نور التوحيد
للشيخ صالح بن عواد المغامسي
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا . واشهد ان لاآله الله وحده لاشريك له ..خلق فسوى وقدر فهدى واخرج المرعى فجعله غثاءً أحوى ..واشهد ان سيدنا محمد عبده ورسوله بلغ عن الله رسالاته ونصح له في برياته ، ادى الآمانه وبلغ الرساله ونصح الأمه فجزاه الله بأفضل ماجزا به نبياً عن أمته ..اللهم صلي وسلم وبارك وانعم عليه وعلى آله وصحابه وعلى سائر من اقتفى اثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين ...أما بعد ..
فسبحانك اللهم ربنا وبحمدك لا آله إلا انت ماعبدناك حق عبادتك ..سبحانك اللهم وبحمدك لا آله إلا انت ماعرفنا قدرك وماقدرناك حق قدرك ...سبحانك اللهم وبحمدك لا آله إلا انت الحي الذي لايموت والإنس والجن يموتون ...سبحانك اللهم وبحمدك لا آله إلا انت تعلم مثاقيل الجبال ومكايل البحار وأنت الله لا آله إلا انت العزيز الجبار .. سبحانك اللهم وبحمدك لا آله إلا انت الخير كله بيديك والشر ليس إليك ..مصير كل أحدٍ عليك ورزق كل احدٍ عليك ..سبحانك اللهم وبحمدك لا آله إلا انت رددت موسى إلى أمه وأرجعت يوسف إلى أبيه ..ونجيت إبراهيم أغثت ذا النون وجمعت ليعقوب بنيه ..سبحانك اللهم وبحمدك لا آله إلا انت امرتنا فلم نأتمر ونهيتنا فلم ننزجر ولاحول ولاقوة لنا إلا بك ..سبحانك اللهم وبحمدك لا آله إلا انت لا نستطيع ان نأخذ إلا مااعطيتنا ولا ان نتقي إن لم تقينا ..انت خالقنا ورازقنا وربنا ومولانا لا آله إلا انت ...سبحانك اللهم وبحمدك لاعلم لنا إلا ماعلمتنا أنك انت العليم الحكيم خلقتنا ولا قدرة لنا ورزقتنا ولاقوة لنا وهديتنا إلى الإسلام من غير ان نسألك فلا تحرمنا اللهم الجنة ونحنُ نسألك ...سبحانك اللهم وبحمدك لا آله إلا انت حنت إليك قلوبنا واشتقت إلى لقاءك أفئدتنا نسألك اللهم بعز جلالك وكمال جمالك أن تغفر لنا في الدنيا والآخرة .....
ايها الاخوة المؤمنون ..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..أمابعد .. فهذه موعظة قبل أن تكون محاضرة وتذكرة قبل أن تكون بيانا وتقرُباً إلى الله جل وعلا قبل ان يكون درسا ..جعلنا عنوانها ( نور التوحيد ) ولقد تأصل في قلوب العارفين والأئمة المهديين وعقول المنصفين من المؤمنين ..تأصل عند هؤلاء جميعا أنه لاشيئ أعظم من الحديث عن الله تبارك وتعالى وبما أن ربنا جل جلاله وعز شأنه لايعدله شي فإن الحديث عن الله تبارك وتعالى لايعدله شيئ ابدا ..( قل أي شيئ أكبر شهادةً قل الله شهيدٌ بيني وبينكم * وأوحي إلي هذا القرأن لإنذركم به ومن بلغ )...
