عبارة جميلة مورقة بهية سلسة تلامس النفوس وتأخذ بالألباب يرضاها ويقر بعدالتها العقلاء ويحتار بتفنيدها الجهلاء المخالفون لضربها والحاسدون لربها
ومع ذلك فقد حملها البعض مالا تحتمل وكبلوها بالأغلال وجعلوها صنو الضلال
فموقفهم منها :
كضرائر الحسناء قلن لوجهها**حسداً وبغضاً إنه لدميم
وما ذاك الا لأن قائلها أو متبنيها هو من اشتهر عنهم بالاعتدال وتفرد بعلو الهمة وأفنى عمره بالسعي لجمع كلمة الأمة ولكن لا يشفع له ذلك لأنه على غير نهجهم العملي (ان كان لهم نهج) ومنهجهم الفكري حتى وهو يعتقد معتقدهم ويدين بدينهم ولو شاء الله أن يقولها أو يشتهر بها أحد مريديهم لشرقوا بها وغربوا ولأعطوها منزلها الذي ينزلها اياه كل منصف!
انها قاعدة رشيد رضا الذهبية والتي تبناها واشتهر بها الشهيد حسن البنا رحمه الله مؤسس جماعة الأخوان المسلمين وتلك القاعدة تقول:
لنتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه
إن دعوة المسلمين بمختلف مذاهبهم وتوجهاتهم للتركيز على المتفق عليه والابتعاد عن المختلف عليه هو وسيلة من وسائل التقريب وتجميع للجهد ورص للصف ، لأن الأصل في العمل هو التعاون الاتفاق وليس الشقاق
يقول الحق سبحانه: ((ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ))
والإعذار هو كف الأذى عن بقية المسلمين عند الاختلاف في فرعيات الأمور أو أولويات العمل والحركة
فبالتعاون على المتفق والإعذار لبعض تزدهر شجرة الأخوة وتترعرع فتنمو شجرة العمل وتزدهر وتُعطي أطيب الثمر
وهذا ما كان سائدا في عهد القوة والتمكين وفي عهد الفقهاء الأعلام مثل مؤسسي المذاهب الإسلامية المعروفة
وهذه العبارة اشتهرت وصارت حجر الرحى بافتتاحيات خطب أغلب المؤتمرات فقد ابتدأ بها ملوك ورؤساء وأمراء ووزراء ودعاة في غالبية المؤتمرات كالمؤتمر الإسلامي والقمة العربية ولجان العمل على مستوى وزراء وعلماء ونواب وحتى الجمعيات الشبابية كالكشافة وغيرها وما ذاك الا لوسطيتها واعتدالها وعمليتها فلا يمكن الاتفاق التام وما لا يدرك كله لا يترك جله ولا يكلف الله نفساً الا وسعها والرسول صلى الله عليه وسلم يقول سددوا وقاربوا وكل ذاك في تلك العبارة الذهبية الجميلة:
لنتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه
فهل على الشهيد البنا رحمه الله أن يعتذر عنها ليرضي محملوا تلك العبارة ما لا تحتمل
إذا محاسني اللاتي أدل بها **كانت ذنوبي فقلي كيف أعتذرُ
رحم الله الشهيد حسن البنا ورزقنا حبه وحب كل شهيد في سبيل الله
ملحوظة: هناك من ينتقدها وينتقد قائلها أو الجماعة المشتهرة بها تقليداً لشيخ أو جماعة فليس معني من موضوعي هذا الا بالتنوير ان كان يبحث عن الحق ، أما جل الكلام فهو لمن لا شغل لهم الا تشويه هذا الداعية وذاك!!
تحياتي
المفضلات