صفحة 2 من 16 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 152

الموضوع: 乂 تأملات قـرآنيــــة 乂

  1. #11
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    الأممية في الحيوانات - أمم أمثالكم
    بقلم الأستاذ محمد محمد معافى علي المهدلي
    تمهيد :
    إن الحمدلله نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونسترشده ونؤمن به ونتوكل عليه ونصلي ونسلم على سيدالأنبياء وإمام المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
    أما بعد :
    فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
    فإننا في عصر العلم وزمن التقدم والسبق الفكري وللأسف أن الأمة الإسلامية تعيش بعيدا عن هذا العصر القائم على العلم والتجربة العلمية والتفكر والتأمل والاستنتاج وهذه المنهجة ـ في الحقيقة ـ منهجية إسلامية محضة سبقنا إليها الغرب المادي وإنه لأجدر بهذه الأمة أن تعود إلى دينها الدين الحق الذي يدعوا إلى التفكر والتدبر وهو دعوة للناس جميعا إلى التفكر والتدبر في الخلق والمخلوقات كما قال تعالى : (أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُون)[1][2].
    وقال تعالى:(قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ)2.
    ولقد لفت القرءان العظيم الأنظار والعقول من أول يوم للرسالة إلى التأمل والتفكر في شأن المخلوقات لاسيما في الأنعام والحيوانات كونها ألصق بالعرب وبحياتهم ولا يعرفون إلا هي كما قال تعالى :
    (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ...)3وإحياء المنهج التفكر في المخلوقات الذي دعانا إليه الإسلام أقدم هذا البحث الذي أسأل الله أن ينفع به المسلمين وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم لقاه.

    وقد جعلت قوله تعالى :

    (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ)4وهو عنوان هذا البحث .
    وقد واجهتني كثيرا من الصعاب من أهمها ندرة المراجع العلمية وضيق الوقت وكثرة الشواغل ولكن كان المعين لي بعد الله تعالى وتوفيقه مركز بحوث جامعة الإيمان الذي أمدني بكثير من المراجع المتعلقة بالموضوع بالإضافة إلى مكتبة الجامعة فلا أنسى أن أسجل هنا كلمة شكر وتقدير وعرفان لجامعة الإيمان ـ حماها الله ـ ومركزها ، هذا وكانت خطتي في البحث على النحو التالي :
    وقد قسمت هذه الدراسة إلى أربعة مباحث وهي :
    المبحث الأول ويشتمل على خمسة مباحث هي :
    أقوال اللغويين في الآية .
    أقوال المفسرين والعلماء في الآية.
    المراد بالمثلية في الآية .
    لأممية لدى الحيوانات.
    العبودية لدى الكائنات
    المبحث الثاني :الجوانب العلمية التي أكتشفها العلم الحديث في التماثل بين الإنسان وسائر الكائنات على وجه الأرض ( السلوكيات والأخلاق) :

    ويشتمل علىستة مطالب وهي :

    البيت الزوجي لدى الحيوانات.
    الجنس لدى الحيوانات .
    من أعاجيب الحيوانات في حياتها الجنسية
    أثر الرائحةالعطرة في ثوران الغريزة الجنسية لدى الحيوانات .
    تنظيم العملية الجنسية لدى الحيوانات.
    الغيرة لدى بعض الحيوانات "البط "
    المبحث الثالث :من أخلاقيات الحيوان ويشتمل على ستة مباحث وهي :
    الوفاء والأمانة الزوجية لدى الحيوان .
    التعاون والمحبة في عالم الحيوان "النحل "
    هداية الحماموعجائب صنع الله فيه .
    الهداية الإلهية للحيوان في البحث عن معاشه .
    المبحث الرابع غرائب الحيوان ويشتمل على المطالب التالية :
    الإنسان يتعلم من الحيوان .
    بعض الطيور تقلد أصوات البشر
    بعض الحيوانات تسبق الإنسان في معرفة بعض الأحداث والمعلومات .
    اللغة السرية لدى الحيوانات "الأفيال والحيتان "في التخاطب فيما بينها المطلب الخامس :الهجرة كذلك في عالم الحيوان .
    كيف تهاجم الحيوانات فرائسها ؟
    تبادل الأفكار لدى الحيوانات.
    الخداع والمكر لدى الحيوانات .
    النحل اجتماعي جدا .
    هل تنام الحيوانات ؟.
    هل تحب الحيوانات الجمال أيضا ؟.
    عيون الطيور تشبه عيون البشر .
    الوطنية في عالم الحيوان .
    جوانب من تفوق الحيوان على الإنسان .
    النمل يربي المواشي ويفلح الأرض .
    الحيوانات تقيم الحدود الإسلامية.
    الحيوانات أيضا تستخدم الدواء وتتطبب كذلك.
    كما أشتمل البحث على الخاتمة والفهرس والمراجع . فإلى المبحث الأول:
    المبحث الأول تأصيل الجانب الشرعي حول الآية : ويشتمل على المطالب التالية :
    أقوال اللغويين في الآية .
    أقوال المفسرين والعلماء في الآية.
    المراد بالمثلية في الآية .
    الأممية لدى الحيوانات.
    العبودية لدى الكائنات

    مقدمة
    القرءان العظيم وهو يخاطب البيئة العربية البدوية التي تعرف الناقة والجمل والخيل والبغال والطير و الغنم والشاء وغيرها من المخلوقات يلفت الأنظار إلى قدرة الباري سبحانه في خلقها وتكوينها وبديع صنعه فيها وهذا ما يعلل سر ذلك الحشد الهائل من الآيات القرآنية التي تتحدث عن الأنعام فلا تكاد تجد سورة من القرءان إلا و فيها حديث أو إشارة إلى آيات الله وبديع صنعه في الأنعام بل لقد سميت بعض سور القرءان بأسماء بعض الأنعام نحو النمل والنحل والفيل والعنكبوت والبقرة والأنعام والعاديات أي الخيل وهكذا .
    وفي هذا استنهاض للعقول والأفئدة للتفكر في بديع صنع الله فيها وقدرته تعالى كما قال عز وجل(وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) *5.ومن ضمن الآيات القرآنية التي تحمل الإعجاز والتحدي للبشرية آية من كلام الله تعالى مهما كتب فيها الكاتبون وصنف فيها المصنفون فلن يحصوا ما فيها من علم إ لهي إذ تعجز الأقلام عن الخوض في لججها المتلاطمة(قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّيلَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)6
    إنها قوله تعالى وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون)7 .
    ومن أجل أن تتضح الآية لابد من أن نعرج على أقوال علماء اللغة وأئمة التفسير حول الآية .
    أقوال علماء اللغة في معنى الآية
    معنى الأمة لغة :
    قال في مختار الصحاح للإمام الرازي "والأمة الجماعة "
    وقال في لسان الميزان "الأمة الجيل والجنس من كل حي "
    وقال الأصفهاني في كتابه مفردات ألفاظ القرءان "والأمة كل جماعة يجمعهم أمر ما إما دين واحد أو زمان واحد أو مكان واحد سواء كان الأمر الجامع تسخيرا أو اختيارا ومنه قوله تعالى(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)أي كل نوع منها على طريقة قد سخره الله عليها بالطبع فهي ما بين ناسجة كالعنكبوت وبانية كالسرفة ـ وهي دويبة غبراء تبني بيتا حسنا تكون فيه وهي التي يضرب بها المثل فيقال أصنع من سرفة ـ ومنها المدخرة كالنمل ومعتمدة على قوته كالعصفور والحمام وغير ذلك من الطبائع التي تخصص بها كل نوع "
    أقوال المفسرين والعلماء في معنى الآية :
    قال الإمام القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرءان "إلا أمم أمثالكم "أي هم جماعات مثلكم في أن الله خلقهم وتكفل بأرزاقهم وعدل عليهم فلا ينبغي أن تظلموهم ولا تجاوزوا فيهم ما أمر تم به "
    وقال الزجاج "إلا أمم أمثالكم " قال في الخلق والرزق والموت والبعث والاقتصاص وقال مجاهد أصناف لهن أسماء تعرف بها كما تعرفون. وقال سفيان ابن عيينة أي ما من صنف من الدواب والطير إلا في الناس شبه منه فمنهم من يعدوا كالأسد ومنهم من يشره كالخنزير ومنهم من يعوي كال*** ومنهم من يزهوا كالطاووس فهذا معنى المماثلة .واستحسن الخطابي هذا وقال فإنك تعاشر البهائم والسباع فخذ حذرك .ثم عقب الإمام القرطبي على هذه الأقوال وغيرها بقوله "وقيل غير هذا مما لا يصح والصحيح ـ إلا أمم أمثالكم ـ في كونها مخلوقة دالة على الصانع محتاجة إليه مرزوقة من جهته كما أن رزقكم على الله "وقول سفيان أيضا حسن فإنه تشبيه في واقع الوجود "أ.ه كلام الإمام القرطبي ثم قال قوله تعالى "بجناحيه "مع أن الطائر لا يطير إلا بجناحيه فذكرهما ليتمحض القول في الطير ."وقال الإمام جلال الدين السيوطي في تفسيره الدر المنثور في التفسير بالمأثور "أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله عز وجل "إلا أمم أمثالكم "قال خلق مثلكم ".
    وقال في تفسير الجلالين للإمام السيوطي "إلا أمم أمثالكم "ـ في تدبير خلقها ورزقها وأحوالهم"أه
    وقال الإمام الطبري في هذه الآية في تفسيره جامع البيان عن تأويل القرءان "جعلها أجناسا مجنسة وأصنافا مصنفة تعرف كما تعرفون وتتصرف فيما سخرت له كما تتصرفون ومحفوظ عليها ما عملت من عمل لها وعليها ومثبت كل ذلك من أعمالها في أم الكتاب "
    وقال الإمام الشوكاني في الفتح "(بجناحيه ) لدفع الإبهام ،لأن العرب تستعمل الطيران لغير الطير كقولهم طر في حاجتي أي أسرع وقيل إن إعتدال جسد الطائر بين الجناحين يعينه على الطيران، ومع عدم الاعتدال يميل فأعلمنا سبحانه أن الطيران بالجناحين وقيل ذكر الجناحين للتأكيد كضرب بيده وأبصر بعينيه ونحو ذلك والمعنى :ما من دابة من الدواب التي تدب في أي مكان من أمكنة الأرض ،ولا طائر يطير في أي ناحية من نواحيها (إلا أمم أمثالكم )أي جماعات مثلكم خلقهم الله كما خلقكم ورزقهم كما رزقكم ،داخلة تحت علمه وتقديره وإحاطته بكل شيء .
    ثم سرد ـ رحمه اللـه ـ أقوال المفسرين في الآية ثم قال والأولى أن تحل المماثلة على كل ما يمكن وجود شبه فيه كائنا ما كان ".أه
    وقال الإمام ابن القيم "وقال الخطابي ما أحسن ما تأول سفيان ـ يعني ابن عيينة ـ هذه الآية واستنبط منها هذه الحكمة وذلك أن الكلام إذا لم يكن حكمه مطاوعا لظاهره وجب المصير إلى باطنه وقد أخبر الله عن وجود المماثلة بين الإنسان وبين كل طائر ودابة وذلك ممتنع من جهة الخلقة والصورة وعدم من جهة النطق والمعرفة فوجب أن يكون منصرفا إلى المماثلة في الطباع والأخلاق . ثم علق ابن القيم قائلا والله سبحان قد جعل بعض الدواب كسوبا محتالا وبعضها متوكلا غير محتال وبعض الحشرات يدخر لنفسه قوت سنته وبعضها يتكل على الثقة بأن له في كل يوم قدر كفايته رزقا مضمونا وأمر مقطوعا وبعضها لا يعرف ولده البتة وبعض الإناث تكفل ولدها لا تعدوه وبعضها تضيع ولدها وتكفل ولد غيرها وبعضها لا تعرف ولدها إذا استغنى عنها وبعضها يدخر وبعضها لا تكسب له وبعض الذكور يعول ولده وبعضها لا تزال تعرفه وتعطف علبه .وجعل بعض الحيوانات يتمها من قبل أمهاتها وبعضها يتمها من قبل آبائها وبعضها لا يلتمس الولد وبعضها يستفرغ الهم في طلبه وبعضها يعرف الإحسان ويشكره وبعضها ليس ذلك عنده شيئا وبعضها يؤثر على نفسه وبعضها إذا ظفر بما يكفي أمة من جنسه لم يدع أحدا يدنوا منه وبعضها يألف بني آدم ويأنس بهم وبعضها يستوحش منهم وينفر غاية النفار منه وبعضها لا يأكل إلا الطيب وبعضها لا يأكل ألا الخبائث وبعضها يجمع بين الأمرين وبعضها لا يؤذي إلا من بالغ في أذاها وبعضها يؤذي من لا يؤذيها وبعضهم حقود لا ينس الإساءة وبعضها لا يذكرها البتة وبعضها لا يغضب وبعضها يشتد غضبه فلا يزال يسترضى حتى يرضى وبعضها عنده علم ومعرفة بأمور دقيقة لا يهتدي إليها أكثر الناس وبعضها لا معرفة له بشيء من ذلك البتة وبعضها يستقبح القبيح وينفر منه وبعضها الحسن والقبيح سواء عنده وبعضها يقبل التعليم بسرعة وبعضها مع الطول وبعضها لا يقبل ذلك بحال "أه كلام ابن القيم .[3]وقال أيضا الإمام ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام "والأمة الجماعة المتساوية في الخلقة والزمان قال تعالى (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون)[4] .
    وقال أيضا في الجواب الكافي حيث أورد كلام سفيان ابن عيينة في الآية "قال منهم من يكون على أخلاق السباع العادية ومنهم من يكون على أخلاق الكلاب وأخلاق الخنازير وأخلاق الحمير ومنهم من يتطوس في ثيابه لحما كتطوس الطاوس في ريشه ومنهم من يكون بليدا كال**** ومنهم من يؤثر على نفسه كالديك ومنهم يألف ويؤلف كالحمام ومنهم الحقود كالجمل ومنهم الذي خير كله كالغنم ومنهم أشبه الذئاب ومنهم أشباه الثعالب التي يروغ كروغانها .وقد شبه الله أهل الجهل والغي بالحمر تارة وبال*** تارة وبالأنعام تارة وتقوى هذه المشابهة باطنا حتى تظهر في الصورة الظاهرة ظهورا خفيا يراه المتفرسون ويظهر في الأعمال ظهورا يراه كل أحد ولا يزال يقوى حتى تعلوا الصورة فتنقلب له الصورة بإذن الله وهو المسخ التام. فيقلب الله الصورة الظاهرة على صورة ذلك الحيوان كما فعل باليهود وأ شباههم ويفعل بقوم من هذه الأمة ويمسخهم قردة وخنازير "أه [5] وقال أيضا ابن القيم في شفاء العليل (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)قال "وهذا يتضمن أنها أمم أمثالنا في الخلق والرزق والتقدير الأول وأنها لم تخلق سدى "[6]
    ويقول سيد قطب في ظلاله حول هذه الآية "إنه ما من دابة تدب على الأرض وهذا يشمل كل الأحياء من حشرات وهوام وزواحف وفقاريات وما من طائر يطير بجناحيه في الهواء وهذا يشمل كل طائر من طير أو حشرة وغير ذلك من الكائنات الطائرة،ما من خلق حي في هذه الأرض كلها إلا وهو ينتظم في أمة ذات خصائص واحدة وذات طريقة في الحياة واحدة كذلك شأنها في هذا شأن أمة الناس ما ترك الله شيئا من خلقه بدون تدبير يشمله وعلم يحصيه،وفي النهاية تحشر الخلائق إلى ربها فيقضي بأمرها ما يشاء "أه [7]
    وبعد أن سردنا أقوال علماء اللغة وعلماء التفسير نشرع في بيان معنى المثلية في الآية.
    يمكننا مما سبق من كلام علماء اللغة والتفسير في المراد بالتماثل في قوله تعالى (إلا أمم أمثالكم )وبجمع أقوالهم في الآية يتبين لنا أن المراد بالتماثل بين الدواب والإنسان إنما هو في بعض الجوانب وليس المراد هو التماثل التام من كل وجه إذ لو وقع هذا لكان الإنسان حيوانا كسائر الحيوانات وهو محال عقلا وشرعا.
    أما عقلا فمعلوم وأما شرعا فإن الله عز وجل قد كرم بني آدم على سائر الكائنات وفضلهم على كثير من خلقه كما قال تعالىوَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىكَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [8].
    ولو قلنا بالتماثل من كل وجه لقلنا برفع التكليف عن بني آدم شأنهم في ذلك شأن البهائم والدواب وهو محال شرعا وإنما المراد ـوالله أعلم ـ هو التماثل والتشابه السلوكي والخلقي والطبعي كما قال الإمام الخطابي والشوكاني والقرطبي وغيرهم ـ كما سبق بيانه ـ.
    ويدل على صحة هذا القول الحديث الصحيح "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فا قتلوا منها الأسود البهيم [9]" فسمى النبي صلى الله عليه وسلم الكلاب أمة من الأمم أي في الخلق والتدبير والأفعال والأعمال والسلوكيات ومحال تماثل ال*** لكل الأمم من كل الوجوه.










