قال تعالى « كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية » وكقوله تعالى « ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون » وقوله تعالى « وكان سعيكم مشكورا » أي جزاكم الله تعالى على القليل بالكثير


    تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  4. #84
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    31-يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
    يقول تعالى ممتنا على رسوله صلى الله عليه وسلم بما أنزله عليه من القرآن العظيم تنزيلا « فاصبر لحكم ربك » أيكما أكرمك بما أنزل عليك فاصبر على قضائه وقدره واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره « ولا تطع منهم آثما أو كفورا » أي لا تطع الكافرين والمنافقين إن أرادوا صدك عما أنزل إليك بل بلغ ما أنزل إليك من ربك وتوكل على الله فإن الله يعصمك من الناس فالآثم هو الفاجر في أفعاله والكفور هو الكافر قلبه « واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا » أي أول النهار وآخره « ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا » كقوله تعالى « ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا » وكقوله تعالى « يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا » ثم قال تعالى منكرا على الكفار ومن أشبههم في حب الدنيا والإقبال عليها والانصباب إليها وترك الدار الآخرة وراء ظهورهم « إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا » يعني يوم القيامة ثم قال تعالى « نحن خلقناهم وشددنا أسرهم » قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد يعني خلقهم « وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا » أي وإذا شئنا بعثناهم يوم القيامة وبدلناهم فأعدناهم خلقا جديدا وهذا استدلال بالبداءة على الرجعة وقال ابن زيد وابن جرير « وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا » أي وإذا شئنا أتينا بقوم آخرين غيرهم كقوله تعالى « إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا » وكقوله تعالى « إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز » ثم قال تعالى « إن هذه تذكرة » يعني هذه السورة تذكرة « فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا » أي طريقا ومسلكا أي من شاء اهتدى بالقرآن كقوله تعالى « وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر » الآية ثم قال تعالى « وما تشاءون إلا أن يشاء الله » أي لا يقدر أحد أن يهدي نفسه ولايدخل في الإيمان ولايجر لنفسه نفعا « إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما » أي عليم بمن يستحق الهداية فييسرها له ويقيض له أسبابها ومن يستحق الغواية فيصرفه عن الهدى وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة ولهذا قال تعالى « إن الله كان عليما حكيما » ثم قال تعالى « يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما » أي يهدي من يشاء ويضل من يشاء فمن يهده فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له


    تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  5. #85
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    تفسير الآيات 107 إلى 111 من سورة التوبة

    بسم الله الرحمن الرحيم


    وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ
    إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107)

    والمنافقون الذين بنوا مسجدًا; مضارة للمؤمنين وكفرًا بالله وتفريقًا بين المؤمنين, ليصلي فيه بعضهم ويترك مسجد (قباء) الذي يصلي فيه المسلمون, فيختلف المسلمون
    ويتفرقوا بسبب ذلك, وانتظارا لمن حارب الله ورسوله من قبل -وهو أبو عامر الراهب الفاسق- ليكون مكانًا للكيد للمسلمين, وليحلفنَّ هؤلاء المنافقون أنهم ما أرادوا
    ببنائه إلا الخير والرفق بالمسلمين والتوسعة على الضعفاء العاجزين عن السير إلى مسجد (قباء), والله يشهد إنهم لكاذبون فيما يحلفون عليه. وقد هُدِم المسجد وأُحرِق.

    لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ
    يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108)

    لا تقم -أيها النبي- للصلاة في ذلك المسجد أبدًا; فإن المسجد الذي أُسِّسَ على التقوى من أول يوم -وهو مسجد (قباء)- أولى أن تقوم فيه للصلاة, ففي هذا المسجد
    رجال يحبون أن يتطهروا بالماء من النجاسات والأقذار, كما يتطهرون بالتورع والاستغفار من الذنوب والمعاصي. والله يحب المتطهرين. وإذا كان مسجد (قباء) قد أُسِّسَ
    على التقوى من أول يوم, فمسجد رسول الله, صلى الله عليه وسلم, كذلك بطريق الأولى والأحرى.

    أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ
    جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109)

    لا يستوي مَن أسَّس بنيانه على تقوى الله وطاعته ومرضاته, ومن أسَّس بنيانه على طرف حفرة متداعية للسقوط, فبنى مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المسلمين, فأدَّى
    به ذلك إلى السقوط في نار جهنم. والله لا يهدي القوم الظالمين المتجاوزين حدوده.

    لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)

    لا يزال بنيان المنافقين الذي بنوه مضارَّة لمسجد (قباء) شكًا ونفاقًا ماكثًا في قلوبهم, إلى أن تتقطع قلوبهم بقتلهم أو موتهم, أو بندمهم غاية الندم, وتوبتهم
    إلى ربهم, وخوفهم منه غاية الخوف. والله عليم بما عليه هؤلاء المنافقون من الشك وما قصدوا في بنائهم, حكيم في تدبير أمور خلقه.

    إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ
    وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ
    بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)

    إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بأن لهم في مقابل ذلك الجنة, وما أعد الله فيها من النعيم لبذلهم نفوسهم وأموالهم في جهاد أعدائه لإعلاء كلمته وإظهار دينه,
    فيَقْتلون ويُقتَلون, وعدًا عليه حقًا في التوراة المنزلة على موسى عليه السلام, والإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام, والقرآن المنزل على محمد صلى الله عليه
    وسلم. ولا أحد أوفى بعهده من الله لمن وفَّى بما عاهد الله عليه, فأظهِروا السرور-أيها المؤمنون- ببيعكم الذي بايعتم الله به, وبما وعدكم به من الجنة والرضوان,
    وذلك البيع هو الفلاح العظيم.



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  6. #86
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    3-هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
    مقدمة تفسير سورة الحديد بسم الله الرحمن الرحيم سورة الحديد وهي مدنية-فضائل سورة الحديد**يخبر تعالى أنه يسبح له ما في السماوات والأرض أي من الحيوانات والنباتات كما قال في الآية الأخرى « تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا » وقوله تعالى « وهو العزيز » أي الذي قد خضع له كل شيء « الحكيم » في خلقه وأمره وشرعه « له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت » أي هو المالك المتصرف في خلقه فيحيي ويميت ويعطي من يشاء ما يشاء « وهو على كل شيء قدير » أي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وقوله تعالى « هو الأول والآخر والظاهر والباطن » وهذه الآية المشار إليها في حديث عرباض بن سارية أنها أفضل من ألف آية وقال أبو داود « 5110 » حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثنا النضر بن محمد حدثنا عكرمة يعني ابن عمار حدثنا أبو زميل قال سألت ابن عباس فقلت ما شيء أجده في صدري قال ماهو قلت والله لا أتكلم به قال فقال لي أشيء من شك قال وضحك قال ما نجا من ذلك أحد قال حتى أنزل الله تعالى « فإن كنت في شيء مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبل لقد جاءك الحق من ربك » الآية قال وقال لي إذا وجدت في نفسك شيئا فقل « هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم » وقد اختلفت عبارات المفسرين في هذه الآية وأقوالهم على نحو بضعة عشر قولا وقال البخاري « قبل4882 » قال يحيى الظاهر على كل شيء علما والباطن على كل شيء علما وقال شيخنا الحافظ المزي هذا هو ابن زياد الفراء له كتاب سماه معاني القرآن « 3/132 » وقد ورد في ذلك أحاديث فمن ذلك ما قال الإمام أحمد « 2/404 » حدثنا خلف بن الوليد حدثنا ابن عياش عن سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يدعوا عند النوم اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان فالق الحب والنوى لاإله إلا أنت أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته أنت الأول ليس قبلك شيء وأنت الأخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن وليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر ورواه مسلم في صحيحه « 2713 » حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير عن سهيل قال كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمن ثم يقول اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر وكان يروى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده « 4774 » عن عائشة أم المؤمنين نحو هذا فقال حدثنا عقبة حدثنا يونس حدثنا السري بن إسماعيلعن الشعبي عن مسروق عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بفراشه فيفرش له مستقبل القبلة فإذا آوى إليه توسد كفه اليمنى ثم همس ما يدرى ما يقول فإذا كان في آخر الليل رفع صوته فقال اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظظيم إله كل شيء ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان فالق الحب والنوى أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته اللهم أنت الأول الذي ليس قبلك شيء وأنت الآخر الذي ليس بعدك شيء وأنت الظاهر الذي ليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر السري بن إسماعيل هذا هو ابن عم الشعبي وهو ضعيف جدا والله أعلم وقال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الآية « 3298 » حدثنا عبد بن حميد وغير واحد المعنى واحد قالوا حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة قال حدث الحسن عن أبي هريرة قال بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم هل تدرون ماهذا قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا العنان هذه روايا الأرض تسوقه إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ثم قال هل تدرون ما فوقكم قالوا الله ورسوله أعلم قال فإنما الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف ثم قال هل تدرون كم بينكم وبينها قالوا الله ورسوله أعلم قال بينكم وبينها خمس مئة سنة ثم قال هل تدرون مافوق ذلك قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن فوق ذلك سماءين بعد ما بينهما مسيرة خمس مئة سنة حتى عد سبع سماوات ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض ثم قال هل تدرون ما الذي تحتكم قالوا الله ورسوله أعلم قال فإنها الأرض ثم قال هل تدرون ما تحت ذلك قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن تحتها أرضا أخرى بينهما مسيرة خمس مئة سنة حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمس مئة سنة ثم قال والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم حبلا إلى الأرض السفلى لهبط على الله ثم قرأ « هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم » ثم قال الترمذي هذا حديث غريب من هذا الوجه ويروى عن أيوب ويونس يعني ابن عبيد وعلي بن زيد قالوا لم يسمع الحسن من أبي هريرة وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه انتهى كلامه وقد روى الإمام أحمد « 2/370 » هذا الحديث عن سريج عن الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فذكره وعنده وبعد ما بين الأرضين مسيرة سبع مئة عام وقال لو دليتم بحبل إلى الأرض السفلى السابعة لهبط على الله ثم قرأ « هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم » ورواه ابن أبي حاتم والبزار من حديث أبي جعفر الرازي عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة فذكر الحديث ولم يذكر ابن أبي حاتم آخره وهو قوله لو دليتم بحبا وإنما قال حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين خمس مئة عام ثم تلا « هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم » وقال البزار لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو هريرة ورواه ابن جرير عن بشر عن يزيد عن سعيد عن قتادة « هو الأول والآخر والظاهر والباطن » ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في أصحابه إذ مر عليهم سحاب فقال هل تدرون ما هذا وذكر الحديث مثل سياق الترمذي سواء إلا أنه مرسل من هذا الوجه ولعل هذا هو المحفوظ والله أعلم وقد روي حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وأرضاه رواه البزار في مسنده والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات ولكن في إسناده نظر وفي متنه غرابة ونكارة والله سبحانه وتعالى أعلم وقال ابن جرير عند قوله تعالى « ومن الأرض مثلهن » حدثنا ابن عبد الأعلى حدثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة قال التقى أربعة من الملائكة بين السماء والأرض فقال بعضهم لبعض من أين جئت قال أحدهم أرسلني ربي عز وجل من السماء السابعة وتركته ثم قال الآخر أرسلني ربي عز وجل من الأرض السابعة وتركته ثم قال الآخر أرسلني ربي عز وجل من المشرق وتركته ثم قال الآخر أرسلني ربي من المغرب وتركته ثم وهذا حديث غريب جدا وقد يكون الحديث الأول موقوفا على قتادة كما روى ههنا من قوله والله أعلم