ايها المؤمنون الحديث عن الرب تبارك وتعالى حديث تحبه قلوب المؤمنين فبه البلغه والموعظه والذكرى ، ونور التوحيد ..كما قلنا إنما هي موعظه وبلغه إلى الرب تبارك وتعالى ..نستفتح بالذي هو خير ..قال الإمام يحيى ابن عمار .. احد المحدثين رحمة الله تعالى .. قال ..العلوم خمسة ..علم هو حياة الدين وهو علم التوحيد ..وعلم هو قوت الدين وهو العظه والذكر..وعلم هو دواء الدين وهو علم الفقه ..وعلم هو داء الدين وهو ذكر أخبار ماوقع بين السلف ..وعلم هوهلاك الدين وهو علم الكلام ....وهذا التأصيل العلمي من هذا المحدث ظاهر الصحة بلا ريب ..فإن علم الكلام يخرج الإنسان مما اراده الله جل وعلا منه ..فيشتغل بأقوال الفلاسفه وتنظير أهل المنطق ويخوض ميمنة وميسره في عالم الفكر المتأرج بعيداً عن هدي الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم ..وكفى بذلك خيبةً وخسرانا ، وأما الإشتغال بإخبار السلف الصالح وماوقع بينهم رحمة الله تعالى عليهم جميعا ..فإنه يقسي القلب ويجعل من المرء القاسي البعيد زماناً ومكاناً عن اولئك الأخيار يجعله من حيث لايدري حكماً بين أئمة المهديين وصحابةٍ مرضيين واتباعٍ لهم في الدين سابقةٌ لاتُلحق ..ومثل هذا يقسي القلب وحسب المؤمن ان يستمع إلى أقول أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب رضي الله عنه عندما قال ( إني لأرجوا الله أن أكون انا وعثمان وطلحة والزبير ممن قال الله جل وعلا فيهم ( ونزعنا مافي صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار) ) أما علم قال عنه دواء الدين وهوعلم الفقه ذلك أن الإنسان احوج مايكون إلى أن يعلم الحلال والحرام حتى يستبين له الحرام والمكروه فيجتنبه ويستبين له المباح فيخير فيه ويستبين له المسنون فيسابق إليه ويستبين له الواجب فيأتيه راضياً بقضاء الله جل وعلا وقدره مستسلماً لإمر الله تبارك وتعالى ونهيه ...ثم قال رحمة الله وعلم هو قوت الدين وهو العظة والذكر ..ذلك أن المؤمن
مهما بلغ حاله وصلح عمله في أحوج الأمر إلى ان يذكّر ويوعظ ولذلك قال الله جل وعلا لنبيه ( وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغا ) وقال العرباض ابن ساريه رضي الله عنه ..وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منه القلوب وذرفت منها العيون
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس ان موسى عليه السلام وقف خطيباً يعظ في بني إسرائيل حتى إذا رقت القلوب وذرفت العيون ...إلى نهاية الحديث ....
والمقصود انه مامن مؤمن إلا وهو محتاج إلى الوعظ والتذكير وهذا الذي سماه المحدث يحيى إبن عمار ..سماه قوت القلوب ..وقال في أول الأمر رحمة الله ..وعلم هو حياة الدين الا وهو علم التوحيد ولاريب ان التوحيد هو حياة الدين كله ..لإنه أول شيئ يدخل به المرء المله ، بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى أهل اليمن وقال له فليكن أول ماتدعوهم إليه شهادة أن لا آله إلى الله ،لإنه لا يقبل أن يدخل انرءٌ في الدين فيجري عليه أحكام الشرع ويطالب بإمر وينتهي عن نهي حتى يقيم التوحيد اولاً فجعل الله جل وعلا القول بالتوحيد والنطق به والإعتقاد به المدخل الأعظم لدينه تبارك وتعالى ، كما جعل كما جعل في الخاتمه ان من كان آخر كلامه الإعتقاد بالتوحيد والتلفظ به كان حقاً على الله أن يدخله الجنه ..قال صلوات الله وسلامه عليه من كان آخر كلامه في الدنيا لا آله إلا الله دخل الجنه ..وعلى النقيظ من ذلك ..جعل النبي صلى الله عليه وسلم الشرك بالله جل وعلا وجعل الأنداد أعظم الكبائر وأعظم السيئات ، كما أن توحيد الله جل وعلا أعظم الحسنات بلا ريب ، قال صلى الله عليه وسلم وقد سأله عبدالله إبن مسعود يانبي الله أي الذنب أعظم ؟؟ قال أن تجعل لله نداً وقد خلقك ...