  2. #12
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





    سورة الغاشية
    هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ

    هذه سورة الغاشية أورد الحافظ ابن كثير في مستهلها: أن جارية كانت تقرأ هذه الآية، واستمع إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولما قرأت: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ قال: قد جاءني من ربي ولكن هذا حديث ضعيف قد تقدم أن قوله -جل وعلا- مثل هذه الآية: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ وغيرها، إن كان الله -جل وعلا-… أو تحتمل هذه الآية أن يكون معناها: قد جاءك، أو قد أتاك، وهذا عليه جمع من المفسرين، وأهل اللغة، وهذا يصلح فيما ثبت.

    الله -جل وعلا- أنزله على نبيه -صلى الله عليه وسلم- وأنزل خبره قبل ذلك، وأما ما لم يثبت، فهذه الآية تحتمل أن يكون قد جاء، ويحتمل أن يكون معناها استفهام، المقصود به لفت الانتباه إلى هذه الآيات.

    قوله -جل وعلا-: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ أي: هل أتاك خبر الغاشية؟ والغاشية اسم من أسماء يوم القيامة، لأن يوم القيامة -لعظمة وشدة هوله- سماه الله -جل وعلا- بأسماء، وقد تقدم أن الشيء إذا كان معظما، فإنها تكثر أسماؤه؛ ولهذا الله -جل وعلا- لما كان جليلا معظما كانت له أسماء لا يحصيها العباد كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته لأحد من خلقك إلى أن قال: أو استأثرت به في علم الغيب عندك فهناك أسماء لله -جل وعلا- لم يطلع عليها أحدا من خلقه، بل استأثر بعلمها، وفي الحديث: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن لله تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة .

    فالعبد يتأمل كتاب الله -جل وعلا- وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- يستطيع أن يحصي من أسماء الله -جل وعلا- تسعة وتسعين اسما، وما هذه الأسماء إلا دليلا على عظمة المسمى بها، وهو الله -جل وعلا-، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- أيضا لما كان معظم كانت له أسماء كثيرة.

    فالشيء المعظم كلما عظم كثرت أسماؤه، ويوم القيامة يوم عظيم؛ ولهذا كثرت أسماؤه، ثم قال -جل وعلا-: مبينا انقسام الناس يوم القيامة إلى فريقين: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ أي وجوه يوم القيامة ذليلة خاسرة، ترهقها قطرة، وعليها ذلة، وهي وجوه الكفار كما قال -تعالى-: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ فوجوههم يوم القيامة ذليلة؛ لأن الله -جل وعلا- أذلهم بكفرهم.

    عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ أي: أن أصحاب هذه الوجوه يوم القيامة يعذبهم الله -جل وعلا- في نار جهنم بالعمل الشاق، ويتعبون في ذلك اليوم تعبا عظيما، كما قال -جل وعلا- سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا وقال -جل وعلا-: وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ذكر بعض العلماء أن "صعودا" هذا اسم لجبل في النار يكلف الكافر يوم القيامة أن يصعده، وما يستطيع صعوده، والشاهد أنه الذي دلت عليه آية المدثر وآية الجن، أنه يوم القيامة يكلف بالأعمال الشاقة.

    وهذه الآيات قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ الصحيح أنها تكون يوم القيامة، وما جاء عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في قصة الراهب الذي ناداه عمر من صومعته، فأشرف على عمر، فبكى عمر -رضي الله عنه- وتلا هذه الآية: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ على معنى أنها تعمل في الدنيا، وتخسر في الآخرة، هذا وإن كان معناه صحيحا، لكنه ليس مرادا بهذه الآية.

    والأثر هذا الذي عن عمر -رضي الله عنه- لا يصح عنه، ولا يثبت.

    فالصواب أن قوله -جل وعلا-: عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ يعني: يوم القيامة، الكافر في الدنيا يعمل، وليس له عند -جل وعلا- نصيب في الآخرة كما دلت عليه النصوص الأخرى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا في قوله -جل وعلا-: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا هذا صحيح، ولكن هذا ليس هو المراد بهذه الآية؛ لأن قوله -جل وعلا-: عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ أورده الله -جل وعلا- بعد ذكره لقيام الساعة وانقسام الناس إلى فريقين: فريق في الجنة، وفريق في السعير؛ لأن قوله -جل وعلا-: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ ليس المراد بها في الدنيا، وإنما المراد بها في الآخرة قطعا، فاقتران هذين يدل على أن المراد به في الآخرة.

    ثم إن الله -جل وعلا- في آيات أخرى بين هذا الانقسام في قوله -جل وعلا-: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ وفي قوله -جل وعلا-: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ وكل ذلك في الآخرة.

    فدل على أن المراد بقوله -جل وعلا-: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ إنما هو في الآخرة، وقوله -جل وعلا-: تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً أي: تصلى نارا صفتها، أنها حامية، ولشدة حرارتها تكاد تتقطع كما قال الله -جل وعلا-: تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ فهي تغيظ، النار يوم القيامة يشتد غيظها، ويزداد سعيرها حتى تكاد أن تتقطع، ثم قال -جل وعلا-: تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ أي أن الكافر يوم القيامة يسقى من عين آنية، قد بلغت الغاية في شدة الحرارة.

    وهذا الماء الذي يسقونه يوم القيامة بين الله -جل وعلا- في آيات أخرى، أنه من صديد كما قال - تعالى-: وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ .

    وبين في آيات أخرى: أنه يقطع أمعاءهم وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ وبين -جل وعلا- في آيات أخرى أنه يشوي وجوههم، كما في آية الكهف يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا .

    ثم قال -جل وعلا-: لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ الضريع: هو نوع من أنواع النباتات كان معروفا في الحجاز، ويسمى الشبرِق، هذا الشبرِق إذا يبس يسمى ضريعا، فلا تنتفع به الدواب بعد ذلك، ولا ينتفع به، وهكذا أعد الله -عز وجل- للكفار يوم القيامة، أعد الله -جل وعلا- طعاما لا ينتفعون به، كما قال -تعالى- بعد ذلك لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ لأن الطعام يؤكل من أجل أن يتقوى به الإنسان في جسده، ويؤكل من أجل سد الجوع، وأما هذا الطعام يوم القيامة، فإنه لا يسمن ولا يغني من جوع، فهو زيادة في عذابهم.

    ثم قال -جل وعلا-: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ وهذه وجوه المؤمنين يوم القيامة ناعمة، هي معنى قوله -جل وعلا-: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ لما كان المؤمنون ينعمون في الآخرة، فإن هذا النعيم يظهر أثره على وجوههم، والكفار لما كانوا يعذبون في النار، وكان هذا الأثر يظهر على وجوههم عبر الله -جل وعلا- بالوجوه.

    ثم قال -جل وعلا-: لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ يعني: أن هذه الوجوه لعملها الذي عملته في الدنيا راضية؛ لأن الله -جل وعلا- جازها عليه أحسن الجزاء.

    ثم قال -جل وعلا-: فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ يعني: في جنة عالية في مكانها، وفي صفاتها، وما أعد الله -جل وعلا- لأهلها فيها من النعيم المقيم لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً يعني: أن المؤمنين الذين في الجنة، لا يسمعون كلمة لاغية، واللغو في الكلام هو الكلام الذي لا فائدة منه، بل لا يسمعون إلا كلاما حقا له فائدة.

    وقد تقدم بيان ذلك عند قوله -جل وعلا-: لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا ثم قال -جل وعلا- فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ المراد بالعين هنا: الجنس فيشمل العيون الكثيرة؛ لأن الله -جل وعلا-: قال إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ فالعيون يوم القيامة كثيرة، وقوله -جل وعلا-: فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ أراد الله -جل وعلا- بها الجنس، فيعم جميع العيون التي أعدها الله -جل وعلا- في الجنة، وقد بين الله -جل وعلا- بعض هذه العيون، كما قال -تعالى-: إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا أي: أنهم يشربون الخمر ممزوجة بالكافور.

    وهذا الكافور جعله الله -جل وعلا- عينا يقوده المؤمنون حيث شاءوا، فيميل معهم حيث مالوا يعني: أن هذه العيون تتبع المؤمنين، وهو معنى قوله -جل وعلا-: يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا وقال -جل وعلا- في الآية الأخرى: وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا وهذا نوع آخر يسقي الله فيها المؤمنين الخمر في الجنة، ممزوجة بالزنجبيل، وهذا الزنجبيل من عين في الجنة تسمى سلسبيلا.

    ثم قال -جل وعلا-: فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ السرر: جمع سرير، والمعنى أن هذه السرر مرفوعة، وهم متكئون على هذه السرر، كما قال الله -جل وعلا-: عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ فقوله -جل وعلا-: مَوْضُونَةٍ قال بعض العلماء: أي أن الله -جل وعلا- شبك… جعل هذه السرر مشبكة بعضها ببعض، وهذا التشبيك من ذهب، ثم إن الله -جل وعلا- يجعل أهلها متكئين عليها متقابلين، لا يعطي أحد منهم قفاه للآخر، وذلك من فضل الله -جل وعلا- عليهم.

    ثم قال -جل وعلا-: وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ الأكواب: جمع كوب، وهو عبارة عن الكأس الذي ليس له عروة، الذي له عروة… الإناء الذي له عروة يسمى قدحا، والقدح الذي ليس له عروة يسمى كوبا، وقوله -جل وعلا-: مَوْضُوعَةٌ يعني: أن الله -جل وعلا- يسر هؤلاء الخدم الذين يخدمون المؤمنين في الجنة، فيضعونها بين أيديهم يشربون منها متى ما اشتهوا لذلك.

    ثم قال -جل وعلا-: وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ النمارق: جمع نمرقة، وهي الوسادة، فذكر الله -جل وعلا- أن هذه النمارق في الجنة تكون مصفوفة.

    وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ والزرابي: هي البسط، يعني: أن الله -جل وعلا- بث في هذه الجنة بسطا كثيرة متفرقة في أنحائها، يتنعم بها عباد الله المؤمنون.

    ثم قال -جل وعلا-: أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ لما ذكر الله -جل وعلا- قيام الساعة وما أعده للمؤمنين، وما أعده للكافرين لفت الله -جل وعلا- انتباه الكفار، واستفهمهم من أجل أن يلتفتوا إلى هذه الآيات التي جعلها الله -جل وعلا- في كونه؛ ليوحدوا الله -جل وعلا- ويوقنوا بلقائه وبالبعث والنشور.

    قال -جل وعلا-: أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ والمراد بالنظر هنا ليس نظر الأعين؛ لأن الناس ينظرون، كل مبصر فإنه ينظر، بل ربما يكون الكافر -أحيانا- أقوى في بصره من المؤمن، ولكن الله -جل وعلا- يريد بذلك نظر البصيرة؛ لأن النظر قسمان: نظر بالعين، ونظر بالبصيرة، فنظر العين هذا ليس هو المراد بهذه الآية، وإنما المراد بهذه الآية أن ينظر العبد إلى المخلوقات نظرا يورثه الهداية، وهذا نظر البصيرة، وهو الذي أرشد الله -جل وعلا- العباد إليه، وأمرهم به، ونبه عليه في مواضع كثيرة، وجعله آية من آياته كما قال -جل وعلا-: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وقال -جل وعلا-: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وقال -جل وعلا-: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ وقال -جل وعلا-: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ .

    فهذه الآيات التي جعلها الله -جل وعلا- ينتفع بها المؤمنون، وينظرون بها، ويستدلون بها على وحدانية الله وقدرته، وعلى بعث الخلائق إليه.

    قال -جل وعلا-: أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ والإبل خلق من مخلوقات الله وبهيمة من بهائم الأنعام، وفيها من عجائب صنع الله وقدرته، شيء عظيم لو تأمله العبد، وأبصر به لعلم أن هذه الإبل لا تمشي في هذا الكون إلا بإذن الله -جل وعلا- وأن هذا الخلق من لدنه -جل وعلا- وهذه الإبل مع كبرها وقوتها إلا أن الله -جل وعلا- سخرها لبني آدم يمسكها الطفل الصغير، فتنقاد معه، ثم إن الله -جل وعلا- جعل فيها منافع عظيمة للعباد كثيرة، كما نبه -جل وعلا- على ذلك في مواضع كثيرة، ومن أعظمها أن الله -جل وعلا- جعلها لعباده تحمل أثقالهم في أسفارهم، كما قال -تعالى-: وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ؛ ولهذا كان العرب، أو بعض العرب في الجاهلية يسمي الإبل سفينة البر، كما أن السفينة المعتادة سفينة البحر، ولله -جل وعلا- فيما خلق آيات.

    ثم قال -جل وعلا-: وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ أفلا ينظرون إلى السماء كيف رفعت؟! وهذه السماء رفعها -جل وعلا- بغير عمد نراها، كما قال -تعالى-: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا فهذه آية وعبرة، والله -سبحانه وتعالى- هو الذي يمسكها، كما قال -تعالى -: وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ .

    ثم قال -جل وعلا-: وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ أي إلى هذه الجبال كيف نصبها الله -جل وعلا- وجعلها ساكنة في نفسها، مسكنة لهذه الأرض، أوتادا لها، كما مر بيانه فيما سبق.

    ثم قال -جل وعلا-: وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ أي ألا ينظر العباد إلى هذه الأرض كيف سطحها -جل وعلا- لينتفع بها العباد؟ وهذه السطحية للأرض لا تنافي أن تكون الأرض بيضاوية الشكل، أو أن تكون الأرض كرية الشكل؛ لأن كرية الأرض مما أجمع عليه العلماء قديما وحديثا، وأجمع عليه علماء المسلمين سابقا، ولكن الجِرم إذا كان كبيرا، فإنه يكون له سطح، فالإنسان… كلما صغرت الكرة كلما صغر سطحها، وكلما عظمت هذه الكرة، كلما توسع سطحها، وهذه الأرض هي كرية الشكل، أو بيضاوية الشكل، ولكنها لعظمها وكبرها صار ما عليها سطحا كسطح البيت، يسكن عليه العباد، وينتفعون به، وهذا آية عظيمة من آيات الله، جل وعلا.

    ثم قال -جل وعلا-: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ هذا أمر من الله -جل وعلا- لنبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يذكر العباد، ثم بين -جل وعلا- وظيفته، وأنه - صلى الله عليه وسلم- مذكر، وليس بمسلط على العباد يكرههم، ويجبرهم على الإسلام، وهذا كان في بادئ الأمر، ثم نسخه الله -جل وعلا- بآيات السيف التي فيها الأمر بقتال المشركين.

    وهذا عند طائفة من العلماء، وبعض العلماء يقول -وهو الأظهر-: إن قوله -جل وعلا-: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ أي إنك يا محمد وظيفتك أن تبلغ الناس ما نزل عليهم من عند ربهم، أما هداية القلوب، فلست بمسلط عليها، وليست هداية القلوب بيدك كما قال -جل وعلا-: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وقال -جل وعلا-: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا .

    ثم قال -جل وعلا-: إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ هذا استثناء منقطع، "إلا" فيه بمعنى لكن، أي: لكن من تولى وكفر، تولى وأعرض عما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- وكفر به، فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ والعذاب الأكبر هو عذاب النار يوم القيامة كما تقدم قبل قليل لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى سيصلى النار الكبرى.

    ثم قال -جل وعلا-: إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ يعني: أن مرجع العباد ومردهم إليه -جل وعلا- وهو الذي يحسابهم، فمن عمل خيرا فلنفسه، ومن أساء فعليها، وفي هذا تخويف ووعيد للكافرين؛ لأن الله -جل وعلا- يتهددهم، ويخوفهم بمصيرهم إليه، وهذه الآية كما قال -جل وعلا-: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ .

    والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


    [/ALIGN]
    [/CELL][/TABLE1][/ALIGN]



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  3. #13
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    الإعجـاز الطبـي فـي عـجـب الـذنـب
    العصعص هو مجموعة من الفقرات الضامرة في نهاية العمود الفقري

    إعداد الدكتور/ عثمان جيلان علي معجمي

    إشراف ومراجعة شرعية
    الشيخ / عبد المجيد بن عزيز الزنداني
    رئيس جامعة الإيمان

    شكــــر وتقــديـــر
    (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)صدق الله العظيم.
    نسأل الله أن يوزعني أن أشكر نعمته فالشكر لله سبحانه وتعالى على ما وفقنا لكتابة هذا البحث ثم أتقدم بالشكر للشيخ / عبد المجيد الزنداني الذي قدم لنا الدعم المعنوي والمادي لإكمال هذا البحث ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته.
    الإعجاز الطبي في عجب الذنب
    مقدمة :
    لقد جئنا من عالم وسننتقل إلي عالم الغيب مرة أخري، ولكل عالم سننه الخاصة به والانتقال من عالم إلى عالم يصحبه تحول في السنن التي تحكمنا أثناء ذلك الانتقال.
    ألا تري أن السنن التي تحكمنا ونحن أجنة في بطون أمهاتنا تختلف عن السنن التي تنتظرنا خارج الرحم، بل إن السنن التي تحكم سكان الأرض على سطحها تختلف عن السنن التي تحكم رواد الفضاء خارج الأرض، فكيف بالسنن التي تنتظرنا بعد موتنا وخروجنا من الحياة الدنيا ولا يستطيع أحد أن يخبرنا خبراً يقينا قاطعاً عن مستقبلنا الذي نسير إليه إلا الذي ينقلنا إليه وهو الله سبحانه وتعالي عن طريق رسوله محمد صلي الله عليه وسلم الذي أرسله الله تعالي لإخبارنا عن مستقبلنا وطبيعة الحياة والسنن التي ستواجهنا في تلك المرحلة من الحياة بعد الموت.، قال الله تعالي " يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون لايخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " ( 15-16) سورة غافر.وقد اتفقت دعوة الرسل جميعاً على أن هناك حياة أخري غير هذه الحياة، وأن الله تعالي قد جعلها دار جزاء على الأعمال الصالحة والأعمال السيئة.
    والإيمان برسل الله عليهم الصلاة والسلام يتبعه الإيمان بكل ماجاؤا به واهم ماجاءوا به الدعوة إلي الإيمان بوافتراء. يتبعه من حساب وجزاء وعلى هذا فالإنكار لليوم الآخر تكذيب لرسل الله عليهم الصلاة والسلام الذين شهد الله بصدقهم،بل هو تكذيب لله عز وجل وهذا كفر والعياذ بالله وقد اثبت الله عز وجل حقيقة البعث والنشور في آيات كثيرة لا يحتاج الإنسان معها إلي حجة وبيان، إذا جاء فيها من تفاصيل البعث والنشور والحساب والجزاء وبيان أحوال المؤمنين والكافرين في اليوم الآخر الشيء الكثير.
    ومن أهم ما جاء في هذا الشأن إقامة البراهين الكافية لإثبات البعث بما يدفع كل لبس وشبهة ويسقط معها كل جدل وافتراء.
    وهذه البراهين التي جاءت من الكتاب الحكيم أغلبها رداً على منكري البعث من المشركين في عهد خاتم الرسل عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام وهى كافية في الرد على كل مرتاب، وقد كان منشأ استبعادهم إعادة الحياة إلي الإنسان مرة أخري هو صوره التآكل للبدن والتحلل إلي غازات وماء وعظام وتراب، وهو استبعاد ناشئ عن قصور العقل وعدم سلامة تفكيره في هذه القضية وغياب الأدلة المادية، حيث غاب عن عقولهم قدرة الله سبحانه وتعالي التي لا يعجزها شيء، وغاب عن عقولهم كذلك الربط بين البدء والإعادة فالذي قدر على الإيجاد للإنسان من العدم على غير مثال سابق يحتذي قادر على إعادته إلي الحياة مرة أخري، إذا أن إيجاد الإنسان ابتداءً أدعي إلي التفكير فيه والتعجب من دقة صنعه وما فيه من آيات " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " الذاريات
    ومن هنا أقام الله سبحانه وتعالي براهين متعددة في كتابه العزيز لتقرير حقيقة البعث ودفع ما نشأ عند الإنسان من لبس وإشكال.
    ومن البراهين والأدلة على اليوم الآخر الإخبار عنه في القرآن والسنة قال تعالي " ذلك بأن الله هو الحق وانه يحي الموتى وأنه على كل شيء قدير وأن الساعة آتية لاريب فيها وان الله يبعث من في القبور " الحج (6-7). وقال تعالي " زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلا وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير " التغابن 7
    والرسول صلي الله عليه وسلم قد أخبرنا عن اليوم الآخر وهو الذي زار الجنة ورأي النار ليلة الإسراء والمعراج فهو شاهد العيان الصادق الذي لاينطق عن الهوى فقال صلي الله عليه وسلم عندما سأله جبريل عن الإيمان " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره " ومن ذلك قول الرسول صلي الله عليه وسلم " تحشرون حفاة عراه غراً " أخرجه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي. وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم " كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب " رواه البخاري والنسائي والترمذي ومالك في الموطأ.
    والأدلة النقلية والعقلية على البعث واليوم الآخر كثيرة جداً ونحن في بحثنا هذا وبفضل وتوفيق من الله تعالي أتينا بالدليل العلمي والمادي على البعث والنشور في زمن طال فيه ليل الكفر والإلحاد فنسأل الله تعالي أن يجعل هذا البحث نوراً يجلي تلك الظلمات انه هو البر الرحيم.
    موضوع البحث هو عجب الذنب ( آخر عظمة في أسفل العمود الفقري - العصعص) جاء ذكره في الأحاديث النبوية الشريفة والتي نصت على أنه هو أصل الإنسان والبذرة التي يبعث منها يوم القيامة وأن هذا الجزء لا يبلي ولا تأكله الأرض.
    النص المعجز (الحديث الشريف).
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال " كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب " أخرجه البخاري والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد في المسند ومالك في الموطأ.
    الحقيقية العلمية: أثبتت الاكتشافات التشريحية والبيولوجية أن الإنسان ينشأ في مراحله الأولى في الأرحام من عجب الذنب المسمى بالخيط الأولى وعقدته لأولية وبعد خلق جميع أعضاء الجنين منه يستقر في آخر فقرة أسفل العمود الفقري (العصعص) ليكون البذرة التي يبعث منها الإنسان يوم القيامة.
    مراحل تكوين الجنين : يبدأ تكون الجنين عندما يحدث تلقيح البويضة بحيوان منوي، حيث يدخل الحيوان المنوي إلي البويضة وتصبح مخصبة ويتكون نتيجة لذلك الزيجوت، ينقسم الزيجوت إلي خليتين وكل خلية تنقسم إلي خليتين وهكذا يستمر الانقسام وتكاثر الخلايا في الجنين حتى يصبح الجنين عبارة عن قرص embryonic disc مكون من طبقتين وذلك في اليوم الرابع عشر هما:
    1- طبقة ظهرية تسمى الإبيبلاست Epiblast.
    2- الطبقة الداخلية تسمى الهيبوبلاست Hypoblast.


    الحيوانات المنوية تتنافس على تلقيح البويضة
    الحيوان المنوي يلحق البويضة


    الزيجوت في طور الإنقسام
    الزيجوت ينقسم إلى خليتين

    الزيجوت ينقسم إلى أربع خلاياالمضغة مكونة من أربعة خلايا يمسى الجنين في هذه المرحلة موريلا

    القرص الجنيني مكون من طبقتين ويظهر الخيط الأولي في مؤخرة الطبقة الظهرية الايبيبلاس

    رسموم توضيحية لمراحل تكوين وخلق أعضاء الجنين من الخيط الأولي والعقدة الأولية الممثلان لعجب الذنب
    وحتى نهاية اليوم الرابع عشر يكون الجنين عبارة عن قرص مكون من طبقتين لا يعرف يمينه من شماله ولا مقدمته من مؤخرته وحتى اليوم الرابع عشر يمكن أن تتكون التوائم فلو قسمنا هذا القرص إلى عدة قطع لأصبحت كل قطعة جنين وفي اليوم الخامس عشر يظهر في أحد حواف هذا القرص الجنيني وفي طبقته الظهرية الإبيبلاست أخدود طولي منبعج الجانبين نهايته مدببة هذا الأخدود يمسى الخيط الأولي. primitive streak ونهايته المدببة تسمى العقدة الأوليةprimitive node وبعد ظهور هذا الخيط يعرف أن مكانه ظهوره هو مؤخرة الجنين في الطبقة الظهرية ويعرف يمينه من شماله وبعد ظهور هذا الخيط لا يمكن أن تتكون التوائم بل يصبح القرص المتكون فيه الخيط الأولي جنيناً واحداً.
    من هذا الخيط وعقدته الأولية تتكون جميع أعضاء الجنين وبعد ذلك يضمحل هذا الخيط وعقدته ويصغر حجمه ويتحرك راجعاً إلى مؤخرة الجنين ليستقر
    صورة بالمجهر الإلكتروني للخيط الأولي والعقدة الأولية
    في آخر عظمه أسفل العمود الفقري مكوناً عجب الذنب إذن هذا الخيط الأولي وعقدته الأولية هما عجب الذنب.
    بمجرد ظهور هذا الخيط في مؤخرة القرص الجنيني في الطبقة الظهرية الابيبلاست فإن الخلايا الموجودة في هذه الطبقة الظهرية ترحل متجهة صوب الخيط الأولي وعقدته الأولية هذه الخلايا تنقسم وتتكاثر
    (يسمى الخيط الأولي مركز النمو والتكاثر) growth centre وتدخل هذه الخلايا إلى تجويف القرص الجنيني مكونة طبقتين أوليتين هما. (الوسطى ـ الميزودرم) والداخلية الإندودرم.
    الطبقة الوسطى تتكون منها الأنسجة الضامة والعظام والجهاز الدوري والقلب والعضلات.
    الطبقة الداخلية الإندودرم. يتكون منها الجهاز الهضمي والتنفسي والبولي.
    مقطع عرضي للقرص الجنيني حيث يظهر تكاثر الخلايا داخل الخيط الأولي ثم دخولها إلى تجويف القرص لتكوين طبقتي الوسطى والداخلية (الميزودرم والأندودرم)

    وبالنسبة للخلايا التي تدخل إلى العقدة الأولية وتتكاثر فيها فإنها تكون الحبل الظهري notochord والذي يتكون منه الجهاز العصبي المركزي (المخ والحبل الشوكي).
    إذن جميع أعضاء الجنين تكونت من الخيط الأولي وعقدته الأولية وهما يمثلان عجب الذنب مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (منه خلق) بعد ذلك يضمحل الخيط والعقدة ويصغر حجمهما ويستقران في آخر عظمة أسفل العمود الفقري العصعص ليكون البذرة التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم منه يركب يوم القيامة.
    إذا حدث مؤثر على خلايا عجب الذنب وتكون ورم سرطاني في عظمة العصعص مكان عجب الذنب فإن الورم ينموا مكوناً جنيناً مشوهاً فترى قدماً أو يداً تبرز من داخل الورمة دالاً على أنه هو البذرة.
    صور للتوءم المسخ الذي ينتج عن حدوث ورم في عُجب الذنب إنه دليل لا يدع مجالاً للشك أن عُجب الذنب يحتوي على الخلايا الأم التي يتكون منها الجنين أضغط على الصور لتكبيرها

    ولقد قام العالم الألماني هانس سبيمان بعدة تجارب على الخيط الأولي وعقدته حيث قام باستئصال الخيط الأولي والعقدة الأولية في الأسبوع الثالث وزراعته في جنين آخر في نفس العمر وكانت النتيجة نمو جنين ثانوي في الجنين المضيف وقام بعد ذلك بغلية و سحقة ثم زراعته فلاحظ أنه لا يزال يؤدي إلى تكوين جنين ثانوي أي لا يبلى بالسحق والغليان وأعلن اكتشافه للمخلق الأولي عجب الذنب وأسماه المخلق الأولي primary organizer بينما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرناً أنه منه يخلق الإنسان.
    صورة للعالم سبيمان وتلميذته مانجولد ويظهر فيها جائزة نوبل لاكتشافة وزراعته للمنظم الاولي (عجب الذنب) في البرمائيات أضغط على الصورة لتكبيرها
    ولقد حاز هذا العالم على هذا الاكتشاف جائزة نوبل عام 1935م بالمشاركة مع زميلته الدكتورة مانجولد.
    صورة لغلاف مجلة طبية نشرت خبر هذا الاكتشاف


    ولقد قمنا بالتعاون مع الشيخ عبد المجيد الزنداني في رمضان 1424هـ في منزله في صنعاء بتجربة على العصعص حيث قمنا وتحت تصوير تلفزيوني بأخذ أحد فقرتين لخمس عصاعص للأغنام قمنا بإحراقها بمسدس غاز فوق أحجار ولمدة عشرة دقائق ( حتى احمرت وتأكدنا من احراقها التام بحيث أصبحت حمراء وبعد ذلك أصبحت سوداء متفحمة فوضعنا القطع في علب معقمة وأعطيناها لأشهر مختبر في صنعاء
    ( مختبر العولقي ) وقام الدكتور / صالح العولقى أستاذ علم الانسجة والامراض في جامعة صنعاء بفحصها نسيجيا وكانت النتيجة مبهرة حيث وجد خلايا عظمة العصعص لم تتأثر ولازالت حية وكأنها لم تحرق
    ( فقط احترقت العضلات والأنسجة الدهنية وخلايا نخاع العظم المصنعة للدم. أما خلايا عظمة العصعص فلم تتأثر.
    اكتشافات أخرى :
    ذكرنا سابقاً في الجزء الأول ان من ضمن التجارب التي قام بها العالم / هانس سبيمان تجربتا السحق والغليان للمنظم والمخلق الأولي ( الخيط الأولي والعقدة الأولية ).
    وكان القصد من تلكما التجربتين هو معرفة طبيعة المواد التي توجد في هذا المنظم والمخلق الأولي والتي لا تتأثر بالسحق اوالغليان ولم يتوصل هانس

    سبيمان لمعرفة هذه المواد.
    وبعد ذلك قام علماء وباحثون آخرون بتجارب على عجب الذنب ( الخيط والعقدة الأولية ) لمعرفة ماهية المواد التي بداخلة والمسئولة عن تخليق الحنين الثانوي عند زراعته في جنين آخر.
    ومن أهم هؤلاء العلماء العالم / كونراد هال وادينجتون (1905-1975 م ) والذي اجري تجاربه على الحيوانات الفقرية حيث بدأ تجاربه في عام 1933م عندما قام بزراعة الخيط الأولي والعقدة الأولية لجنين طير ( البط) في جنين طير أخر ( البط) فادي إلى تخليق جنين ثانوي اى ان المنظم والمخلق الأولي لهانس سبيمان موجود في الطيور ويؤدي نفس العمل حيث ان هانس سبيمان قام بتجاربه على البرمائيات.
    وتابع العالم كونراد وادينجتون تجاربه حيث نجح في زراعة الخيط الأولي والعقدة الأولية لجنين بط ( طائر) في جنين أرنب حيث أدي إلى تخليق جنين طائر ثانوي ( بط) من جنين الأرنب والعكس صحيح.
    اى لا يختص بنوع معين اى ان الخيط الأولي والعقدة الأولية ( الممثلان لعجب الذنب) يفتقدان خاصية النوع فبالإمكان زراعة الخيط الأولي وعقدته لأي جنين في اى جنين آخر ليس من نفس النوع اى أن عجب الذنب إذا زرع في مراحله الأولية الجنينية المبكرة في اى بيئة جنينية مبكرة فانه يؤدي إلى تخليق جنين ثانوي من نفس نوع الجنين الذي اخذ منه ( الخيط والعقدة ) والممثلان لعجب الذنب.
    صورة للدكتور عثمان جيلان مع شيخه فضيلة الشيخ عبد المجيد الزنداني حفظه الله ويبارك فيه