    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  7. #87
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    6-يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
    يخبر تعالى عن خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم أخبر تعالى باستوائه على العرش بعد خلقهن وقد تقدم الكلام على هذه الآية وأشباهها في سورة الأعراف بما أغنى عن إعادته ههنا وقوله تعالى « يعلم ما يلج في الأرض » أي يعلم عدد ما يدخل فيها من حب وقطر « وما يخرج منها » من نبات وزرع وثمار كما قال تعالى « وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين » وقوله تعالى « وما ينزل من السماء » أي من الأمطار والثلوج والبرد والأقدار والأحكام مع الملائكة الكرام وقد تقدم في سورة البقرة أنه ما ينزل من قطرة من السماء إلا ومعها ملك يقررها في المكان الذي يأمر الله به حيث يشاء الله تعالى وقوله تعالى « وما يعرج فيها » أي من الملائكة والأعمال كما جاء في الصحيح « م179 » يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل وقوله تعالى « وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير » أي رقيب عليكم شديد على اعمالكم حيث كنتم وأين كنتم من بر أو بحر في ليل أو نهار في البيوت أو في القفار الجميع في علمه على السواء وتحت بصره وسمعه فسيمع كلامكم ويرى مكانكم ويعلم سركم ونجواكم كما قال تعالى « ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه إلا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور » وقال تعالى « سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار » فلا إله غيره ولا رب سواه وقد ثبت في الصحيح « خ50 م9 » أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل لما سأله عن الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وروى الحافظ أبو بكر الإسماعيلي من حديث نصر بن خزيمة ابن جنادة بن علقمة حدثني أبي عن عن نصر بن علقمة عن أخيه عن عبد الرحمن بن عائد قال قال عمر جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال زودني حكمة أعيش بها فقال استح الله كما تستحي رجلا من صالح عشيرتك لا يفارقك هذا حديث غريب وروى أبو نعيم من حديث عبد الله بن معاوية الغاصري مرفوعا ثلاث من فعلن فقد طعم الإيمان إن عبد الله وحده وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه في كل عام ولم يعط الهرمة ولا الدرنة ولا الشرط اللئيمة ولا المريضة ولكن من أوسط أموالكم وزكى نفسه وقال رجل يا رسول الله وما تزكية المرء نفسه فقال يعلم أن الله معه حيث كان وقال نعيم بن حماد رحمه الله حدثنا عفان بن سعيدبن كثير بن دينار الحمصي عن محمد بن مهاجر عن عروة بن رويم عن عبد الرحمن بن غنم عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت غريب وكان الإمام أحمد رحمه الله ينشد هذين البيتين-إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب**ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفي عليه يغيب-وقوله تعالى « له ملك السماوات والأرض وإلى اللهترجع الأمور » أي هو المالك للدنيا والآخرة كما قال تعالى « وإن لنا للآخرة والأولى » وهو المحمود على ذلك كما قال تعالى « وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة » وقال تعالى « الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير » فجميع ما « إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا » ولهذا قال « وإلى الله ترجع الأمور » أي إليه المرجع يوم القيامة فيحكم في خلقه بما يشاء وهو العادل الذي لا يجور ولا يظلم مثقال ذرة بل إن يكن عمل أحدهم حسنة واحدة يضاعفها إلى عشر أمثالها « ويؤت من لدنه أجرا عظيما » كما قال تعالى « ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين » وقوله تعالى « يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل » أي هو المتصرف في الخلق يقلب الليل والنهار ويقدرهما بحكمته كما يشاء فتارة يطول الليل ويقصر النهار وتارة بالعكس وتارة يتركهما معتدلتين وتارة يكون الفصل شتاء ثم ربيعا ثم قيضا ثم خريفا وكل ذلك بحكمته وتقديره لما يريده بخلقه « وهو عليم بذات الصدور » أي يعلم السرائر وإن دقت وإن خفيت