ولقد نعى الله على أهل الإشراك من اليهود والنصارى وكفار قريش وسائر الكفرة انهم جعلوا لله ندا ، كل ذلك نعى الله جل وعلا على من صنعه أعظم النعي ،يؤكد هذا أن الله مابعث نبياً ولارسولاً إلا وجعل التوحيد اعظم مايدعوا به اممهم ولهذا كانت الخصومه قائمه مابين الأمم وبين رسلهم في قضية توحيد الله وإفراده تبارك وتعالى بالعباده ، قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ ..اتدري ماحق الله على العباد ؟؟قال ..قلت ..الله ورسوله أعلم ، قال حق الله على العباد ان يعبدوه ولايشركوا به شيئا ، ويؤكد هذا أن الله مابعث نبياً ولارسولاً إلا وألزمه هذا ..قال العلماء رحمهم الله عند تفسير قول الله جل وعلا ( وسأل من ارسلنا قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلةً يعبدون ) قالوا يروى عن إبن عباس وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما اسري به إلى المسجد الحرام تقدم جبريل فأذن قم أقام ثم أمر نبينا صلى الله عليه وسلم أن يصلي بالنبيين إماماً ، فصلى خلفه النبيون والمرسلون سبعة صفوف ...ثلاثةٌ منهم من صفوف المرسلين واربعة من الأنبياء خلفه مباشرة ..إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وموسى وعيسى عليهم أجمعين صلوات الله جل وعلا وسلامه ..
فلما انفتن صلى الله عليه وسلم من صلاته قال لهم إن الله قد أوحى إلي أن أسألكم ..هل ارسلكم الله جل وعلا أن يعبد أحدٌ غير الله ؟؟ فقال له انبياء الله ورسله وهم شهداءعلى ماوكل الله جل وعلا إليهم قالوا ..إن الله جل وعلا أوحى إلينا أن ندعوا بدعوةٍ واحدة أن لا آله إلا الله ( وأن مايدعون من دونهِ الباطل ) فتفقت كلمة الأنبياء والمرسلين من لدن أدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، على ان دين الخلائق كلهم الذي يقبله الله جل وعلا منهم هو توحيده تبارك وتعالى وإفراده بالعبادة وحده جل وعلا دون سواه ..قال إبن القيم رحمه الله ..
هو دين رب العالمين وشرعهُ *** وهو القديم وسيدُ الأديانِ
هو دينُ آدم والملائكِ قبلهُ *** هو دين نوحٍ صاحبِ الطوفانِ
هو دينُ إبراهيم وأبنيهِ معاً *** وبهِ نجا من لفحت النيرانِ
وبهِ فدا الله الذبيح من البلا *** لما فداهُ بأعظم القربانِ
هو دينُ يحيى مع أبيه وأمهِ *** نِعم الصبيُ وحبذا الشيخانِ
وكمال دين الله شرع محمدٍ *** صلى عليهِ مُنزل القرأنِ
فالرسل أجمعون والأنبياء معهم والصالحون والاخيار على هذا الطريق إلى أن يلقوا الله ، لإن الله جل وعلا
لايقبل من أحد صرفاً ولا عدلاً حتى يقيم توحيده تبارك وتعالى ، ولهذا كانت عناية الرسل والأنبياء والصالحين من بعدهم عند الموت أنهم يوصون من بعدهم بإن يفروا من الشرك وأن يلتزموا توحيد الله بالعباده وإفراده جل وعلا بالعباده دون سواه لعلم أولئك الأخيار والمتقين الأبرار أنه لاينفع عند الله جل وعلا عمل مالم يقيم العبد قول ومعنى ولفظ وعقيده توحيد الرب تبارك وتعالى ، قال سبحانه ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ماتعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آباءك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهً واحداً ونحنُ له مسلمون ) اللهم آمنا بمثل ماآمنوا به ...