    والجنين المضيف يمثل هذه البيئة والخيط الأولي وعقدته ( عجب الذنب) يمثلان البذرة فإذا هيئت لهذا البذرة الظروف المناسبة والبيئة المناسبة ( الجنين المضيف ) فإنها تؤدي إلى نمو وتخليق جنين ثانوي والله سبحانه وتعالي قادر على إيجاد البيئة المناسبة يوم القيامة لنمو عجب الذنب ( أخر فقرة من العصعص المحتوي على بقايا الخيط الأولي والعقدة الأولية )انه على كل شيء قدير.
    وفي عام 1933م أيضا قام هذا العالم بمحاولة استخلاص المادة الفعالة في الشريط الأولي الممثل لعجب الذنب هو وعلماء آخرون , وكانت النتيجة أنهم افترضوا أن المادة الفعاله للشريط الأولي هي مواد كيماوية ذات طبيعة دهنية ومن ضمن هذه التجارب قام باستئصال الشريط ثم غليه لقتلة , فقام بغليه لمدة 30 ثانية ومن ثم زراعته في جنين آخر فأدى الى نمو جنين ثانوي فتأكد لدية انه ربما يكون هناك مواد كيميائية هي المسئولة عن عملة لا تتأثر بالغليان ولكن لم يعرف ماهية هذه المواد.
    الاكتشاف المدهش ا(Surprising discovery)ب(1)
    وتوالت التجارب لمعرفة المواد التي بداخل الخيط الأولي والعقدة الأولية حتى عام 1983 م حيث اكتشفت هذه المواد وبدلاً من زراعة جزء من الجنين لإنتاج جنين ثانوي تمكن العلماء من استخلاص هذا المواد من الخيط الأولي والعقدة الأولية وحقنها ( زراعتها) في جنين أخر لإنتاج جنين ثانوي ونجحت التجربة اي بعد حقن وزراعة هذا المادة المستخلصة أدت إلى تكوين جنين ثانوي ولكنه جنين ثانوي يحوي جميع الأعضاء ولكن بصورة جنين مشوه يسمى المحور الجنيني وأصبحت عملية الزراعة أسهل من ذي قبل وأصبح منظم سبيمان عبارة عن مجموعة خلايا تحتوي على مادة معينة لها القدرة على التنظيم وتؤدي الى تخليق الأجنة.
    فما هي هذه المادة ؟ وما هي أهميتها ؟
    إليكم تفاصيل القصة.
    صورة للبروفسور ماثيو سكوت عالم الجينات

    لقد استطاع العلماء اكتشاف هذه المواد في الذباب المنزلي في عام 1983 م وهذه المادة او المواد تسمي جينات الصندوق homoe box gene اكتشفها العالم ولترجهرنج في جامعة بازل في سويسرا وآخرون وبعد هذا الاكتشاف استطاع علماء الأحياء ان يمسكوا بأحكام الشيء المدهش الذي يشترك فيه ويتشابه جميع أنواع الأحياء وهذا الجين هو المسئول عن تنظيم وتخليق الاجنه.
    يقول الدكتور: ماثيو سكوت Matthew Scott ان جين الصندوق عبارة عن بروتينات مسجله والتي تخبر الخلايا في كافة مراحل نمو الجنين ماذا تكوّن من أعضاء وأجهزة أي يرسل التعليمات للخلايا لتخليق أجزاء الجنين.
    وبعد اكتشاف هذه الجينات قام العالم : ادوارد لويس(Edward B. Lewis) في كاليفورنيا بإجراء تجارب وأبحاث على هندسة هذه الجينات في الذباب وحاز على جائزة نوبل كما حاز هانس سبيمان.
    صورة للبروفسور إدوارد لويس الحائز على جائزة نوبل

    انه مجال وموضع خصب لحيازة هذه الجائزة وهذا يدل على أهميته.
    وبعد ذلك أُكتشف ان هذا ألجين ( جين الصندوق ) موجود في جميع الحيوانات والفطريات والنباتات وانه يقوم بنفس الوظيفة وانه متشابه ومتماثل فيها كلها وفي الإنسان و جينات الصندوق موجودة في الخيط الأولي والعقدة الأولية وهي تتكون قبل تكون الخيط الأولي والعقدة الأولية.
    حيث اكتشف أن هذه الجينات ( جينات الصندوق ) تتكون في المنطقة التي سوف يظهر فيها الخيط الأولي والعقدة الأولية وبعد ذلك تصبح هذه الجينات داخل خلايا الخيط الأولي والعقدة الأولية هذه الخلايا المحتوية على هذه الجينات لها القدرة على التأثير والتنظيم على الخلايا الأخرى الموجودة حولها في الطبقة الظهرية للجنين Epiblajt والخلايا المحيطة بها بحيث تنظمها وتجعلها تكون أعضاء وأنسجة الجنين أي أصبح منظم ( هانس سبيمان Primar organizer) عبارة عن مجموعة من الخلايا داخلها جينات الصندوق هذه الجينات هي المسئولة عن تنظيم وتخليق الجنين وبدلاً من زراعة جزء من الجنين ( الخيط الأولي والعقدة الأولية ) أصبح بالإمكان استخلاص هذه الجينات وحقنها في جنين آخر لإنتاج محور جيني ثانوي.
    وجين الصندوق متشابه ومتماثل ومحفوظ بين جميع أنواع الأحياء وهو العامل المشترك بينها كلها وهو الذي ينظم تخليق الأجنة ويؤدي إلى نمو وتطور الأحياء أي انه الصندوق الذي يحمل ويحفظ المعلومات والأوامر لتخليق جميع الأحياء من الفقاريات حتى الفطريات وانتهاء بالنباتات.
    " وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ " سورة الأنعام الآية رقم (38)
    تشبيه إعادة خلق الإنسان وبعثه بنمو النباتات من البذور
    الله سبحانه وتعالى شبه نشأة الإنسان وبعثة بنشأة النبات في كثير من الآيات المحكمات والله هو الذي خلق الإنسان و انشأة وهو الذي انشأ النبات وهو اعلم بمكوناتها وتركيباتها ومن اصدق من الله قيلا ولا بد ان يكون كذلك فتعالوا بنا نتأمل الايات القرآنية والاحاديث النبوية التي تتكلم عن ذلك.
    أولاً : الآيات الكريمة التي تتحدث عن ذلك :-
    (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الأعراف: 57].
    (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) [الزخرف: 11].
    ( وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ )[ق: 9 ـ 11].‏
    ثانياً :- الحديث الشريف :
    - قال رسول الله صلى الله علية وسلم " ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما تنبت الأشجار وليس في الإنسان شيء الا بلي الا عظم واحد وهو عجب الذنب منه يركب الخلق يوم القيامة " أخرجه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ والنسائي.
    وقال علية وآله الصلاة والسلام للذي سأله قائلا : يا رسول كيف يعيد الله الخلق وما آية ذلك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ( اما مررت بوادي قومك جدباً ثم مررت به يهتز خضراً ؟ قال : نعم , قال : فتلك آية الله في خلقه , كذلك يحيي الله الموتى ) رواة احمد بمعناه.
    وقد ذكرنا انفا ان جميع الكائنات الحية يتم تنظيم خلقها بواسطة جين الصندوق فهو الكتاب الحفيظ الذي يحمل التعليمات ويرسل الأوامر لتكوين مخلوق او كائن حي وقلنا ان هذا الجين متماثل في جميع الكائنات الحية وله نفس الوظيفة.
    وفي الآية السابقة يذكر الله تعالى ان جميع الكائنات الحية من دواب وطيور أمم متماثلة تماما كما قرر العلم الحديث انها متماثلة في طريقة التطور والنمو في المراحل الجنينية المبكرة متماثلة مع الإنسان ولها نفس جينات الصندوق ولذلك قارن الله تعالى بين نشأة وإحياء الأرض بعد نزول المطر ببعث الإنسان يوم القيامة.
    وقد ذكرنا سابقا ان طريقة نمو النباتات تشبه تماما طريقة نمو الإنسان فالبذور تحتوي على جينات الصندوق وهي التي تنظم تخليق النباتات بدءً بالجذور فالسيقان فالأوراق حتى الثمار , والإنسان كذلك حيث توجد جينات الصندوق في الخيط الأولي والعقدة الأولية وهي المسؤوله عن تنظيم وتخليق الجنين بكامل أعضائه وأجهزته وقد تم عزل جينات الصندوق في الحيوانات وزراعتها وحقنها في اجنه أخرى فادى ذلك إلى نمو محور جنيني ثانوي , وكذلك النباتات حيث هندسة الجينات ادت إلى إنتاج أنواع مميزة في النباتات والثمار والشاهد من ذلك ان جميع الكائنات الحية من دواب وطيور أمم متماثلة لها جينات الصندوق التي لها نفس التركيب المتماثل ولها نفس الوظيفة وهي بحق صندوق حفيظ او كتاب حفيظ محفوظ بين جميع الكائنات الحية لا يحدث فيه خلل ولا تفريط (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم الي ربهم يحشرون‏ ) سورة الأنعام الآية رقم (38)
    { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ } سورة ( ق) الآية رقم (4)
    لذلك سوف يبعث الله تعالى الناس يوم القيامة يعيدهم مرة أخرى من عجب الذنب المحتوي على جينات الصندوق والذي يؤدي دورة بتنظيم وتخليق الإنسان مرة اخرى كما نظم خلقة في البداية في الخيط الأولي والعقدة الأولية " كما بأنا اول خلق نعيدة وعداً علينا انا كنا فاعلين "
    شواهد علمية :-
    نحن أوجدنا هذه الشواهد من مصادر علمية متعددة لمعرفة أوجه التشابه بين نمو النباتات من البذور وبين خلق الإنسان وإعادة بعثه يوم القيامة.
    جين الصندوق هو المفتاح لتنظيم عملية التطور والنمو في الحيوانات والنباتات وهو يحتوي على الحامض النووي والذي يترجم ويسجل ترتيب الأحماض الامينية في البروتين الناتج والذي يسمي بروتين المشابه المتحكم والذي هو عبارة عن مكان ارتباط الحامض النووي واي بروتينات تمتلك هذه الخاصية تعتبر عوامل استنساخ لذلك فالظهور والتنفيذ لهذه الجينات الصندوقية مهم لتنظيم الاجنه الاخري الناتجه.
    أهم صفه للبروتين المشابه المتحكم هو في الحقيقة انه حفيظ بين جميع الأحياء المختلفة وهذا البروتين معروف انه يعمل كمنظم للتشغيل يتحكم في تعيين وتحديد هوية الخلايا في مختلف عمليات النمو والتطور في الخلايا المحتوية علي نواة حقيقية وتشمل النباتات .
    جينات الصندوق اكتشفت أولاً في الذباب يسمى ( دروسوفيلا ميلانوجاستر ) وقد عزلت جينات الصندوق المماثلة من الحيونات ومؤخراً من النباتات. جينات الصندوق تحتوي علي البروتين الذي يخبر الخلية في مختلف أجزاء ومراحل نمو الجنين يخبرها أي نوع من الأعضاء تكون(2)
    جينات الصندوق تسجل وتحتوي على مجموعة من الجينات والتي تسجل وتحفظ الأجزاء الخاصة بالجسم(3).
    جينات الصندوق الان موجودة في كل الأحياء متعددة الخلايا من الذباب حتى الإنسان والنباتات وهي المنظم الهام الذي يحدد مصير الخلايا وتخطيط ورسم الجسم في مرحلة تكون الأجنة(4).
    في النباتات يلعب هذا الجين دوراً مهماً جداً في الوظائف الأساسية مثل تكوين الجنين والزهور والبذور.
    ادوارد لويس في معهد التكنولوجيا بكالفورنيا شارك في الحصول علي جائزة نوبل في أبحاثه علي جينات الصندوق في الذباب.
    وفي تجارب ( مركز تعبير جينات نبات كاليفورنيا ) اكتشف العالم هيك اول جين صندوق في النباتات وما وجدة هذا العالم سجل ونشر في مقاله شاملة في مجلة العلوم الطبيعية العلمية العالمية في عام 1991 م وفي هذا المقالة العلمية قام هذا العالم بإضافة النباتات الي بقية الأحياء اى يعتبر من مجموعة الاحياء مثل الذباب المنزلي , الخنفساء , الديدان , الفئران , الضفادع والإنسان (5).
    مثلاً كلها معروف ومعلوم أنها تحتوي علي مناطق جينات الصندوق ذات النفوذ والتأثير أي ان جميع هذه الاحياء من نبات وديدان وفإران وزواحف وضفادع وذباب ونباتات وأناس الا وفيهم جينات الصندوق المتماثلة والتي فيها النفوذ والسيطرة والمتحكمة في نموهم وتكوين أجسامهم أي تحتوي كلها على هذا الجين الذي يعتبر ككتاب حفيظ بين جميع الأحياء وصدق الله تعالى ( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم الي ربهم يحشرون)‏ (‏الأنعام‏:38).‏ وكلها تحتوي على هذا الكتاب.
    ويقول تعالى { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ } سورة ( ق) الآية رقم (4)
    تطور ونمو النباتات المزهرة مثل تلك التي في الحيوانات تبدأ بانقسام بويضة ملقحة لتكوين الجنين وبتعضي مستقطب الأجزاء للزهرة " سبلتها الكأسيه , بتلتها , سدتها او عضوها الذكري وعضوها الأنثوي تتكون بتعديل الآلية لتطوير ونمو الأوراق والفرق بين هذه الأجزاء محكوم بجينات الصندوق التي لها خاصية الانتقاء والتصرف وهي مطابقة ومماثلة لتلك التي في الحيوانات (6).
    مثل الحيوانات جين الصندوق في النباتات يلعب دورا مهما في تحديد مناطق ومواضع وهوية الخلايا اثناء تكوين الجنين المبكرة " (7)
    وقد أوردنا هذه الأقوال لنثبت ان طريقة نمو النباتات تتم بطريقة مماثلة لنمو الإنسان وجينات الصندوق الموجودة في الانسان والتي تنظم تخليق الجنين هي نفسها التي تنظم تخليق النباتات من البذور وهو الكتاب الحفيظ الذي يوجد في جميع الاحياء التي تحتوي على خلايا بها نواه وهو يحتفظ بالمعلومات او التعليمات لا تتغير ولا تتبدل على مر العصور. انه الكتاب الحفيظ الذي اخبرنا الله تعالى عنه " قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ " فالإنسان يبعث يوم القيامة من عجب الذنب الذي يحتوي على الخيط الأولي والعقدة الأولية المحتوية على جين الصندوق مثله مثل النبات الذي ينمو من البذور بتنظيم وبتحكم من جين الصندوق (8).
    يقول العالم / جفري شوارتز عالم الفيزيائيات الانسانيه في جامعة (University of Pittsburgh.) ان جين الصندوق هو ملك الجينات الذي يخبر الجينات الأخرى ماذا عليها ان تعمل ويقول هناك جينات خاصة بالتركيبات تسمى الجينات التركيبية مثل تلك التي تحدد لون العين في الإنسان او طول نبات الفاصوليا , لكن جينات الصندوق مختلفة عنها , فهي تتحكم وتنظم عملية نمو وتطور الكائن الحي فهي تعطي تعليمات ماهو الذي يكون مؤخرته ومقدمته , ما هي الخلايا التي تكون الدماغ , ما هي الخلايا التي تكون الأجهزة الأخرى....... الخ.
    ويضيف قائلا : ان جينات الصندوق هي نفسها من نوع إلى نوع في الكائنات الحية ويعمل نفس العمل من حيوان إلى آخر , ونفس جين الصندوق في الإنسان والذي يؤدي إلى تكوين الجمجمة سوف يتوجه إلى تكوين رأس يشبه رأس الذبابة عندما يرتبط ويوصل داخل الذباب.
    ويقول أيضا ان جين الصندوق مثل الكمبيوتر يستطيع ان يعمل أعمال متنوعة بسهولة بواسطة إعادة برمجته ويقول ان الفرق بين الإنسان والذباب ليس أكثر من ان تشغل او توقف جينات الصندوق واللذان يشتركان فيه
    هذا ما توصل إليه العلم الحديث حتى الوقت الحاضر وربما تنكشف في المستقبل مواد في عجب الذنب أدق من جين الصندوق (9).
    ان عجب الذنب عالم من الأسرار والعجائب , انه العجب العجاب فيه اسرار من العلم والمعرفة التي تدل على عظمة المولى سبحانه وتعالى وعلى عظم علمة وقدرته على إعادة الخلق منه يوم القيامة انه لا يخلف الميعاد " كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ" سورة الأنبياء الآية رقم (104) وقال تعالى " سنريهِم آياتِنا في الآفاق وفي أنْفُسِهم حتى يتبيَّن لهم أنه الحقُّ " [فصلت:53].
    وهناك شواهد عديدة في اوجه التماثل بين خلق الإنسان والنبات ولكن الوقت قصير والمدة لاستقبال البحوث بقي لها اسبوع وان شاء الله اذا تم قبول هذا البحث فسوف نرسل ببعض الشواهد الاخرى وما توفيقي الا بالله علية توكلت والية أنيب.
    الخلاصـــــة
    جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية أن الله سبحانه وتعالى جعل خلق الإنسان في الأرحام من عجب الذنب وأنه لا يبلى ومنه يعاد تركيب الإنسان يوم القيامة وشبه الله سبحانه وتعالى إعادة خلق الإنسان وبعثة مثل خلق النباتات من البذور بعد نزول المطر عليها فإعادة الحياة يوم القيامة وبعث المخلوقات مثل إعادة الحياة إلى الأرض الميته المجدبة حين ينزل عليها المطر فتحيا وتنمو وتبعث النباتات من الأرض وتصبح مخضرة كذلك الخروج يوم القيامة يوم البعث والنشور.
    وجاءت الاكتشافات العلمية البيولوجية والتشريحية لتثبت أن هناك جزء في الإنسان يسمى الخيط الأولي رأسه مدبب يسمى العقدة الأولية هذا الخيط هو المرادف لعجب الذنب الذي أخبرنا عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
    يتكون هذا الخيط في مضغة الجنين ومن هذا الخيط وعقدته الأولية تتكون جميع أعضاء الجنين وبعد ذلك يصغر حجمه ويتحرك إلى الوراء متجها ًإلى مؤخرة الجنين بينما ينمو الجنين أمامياً ليستقر في آخر فقرة أسفل العمود الفقري هذا الخيط هو المرادف لعجب الذنب وهو المسئول عن تخليق الجنين إي منه خلق ويستقر في آخر فقرة في العصعص ليكون البذرة التي يخلق منها الإنسان يوم القيامة ولقد أجريت عليه تجارب عديدة لمعرفة خواصه الفيزيائية والكيميائية وأثر العوامل الكيميائية والفيزيائية عليه حيث ثبت أنه لا يتأثر ولا يبلى كما ثبت أنه يحتوي على جينات هي المسئولة عن سر فعاليته وتخليق الجنين منه وهذه الجينات موجودة في جميع الحيوانات وبذور النباتات ولها نفس الوظيفة حيث تنمو النباتات تماماً مثل نمو الإنسان من عجب الذنب مصداقاً لما ورد في القرآن الكريم أن بعث الإنسان من عجب الذنب مثل بعث النباتات من البذور عند نزول المطر عليها.
    (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) صدق الله العظيم (فصلت:53)
    والحمد لله رب العالمين










