خدعة إنفلونزا الخنازير (1)
بقلم هشام سليمان –محرر بالقسم العلمي –إسلام أون لاين
ليستالمشكلة في أن يحاول البعض خداعنا، ولا هي في أن ننخدع، لكن المعضلة في أنننخدع مرارا وتكرارا بنفس الطريقة، وتنطلي علينا الخدعة هي هي مرة بعدأخرى.
يدفعني لذلك أننا – للأسف – كالعمياننجري وراء كل ناعق، حتى لو كان هذا الناعق منظمة الصحة العالمية، فقدانبهرت الأنفاس من الجمرة الخبيثة ثم من سارس ثم من إنفلونزا الطيور،والآن أنفاسنا تنبهر مما تعارف عليه إعلاميا بإنفلونزا الخنازير..
قبل أي شيء، ليعلم القراء أن الإنفلونزا العادية تصيب سنوياً ما يتراوح بين 25 مليونا و50 مليونا في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، يدخل منهم ما يتراوح بين 150 ألفا و200 ألف المستشفيات، ويتوفي بسببها ما يتراوح بين 30 ألفا و40 ألف مريض.
بعد ذلك، هل تذكرون الهلع الذي تملك الناسمنذ 3 سنوات بسبب ما عرف باسم إنفلونزا الطيور، وقامت الدنيا آنذاك ولمتقعد رعبا من وباء كاسح لا يبقي ولا يذر، واستطاعت ثلة منتفعة أن تستنفرالعالم بأسره على جميع المستويات والأصعدة.
إنني أدعوكم الآن لكي تدركوا حجم الخديعة أن تدخلوا على الموقع الإلكتروني لمنظمة الصحة العالمية لقراءةآخر تحديث للإحصاءاتالمتصلة "بالوباء" الرهيب، وهنا من بين الأرقام سوف تجدون أن عدد الوفياتبإنفلونزا الطيور 261 نفسا في العالم كله منذ تفشي "الوباء" حتى 15 مايو 2009.. أي والله 261 حالة وفاة فقط، أي أقل من وفيات طائرة واحدة خرت منعل.
وقتها كتبت ملفا كبيرا متخما بالمعلومات والأرقام والحقائق والحجج والبراهين تحت عنوان "إنفلونزا الطيور.. سياسة وبيزنس"، وأوضحت فيه أن التخوف من إنفلونزا الطيور.. هلع لا داعي له، وألحقته بأن الخبراء يستنكرون هذا الهلع، وتحدثت فيه عن صناعة الهلع من إنفلونزا الطيور، وبينت أن "السبوبة" أو البحث عن الكسب المادي هي السر وراء هذا الإرعاب المؤسسي الإعلامي المنظم، ووضعت عقار "تامي فلو" في الميزان الذي يروج له على أنه طوق النجاة في بحر الوباء العاتي، وأخيرا شفعت الملف بما ظننت آنذاك أنه يتممه، مقيما الحجة على أنإنفلونزا الطيور.. إرهاب سياسي.
ولا زال الحديث متصلا عن عقار الـ"تامي فلو" باعتباره هو المنقذ من وباء إنفلونزا الخنازير أيضا."تامي فلو" ولعبة جديدة
سعر سهم شركة جي ليد Gilead المنتج الأصلي لعقار Tamiflu والتي تحتفظ بحقتحصيل 10% من مبيعات وتسويق العقار كان مطلع عام 1994م لا تساوي قيمتهأكثر 75 سنتا، وظل يصعد ويهبط حتى وصلت قيمته بعد عشر سنواتأي عام 2004 نحو 14 دولارا، ثم مع استعار هوجة إنفلونزا الطيور تجاوز سعره منتصف العام 50 دولارا.
ظلت القوة الدافعة مع القصور الذاتي للزخم الذي أحدثته "بروبجندا" إنفلونزا الطيور يدفعان بقيمة سهم جي ليد صعودا وهبوطا حتىتجاوزتقيمته 57 دولارا في أغسطس 2008، ثم هوى في أوائل 2009 إلى 35 دولارا، أماالآن، أي بعد صرعة "إنفلونزا الخنازير" حتى لحظة كتابة هذه السطور فهو 43دولارا أمريكيا، وأخذ منحنى قيمته في الصعود تارة أخرى ولا يزال السهميحلق.
نذكر أيضا أن دونالد رامسفيلد وزير الدفاعفي عهد جورج بوش الابن كان منذ عام 1997 وحتى عام 2001م رئيس مجلس إدارةشركة جي ليد، وتركها عندما تقلد الوزارة في أول ولاية بوش، ولا يزال مالكنصيب الأسد من أسهم الشركة.
محل رامسفيلد من الإعراب هاهنا أنه جمهوريمن غلاة المحافظين الجدد الذين كانوا ومازالوا يقتاتون سواء وهم في داخلالسلطة أو خارجها لتحقيق مصالح ومنافع عامة أو خاصة على إشاعة الرعب ونشرالهلع والخوف لتبرير وتمرير مخططاتهم.
ظني –وما أعتقد أني مخطئ– أن لا أحد أصغىأذنا أو انتفع بمحاولات التهدئة السابقة التي باءت كلها تقريبا بالفشل،فلا زال الحديث عن إنفلونزا الطيور حتى الآن حاضرا، ومع ذلك سوف أكررعبارة سقتها أثناء امتلاء الفضاء حولنا بالرعب الذي ما برحت منظمة الصحةالعالمية تحذرنا منه صباح مساء فاعتبروا يا أولي الأبصار.
قلت ساعتها: "لا تجزع من إنفلونزا الطيورفكل الذين تتجاوز أعمارهم 50 عاما مروا بوبائين وما زالوا بيننا وهناك منتجاوزت أعمارهم فوق ذلك خرجوا بسلام من 3 أوبئة للإنفلونزا هي الإنفلونزاالإسبانية 1918، والإنفلونزا الآسيوية 1957، وإنفلونزا هونج كونج 1968".
أكرر أيضا: يا قوم "حجم تجارة الأدوية يصللنصف تريليون دولار أمريكي، وحجم الأموال التي تتداول في الرعاية الصحيةالشاملة يتجاوز التريليون والنصف".
والحديث متصل..
المفضلات