وماأكد اولئك الأبرار والمتقون الأخيار على هذا الأمر إلا لعلمهم ويقينهم وماعلمهم الله أياه أن أعظم الأمر وأجل السيئات وأكبرها الذي لايغفره الله جل وعلا أن يجعل أحداً من المخلوقين ، مخلوقاً غير الله تبارك وتعالى نداً ، ولهذا اثنى الله جل وعلى على ذاته العليه في كتابه وعرف خلقه تبارك وتعالى بإسماءه وصفاته حتى يعبدوه على بينةٍ من الأمر أخبرهم جل وعلا بكمال قدرته وعظيم صنعته ، وجلال مشيئته وبلغت حكمته حتى لايبقى عذر لمعتذر ولاحجه لمحتج ..في أن الله جل وعلا لم يبين لهم كثيراً من اسماءه وصفاته وإنما بينها الله حتى تقوم الحجه على العباد وينقطع عذر أهل الأعذار ويعلم كل أحدٍ ان الله جل وعلا لارب غيره ولا آله سواه يقول سبحانه منعياً على من اتخذ مع الله جل وعلا نداً ( قل ءأنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له اندادً * ذلك رب العالمين * وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في أربعة ايام سواءً لسائلين * ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض أأتيا طوعاً أو كرها قالتا اتينا طائعين * فقاضهن سبع سماوات في يومياً وأوحى في كل سماءٍ أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا* ذلك تقدير العزيز العليم )
لا يقدر على هذا إلى الله وهذا من أعظم الأدله والبراهين على كمال صنعته وعظيم وحدانيته وجلال الوهيته لارب غيره ولا آله سواه ولذلك كان التوحيد نور يقذفه الله جل وعلا ويلقيه في قلوب من يشاء ..يقول الله جل وعلا ( الله نور السماوات والأرض مثل نورهِ كمشكاةٍ فيها مصباح * المصباح في زجاجة الزجاجه كأنها كوكبٌ دري يوقد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لاشرقيه ولاغربيه يكاد زيتها يضيئ ولم يمسسه نار نورٌ على نور يهدي الله لنورهِ من يشاء ) نسأل الله جل وعلا أن يهدينا وأياكم لنوره ..
ايها المؤمنون هذا هو التوحيد على وجه الإجمال ، إفراد الله تبارك وتعالى بالعباده وحده دون سواه وقد بينا انه اول ماطالبت به الرسل اممهم وأعظم ماختم به المتقون وصاياهم ..أن من كان آخر كلامه من الدنيا لا آله إلا الله دخل الجنه وبه يدخل المرء إلى دين الرب تبارك وتعالى وهو الخصومه التي قامت بين الرسل واممهم على رسل الله أفضل الصلاة والسلام ..
على انه ينبغي أن يعلم أن لهذا التوحيد لوازم ولهذا التوحيد نور يقذفه الله في القلوب ومن أعظم لوازم توحيد الرب تبارك وتعالى محبته جل وعلا محبتاً لا يقارن بها محبة غيره كائناً من كان ..قال الله جل وعلا ( ومن الناس من يتخذ من دون الله انداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله )
فبين جل وعلا أن صفاة عباده المتقين وأولياءه المؤمنين عظيم المحبة لربهم تبارك وتعالى ، وليس العجيب أن يحب العبد ربه ولكن المؤمل والفوز والسعادة أن يحب الرب عبده وأن عبداً أحبه الله لن تمسه النار أبدا ..قال الله جل وعلا في كتابه العظيم ( وقالت اليهود والنصارى نحنُ أبناء الله وأحباءه ) قال الله جل وعلا جواباً عليهم ( قل فلما يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشرٌ ممن خلق ) قال العلماء في تفسيرها لو كان أحباء الله لماعذبهم ، وقد جاء في الأثر الصحيح ( أن الله لايقلي حبيبه في النار ) وهذا لايقع من افراد الناس وآحاد العوام أنهم يعذبون من يحبون فكيف يقع من رب العالمين الرحمن الرحيم جل شأنه وعز ثناءه ..