  4. #14
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





    خلق الله عز وجل بنو آدم ورزق كل منهم رزقه فهناك الغني وهناك الفقير .. وهناك صاحب البشرة البيضاء وأيضا صاحب البشرة السمراء .. هناك من ولد في بلد حر وهناك من ولد ببلد إحتله الأعداء ..


    وفي العمل هناك درجات .. ففي مقر عملك .. هناك رب العمل .. ومدير مكتبه .. ومن ثم بعض الموظفين ! .. وفي المدرسة التي كنا ندرس فيها هناك أيضا مديرة المدرسة .. والمدرسات .. ومن ثم الطالبات .. وأيضا في الفصل الدراسي .. هناك طبقات من الطالبات تتفاوت درجاتهن في الإختبارات فمنهم من رزقها الله سرعة الفهم ومنهم من لديها تأخر في الفهم ! منهم من تحصل على أعلى الدرجات ومنهم من ترسب في الإختبار ولكل شيء سببا !!



    الأن .. جميعنا نعلم أن الله عز وجل يقدر أرزاق كل منا من قبل مولده ويحفظ كل شيء عن إبن آدم في اللوح المحفوظ الذي لا يبدل فيه أي حرف بأمر الله عز وجل كما قال تعالى في كتابه "ما يبدل القول لدي وما انا بظلام للعبيد " فهو سبحانه من قدر لكل منا رزقه أين سيولد .. ومن والديه .. وما لونه وشكله وهيأته .. ودرجة ذكاءه ، وزوجته وأولاده وكل الأمور التي سينالها في الدنيا .. المكان أو الوظيفة التي سيشغلها .. كل شيء مقدر لإبن آدم عند الله تعالى وعلى إبن آدم أن يسعى ليبارك الله تعالى له في رزقه ولكن هل معنا هذا أننا نعترض على قضاء الله وقدره ؟!

    سنقول جميعا لا نحن لا نعترض على قضاء الله تعالى وقدره ومن نحن لكي نعترض أو ننطق كلمة أمام الله تعالى؟ .. وأنا معكم .. ولكن هناك أشخاص يعترضون على قضاء الله تعالى وقدره ويتصفون بالصفة التي ذكرتها منذ قليل ألا وهي صفة الكبرياء !!

    بالتأكيد مرت عليكم إحدى المواقف التي ترون فيها بعض الخلق يتكبر على الأخر لأنه يرى أنه أفضل منه .. وأنه لا يتنازل أن يعرفه لأنه في مستوى أقل منه أو أنه من نسب أفضل منه !! نعم مرت علينا هذه المواقف وسأسرد عليكم بعض المواقف التي شهدتها بنفسي ..

    المشهد الأول
    داعية إلى الله تعرفت على فتاة مسكينة إستنجدت بها لكي تعلمها طريق الصواب ولكي تكون لها مثل أختها الكبيرة وتنصحها في أمور دينها ووافقت الداعية وعندما رأت الفتاة خافت منها وإرتبكت وتغير لون وجهها وتذمرت منها حتى أنها لم تصدق أنها الفتاة التي تحدثها عبر الهاتف فسألتها هل أنتي فلانه .. فقالت البنت نعم أنا هي ما بك ألا تصدقين أنني هي !! فصمتت الأخرى ورحلت عنها حتى أنها ما حدثتها بعد ذلك اليوم وأصبحت في ريبة وخوف من أن تسبب هذه الفتاة لها مشاكل هي في غنى عنها !! ... أتعلمون ما سبب تصرف الداعية على هذا النحو ؟!

    " لأنها إكتشفت أن الفتاة التي تستعين بها بعد الله تعالى صاحبة بشرة سمراء
    " الذين يطلق عليهم الجاهلين إسم ( العبيد ) !!

    المشهد الثاني



    مجموعة من الرجال في العمل رزقهم الله خيرا وفيرا من أموال إلى سيارات باهظة الثمن إلى أباء معروفين في البلاد ....إلخ يرفضون أن ينتسب إليهم أي شخص إلا إن كان بنفس مستواهم ! أو يتحدثون مع أحد غيرهم في العمل وينظرون إليهم بنظرات تكبر وإحتقار !! لماذا يا ترى ؟

    " لأنهم يرون أنهم فقراء وليسوا من مستواهم ليحدثوهم أو ليصاحبوهم " !! قمة الجهل

    المشهد الثالث

    وهذه أخرى ترى في نفسها أنها إبنة الحسب والنسب فعندما تدخل غرفة المعلمات لا تلقي السلام على أحد ولا تتنزل أن تنظر إليهم وتنتظرهم أن يأتوا هم ليسلموا عليها ويرحبون بها !!

    " الأخت المسكينة لديها حب نفس وكبرياء على الأخريات لأنها أجمل منهن فترى أن جمالها سلاحها ولا أحد أجمل منها فعليهن أن يحترمنها ويذهبون هم إليها " !!





    وإن ظللت أسرد عليكم كم المشاهد التي نراها لن ننتهي وأوجه كلمة إلى من يتصف بهذه الصفة صفة الكبرياء التي يبغضها الله تعالى ويكره أن نتصف بها جميعا وويل لمن يتصف بها وأقول لهم .

    عباد الله .. لقد خلقنا الله جميعا .. غنيا وفقيرا .. أبيض وأسمر .. عربي وعجمي .. كلنا عباد الله ولم يفرق الله تعالى بيننا جميعا إلا بالتقوى كما قال عز وجل "يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير "

    فليس لان فلانة سمراء لا أحدثها ولا أتعرف عليها لأنها أقل مني نسبا أو لأنها سمراء .. إياكم أن تظنوا أنكم تحسنون صنعا فوالله أنكم مخطئون والله تعالى سيحاسبكم على هذا لأنه خلقنا جميعا لنتعاف لنتواد لنتحاب في الله .. الغني يساعد الفقير ونتناصح فيما بيننا لا نقول هذا أسود وهذا أبيض ولا هذا غني وهذا فقير .. ولا هذا سيد وهذا عبد .. لأننا جميعا عباد الله .. والله تعالى يخاطبنا جميعا بلفظ " عباد أو يا عبادي " وغيرها في القرأن الكريم لم يخصص أصحاب البشرة البيضاء بلفظ والسمر بلفظ أخر !!

    بل ولم يخصص خطاب للأغنياء وأخر للفقراء ما عاذ الله وتعالى الله عز وجل أن يكون هذا .. فتعلموا من رب العالمين إفتحوا كتابه الكريم وإقرأوه بتدبر وإعملوا بما جاء فيه .. وكفاكم هدرا للوقت فالزمان يمر .. والوقت يمضي .. وإسرافيل ينتظر الأمر بان ينفخ في السور ..! فإلى متى غفلتكم يا ساده يا كرام !!

    إلى متى غفلتكم يا سادة يا كرام !.. يا أصحاب الثياب الحرير وعالي المقام !! إنظروا إلى الفقراء وتعلموا التواضع .. إنظروا إلى الأيتام وتعلموا معنى الصبر .. خالطوا البسطاء لتتعلموا منهم القناعة والرضى بالقليل .. تخلوا عن القصور وخالطوا الناس لتعلموا وتتعلموا معنى السعادة الحقيقة فانتم غير مرتاحين ولا مطمئنين نعم أعلم هذا .. تناموان وتفكرون بالغد وتخافون من الفقر وفي قلوبكم خوف على أموالكم في البنوك !!

    الله تعالى يكره المتكبرين في الأرض وكلكم ستموتون فبماذا سينفعكم التكبر ؟ هل سيدخل معكم القبر ليقيكم عذابه ؟ أو يذهب معكم إلى الصراط فينقذكم من حدته ؟؟ او أنه سيكون معكم عند الموت فيخفف عنكم سكراته ..
    والله ثم والله ثم والله أنكم " في غمرة ساهون"

    " ردا على المشهد الأول "

    ألم يكن حريا بالأخت المسلمة الداعية إلى الله أن ترفق بالمسكينة التي إستنجدت بها بعد الله عز وجل وطلبت منها ان تعينها على العبادة أن لا تتصرف معها بهذا الإسلوب لتشعرها أنها أقل منها قيمة لأنها سمراء !! وأن تعاملها برفق ولين ؟؟ ألم تتذكر أن بلال عليه السلام كان أسمرا مع هذا جميعنا نقول سيدنا بلال رضي الله عنه وأرضاه ورسول الله تعالى رأه في منامه يسبقه بقدمه في الجنة !! فهل هناك فرق بين أبيض وأسود ؟ هدانا الله أجمعين

    " ردا على المشهد الثاني "

    وهؤلاؤ الأغنياء ألا يرحمون من في الأرض ليرحمهم من في السماء .. أيها الغني الله تعالى لم يهبك هذا المال لتلعب به وتنفقه على الخراب في الدنيا .. لم يرزقك المال لتعصيه به في الدنيا .. بل ان مصيبتك أعظم من الفقير على الأقل الفقير ليس لديه المال الذي سيسأله الله عز وجل عن كل درهم فيه أين أنفقه وفي ماذا ؟؟ إنتبه أيها الغني فالله تعالى وضعك في إختبار عظيم جدا .. سبحان الله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم كان معه 4 دنانير ولم ينم ولم يهدأ له بال حتى أنفقها لأصحابها .. وأنتم أيها الأغنياء تنامون على الأسرة الحريرية والغرف المكيفة بالسنترال ولديكم أموال طائلة في البنوك وفوق هذا تتكبرون على خلق الله!! رحماك يارب .. اللهم إحشرنا مع زمرة الفقراء والمساكين يارب .

    " ردا على المشهد الثالث "

    فأقول لاختي الحبيبة .. من تواضع لله رفعه .. والله عز وجل يمهل ولا يهمل .. فإن وهبك الجمال فالله تعالى رزقك ما لم يرزقه لبعض العباد غيرك وكلنا جميلات بديننا وحبنا لله تعالى ولرسوله والجمال يرعاك الله ليس جمال الشكل ولا الجسد بل جمال القلب وجمال الدين وجمال الأخلاق .. فتواضعي لأخواتك ولا تتكبري لأن الله تعالى قادر ان يحرمك هذا الجمال فإنتبهي وتوبي إلى الله وتواضعي للخلق حتى يحبوك ولا تتكبري عليهم فالله تعالى خلقته جميلة وحسنة قال تعالى "لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم "



    أنتم يا من تتكبرون على خلق الله وتنظرون للمقيمين في بلدكم أنهم دونكم وأقل منكم "ما لكم كيف تحكمون " ألم تعلموا أن الله تعالى خلقكم "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا " فلماذا لا تحترم أخيك المهاجر من أرضه إلى بلدك ؟! لماذا ترى نفسك أفضل منه بدلا من أن تساعده وتقف بجواره وتأخذ بيده لإنكم إخوة في الله !! هل أخذتك العزة بالإثم !! نعم هذا ما حدث لك .. وتذكر جيدا لعلك في يوم تكون أنت المهاجر وهو صاحب الدار فكيف سيكون حالك !!

    لن أطيل عليكم بعد إطالتي هذه ولكنها رسالة وددت أن أقولها لكم جميعا .. إياكم والتكبر على خلق الله لأننا جميعا سنحشر على نفس الأرض .. وسندفن في ذات الحفرة .. وسنلبس عند الموت ذات الكفن وذات اللون وجميعنا سيسألنا عند الموت منكر ونكير وكلنا عباد الله

    فتوبوا إلى الله وإرجعوا إلى صوابكم وإستغفروا الله على ما فعلتم في دنياكم وتكبرتم على إخوانكم وأهلكم وذويكم وأغضبتم الله عز وجل بما يكفي بتكبركم على خلقه وإعتراضمكم على قضاءه وقدره . فما زال باب التوبة مفتوح على مصرعيه فإغتنموا الفرصة قبل أن يغلق الباب و "ان تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن الساخرين "

    "فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
    وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "



    [/ALIGN]
    [/CELL][/TABLE1][/ALIGN]



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  5. #15
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

    قال تعالى{وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشّةً ضَنْكًا..}
    الآية 124 من سورة طه
    سُـئِل الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله تعالى :

    ما معنى قوله تعالى {وَمَنْ أعرَضَ عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكًا و نحشُرُهُ يومَ القِيَامةِ أعمى} . ما معنى تفسير هذه الآية؟ أجاب : يقول الله سبحانه و تعالى {فإما يأتينَّكم منِّي هُدًى فمن اتَّبع هُداي فلا يضل و لا يشقى وَمَنْ أعرَضَ عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكًا و نحشُرُهُ يومَ القِيَامةِ أعمى
    }.


    في الآيتين الكريمتين أن من اتبع القرآن و عمل به فإن الله ـ سبحانه و تعالى ـ تكفل له بأن لا يضل في الدنيا و لا يشقى في الآخرة.


    و في الآية الثانية أن من أعرض عن القرآن و لم يعمل به فإن الله جل و علا يعاقبه

    بعقوبتين:

    الأولـى : أنه يكون في معيشة ضنكاً و قد فسر ذلك بعذاب القبر ، و أنه يعذب في قبره ، و قد يراد به المعيشة في الحياة الدنيا و في القبر أيضا فالآية عامة.


    و الحاصل : أن الله توعده بأن يعيش عيشةً سيئةً مليئةً بالمخـاطر و المكـاره و المشاق جزاءً له على إعراضه عن كتاب الله جل و علا ، لأنه ترك الهدى فوقع في الضلال و وقع في الحرج .



    و العقوبة الثـانية : أن الله جل و علا يحشره يوم القيامة أعمى ، لأنه عمي عن كتاب الله في الدنيا فعاقبه الله بالعمى في الآخرة ، قال


    {قال رب لِمَ حشرتني أعمى و قد كنتُ بصيراً قال كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنا فنَسيتَهاَ و كَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى } ، فإذا عمي عن كتاب الله في الدنيا بأن لم يلتفت إليه و لم ينظر فيه و لم يعمل به ، فإنه يحشر يوم القيامة على هذه الصورة البشعة و العياذ بالله.