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  8. #88
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    11-مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ
    أمر تبارك وتعالى بالإيمان به وبرسوله على الوجه الأكمل والدوام والثبات على ذلك والاستمرار وحث على الإنفاق مما جعلكم مستخلفين فيه أي مما هو معكم على سبيل العارية فإنه قد كان في أيدي من قبلكم ثم صار إليكم فأرشد تعالى إلى إرشاد ما ستخلفهم فيه من المال في طاعته فإن يفعلوا وإلا حاسبهم عليه وعاقبهم لتركهم الواجبات فيه وقوله تعالى « مما جعلكم مستخلفين فيه » فيه إشارة إلى أنه سيكون مخلفا عنك فلعل وارثك أن يطيع الله فيه فيكون أسعد بما أنعم الله به عليك منك أو يعصي الله فتكون قد سعيت في معاونته على الإثم والعدوان قال الإمام أحمد « 4/24 » حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة سمعت قتادة يحدث عن مطرف يعني ابن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول ألهاكم التكاثر يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت ورواه مسلم « 2958 » من حديث شعبة به وزاد وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس وقوله تعالى « فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير » ترغيب في الإيمان والإنفاق في الطاعة ثم قال تعالى « وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم » أي وأي شيء يمنعكم من الإيمان والرسول بين أظهركم يدعوكم إلى ذلك ويبين لكم الحجج والبراهين على صحة ماجاءكم به وقد روينا في الحديث من طرق في أوائل شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا قالوا الملائكة قال ومالهم لا يؤمنون وهم عند ربهم قالوا فالأنبياء قال ومالهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم قالوا فنحن قال وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ولكن أعجب المؤمنين إيمانا قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها وقد ذكرنا طرفا من هذه في أول سورة البقرة عند قوله تعالى « الذين يؤمنون بالغيب » وقوله تعالى « وقد أخذ ميثاقكم » كما قال تعالى « واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا » ويعني بذلك بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم وزعم ابن جرير أن المراد بذلك الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم وهو مذهب مجاهد فالله أعلم وقوله تعالى « هو الذي ينزل على عبده آيات بينات » أي حججا واضحات ودلائل باهرات وبراهين قاطعات « ليخرجكم من الظلمات إلى النور » أي من ظلمات الجهل والكفر والآراء المتضادة إلى نور الهدىواليقين « وإن الله بكم لرءوف رحيم » أي في إنزال الكتاب وإرساله الرسل لهداية الناس وإزاحة العلل وإزالة الشبه ولما أمرهم أولا بالإيمان والإنفاق ثم حثهم على الإيمان وبين أنه قد أزال عنهم موانعه أيضا حثهم أيضا على الإنفاق فقال « وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض » أي أنفقوا ولاتخشوا فقرا وإقلالا فإن الذي أنفقتم في سبيله هو مالك السماوات والأرض وبيده مقاليدهما وعنده خزائنهما وهو مالك العرش بما حوى وهو القائل « وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين » وقال « ما عندكم ينفد وما عند الله باق » فمن توكل على الله أنفق ولم يخش من ذي العرش إقلالا وعلم أن الله سيخلفه عليه وقوله تعالى « لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل » أي لا يستوي هذا ومن لم يفعل كفعله وذلك أن قبل فتح مكة كان الحال شديدا فلم يكن يؤمن حينئذ إلا الصديقون وأما بعد الفتح فإنه ظهر الإسلام ظهورا عظيما ودخل الناس في دين الله أفواجا ولهذا قال تعالى « أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى » والجمهور على أن المراد بالفتح ههنا فتح مكة وعن الشعبي وغيره أن المراد بالفتح ههنا صلح الحديبية وقد يستدل لهذا القول بما قال الإمام أحمد « 3/266 » حدثنا أحمد بن عبد الملك حدثنا زهير حدثنا حميد الطويل عن أنس قال كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف كلام فقال خالد لعبد الرحمن تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها فبلغنا أن ذلك ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم ومعلوم أن إسلام خالد بن الوليد المواجه بهذا الخطاب كان بعد صلح الحديبية وفتح مكة وكانت هذه المشاجرة بينهما في بني جذيمية الذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بعد الفتح فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فأمر خالد بقتلهم وقتل من أسر منهم فخالفه عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمر وغيرهما فاختصم خالد وعبد الرحمن بسبب ذلك والذي في الصحيح « خ3673 م2541 » ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لاتسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو انفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولانصيفه وروى ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث ابن وهب أخبرنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حتى إذا كنا بعسفان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم فقلنا من هم يا رسول الله أقريش قال لا ولكن أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا فقلنا أهم خير منا يا رسول الله قال لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه إلا أن هذا فضل مابيننا وبين الناس « لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير » وهذا الحديث غريب في هذا السياق والذي في الصحيحين « خ6931 م1064 » من رواية جماعة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد ذكر الخوارج تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية الحديث ولكن روى ابن جرير هذا الحديث من وجه آخر فقال حدثني ابن البرقي حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر أخبرني زيد بن أسلم عن أبي سعيد التمار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم فقلنا من هم يا رسول الله قريش قال هم أرق أفئدة وألين قلوبا وأشار بيده إلى اليمن فقال هم أهل اليمن ألا إن الإيمان يمان والحكمة يمانية فقلنا يا رسول الله هم خير منا قال والذي نفسي بيده لو كان لأحدهم جبل من ذهب ينفقه ما أدى مد أحدكم ولا نصيفه ثم جمع أصابعه ومد خنصره وقال ألا أن هذا فضل مابيننا وبين الناس « لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير » فهذا السياق ليس فيه ذكر الحديبية فإن كان ذلك محفوظا كما تقدم فيحتمل أنه أنزل قبل الفتح إخبارا عما بعده كما في قوله تعالى في سورة المزمل وهي مكية أوائل ما نزل « وآخرون يقاتلون في سبيل الله » الآية فهي بشارة بما يستقبل وهكذا هذه والله أعلم وقوله تعالى « وكلا وعد الله الحسنى » يعني المنفقين قبل الفتحوبعده كلهم لهم ثواب على ما عملوا وإن كان بينهم تفاوت في تفاضل الجزاء كما قال تعالى « لايستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما » وهكذا الحديث الذي في الصحيح « 2664 » المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير وإنما نبه بهذا لئلا يهدر الجانب الآخر بمدح الأول دون الآخر فيتوهم متوهم ذمه فلهذا عطف بمدح الآخر والثناء عليه مع تفضيل الأول عليه ولهذا قال تعالى « والله بما تعملون خبير » أي فلخبرته فاوت بين ثواب من أنفق من قبل الفتح وقاتل ومن فعل ذلك بعد ذلك وما ذاك إلا لعلمه بقصد الأول وإخلاصه التام وإنفاقه في حال الجهد والقلة والضيق وفي الحديث سبق درهم مئة ألف ولا شك عند أهل الإيمان أن الصديق أبا بكر رضي الله عنه له الحظ الأوفر من هذه الآية فإنه سيد من عمل بها في سائر أمم الأنبياء فإنه أنفق ماله كله ابتغاء وجه الله عز وجل ولم يكن لأحد نعمة يجزيه بها وقد قال أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي عند تفسير هذه الآية أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد أخبرنا أحمد بن إسحاق بن أيوب أخبرنا محمد بن يونس حدثنا العلاء بن عمرو الشيباني حدثنا أبو إسحاق الفزاري حدثنا سفيان بن سعيد عن آدم بن علي عن ابن عمر قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر الصديق وعليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فنزل جبريل فقال مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فقال أنفق ماله علي قبل الفتح قال فإن الله يقول إقرأ عليه السلام وقل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط فقال أبو بكر رضي الله عنه أسخط على ربي عز وجل إني عن ربي راض هذا الحديث ضعيف الإسناد من هذا الوجه والله أعلم وقوله تعالى « من ذا الذي يقرض قرضا حسنا » قال عمر بن الخطاب هو الإنفاق في سبيل الله وقيل هو النفقة على العيال والصحيح أنه أعم من ذلك فكل من أنفق في سبيل الله بنية خالصة وعزيمة صادقة دخل في عموم هذه الآية ولهذا قال تعالى « من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له » كما قال في الآية الأخرى « أضعافا كثيرة وله أجر كريم » أي جزاء جميل ورزق باهر وهو الجنة يوم القيامة قال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود قال لما نزلت هذه الآية « من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له » قال أبو الدحداح الأنصاري يا رسول الله وإن الله ليريد منا القرض قال نعم يا أبا الدحداح قال أرني يدك يا رسول الله فناوله يده قال فإني قد أقرضت ربي حائطي وله حائط فيه ست مئة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها قال فجاء أبو الدحداح فناداها يا أم الدحداح قالت لبيك قال أخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل وفي رواية أنها قالت ربح بيعك يا أبا الدحداح ونقلت منه متاعها وصبيانها وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح وفي لفظ رب نخلة مدلاة عروقها در وياقوت لأبي الدحداح في الجنة