والمقصود أن محبة الرب تبارك وتعالى تكون اولاً بمحبة العبد لربه جل وعلا ومحبة العبد لربه المنزله التي شمر إليها العاملون وتنافس فيها اولياء الله المتقون وتسابق فيها على مر الدهور وكر العصور الصارحون السابقون ، فمحبته جل وعلا تنال بإداء الفرائض على أكمل وجه ثم بإتيان النوافل ..وفي الحديث القدسي الصحيح
( ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها ) وهذه الأربع كلهن كناية عن كمال التوفيق من رب العالمين جل جلاله وإذا احب الله عبداً وفقه في الدنيا والآخرة ..رزقه الشهادة عند الموت ورزقه التوفيق وحسن الأختيار في طرائقه إلى الله جل وعلا ..الهمه الله الصبر على المحذور وبين الله جل وعلا له الحرام فيتقيه والواجب فيأتيه والسنن فيسابق إليها . أضاء الله جل وعلا له طريقه وانار الله جل وعلا له مسلكه وساقه الله جل وعلا إلأيه سوقاً جميلاً ، ومحبة الله قال العلماء أنما تنال بإن يحرص الإنسان على أتباع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أقواله وافعاله واخلاقه ( قل إن كنتم تحبون الله فتبعوني يحببكم الله ) فمن أكبر الدلائل وأجل القرائن على أن العبد يحب الله حرصه على إتباع سنة محمد صلى الله عليه وسلم إينما كانت وحيثما نزلت ، يتلبس بها في المنشط والمكره والعسر واليسر ، يسابق في ذلك قرناءه وخلانه ، ومن يراهم من الناس رجاء ماعند الله جل وعلا من الخير لإنه لايعدل الفوز بمحبة الرب تبارك وتعالى شيئ والعبد إذا احب الله جل وعلا كان مهيئاً إلى ان يحبه الرب تبارك وتعالى ، وهذا اعظم لوازم توحيد الله ، فإذا وقر في الإنسان محبة الله جل وعلا وفق ودل ذلك على أنه معظم لله موحد بربه سبحانه وتعالى ، وهذه منزله كلٍ يدعيها وكلنا يطلبها ولكن الحياة ميدان عمل ومركب شامل يتسابق فيه الأخيار ..فتسابقوا أيها المؤمنون والمؤمنات كل مايقربكم من الرب تبارك وتعالى ..ءاتو الفرائض بلا تون ، وتسابقوا في النوافل عل الله جل وعلا أن يحبكم فأن محبة الله جل وعلا منزلة وأي منزلة وهي أعظم مايطلبه الطالبون وأجل مايسعى إليه المؤملون ،لإنها من أعظم نورٍ يقذفه الله الله جل وعلا في قلوب الموحدين من عباده ..
ايها المؤمنون ، من لوازم التوحيد أن تعلم أن بالتوحيد ينجوا العبد في الدنيا والآخرة ، فلا منجي أعظم من التوحيد ..توحيد الله جل وعلا في القلوب ..وحسن الظن به تبارك وتعالى وصدق التوكل عليه مع حسن الإعتماد عليه جل وعلا في كل أمر هو من أعظم المنجيات ، الرب تبارك وتعالى له اولياء واعداء واولياءه واعداءه كلهم يقر أن الله جل وعلا هو المفزع عند حلول الكرب ..قال الله جل وعلا ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ) وأنما التفرقه بين اولياء الله واعداءه عند عدم حلول الكرب فإن الله سلك الله بنا وبكم سبيلهم يحبون ربهم في كل آن وحين ويلجئون إليه في السراء والضراء يحمدونه على السراء ويلجئون إليه في الضراء ، أما أعداء الله فهم على أقسام عده لكن لايقال عدد إلا لمن كفر بالله اصلا ولم يدخل الدين ولم يؤمن بالله لارب غيره ولا آله سواه ..فهؤلاء رغم صنيعهم هذا إذا وقعوا في الكرب وحلت بهم النازلة وداهمهم الخطب لجئوا إلى الله جل وعلا ..قال الله جل وعلا يصور حالهم
( وإذا مس الإنسان ضرٌ دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضرٍ مسه ) أما أولياء الله المتقون فهم يفزعون إلى ربهم جل وعلا في كل آنٍ وحين ..التوحيد مستقر في قلوبهم في البر والبحر في العسر واليسر في المنشط والمكره في السراء والضراء وهم في المساجد وخارجها مابين أهلهم وعند قرائنهم في كل مكان يحلونه وكل زمان يمر عليهم والتوحيد باقٍ في قلوبهم ..يعلمون أنه لا ملجئ من الله جل وعلا إلا إليه ..حققه يونس لفظاً وحالاً ومقالا
( فنادى في الظلمات أن لا آله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) فستجاب الله دعاءه واحسن الله عاقبته وكشف الله كربته وآمن له قومه ..وقدمه الله جل وعلا أعظم تقديم وذكره في الكتاب الكريم إلي يوم الدين ..قدم توحيد الرب جل وعلا وهو يستغيث بربه صلوات الله وسلامه عليه وهذه سنن الاخيار وطرائق الأبرار
كما أن التوحيد منجي في الدنيا منجي في الآخرة ..يقول صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيح وغيره ( أن سيخلص رجل من أمتي على رؤوس الخلائق يُنشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل مد البصر ، فيقول الرب جل وعلا له ياهذا أظلمك كتبتي الحافظون ؟؟فيقول لا يارب ..يقول الله أتنكر مماتراى شيئا ..يقول لا يارب ..يقول الله جل وعلا إن لك عندنا بطاقة ..فيقول يارب وماتغني هذه البطاقة أمام هذه السجلات ..فيقول الحي الذي لا آله إلا هو في البطاقة أشهد أن لا آله إلا الله وأن محمد رسول الله ..فيقول الرجل يارب وما تغني هذه البطاقة أمام هذه السجلات ..قال صلوات الله وسلامه عليه مخبراً وهو لاينطق عن الهوا فتوضع السجلات في كفه وتوضع البطاقة في كفه فطاشت السجلات ورجحت البطاقة ولا يثقل مع أسم الله شيئ ))
قال العلماء رحمهم الله في شرح هذا الحديث هذا دليل عظيم على أن هذا الرجل إن كان فردا حقق التوحيد في قلبه أعظم تحقيق وآمن حقاً أنه لا آله إلا الله وأنه لا ملجئ من الرب تبارك وتعالى إلا إليه وهذه منازل في القلوب يتفاوت الناس فيها ...
ألم يقل صلى الله عليه وسلم ( أن رجل ممن كان قبلكم أوصى بنيه انني إذا مت فحرقوني ثم ذروا ماحرقتموني أيه في الفلات والهواء ..ففعل بنوه مثل الذي اوصى ,,فجمع الله جل وعلا ماتفرق منه ثم أقامه بين يديه فقال له ربه جل وعلا وهو أعلم ياعبدي ماحملك على ماصنعت ,,قال يارب مخافتك وخشيتك فغفر الله جل وعلا له مع أن العمل الذي صنعه باطل بتفاق المسلمين ..لكن صلحت نيته وعظمة خشيته من الرب تبارك وتعالى فحقق بنيته مالم يحققه بعمله والله جل وعلا يقول
( يوم تبلى السرائر ) وتوحيد الله جل وعلا مكمنه القلوب تطوى عليه الأفئدة وتكنه الصدور ويوم القيامة يتبين من بكى ممن تباكى ..الم يقل الله جل وعلا ( يوم يدعون إلى السجود فلا يستطيعون خاشعةً أبصارهم ترهقهم ذلة فقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) يدعى قوم إلى السجود كما أمر الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فيقبل الناس على ثلاثة طوائف ..قوم يرفظون بالبته وهذا والعياذ بالله صنيع أهل الكفر ..وقوم يقبلون تصنع ورياء ..وقوم يقبلون تقرباً إلى الله جل وعلا ..فإذا كان يوم القيامة وكشف الرب جل وعلا عن ساقه خر أهل الموقف سجدا ..على ثلاثة طوائف أما أهل الكفر فلا يسجدون اصلا ..وأما أهل الإيمان جعلنا الله وأياكم منهم فيسجدون ويمكنون من السجود وهذا من دلالة قبول الله لسجودهم في الدنيا ..وآخرون اعاذنا الله وأياكم يهمون أن يسجدوا فيجعل الله جل وعلا أظهرهم طبقاً واحدا فلا يتمكنون من السجود فهؤلاء المنافقون الذين كانوا يسجود لغير الله في الدنيا ..نعوذ بالله من الخذلان والحرمان ..ايها المؤمنون كما أن التوحيد من أعظم المنجيات في الدنيا والأخرة فإنه توحيد الله جل وعلا من أعظم مايحقق به المرء مقصوده في الدنيا والآخرة ..وعقلاً إذا كانت الجنة تنال بالتوحيد فمن باب أولى أن ينال مافي الدنيا من أماني وغايات بتوحيد الرب تبارك وتعالى ,,إذا كانت الجنة تنال بتوحيد الله فإنما أماني الدنيا أهون وأقل شأن من نعيم الجنة فدل ذلك عقلاً ونقلاً على أن كل غايات الدنيا تنال إذا أذن الله جل وعلا بتوحيد الرب تبارك وتعالى ..وللعلماء في قول الله جل وعلا على لسان نبيه يوسف
( قال اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين ) للعلماء أوجه عده في تفسير الآية منها ..أن يوسف عليه الصلاة والسلام أستعجل الخروج والفرج فقال للغالم الذي غلب على ظنه أنه سينجو أذكرني عند ربك أي عند الملك
المفضلات