    و هذا كقوله تعالى {و من يَعْشُ عن ذكر الرحمن نُقيِّضْ لَهُ شيطاناً فهو له قرين و إنَّهم ليصدُّونَهم عن السبيل و يحسبون أنَّهم مهتدون


    حتى إذا جاءنا قال يا ليتَ بيني و بَينَكَ بُعدَ المشرقين فبئسَ القرين و لن ينفعَكم اليومَ إذ ظلَمتُم أنكم في العذاب مُشتَركين أفأنتَ تُسمعُ الصُّمَّ أو تهدي العُميَ و مَن كَانَ في ضَلالٍ مُبين }.

    فالحـاصل : أن الله جل و علا توعد من أعرض عن كتابه و لم يعمل به في الحياة الدنيا بأن يعاقبه عقوبة عاجلةً في حياته في الدنيا و عقوبة آجلة في القبر و العياذ بالله و في المحشر ، و الله تعالى أعلم.



    المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان



    [/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  6. #16
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


    قال اللّه تعالى في سورة الواقعة:

    أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ{71} أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ{72} نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ{73}

    قال بن سعدي:

    " ومتاعا للمقوين "

    ، أي : المنتفعين أو المسافرين ، وخص الله المسافرين لأن نفع المسافر أعظم من غيره ، ولعل السبب في ذلك؛ لأن الدنيا كلها دار سفر ، والعبد من حين ولد ، فهو مسافر إلى ربه ، فهذه النار ، جعلها الله متاعا للمسافرين في هذه الدار ، وتذكرة لهم بدار القرار

    وقال البغوي:

    "نحن جعلناها تذكرة"، يعني نار الدنيا، تذكرة للنار الكبرى إذا رآها الرائي ذكر جهنم، قاله عكرمة ومجاهد ومقاتل. وقال عطاء: موعظة يتعظ بها المؤمن. أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي، أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، أخبرنا أبو مصعب عن مالك، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، قالوا: يا رسول الله إن كانت لكفاية، قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً". "ومتاعاً"، بلغة ومنفعة،"للمقوين"، المسافرين، و المقوي: النازل في الأرض والقي والقوا هو: القفر الخالية البعيدة من العمران، يقال: أقوت الدار إذا خلت من سكانها. والمعنى: أنه ينتفع بها أهل البوادي والأسفار، فإن منفعتهم بها أكثر من منفعة المقيم وذلك أنهم يوقدونها ليلاً لتهرب منهم السباع ويهتدي بها الضلال وغير ذلك من المنافع، هذا قول أكثر المفسرين. وقال مجاهد وعكرمة: "للمقوين" يعني للمستمتعين بها من الناس أجمعين، المسافرين والحاضرين، يستضيئون بها في الظلمة ويصطلون من البرد، وينتفعون بها في الطبخ والخبز. قال الحسن: بلغة للمسافرين، يتبلغون بها إلى أسفارهم، يحملونها في الخرق والجواليق. وقال ابن زيد: للجائعين، تقول العرب: أقوبت منذ كذا وكذا، أي: ما أكلت شيئاً. قال قطرب: المقوي من الأضداد، يقال للفقير: مقو لخلوه من المال، ويقال للغني: مقو، لقوته على ما يريد، يقال: أقوى الرجل إذا قويت دوابه وكثر ماله وصار إلى حالة القوة. والمعنى أن فيها متاعاً للأغنياء والفقراء جميعاً لا غنى لأحد عنها

    وقال الشنقيطي:

    "وقوله تعالى {وَمَتَـٰعاً لِّلْمُقْوِينَ} أي منفعة للنازلين بالقواء من الأرض، وهو الخلاء والفلاة التي ليس بها أحد، وهم المسافرون، لأنهم ينتفعون بالنار انتفاعاً عظيماً في الاستدفاء بها والاستضاءة وإصلاح الزاد.
    وقد تقرر في الأصول أن من موانع اعتبار مفهوم المخالفة كون اللفظ وارداً للامتنان. وبه تعلم أنه لا يعتبر مفهوماً للمقوين، لأنه جيء به للامتنان أي وهي متاع أيضاً لغير المقوين من الحاضرين بالعمران، وكل شيء خلا من الناس يقال له أقوى، فالرجال إذا كان في الخلا قيل له: أقوى. والدار إذا خلت من أهلها قيل لها أقوت.
    ومنه قول نابغة ذبيان:
    يا دار مية بالعلياء فالسند أقوت وطال عليها سالف الأبد

    وقول عنترة:
    حيت من طلل تقادم عهده أقوى وأقفر بعد أم الهيثم

    وقيل للمقوين: أي للجائعين، وقيل غير ذلك، والذي عليه الجمهور هو ما ذكرنا"


    [/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  7. #17
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    تأملات في قصة الرسل الثلاثة


    (دعوة لتوحيد الصفوف)


    الدعوة إلى الله تعالى يتطلب جهود مكثـفة لمواجهة الهجمات والمؤامرات التي تحاك ضد الإسلام والمسلمين تحت أسماء مزخرفة ما أنزل الله بها من سلطان، مثل مؤتمرات التنمية والسكان، ومؤتمرات تحرير المرأة، ومؤتمرات مكافحة الإرهاب و..... وناهيك عن الأفكار السياسية والنظريات التي تجعل من الإسلام العدو الأول للغرب ويجب التصدي له بكل الطرق، وخاصة أفكار هنتجتون وفوكوياما في كتابيهما صراع الحضارات ونهاية التاريخ.
    الشاهد لأحوال المسلمين اليوم وخاصة الدول والحكومات يراهم مثل المستيقظ في الظلام والنائم في النور، بعيد عن الواقع مشغول بسدة الحكم وعدد السنوات التي يقضيها في الحكم، مشغول بالتصفيات الداخلية من توسعة سجون وتضييق على أهل والفكر وحرية التعبير، وإذا نودي أو لمّح إلى جمع الصفوف أو لمّ الشمل انهالت مئات التبريرات والأعذار لعرقلة ذلك، ومن ثم عدم التفكير في الموضوع مرة أخرى.
    ومن خلال تأملاتنا في قصة الرسل الثلاثة رأينا كيف أنهم توحدوا في أبلاغ دعوتهم إلى أهل القرية ( فََعزّزنا) لمواجهة قوة الباطل وعنادهم، ليكون التأثير أقوى والبلاغ أبين والحجة أوضح.... فكان همهم هو التبليغ بالأسلوب الواضح المبين مهما كانت المواجهة ومهما كانت الظروف.
    قال تعالى :
    ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ. إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ.قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ. قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ. وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِين. قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيم .قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ يس : ( 13-19 ) .
    { وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ } .
    1- ما من قرية إلا ولها نذير يدعوهم إلى الله تعالى.
    2- عدم ترك القرية على حالها من الكفر والشرك، لكي لا يكون لهم حجة يوم القيامة.
    3- الرسل جاءوا إلى أهل القرية عامة وإلى أصحاب القرية من كبراء ورؤساء خاصة، لأن بهداهم قد يهتدي أكثرية القوم، إن لم نقل كلهم .
    4- مصطلح القرية يطلق على التجمعات الكبيرة من الناس، التي تتوفر فيها وسائل العيش السعيد والتي تليق بزمانها.
    5- الكبراء هم المتحكمون في شؤون وأمور القرية وهم المتسلطون فيها.
    6- منع الكبراء من وصول الدعوة إلى غيرهم، والقيام بتفعيل العقبات ووضع الحواجز وإثارة الشبهات والفتن لإعراض الجماهير عن الدعوة ورجالها.
    { إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا}.
    1- يحتاج تبليغ الدعوة إلى جهد وتكاتف، وإلى أكثر من طريقة ووسيلة لسهولة الوصول إلى الأهداف، واختصار الوقت.
    2- ( اثنين) واحد يساند الآخر، ويتعاونان في تبليغ الرسالة.
    ( اثنين) قد يعني تقسيم القرية، كل في طرف.
    (اثنين) تفعيل وزيادة النشاط لتقليل الوقت والجهد في التبليغ.
    (اثنين) واحد يذكر الآخر ويعضده لعناد أهل القرية.
    ( اثنين) تحمل الرسولين إعراض أهل القرية وعدم قيامهما بالرد عن أنفسهم .
    { فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ }
    1- تقوية جبهة الرسل الكرام بالمساندة والمؤازرة لمواجهة عناد أهل القرية وكفرهم .
    2- التأكيد على تبليغ الرسالة، لكي لا يكون لأهل القرية حجة بعد ذلك .
    3- دلالة على وجود معارضة شديدة وعنيفة .
    4- دلالة على أن العقاب بات وشيكا وهذا هو الإنذار الأخير لهم .
    5- دعوة على توحيد الصفوف لمواجهة الباطل، ونبذ التبليغ متفرقين.
    6- حرص الرسل على هداية أهل القرية ونجاتهم من النار .
    7- دلالة على كثرة شبهات وتساؤلات أهل القرية .
    { فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ }
    بصوت واحد وبهمة عالية وحرص على هدايتهم، وليشهد القاصي والداني، والحاضر والغائب، وليخترق هذا النداء حجاب الزمان والمكان، ولتعلموا يا قوم إنا إليكم وحدكم مرسلون من فبَل الله تعالى وإنذاركم عذابه إن لم تؤمنوا بدعوتنا .
    { قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا}
    1- صوت يتكرر منذ فجر التاريخ وإلى نهاية الدهر مقياس خاطئ يقيس به المعرضون عن دين الله تعالى، يخدعون به أنفسهم والآخرين، وهو معارضتهم على بشرية الرسل الكرام للهروب من الواقع والدفاع عن باطلهم، لهذا قالوا سخرية واستهزاءً ما هؤلاء إلا رسل من بني البشر ولا يجوز إلا أن يكونوا من الملائكة، وهذا عنوان ضعفهم الداخلي وانهزامهم النفسي .
    2-رسل من جنسهم ومن بني قومهم يتكلمون كلامهم، يأكلون وينامون ويشربون ويتزوجون، ولو كان الرسل من غير طبيعة البشر لكان الإعراض أشد والرفض أقوى لأن الطبيعة الجسمانية تختلف.
    { وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ}
    1- اعترافهم بوجود إله اسمه الرحمن، وأنه يبعث بالرسل.
    2- الكذب وعدم تصديقهم بما جاء به الرسل، وتأكيدهم على الكذب في المواجهتين الأولى والثانية.
    3- اعتقادهم الجازم بأن الرسل الثلاثة كاذبون، لأن كلامهم جديد على مسامعهم ولم يألفوه، ولأنه يخالف هواهم ومعتقداتهم.
    { قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ}.
    - تأكيد آخر على صدق دعوتهم وصدق غايتهم، وإننا صادقون يا قوم، إن أنتم تكذبوننا فإن الله تعالى يعلم إننا لصادقون وإنا إليكم مرسلون، فما قيمة تكذيبكم فما يهمنا ما تقولون ....
    { وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِين }
    1 - هذا هو واجب الرسل والدعاة فقط التبليغ بالحسنى وبكل الطرق المتاحة والوسائل الممكنة والمناسبة لذلك العصر، دعوة إلى نشر الفكر الوسطي المعتدل البعيد عن العنف والتطرف والإرهاب ويحتاج ذلك إلى أساليب واضحة لا غبش فيها ولا غموض ليكون الناس على بيّنة من تلك الدعوة، وليرفع عنهم التوجس والخوف ويصبح هم بعد ذلك مدافعين عن الفكرة والدعوة بعد أن تيقنوا أن البيان الواضح قد استقر في قلوبهم وعقولهم واطمئنوا على ذلك .
    2- فقط علينا البلاغ لكي نتخلص من عذاب الله تعالى إن تهاونا وتكاسلنا، وليس لنا أن نجبركم على أن تؤمنوا بدعوتنا لأن هذا ليس من شأننا، لأن الإيمان بشيء بالإكراه ينقلب بعد زوال العامل المسبب أو حين توفر فرصة إلى الضد، لذا فالأسلوب الأحسن هو إقناع العقول وفتح مغاليق القلوب بالخطاب الجميل السلس والقوي بالأفكار والحجج.
    { قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ}
    - لجأ القوم إلى الدفاع عن ضعفهم لعدم امتلاكهم القوة والبلاغة أمام الرسل الكرام إلى إلقاء اللوم والعتاب على الرسل لما أصابهم المصائب والمكاره التي حلت بهم والشؤم الذي أصابهم، معتقدين أنه لولا الرسل لما أصابهم ما أصابهم .
    { لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيم }
    - هنا لجأ القوم إلى أسلوب التهديد بالرجم والتعذيب إن هم لم يكفوا عن دعوتهم أو يدخلوا في ملتنا؛ لأن الصبر نفذ وضاقت الأنفس والعقول، وليثبتوا للقوم أنهم ما زالوا أقوياء إذ ليس القوة في الكلام والحوار بل في العنف والترهيب والرجم والتعذيب .
    { قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ }.
    1- الرسل على علم بأن الذي أصاب القوم هو سبب كفرهم وعنادهم على الذنوب والمعاصي، فتشاؤمهم ناتج عن خلل في اعتقاداتهم وتصوراتهم والإيمان بالخرافات والشعوذات، إذ كيف يصلح أن يكون الرسل هم سبب الشؤم والتطيّر (حاشا الرسل)، ولا يقول ذلك إلا من كان على قلبه غشاوة على أذنيه وقر.
    2- وشؤم القوم ناتج كما يبين الرسل هو إسرافهم في المعاصي والذنوب، حيث لا يفيد التذكير ولا الوعيد إن كنتم أهل ذلك، ألآن أمرناكم بالمعروف أصبحنا سبب الشؤم في تصوركم والله هذا لمحال فقط هذا تبرير لخداع أنفسكم ومن ثم إيذائنا كيف ما تشاءون .

