يكثر النقاش حول هذا الموضوع فأعددت بحثا فيه وأحببت أن اتحفكم به ...
فتقبلوا مني ... جزاكم الله خيرا ...
اختلف العلماء هل إبليس من الجن أم من الملائكة أم كان من الملائكة ثم مسخه الله فكان من الجن .
على ثلاثة أقوال :
القول الاول : أنه من الملائكة .
والقول الثاني : أنه من الجن .
والقول الثالث : أنه كان من الملائكة فمسخه الله من الجن لما عصاه حينما أمر بالسجود لآدم .
وهذا تفصيل كل قول :
القول الأول : أنه من الملائكة.
وقال به من العلماء: ابن عباس في رواية عنه وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب ورجحه ابن جرير الطبري بل وانتصر له ، ورجحه البغوي ، ونسبه ابن عطية والقرطبي والشوكاني إلى أنه ىقول الجمهور راجع في ذلك تفاسيرهم عند آية البقرة والكهف .مع كتاب الدر المنثورللسيوطي .
دليلهم :قوله تعالى ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر )
فلو لم يكن إبليس من الملائكة لم يؤمر بالسجود ولم يؤاخذ بالعصيان .
والقول الثاني : أنه من الجن .
وقال به من العلماء :ابن عباس في رواية أخرى والحسن البصري ــ صححه عنه ابن كثيرــ والزهري وشهر بن حوشب وعبدالرحمن بن زيد أسلم ورجحه ابن تيمية والسيوطي والزمخشري وابن كثير والشنقيطي ـ صاحب الأضواءـ وابن عثيمين والشيخ أبو بكر الجزائري .
راجع في ذلك تفاسيرهم عند آية البقرة والكهف كما سبق ، ويضاف إلى هذه المصادر كتاب السيوطي الدر المنثور وتفسير ابن جرير .
أما شيخ الإسلام ابن تيمية فقد ذكر رأيه في مجموع الفتاوى 4/ 346 وابن عثيمين في كتابه الذي أفرده لسورة الكهف عند آيتها التي تحدثت عن قصة آدم وإبليس وكذا في فتاويه ورقم الفتوى 108
أما السيوطي فذكر رأيه في ( تفسير الجلالين )عند آية الكهف وليس في الدر المنثور.
ومن أدلتهم :
1ـ قوله تعالى في الكهف ( وإذ قال ربك للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن )
وهنا يصرح الله أنه من الجن .
2
ـ قوله تعالى في نفس آية الكهف (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني )
وهنا نص الله أن له ذرية يعني ( نسل) وهم الجن ، والملائكة لانسل لهم .فلو كان ملكا لم يكن له نسل .
3ـ أن إبليس مخلوق من نار كما قال تعالى حاكيا عن إبليس ( أنا خير منه خلقتني من نار)
والملائكة مخلوقة من نور لما في صحيح مسلم برقم 2996 عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : ( خلقت الملائكة من نور)
فعندانا نصان صريحان : يدلان على اختلاف خلق الملائكة عن خلق إبليس
4ـ قال تعالى عن الملائكة ( لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايؤمرون) فلو كان إبليس ملكا ماعصى الله .
5ـ أن الجن الذين هم ذرية إبليس ... لهم شهوة للطعام والشراب وغيره ... وليس للملائكة شهوة دل على ذلك عدة نصوص منها :
أ ـ أن الجن سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم لما اجتمعو به عن طعامهم فقال : ( كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر مايكون لحما ، وكل بعرة علف لدوابكم ) وفي نفس الحديث قال : ( فلاتستنجو بهما فإنهما طعام إخوانكم الجن )رواه مسلم
ب ـ قوله تعالى ( أفتتخذونه وذريته ) والذرية لابد لها من شهوة .
ج ـ قوله تعالى ( لم يطمثهن إنس قبلهم ولاجان )
د ـ (فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ) رواه مسلم برقم 2020
القول الثالث : وهو ان إبليس كان أصله من الملائكة فمسخه الله من الجن لما عصاه .
قال به من العلماء / ابن عباس في رواية كما في الدر المنثور للسيوطي 9/ 565
دليل هذا القول : أنه تفسير صحابي .
والراجح : هو القول الثاني أنه من الجن لقوة أدلته .
وهو الذي عليه المحققون من أهل العلم كابن تيمية والشنقيطي والعثيمين وغيرهم .
أما الجواب عن دليل القول الأول : وهو أن إبليس من الملائكة لأنه الأمر بالسجود يشمله .
فتنوعت إجابات العلماء عن هذا الدليل وأنقل إجابة ثلاثة من أكابر العلماء عن هذا الدليل :
قال ابن تيمية عن إبليس : ( كان منهم ( أي من الملائكة) باعتبار صورته وليس منهم باعتبار أصله ) مجموع الفتاوى 4/346
وقال ابن كثير (وذلك أنه (أي إبليس) كان قد توسّم بأفعال الملائكة وتشبه بهم وتعبد وتنسك فلهذا دخل في خطابهم ن وعصى بالمخالفة ) تفسير ابن كثير 5/ 167 عند آية الكهف .
وقال ابن عثيمين (وإنما استثناه الله من الملائكة لأنه كان معهم وليس منهم يبين ذلك آية الكهف ( وكان من الجن ) ... ثم قال : وهذا الاستثناء يسمى استثناء منقطعا
كما تقول : ( جاء القوم إلا ****ا ) وهو كلام عربي فصيح فاستثنى ال**** من القوم وإن لم يكن منهم ) الفتاوى لابن عثيمين رقم الفتوى 108.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
أخوكم : مشعل الغيث أبو عمر الطائي .
المفضلات