الصديق :
لم أكن أحب هذه الطريقة من المحادثة عبر الانترنت ، فقد كنت أعدها مضيعة للوقت و باب للمحادثات التافهة إلى أن اضطرني الأمر للاتصال بصديق لي في الخارج ، أن أدخل برنامج المحادثة ، و عند البحث عن صديقي لفت انتباهي اسم يدل على تقوى و جدية و أصالة ، بعد أن انتهيت من اتصالي بصديقي ، طلبت هذا الاسم و بدأت المحادثة و كانت فتاة أظنها متزنة الأخلاق ، و تطور الحديث بيننا و أحس كل منا بالفائدة من الاتصال ، كانت عباراتنا هادفة و نقاشاتنا علمية و دينية و تبادلنا المعارف و العلوم و المشاكل و الهموم و بات عندي كل يوم ساعة لهذا الموضوع ، لم لا طالما أن كلينا يلتزم بأدب الحديث
و تطور الأمر مع صديقتي المجهولة و أصبح كل قرار في حياتي أشاركها رأيها فيه ، و أصبحت جزءاً من تفكيري لا يتجزأ
و بما أني وجدت في نفسيتها كل الذي أرتاح إليه و بات من الصعب أن أترك هذه الإنسانة تمر في حياتي كذكرى
بدأت أمهد للقاء ما ، و كانت نيتي أكبر من ذلك ، فقد أحسست أنها الإنسانة التي أسعد معها ، و أحتاج لها في تكملة مشوار حياتي
و كنت كلما مهدت للقاء ، أجد الرفض فوراً ، حللت الأمر و قلت ربما هي مرتبطة نفسياً بشخص آخر ، و ما أنا إلى ملجأ لتبادل الأحاديث فقط ، و لكن لم يظهر من خطاباتها معي أن تكون مرتبطة ، فلذلك تجرأت و طلبت يدها على سنة الله و رسوله ، و على الفور جاءني الرد لا أصلح لك
كنت أفكر و ما الذي لا يصلح ، فأنا اهتممت بنفسيتها و لن اهتم مهما كان شكلها ، ما الذي لا يصلح ؟ ما هو السبب ؟ أنا صادق بكلامي و بعرضي و لا أتلاعب
و عند محاولة أخرى جاءني الرد هذا آخر كلام معك ... أنتهى الموضوع
و مذ ذاك لم أعد أعثر عليها ... فهل أخطأت بشيء ما ؟ لا أعرف .
الصديقة :
كانت الحياة شبه منعدمة في غرفة أجلس بها وحدي ، كانت الثواني و الدقائق تمر متعبة مثقلة ، ألتزم بواجباتي الدينية و أقضي بها بعض الوقت و لكن هناك الكثير من الوقت ، ففكرت لم لا أدخل برامج المحادثة ، على الأقل أجد من أتبادل معه أطراف الحديث و كانت البداية ، و وضعت في معلوماتي أن تكون المحادثة جدية و ذات طابع ديني ، أتصل بي أحد الأصدقاء و بدأنا نتحادث و كانت البداية باحترام و بجدية و نقاشات هادفة ، و شعر كل منا بعمق هذه الصلة و بالأخص أنا ، فكنت في فراغ و أتلهف لأي شخص لأكلمه فكيف إذا كان الشخص مهذب و محترم ، هذا ما وضح من نقاشاته ، و تطور الأمر و صار لنا كل يوم ساعة أنتظرها بفارغ الصبر ، أشركني بهمومه ، و بأدق التفاصيل حتى أني أشعر بأني أتنقل معه أينما ذهب
و كانت المفاجأة التي لم تكن تخطر لي ببال ، بدأ يلمح بلقاء ، طبعاً رفضت ، فأنا لا أستطيع ، رغم أني أعرف أنه صادق ، و حاولت التهرب
لكنه ركز كل تفكيره في هذا الاتجاه و أنا أتهرب ، و لا أعرف إلى متى أستطيع التهرب ، و في محاولة أخرى منه أعلن نيته في طلب يدي
كان هذا أصعب ، ماذا أفعل ، كيف أمنع هذا الأمر ، لا يمكن لهذا الأمر أن يتم ، و ذلك رغماً عني فقد احترمت هذا الإنسان جداً و أحب له كل الخير و لكن ليس معي ، لذلك علي بالانسحاب ، أكيد أنني لست الإنسانة التي تسعده .... فأنا مقعدة ... و لا أستطيع التحرك إلا في هذه الغرفة
المفضلات