    الدروس والعبر
    1- تدوين الذكريات والخبرات وتجارب الحياة للأجيال القادمة للاتعاظ بها والنظر فيها (واضرب لهم).
    2- تبليغ الدعوة إلى كل مكان على المعمورة، وذلك بالتنظيم والتنسيق مع جماعات أخرى لتفادي العفوية والبساطة والتضارب في الدعوة.
    3- يوجود دوماً من يعارض الأفكار الإصلاحية والتغيرية، وخاصة من قبل الكبراء ( أصحاب القرية) الذين لهم تأثير في أفكار وعواطف المجتمع .
    4- معرفة وتشخيص أمراض المجتمع ليكون الداعية على بينة من أمره ويعرف ما يقول وما يحتاجون، وهذا يحتاج إلى تخصص وعلم ودراية.
    5- دعوة إلى توحيد الصفوف وتكاتف الجماعات ذات الهدف الواحد لمواجهة الغير بالاستفادة من بعضهم البعض والابتعاد عن الخلافات التي لا تعطي نفعا إلا للمخالف على غير النهج، وهذه دعوة للجماعات الآن لمواجهة الحملة الغربية الأمريكية المعادية للإسلام باسم الحرب على الإرهاب وملاحقة حتى المعتدلين الذين ينبذون العنف والإرهاب والتطرف، وهذا يتطلب : ـ
    أ‌- خطاب موحد يخاطب به الغرب والشرق يوضح فيه سماحة الإسلام، وإنزاله بأقوى ما يمكن عن طريق المحاضرات والندوات واللقاءات والمنشورات والدعايات في الصحف والكراسات وعلى شبكة الانترنيت وتسخير الجهود من مال وجنود وخبرات ووقت، وقبل ذلك التخطيط المناسب لتنفيذ ذلك في كل أنحاء العالم.
    ب‌- الاستفادة من الأصوات المعتدلة في الغرب والشرق وتسخير جهودهم لخدمة الإسلام.
    جـ - دعوة الجماعات المتشددة إلى نبذ العنف والتطرف واللجوء إلى الاعتدال والوسطية.
    د – إصدار الفتاوى والبيانات التي تدين العنف والقتل، والتي تبين أن هذا الأسلوب لا يفيد سوى المصالح الغربية للتمادي أكثر على الإسلام وأهله باحتلال أرضهم ومواردهم، وتغيير الأنظار عن قضية المسلمين الأولى قضية فلسطين.
    هـ - خير أسلوب لمواجهة الحملة الشرسة على الإسلام هو البناء الداخلي من تصحيح تصور واعتقاد، وتوجيه سلوك وأخلاق، وتربية أطفال وشباب، وتكوين أسرة ومجتمع مسلمين، وأسلمة المؤسسات والوظائف لمواجهة الفساد المستشري في جميع الهياكل .
    و- دعوة الغرب مع كل ما يصدر عنهم بالحسنى والحكمة والكلمة الطيبة والابتعاد عن المواجهة لأن ذلك يفتح المجال أكثر للمقابل بأن يتمادى.
    6- التنوع في خطاب الجماهير لا التركيز فقط على السلبيات بل ذكر الإيجابيات المتنوعة في المجتمع ودعوتهم لتسخيرها في خدمة الإسلام، ويجب أن يركز الخطاب على جميع فئات المجتمع وأكبر عدد من السلوكيات.
    7- على الجماعة أولاً والداعية ثانياً عدم الالتفاف إلى ما يقوله الآخرون إلا بالقدر الذي يزيل الالتباس أو الغموض والابتعاد عن الخوض في السجالات والنقاشات التي تزيد الهوة.
    8- على القيادة الإطلاع الدائم على أحوال دعاتها الذين يبعثون في أمور دعوية إلى أماكن بعيدة وإيجاد آليات مناسبة للتواصل.
    9- الحرص الشديد على هداية الناس في كل زمان ومكان.
    10- إذا اشتد إعراض الناس وعلى رأسهم الكبراء والأغنياء فليكن النداء الأخير الحسم والفصل بين المؤمنين والكافرين، حيث لا مداهنة ولا مماراة على حساب الحق.
    11- قد يلاقي الداعية كلاما ً يدمي قلبه ويؤذي جوارحه (أنت كنت كذا وكذا حتى بالأمس القريب.....) استهزاء وسخرية من مقامه الآن الذي هداه الله تعالى إليه، هذا الكلام وغيره يجب أن لا يثنيه عن عزمه ورسالته.
    12- وجود أناس على مر التاريخ من يعبد أصناماً أو وثناً أو هوى النفس من شهوة وشبهة أو فكرة، فيجعله إلهه الذي يعبده ويدافع عنه، ويواجه به نور الإسلام.
    13- هناك من يعترف في الشدائد أو عند راحة ضمير أن السائرين على دين الله تعالى أنهم على الحق والصواب، لكن كبرياؤه أو منصبه أو ماله يمنعه من إعلان ذلك والتوبة والإنابة إلى الله تعالى.
    14- الدعوة حتى وإن وجد الإعراض الشديد لعل الله يجعل النصر على يدِ فرد لا يحس به الداعية ولا يعلم به الجماعة، فقط سمع بالدعوة وآمن فكان كالقنبلة الموقوتة يصدع بدعوته في الوقت المناسب ليري الجميع صدق الرسالة (وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى ....) .
    15- التركيز الشديد على التربية الوسطية البعيدة عن الغلو والتطرف، وتربية الأفراد على فقه الموازنات والأولويات والمصالح، وأن صدور الفتاوى هو من شأن العلماء والمجامع الفقهية.
    16- من أمراض المجتمع في كل زمان هو التشاؤم والتطيّر، ولعل ما من داعية إلا واجهه أحد من أقربائه يقول له: لولا أنت لكنت كذا وكذا، ومن ثم يبدأ حملة الضغوطات عليه لكسبه أو إبعاده عن دعوته. وقد يكبر هذا التشاؤم فيصبح على مستوى الجماعات والدول.
    17- يود المذنبون أن يكون أكثر الناس مثلهم ليكونوا سواء لا أحد ينكر عليهم، فما بالك إذا كان أصحاب القرية من كبراء وأثرياء هم المشجعون على تصدي الإنكار وتفشي الذنوب والمعاصي لذا فأسلوبهم هو ( لِئن لم تنتهوا لنرجمنّكم....).
    18- تفنن أهل اللهو واللعب في عرض وسائل إغراق المجتمع بالمعاصي والذنوب، وهدفهم في ذلك كسب مادي، ومحاربة الدعوة، وإلهاء الناس من الالتفات إلى ما يقال ويثار خلف الكواليس.
    19- دائما الأنظمة الدكتاتورية تخفي انتكاساتها وتظهرها على أنها انتصارات باهرة وذلك باللعب بعواطف الجماهير، أو القيام باضطهادات داخلية، أو التلاعب بقوت الناس اليومي، ومن ثم إجبار الناس بالتغني باسم القائد الملهم.
    20- من ثقافة المجتمع يعرف مدى مقدار الوعي والنضوج الفكري الذي يؤدي بالتالي اتخاذ المقاييس اللازمة لمعرفة مقدار النفع والضرر الحاصل من فكرة ما أو مشروع ما....










  8. #18
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



    قال تعالى: “ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك فإن مع العسر يسْراً إن مع العسر يسْراً فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب” (سورة الشرح).

    ترتبط هذه السورة بسورة الضحى قبلها ارتباطا وثيقا، حيث تلمس فيها أنسام اللطف، والطاف الود، ومشاعر الرعاية والتكريم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فالسورة لمسة حنان للرسول عليه الصلاة والسلام وإعلان تكريم للحبيب صلى الله عليه وسلم.

    ومما استخدمته البلاغة القرآنية لتحقيق هذا المعنى ما يرى في قوله تعالى: “ألم نشرح لك صدرك” حيث تبدأ السورة بهذا الاستفهام التقريري، لتذكير الرسول صلى الله عليه وسلم بكلأ الله له، وعظيم رعايته لشخصه الكريم، ويسوق البرهان على ذلك بشرح صدره الشريف واتساعه لدعوة الله تعالى وإقباله عليها في موفور همة ونشاط نفس من دون كلل أو ملل، وما ذلك إلا بتيسير الله تعالى وتوجيهه وتوفيقه.

    وأوثر أسلوب الاستفهام الانشائي على الأسلوب الخبري، حيث لم يقل مثلا: “قد شرحنا لك صدرك” لما في الاستفهام من قوة الاثبات، وايقاظ المشاعر، والايماء الى طلب الجواب، لتمكين المعنى في النفس وتثبيته.

    والتعبير عن ثبوت الشرح بالاستفهام التقريري، للإيذان بأنه من الوضوح والجلاء بحيث لا ينكر، ولا يقدر أحد إلا أن يرفع راية الإذعان بالإقرار والاجابة ب “بلى”، وعلى هذا فدخول الاستفهام على النفي كان سبيل المبالغة في اثباته.

    والاتيان بنون العظمة في “نشرح”، للدلالة على عظمة هذا الشرح وقوة أثره، فهو سبحانه المباشر لهذا الشرح بأمره، وقدرته سبحانه وهذا من دلائل التكريم للرسول صلى الله عليه وسلم فتأمل المجاز المرسل بعلاقة المحلية في قوله سبحانه “نشرح لك صدرك” حيث أضيف الشرح إلى الصدر والمراد القلب، وفيه دلالة على المبالغة في شرح صدره صلى الله عليه وسلم لدينه ودعوته، لأن اتساع الصدر يتبعه اتساع ظرفه، كما يقول الشهاب الخفاجي، وهذا يتناسب مع التعبير بنون العظمة في الفعل “نشرح”.

    إبهام وتشويق

    ومن ملامح التكريم للرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الجار والمجرور “لك”، حيث كان يمكن أن يقال: “ألم نشرح صدرك؟ فذكر الجار والمجرور فيه زيادة احتفاء وتكريم.

    وفي تقديم الجار والمجرور “لك” على المفعول “صدرك”، لفتة لطيفة هي المسارعة الى إدخال المسرة والبشرى في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فيه تشويق الى المؤخر المشروح “الصدر” فإنه لما ذكر فعل الشرح “نشرح” علم أن ثم شيئا مشروحا، فلما تقدم المجرور “لك” اشتد الابهام فازداد التشويق، فأثار هذا في النفس ترقبا وتشوقا الى معرفة هذا المشروح فلما وقع بعد المجرور قوله “صدرك” تعين المشروح فتمكن في الذهن والنفس كمال التمكّن.

    وفي قوله: “ ووضعنا عنك وزرك” قدّم المجرور على المفعول للبيان بعد الابهام وغرضه الاثارة والتشويق كما في الآية السابقة.
    والمراد بالوزر في الآية الحمل الثقيل وهو صغائر الذنوب، التي فعلها النبي باجتهاده وعوتب على بعض منها كأخذه الفداء من اسرى بدر، وعبوسه في وجه الأعمى.

    وفي قوله: “الذي انقض ظهرك” استعارة تمثيلية، حيث شبهت صغائر ذنوبه صلى الله عليه وسلم بحمل ثقيل يرهق الكاهل حتى انه تُسمع لعظام ظهره فرقعة وصوت. وقوله: “ووضعنا” ترشيح لهذه الاستعارة البديعة التي صورت أثر صغائر ذنوبه صلى الله عليه وسلم على نفسه الشريفة، تلمس ذلك في قوله “أنقض” فالانقضاض صوت المفاصل، وصوت صرير الرحل والمحمل، وقد قامت الاستعارة على حاسة السمع، ولنتأمل كيف تعاونت الحروف بمخارجها في ابراز أثر تلك الصغائر على نفسه صلى الله عليه وسلم، واقرأ قوله: “أنقض ظهرك” وتأمل تعاقب حرفي الضاد والظاء وهما متقاربا المخرج، فمخرج الضاد حافة اللسان، ومخرج الظاء طرف اللسان مع صفحة الثنايا العليا، ثم حاول النطق بهما مرات عدة “أنقض ظهرك” “أنقض ظهرك” “أنقض ظهرك” ألا تحس شيئا من ثقل لسانك؟ اظن ان هذا الثقل في النطق جاء متجاوبا بل ومحاكيا لمعناه أتم المحاكاة، فالذنوب على صغرها ثقل على الظهر، يرهق عظامه، وثقل على اللسان حتى يكاد يتلعثم في النطق بها، نشأ من تداخل مخرج الحرفين، وهذا وربي مما لا يخل بفصاحة الآية أو بلاغتها، بل هو آية اعجازها، لكون كلماتها بحروفها ومخارجها من الكلمات الواصفة الكاشفة لمعناها.

    وفي تقديم الجار والمجرور “لك” ما في الآيتين السابقتين من الايضاح بعد الابهام، ولا يخفى لطف ذكر الرفع بعد الوضع وأرى والله اعلم ان في ترتيب هذه الآيات ترقيا في العطاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وعد كريم

    وفي قوله سبحانه: “فإن مع العسر يسراً * إن مع العسر يسرا” وعد كريم من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بكشف كل غمّ يعترضه، وازاحة كل عسر من طريقه، وذلك تأنيس لقلبه الشريف، وتسرية عنه عما انتابه من احزان، ولعل هذه الآيات تكشف لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في عسرة وضيق ومشقة، ولذا كان الحرص على التأكيد بمجيء اليسر بعد العسر، والفرج بعد الشدة، وفائدة التأكيد تحقيق اطراد هذا الوعد وتعميمه.

    وقد أكد هذا بتكرار الجملة الثانية “إن مع العسر يسرا” وب “إن” في صدر الآية.
    ونكر “يسرا” ليدل على التعظيم، كأنه قيل: سيعقب عسرك يسر عظيم لا يدرك كنهه أو مداه إلا الله تعالى.

    والتفت الزمخشري الى وجه استعمال “مع” في الآيتين بدلا من “بعد” فقال: “إن” مع “للصحبة” ومعنى اصطحاب اليسر والعسر ان الله أراد ان يصيبهم “المؤمنين” بيسر بعد العسر، الذي كانوا فيه بزمان قريب، فقرّب اليسر حتى جعله كالمقارن للعسر زيادة في التسلية وتقوية القلوب”، وقد اصاب الزمخشري ابلغ اصابة في الكشف عن سر استعمال (مع).

    وأزيد على ما قاله الزمخشري بيانا بأن “مع” في الآيتين مجازية غير مستعملة في حقيقة معناها، لاستحالة اقتران العسر واليسر، لانهما نقيضان “فهو إذا استعارة، حيث شبه التقارب بالتقارن فاستعير لفظ “مع” لمعنى “بعد”.

    أرأيت كيف افسحت “مع” الأمل والبشرى في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم بالاشارة الى ان ازالة عسره صلى الله عليه وسلم وعسر صحابته، واقعة لا محالة؟ أرأيت كيف اشعر حرف المصاحبة “مع” بتلاشي الزمن بين العسر الذي يعرض للرسول صلى الله عليه وسلم وبين اليسر الذي يعقبه بل ويطارده حتى لا يبقي له أثرا في نفس النبي صلى الله عليه وسلم ، ألا يوحي هذا كله بأنه “صلى الله عليه وسلم” في كنف ربه ورعايته وبأنه غير متروك لأحزانه؟ ولا تفوتني الاشارة الى ان لفاء بدلالتها على التعقيب الذي لا ينفك عنها في قوله تعالى: “فإن مع العسر يسرا” قد اسهمت في الاسراع بقذف البشرى في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم بإزالة عسره.

    الزاد الحقيقي

    وفي قوله: “فإذا فرغت فانصب” اختلف المفسرون في تعيين متعلق الفراغ والنصب، وأنسب الأقوال فيما أرى وأقربها الى سياق السورة قول الزمخشري “فإذا فرغت من عبادة فأتبعها أخرى” وهذا التأويل يتناسب وخصوصية السورة، وخصوصية العطاء والبشرى للرسول صلى الله عليه وسلم كما أنه يشير الى أن في العبادة زاداً ومعيناً يتقوى به الرسول صلى الله عليه وسلم على عبادة أخرى لله تعالى.

    والآية ترسم للنبي صلى الله عليه وسلم وللدعاة من بعده المنهج القويم لقضاء الأوقات، وتصريفها في طاعته سبحانه ولا تظن ان المراد بالعبادة الصلاة فقط بل العبادة شاملة لكل عمل يبتغي المسلم به وجه ربه تعالى، ولعل هذا وجه حذف المتعلق حيث قصد به العموم.

    وتأمل ايثار “إذا” الظرفية هنا وما فيها من دلالة على وجوب أداء العبادة على أكمل وجه، وألا ينتقل منها الى غيرها الا بعد اداء حقها كاملا، يعينك على هذا الفهم ما تدل عليه مادة “فرغ” من الخلو بعد الامتلاء.

    ولنتأمل ما دل عليه ترتيب الجواب على الشرط في قوله: “فإذا فرغت فانصب” من المسارعة وكيف أوحى هذا بوجوب اغتنامه صلى الله عليه وسلم لكل أوقاته بحيث لا يترك وقتا ممتدا يشغله عن عبادته لله تعالى، والمعنى كما يقول الطاهر بن عاشور: “إذا أتممت عملا من مهام الأعمال فأقبل على عمل آخر بحيث يعمر أوقاته كلها بالأعمال العظيمة”.

    انبه ثانية إلى أن الآية الكريمة اشارت الى ان العبادة هي الزاد الحقيقي الذي يتقوى به الانسان على التدرج في مراتب الطاعة لله تعالى، وكأني بالآية توحي بأن التزود بالعبادة والطاعة لله تعالى هو المعين الروحي الذي يواجه به الرسول صلى الله عليه وسلم والدعاة من بعده كل المشاق والصعاب والفتور على ما توحي به كلمة “النصب” من معنى الجهد والتعب. ولا تفوتني الاشارة الى ما دل عليه اسلوب الشرط في قوله “فإذا فرغت..” وكيف أنه ربط السبب بالمسبب، وكأن ما ذكر من الفيوضات الربانية، والمنح الإلهية للرسول صلى الله عليه وسلم كان بمثابة مسوغات لاجتهاده في العبادة صلى الله عليه وسلم والشكر لربه تعالى على عطائه الكريم له صلى الله عليه وسلم.

    من الأسهل إلى الأصعب

    وأومأ الربط بالفاء في قوله “فإذا فرغت فانصب” إلى وجوب المبادرة بإيلائه العمل بعمل آخر، وحذف متعلق الفعل، لقصد العموم، ليشمل كل عمل يرغبه النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يرغب النبي إلا في الكمال النفساني وانتشار الدين، ونصر المسلمين.

    والوجه في تقديم “فإذا فرغت” على “فانصب” هو الترقي من الأسهل الى الأصعب مما فيه مشقة وكد وتعب وجهد، ولعل هذا ما يناسب همة الحبيب صلى الله عليه وسلم في دعوته وعبادته .. تلك الهمة التي لا يعتريها فتور، ولا يستبد بها كسل أو ملل والله اعلم.

    وتأمل القصر بالتقديم في قوله “وإلى ربك فارغب” وكيف دل على تخصيص رغبته صلى الله عليه وسلم على ربه تعالى، بحيث لا تتعداه الى سواه سبحانه ولعل هذا التأويل يبين لنا وجه ايثار لفظ “رب” واضافته الى ضميره صلى الله عليه وسلم وكأن في هذا تذكيرا أو حافزا له عليه الصلاة والسلام للاقبال على ربه تعالى دون غيره سبحانه.

    وارقب تعدية هذا الفعل (فارغب) بحرف الانتهاء (الى) وكيف أشار الى وجوب اقباله صلى الله عليه وسلم وتوجهه الى ربه اقبالا حثيثا، فيه توفر همة وعظيم نشاط، كما دلت تعدية الفعل بحرف الانتهاء الى أنه تعالى دون غيره ينبغي ان يكون الغاية والمقصد والهدف والمرتجي لكل سالك في طريق الدعوة اليه سبحانه وهذا المعنى يتسق وما يدل عليه الفعل (فارغب) اضافة الى ما أفاده تقديم المجرور في معنى الاختصاص كما سبق.

    بقي أن أشير الى ان ربط الآية بما قبلها بالواو “هو الذي يطرد به النسق، وتتم وحدة السياق في السورة كلها فتتعلق رغبة المصطفى بالله وحده، الذي أفرغ بال رسوله مما كان يشغله من ضيق الصدر، ووضع عنه الوزر الذي انقض ظهره، وبشره بيسر قريب على وجه اليقين الذي لا شك فيه” فالواو في الآية بمثابة الخيط الجامع الذي اشتبكت به معاني السورة كلها والله اعلم.




    [/ALIGN]
    [/CELL][/TABLE1][/ALIGN]



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  9. #19
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    الأنهار في القرآن
    بقلم الأستاذ الدكتور حسني حمدان حمامة
    أستاذ علوم الأرض في جامعة المنصورة
    يقول الحق تبارك وتعالى: قال الله تعالىأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ )[سورة الرعد].
    أي أن الله أنزل من السماء مطراً فأخذ كل واد (Channel)بحسبه، فهذا كبير وسع كثيراً من الماء، وهذا صغير وسع بقدر، جاء على وجه الماء الذي سال في هذه الأودية زبد (Foam)عال عليه. وكان من حمولة السيل ما يسبك في النار من حلية (Ornament)ذهب وفضة ونحاس طلباً للزينة، أو ما يجعل منه متاعاً. وتشير الآية إلى وجوه عدة، نذكر منها ما يلي:
    1. رتبة النهر: يشير قول الله تعالى فسالت أودية بقدرها) إلى ما يعرف في العلم برتبة الأنهار (Steam order)، حيث تصب الأنهار الصغيرة في الأنهار الكبيرة، وبذلك توجد أنهار رئيسية وروافد لها. والنهر ذو الرتبة الأولى First Order stream لا يتبعه روافد، والنهر ذو الرتبة الثانية ينشأ من التقاء نهرين من أنهار الرتبة الأولى، وهكذا بقية الرتب.
    2. حمولة النهر: تحتوي معظم أنهار العالم الكبيرة ما يقرب من 110ـ 120جزء من المليون من الأيونات الذائبة (Dissolved Ions)،أي أن كل لتر من ماء الأنهار يحتوي على 1/10من الجرم من المواد الذائبة. وتحمل أغلب أنهار العالم الجزء الأكبر من حمولتها في هيئة معلقات (Suspended Loads).
    وتوجد حمولة القاع (Bed Load)على هيئة حمولة متدحرجة (Rolling)أو منزلقة (Sliding)أو منقذفة (Saltatio.
    الشكل التالي يحدد عدد مستويات الروافد التي تصب في النهر. الشكل التالي يبين بعض أشكال الأنهار الصغيرة التي تصب في الأنهار الكبيرة كما يظهر تنوع رتب الأنهار بحسب المجرى
    ومما لا شك فيه أن معظم الحمولة سواء كانت معلقة أو حتى الذائبة، بالإضافة إلى حمولة القاع، مصيرها أن تستقر على القاع بعملية الترسيب، مكونة الرواسب المختلفة التي تتماسك بعد ترسيبها، وتتكون الصخور الرسوبية.
    وتلك الحمولة المستقرة تتحدث عنها الآية الكريمة (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
    وتعطي الآية السابقة مدخلاً لدراسة كل من:
    أ‌- رواسب المكث (Placer deposits)(ابتغاء حلية):
    توجد علاقة حميمة بين الذهب والصخور النارية. ويتم تركيز الذهب بطريقة ميكانيكية، فعلى سبيل المثال يقوم نهر النيل بتركيز الذهب الذي تحمله المياه من جبال الحبشة، وأيضاً تقوم الأودية التي تسيل بالمياه بتركيز الذهب من المناطق الجبلية التي تخترقها. ويتركز الذهب ومعه كثير من المعادن الثقيلة ذات الأوزان النوعية العالية مثل الفضة والجارنت والروتيل والفلورايت وغيرها، حيث تمكث في قاع النهر. ففي الولايات المتحدة الأمريكية يستخرج الذهب بنسبة 5 ـ 10 من الإنتاج من رواسب المكث.
    ب‌- الرواسب والصخور الرسوبية (Sediments and Sedimentary Rocks)(وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
    تتكون الرواسب النوعية مثل رواسب المكث السابقة في قاع النهر أو على شاطئ البحر. وتكون الرواسب بصفة عامة الأرضية الخصبة في دلتا الأنهار، وقد تحتوي ثروات الغاز كمصدر مهم من مصادر الطاقة. ويتسع مدلول قوله تعالى : (ما ينفع الناس) ليشمل رواسب الرمل المستخدمة في صناعة الزجاجيات، ومواد البناء، وكذا رواسب الطين المستخدمة في صناعة الخزفيات والأسمنت وغيرها، ويتسع مفهوم المنفعة إلى الرواسب التي تحملها الأنهار إلى قاع البحر. وهكذا نجد أن الآية تشير إلى علم أساسي من علوم الأرض وهو علم الصخور الرسوبية.

    صورة لمجرى نهر الأمازون
    الأنهار البديعة والأنهار الأسيرة:
    من بديع صنع الله من المحير حقاً أن تشق الأنهار مجاريها ذات الجوانب الحادة في سلاسل الجبال في تحد عجيب. ولكن لماذا ينحت النهر مجراه في السلسلة الجبلية فيما حولها؟ حاول العلم الإجابة عن هذا السؤال فأعطى المداخل التالية:
    1. عادة ما ينشأ النهر في الأرض الممهدة ذات الانحدار اللطيف التي تغطي سلسلة الجبال المدفونة تحت سطحها، أي أنه يركب فوقها. وينحت النهر رواسب الأرض ويكون أخدوداً في السلسلة الجبلية إنها يد القدرة التي مكنت وأوحت إلى النهر أن يتحدى الجبال الراسيات. وكثير من السبل في الجبال ما هي إلا أودية جافة، وصدق الله العظيم حيث يقول: (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) [سورة الأنبياء].
    2. يحدث أحياناً أن ينشأ النهر في أرض ممهدة قبل تكون سلسلة الجبال بعدة ملايين من السنين. وبعد أن تنتصب الجبال يستمر النهر في تحد غريب في تعميق مجراه قاطعاً السلسلة الجبلية. وتشير الآية القرآنية إلى تلك الحالة إشارة معجزة: (أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[سورة النمل].
    تأمل الترتيب البديع من قرار الأرض إلى خلق الأنهار إلى نشأة الجبال الرواسي ثم تكوين الحاجز بين البحرين. غور ماء الأنهار في قوله تعالى أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا)[سورة الكهف]. إشارة إلى غور ماء الأنهار، لأنه قد ذكر الله الجنتين، وقد فجر في الجنتين نهراً.
    ومن الظواهر المعروفة تشكلات الكارست، وهي التي تنتج في الأقاليم المتكونة من الأحجار الجيرية والمواد القابلة للذوبان. ويعرف دارسو علم الأرض والجغرافيا أن الأنهار قد تختفي إذا انتهت إلى إحدى الحفر الوعائية (Sinkhole)المتكونة في الحجر الجيري أو في سطح الأرض بصفة عامة.
    صورة أحد الحفر الوعائية التي تغور فيها المياه إلى الكهوف الأرضية العميقة
    . أخي القارئ من أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن رتب الأنهار أو عن ما تحمله من حُلي وهو الإنسان الأمي الذي لم يرى في حياته نهراً فكيف يعرف ما فيه..










  10. #20
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
    سورة المائدة

    هي سورة مدنية، نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم في أواخر أيامه في المدينة قبل حجة الوداع و بعض آياتها نزلت بعد حجة الوداع.
    قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"علموا رجالكم سورة المائدة"
    و قالت عنها السيدة عائشة: " هي من آخر ما نزل من القرآن، فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه"

    ذُكرت "يا أيها الذين آمنوا" 88 مرة في القرآن الكريم منها 16 مرة في هذه السورة وحدها.

    هدف السورة
    الوفاء بعهودنا و عقودنا مع الله عز و جل.

    سبب التسمية
    طلب الحواريون من عيسى عليه السلام أن يدعو الله أن ينزل عليهم مائدة من السماء فقال لهم تعالى " إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا شديدا"، وهنا ترهيب شديد من عاقبة نقض العهد مع الله و ما سوف يعقبه من عذاب شديد، و أتت آية "اليوم أكملت لكم دينكم " في نفس السورة لتؤكد أن الدين قد اكتمل و الواجب علينا بعد ذلك الحفاظ عليه.

    بدأت السورة بقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " و معناها يا من آمنتم بالله و رضيتم به رباً و دخلتم في دينه و قبلتم القيام بكل ما أمركم به أوفوا بعقودكم و عهودكم مع الله تعالى. و كان الصحابة حين يسمعون كلمة يا أيها الذين آمنوا يصغون السمع و يقولون ما بعد ذلك إما خير نؤمر به أو شر ننهى عنه.
    و يمكننا أن نطبق السورة عملياً علينا خصوصاً في رمضان حيث تكثر الطاعات و يكثر المقبلون على الله تعالى فهل سيستطيع هؤلاء أن يفوا بعهودهم مع الله حتى بعد رمضان؟

    الآية 1 بدأت بالحلال من الطعام و الطيبات منه و قال تعالى " أحلت لكم بهيمة الأنعام " فذكر الحلال و لم يقل حرمت عليكم كذا لأن الأصل في الأشياء الحلال و ليس التحريم فديننا لا يضيق علينا في حياتنا بل يشرع و يحدد لنا الأسس التي نسير عليها، و هنا نلاحظ أن السورة بدأت بالضروريات و هي الطعام الذي لا يستغني عنه الإنسان.

    الآية 2 فيها أيضا نداء للمؤمنين بالحرص على شعائر الله و التأكيد على التعاون بين المسلمين بعضهم البعض على البر والتقوى.

    الآية 3 فيها توضيح للمحرمات من الطعام ثم ذكر فيها " اليوم أكملت لكم دينكم " أي أن الدين قد اكتمل و بعد الاكتمال يأتي دور الوفاء بكل ما جاء فيه من عهود.

    الآية 5 جاءت على ذكر الطيبات من الزوجات و بيان أن الزواج من الكتابيات حلال.

    ثم جاءت الآية 6 " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم " فبعد أن ذكر في الآيات السابقة طيبات الدنيا من طعام و زوجات جاء على ذكر طيبات الروح من وضوء و طهر قبل الصلاة.

    و بعد كل ما سبق من عهود واجبة الوفاء جاءت الآية 7 تؤكد على الوفاء " و ميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا و أطعنا "
    فهي آية تذكر بالعهد و الوعد و الميثاق و تركز على وجوب السمع و الطاعة من المؤمنين.


    ثم عادت السورة مرة أخرى إلى العهود فجاءت الآية 8 و بدأت بنفس النداء " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط " و تنادي هذه الآية بالعدل و تطبيقه حتى لو ظلمنا الغير فقالت "اعدلوا هو أقرب للتقوى"

    و بعدها جاءت الآية 9 توضح لنا أن المثل الأعلى لله تعالى و هو يوفي بوعوده فهل سنوفي نحن أيضا بوعودنا معه تعالى.

    ثم جاء العهد التالي في الآية 11 بضرورة الوفاء بالعقود مع الغير.

    ثم انتقلت السورة بعد ذلك للحديث عن بني إسرائيل فهم أكثر من نقض العهود على مر الزمان و ذكرت السورة في الآية 13 عاقبة نقض العهد " فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم" فبين أن الله لعنهم لنقضهم العهد، و في الآيات 20 إلى 26 ذكر قصة أمر موسى لهم بالدخول للأرض المقدسة و تهاونهم و تخاذلهم فكان عقاب الله لهم أن قال " فإنها محرمة عليهم أربعين سنة"

    في الآيات التالية ذكر الله تعالى قصة ابني آدم في الآيات 27 إلى 31 و يمكننا هنا أن نربط بين القصتين فبنو إسرائيل نقضوا العهد لجبنهم و تخاذلهم، و قابيل ابن آدم نقض العهد و قتل أخاه لتهوره و اندفاعه فبين الله لنا في المثلين المتتاليين أن كلا التصرفين خطأ الجبن و التهور و كلاهما يؤدي إلى نقض العهد مع الله.

    و جاءت الآية 35 بعد ذلك توضح لنا أن تقوى الله سبحانه وتعالى من أهم الوسائل المساعدة للوفاء بالعهود معه تعالى.

    الآيات من 51 إلى 66 فيها نداء آخر " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء " و هنا لا يجب أن نفهم أن المطلوب هو عدم التسامح مع أهل الكتاب و لكن المطلوب هو الحفاظ على هويتنا و شخصيتنا المسلمة و البعد عن التقليد الأعمى.

    جاءت الآية 54 بنداء جديد "من يرتد منك عن دينه " و اللهجة فيها لطيفة فلم يخاطب تعالى من يريد البعد عن طريقه بالوعيد الشديد بل قال "فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه" أي أن دين الله باق فمن أراد الابتعاد عن طريق الله فهو الخاسر الوحيد و سيأتي من يحب الله و يعبده حق عبادته.

    في الآية 90 ذُكر تحريم الخمر و الميسر فلا يمكن أن يتم السماح بشرب ما يذهب العقل و يوقع البغضاء مع كل ما سبق من عهود يجب الالتزام بها .

    ثم جاءت الآيتان 101 و102 " لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " ففيهما رحمة من الله تعالى و تخفيف على المسلمين بأن قال لهم لا تسألوا على شيء ما لم يذكره الله حتى لا تضيقوا على أنفسكم.

    في الآية 105 " عليكم أنفسكم " و قال عنها أبو بكر أن هذه الآية فهمها الناس على غير ما هي عليه، فالناس فسروها بأن كل إنسان ينفرد بنفسه ولا يهتم بغيره، بالرغم من أن المعنى المقصود التأكيد على التمسك الشديد بدينك مهما عصى من حولك فلو وجدت كل البشر عاصين غافلين اثبت أنت على دينك .

    و جاء ختام السورة " يوم يجمع الله الرسل " الآية 109 ففيها تذكير بأن الموعد النهائي هو يوم القيامة و فيه توفى كل نفس حسابها.

    و يقسم العلماء مقاصد الشريعة إلى خمسة:
    حفظ الدين: ذُكر في الآية 54.
    حفظ العرض: ذُكر في الآية 5.
    حفظ العقل: ذُكر في الآية 90.
    حفظ النفس: ذُكر في الآية 32.
    حفظ المال: ذُكر في الآية 38.


    [/ALIGN]
    [/CELL][/TABLE1][/ALIGN]



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

صفحة 2 من 16 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. 乂صعوة 乂 شقردي 2000 مبروك 乂
    بواسطة شام في المنتدى مضيف الإهداءات
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 15-09-2009, 13:48
  2. مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 23-08-2009, 02:40
  3. 乂乂 لذائذ العيد المضائفية 乂乂
    بواسطة شام في المنتدى فـنـون الـمـطبخ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 18-10-2007, 22:54
  4. مشاركات: 35
    آخر مشاركة: 13-09-2006, 09:30
  5. 乂乂 دغدغة مسامع فقط 乂乂
    بواسطة النجم في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-10-2005, 05:46

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته