يقول الله عز وجل في كتابه العزيز أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
ماذا يفهم الآن كثير من المسلمين من هذه الآية؟
إنهم يفهمون أن التقصير في بعض الواجبات وارتكاب بعض المحظورات والترخص
في بعض الأحكام نأخذ من الرخص مما هب ودب، والتفلت من بعض التكاليف هذا
ليس فيه شيء، لأن الله قال فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ يعني .. إذا استطعت على بعض
الأشياء لا بأس أن تأخذها وإذا لم تناسب الظروف ولم تساعد الأحواللا بأس أن تترك
بعض الواجبات وتتفلت من بعض الأحكام وإذا وقعت في بعض المنكرات فلا بأس أيضاً
وهكذا ...
ويبرر هؤلاء الناس حالهم بهذه الآية فيقولون فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
كثير من الناس تناقشه في الواقع الفاسد فيقول يا أخي
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وهذه استطاعتي ...!!!
إذاً أيها الإخوة عندما تأتي لتفهم هذه الآية فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فإنها تعني
كما يقول ابن كثير فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ تعني: بحسب وسعكم وطاقتكم.
انظر! الفرق في الفهم ...
عندما تفهم فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وعندما تفهم اتق الله ما استطعت يعني ما استطعت
إلى ذلك سبيلاً اتق الله لذلك قال صلى الله عليه وسلم وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم
أي على قدر الاستطاعة ما استطعت إلى تنفيذ هذا الأمر سبيلاً
طبق والتزم ما استطعت وليس معنى ما استطعت هنا أي كم في المائة تطبق لا بأس .. لا
ما استطعت يعني على قدر كل استطاعتك كل قدراتك تتقي الله عز وجل لا تفرط ولا بشيء
من استطاعتك في طاعة الله مطلقاً وإذا تذكرنا الآية الأخرى وهي قول الله عز وجل:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
كيف يتقي الإنسان حق التقوى إلا إذا اتقى الله بقدر استطاعته وقدر جهده؟!
كل ما عندك من جهد وكل ما عندك من إمكانيات واستطاعات اتق الله عز وجل
فهذا يحمينا من الانحراف الذي يقع فيه كثير من المسلمين في فهمهم القاصر لهذه الآية
مما يترتب عليه تفاوتهم في الالتزام بالإسلام لأن كل واحد يقول هذه استطاعتي
الثاني يقول لا أنا أقدر وكلهم يستطيعون لكن كل واحد يأخذ على حسب هواه
فيتفاوت التزامهم بالإسلام نتيجةً لفهمهم الخاطئ لهذه الآية وغيرها
فيقدم كل منهم صورة مختلفة عن الإسلام ويتحول الإسلام عملياً إلى إسلامات
لأن كل واحد يعمل على قدر فهمه يعني على حسب الظروف ويتحول الإسلام
في واقعه العملي إلى صورة مشوهة جداً كل واحد يفعل على مزاجه ويطبق على مزاجه
ويقول في النهاية هذه استطاعتي ثم يزعمون أنهم على الحق وأن القرآن يشهد لفعلهم
انتهى ...
المفضلات