    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  9. #89
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    15-فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
    يقول تعالى مخبرا عن المؤمنين المتصدقين أنهم يوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم في عرصات القيامة بحسب اعمالهم كما قال عبد الله بن مسعود في قوله تعالى « يسعى نورهم بين أيديهم » قال على قدر أعمالهم يمرون على الصراط منهم من نوره مثل الجبل ومنهم من نوره مثل النخلة ومنهم من نوره مثل الرجل القائم وأدناهم نورا من نوره في إبهامه يتقد مرة ويطفأ مرة ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وقال قتادة ذكر لنا نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول من المؤمنين من يضيء نوره بين المدينة إلى عدن أبين وصنعاء فدون ذلك حتى أن من المؤمنين من يضيء نوره من موضع قدميه وقال سفيان الثوري عن حصين عن مجاهد عن جنادة بن أبي أمية قال إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم وسيماكم وحلاكم ونجواكم ومجالسكم فإذا كان يوم القيامة يافلان هذا نورك يافلان لا نور لك وقرأ « يسعى نورهم بين أيديهم » وقال الضحاك ليس أحدا لا يعطى نورا يوم القيامة فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين فلما رأى ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم كما طفئ نور المنافقين فقالوا ربنا أتمم لنا نورنا وقال الحسن « يسعى نورهم بين أيديهم » يعني على الصراط وقد قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب أخبرنا عمي عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن مسعود أنه سمع عبد الرحمن بن جبير يحدث انه سمع أبا الدرداء وأبا ذر يخبران عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا أول من يؤذن لي يوم القيامة بالسجود وأول من يؤذن له برفع رأسه فأنظر من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي فأعرف أمتي من بين الأمم فقال له رجل يانبي الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم ما بين نوح إلى امتك فقال أعرفهم محجلون من أثر الوضوء لا يكون لأحد من الأمم غيرهم وأعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم وأعرفهم بسيماهم في وجوههم وأعرفهم بنور يسعى بين أيديهم وذريتهم وقوله « وبأيمانهم » قال الضحاك أي وبأيمانهم كتبهم كما قال « فمن أوتي كتابه بيمينه » وقوله « بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار » أي يقال لهم بشراكم اليوم جنات أي لكم البشارة بجنات تجري من تحتها الأنهار « خالدين فيها » أي ماكثين فيها أبدا « ذلك هو الفوز العظيم » وقوله « يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم » وهذا إخبار منه تعالى عما يقع يوم القيامة في العرصات من الأهوال المزعجة والزلازل العظيمة والأمور الفظيعة وإنه لا ينجوا يومئذ إلا من آمن بالله ورسوله وعمل بما أمر الله به وترك ما عنه زجر قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبد بن سليمان حدثنا ابن المبارك حدثنا صفوان بن عمرو حدثني سليم بن عامر قال خرجنا على جنازة في باب دمشق ومعنا أبو أمامة الباهلي فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها قال أبو أمامة أيها الناس إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو هذا يشير إلى القبر بيت الوحدة وبيت الظلمة وبيت الدود وبيت الضيق إلا ما وسع الله ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة فإنكم في بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من الله فتبيض وجوه وتسود وجوه ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر فيغشى الناس ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئا وهو المثل الذي ضربه الله تعالى في كتابه فقال « أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور » فلا يستضيء الكافر ولا المنافق بنور المؤمن كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير ويقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا « انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا » وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين حيث قال « يخادعون الله وهو خادعهم » فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم وقد ضرب بينهم بسور له باب « باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب » الآية إلا أنه يقول سليم بن عامر فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور ويميز الله بين المنافق والمؤمن ثم قال حدثنا أبي حدثنا يحيى بن عثمان حدثنا ابن حيوة حدثنا أرطأة بن المنذر حدثنا يوسف بن الحجاجعن أبي أمامة يبعث الله ظلمة يوم القيامة فما من مؤمن ولا كافر يرى كفه حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين بقدر أعمالهم فيتبعهم المنافقون فيقولون انظرنا نقتبس من نوركم وقال العوفي والضحاك وغيرهما عن ابن عباس بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورا فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه وكان النور دليلا من الله إلى الجنة فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا اتبعوهم فأظلم الله على المنافقين فقالوا حينئذ « انظرونا نقتبس من نوركم » فإنا كنا معكم في الدنيا قال المؤمنون « ارجعوا وراءكم » من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هناك النور وقال أبو القاسم الطبراني حدثنا الحسن بن عرفة بن علوية العطار حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار حدثنا إسحاق بن بشر بن حذيفة حدثنا ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن الله تعالى يدعو الناس يوم القيامة بأسمائهم سترا منه على عباده وأما عند الصراط فإن الله تعالى يعطي كل مؤمن نورا وكل منافق نورا فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات فقال المنافقون انظرونا نقتبس من نوركم وقال المؤمنون ربنا أتمم لنا نورنا فلا يذكر عند ذلك أحد أحدا وقوله تعالى « فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب » قال الحسن وقتادة هو حائط بين الجنة والنار وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم هو الذي قال الله تعالى « وبينهما حجاب » هكذا روي عن مجاهد رحمه الله وغير واحد وهو الصحيح « باطنه فيه الرحمة » أي الجنة وما فيها « وظاهره من قبله العذاب » أي النار قاله قتادة وابن زيد وغيرهما قال ابن جرير وقد قيل إن ذلك السور سور بيت المقدس عند وادي جهنم ثم قال حدثنا ابن البرقي حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن سعد بن عطية بن قيس عن أبي العوام مؤذن بيت المقدس قال سمعت عبد الله بن عمر يقول إن السور الذي ذكره الله في القرآن « فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب » هو السور الشرقي باطنه المسجد وما يليه وظاهره وادي جهنم ثم روى عن عبادة بن الصامت وكعب الأحبار وعلي بن الحسين زين العابدين نحو ذلك وهذا محمول منهم على أنهم أرادوا بهذا تقريب المعنى ومثالا لذلك لا أن الذي أريد من القرآن هذا الجدار المعين ونفس المسجد وما وراءه من الوادي المعروف بوادي جهنم فإن الجنة في السماوات في أعلى عليين والنار في الدركات أسفل سافلين وقول كعب الأحبار إن الباب المذكور في القرآن هو بابالرحمة الذي هو أحد أبواب المسجد فهذا من إسرائيلياته وترهاته وإنما المراد بذلك سور يضرب يوم القيامة ليحجز بين المؤمنبن والمنافقين فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه فإذا استكملوا دخولهم أغلق الباب وبقي المنافقون من وراءه في الحيرة والظلمة والعذاب كما كانوا في الدار الدنيا في كفر وجهل وشك وحيرة « ينادونهم ألم نكن معكم » أي ينادي المنافقون المؤمنين أما كنا معكم في الدار الدنيا نشهد معكم الجمعات ونصلي معكم الجماعات ونقف معكم بعرفات ونحضر معكم الغزوات ونؤدي معكم سائر الواجبات « قالوا بلى » أي فأجاب المؤمنون المنافقين قائلين بلى قد كنتم معنا « ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني » قال بعض السلف أي فتنتم أنفسكم باللذات والمعاصي والشهوات وتربصتم أي أخرتم التوبة من وقت إلى وقت وقال قتادة « وتربصتم » بالحق وأهله « وارتبتم » أي بالبعث بعد الموت « وغرتكم الأماني » أي قلتم سيغفر لنا وقيل غرتكم الدنيا « حتى جاء أمر الله » أي مازلتم في هذا حتى جاءكم الموت « وغركم بالله الغرور » أي الشيطان وقال قتادة كانوا على خدعة من الشيطان والله مازالوا عليها حتى قذفهم الله في النار ومعنى هذا الكلام من المؤمنين للمنافقين إنكم كنتم معنا أي بأبدان لا نية لها ولا قلوب معها وإنما كنتم في حيرة وشك فكنتم تراءون الناس ولاتذكرون الله إلا قليلا قال مجاهد كان المنافقون مع المؤمنين أحياء يناكحونهم ويغشونهم ويعاشرونهم وكانوا معهم أمواتا ويعطون النور جميعا يوم القيامة ويطفأ النور من المنافقين إذا بلغوا السور ويماز بينهم حينئذ وهذا القول من المؤمنين لا ينافي قولهم الذي أخبر الله تعالى به عنهم حيث يقول وهو أصدق القائلين « كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذببيوم الدين حتى أتانا اليقين » فهذا إنما خرج منهم على وجه التقريع لهم والتوبيخ ثم قال تعالى « فما تنفعهم شفاعة الشافعين » كما قال ههنا « فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا » أي لو جاء أحدكم اليوم بملء الأرض ذهبا ومثله معه ليفتدي به من عذاب الله ما قبل منه وقوله تعالى « مأواكم النار » أي هي مصيركم وإليها متقلبكم وقوله تعالى « هي مولاكم » أي هي أولى بكم من كل منزل على كفركم وارتيابكم وبئس المصير



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  10. #90
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    17-اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
    يقول تعالى أما آن للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله أي تلين عند الذكر والموعظة وسماع القرآن فتفهمه وتنقاد له وتسمع له وتطيعه قال عبد الله بن المبارك حدثنا صالح المري عن قتادة عن ابن عباس أنه قال إن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاثة عشرة من نزول القرآن فقال « ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله » الآية رواه ابن أبي حاتم عن الحسين بن محمد بن الصباح عن حسين المروزي عن ابن المبارك به ثم قال هو ومسلم « 3027 » حدثنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال يعني الليثي عن عون بن عبد الله عن أبيه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال كان ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية « ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله » الآية إلا أربع سنين كذا رواه مسلم « في آخر الكتاب » وأخرجه النسائي « كبرى11568 » عند تفسير هذه الآية عن هارون بن سعيد الأيلي عن ابن وهب به وقد رواه ابن ماجة « 4192 » من حديث موسى بن يعقوب الزمعي عن أبي حازم عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه مثله فجعله في مسند أبي الزبير لكن رواه البزار في مسنده من طريق موسى بن يعقوب عن أبي حازم عن عامر عن ابن الزبير عن ابن مسعود فذكره وقال سفيان الثوري عن المسعودي عن القاسم قال مل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا حدثنا يا رسول الله فأنزل الله تعالى « نحن نقص عليك أحسن القصص » قال ثم ملوا ملة فقالوا حدثنا يا رسول الله فأنزل الله تعالى « الله نزل أحسن الحديث » ثم ملوا ملة فقالوا حدثنا يا رسول الله فأنزل الله تعالى « ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله » وقال قتادة « ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله » ذكر لنا أن شداد بن أوس كان يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أول ما يرفع من الناس الخشوع وقوله تعالى « ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم » نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالذين حملوا الكتاب من قبلهم من اليهود والنصارى لما تطاول عليهم الأمد بدلوا كتاب الله الذي بأيديهم واشتروا به ثمنا قليلا ونبذوه وراء ظهورهم وأقبلوا على الآراء المختلفة والأقوال المؤتفكة وقلدوا الرجال في دين الله واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله فعند ذلك قست قلوبهم فلا يقبلون موعظة ولاتلين قلوبهم بوعد ولا وعيد « وكثير منهم فاسقون » أي في الأعمال فقلوبهم فاسدة وأعمالهم باطلة كما قال تعالى « فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به » أي فسدت قلوبهم فقست وصار من سجيتهم تحريف الكلم عن مواضعه وتركوا الأعمال التي أمروا بها وارتكبوا ما نهوا عنه ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا هشام بن عمار حدثنا شهاب بن خراش حدثنا حجاج بن دينار عن منصور بن المعتمر عن الربيع بن أبي عميلة الفزاري قال حدثنا عبد الله بن مسعود حديثا ما سمعت أعجب منه إلي منه إلا شيئا من كتاب الله أو شيئا مما قاله النبي صلى الله عليه وسلم قال إن بني أسرائيل لما طال عليهم الأمد فقست قلوبهم اخترعوا كتابا من عند أنفسهم استهوته قلوبهم واستحلته ألسنتهم واستلذته وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهمفقالوا تعالوا ندعو بني إسرائيل إلى كتابنا هذا فمن تابعنا عليه تركناه ومن كره أن يتابعنا قتلناه ففعلوا ذلك وكان فيهم رجل فقيه فلما رأى ما يصنعون عمد ما يعرف من كتاب الله فكتبه في شيء لطيف ثم أدرجه فجعله في قرن ثم علق ذلك القرن في عنقه فلما أكثروا القتل قال بعضهم لبعض ياهؤلاء إنكم قد أفشيتم القتل في بني إسرائيل فادعوا فلانا فاعرضوا عليه كتابكم فإنه إن تابعكم فسيتابعكم بقية الناس وإن أبى فاقتلوه فدعوا فلانا ذلك الفقيه فقالوا أتؤمن بما في كتابنا هذا قال وما فيه اعرضوه علي فعرضوه عليه إلى آخره ثم قالوا أتؤمن بهذا قال نعم آمنت بما في هذا وأشار بيده إلى القرن فتركوه فلما مات فتشوه فوجدوه معلقا ذلك القرن فوجدوا فيه ما يعرف من كتاب الله فقال بعضهم لبعض ياهؤلاء ما كنا نسمع هذا أصابته فتنة فافترقت بنو إسرائيل على اثنين وسبعين ملة وخير مللهم ملة أصحاب القرن قال ابن مسعود وإنكم أوشك بكم إن بقيتم أو بقي من بقي منكم أن تروا أمورا تنكرونها لا تستطيعون لها غيرا فبحسب المرء منكم أن يعلم الله من قلبه أنه لها كاره وروى أبو جعفر الطبري حدثنا ابن حميد حدثنا جرير عن المغيرة عن أبي معشر عن إبراهيم قال جاء عتريس بن عرقوب إلى ابن مسعود فقال يا أبا عبد الله هلك من لم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر فقال عبد الله هلك من لم يعرف قلبه معروفا ولم ينكر قلبه منكرا إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد وقست قلوبهم اخترعوا كتابا من بين أيديهم وأرجلهم استهوته قلوبهم واستحلته ألسنتهم وقالوا نعرض على بني إسرائيل هذا الكتاب فمن آمن به تركناه ومن كفر به قتلناه قال فجعل رجل منهم كتاب الله في قرن ثم جعل القرن بين ثندوتيه فلما قيل له أتؤمن بهذا قال آمنت به ويومئ إلى القرن الذي بين ثندوتيه ومالي لا أمن بهذا الكتاب فمن خير مللهم اليوم ملة صاحب القرن وقوله تعالى « اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون » فيه إشارة إلى أن الله تعالى يلين القلوب بعد قسوتها ويهدي الحيارى بعد ضلتها ويفرج الكروب بعد شدتها فكما يحيي الأرض الميتة المجدبة الهامدة بالغيث الهتان الوابل كذلك يهدي القلوب القاسية ببراهين القرآن والدلائل ويولج إليها النور بعد أن كانت مقفلة لا يصل إليها الواصل فسبحان الهادي لمن يشاء بعد الضلال والمضل لمن أراد بعد الكمال الذي هو لما يشاء فعال وهو الحكيم العدل في جميع الفعال اللطيف الخبير الكبير المتعال



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

صفحة 9 من 16 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 9 (0 من الأعضاء و 9 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. 乂صعوة 乂 شقردي 2000 مبروك 乂
    بواسطة شام في المنتدى مضيف الإهداءات
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 15-09-2009, 13:48
  2. مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 23-08-2009, 02:40
  3. 乂乂 لذائذ العيد المضائفية 乂乂
    بواسطة شام في المنتدى فـنـون الـمـطبخ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 18-10-2007, 22:54
  4. مشاركات: 35
    آخر مشاركة: 13-09-2006, 09:30
  5. 乂乂 دغدغة مسامع فقط 乂乂
    بواسطة النجم في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-10-2005, 05:46

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته