السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،
عرب الجاهلية ..
ونخوة نفتقدها اليوم ..
تعلمنا أن نندد ونشجب ونلعن كل ما ومن يحمل هذه الجينات ..
مع أن الحقيقة تؤكد أن لا أنا ولا أنت عربىّ ..
فلفظة عربى ..
تأتى اليوم لتصف هؤلاء الناطقين بلسان اللغة العربية أو تنحدر أصولهم من أصول عربية من قريب أو بعيد ..
ولهذا الجنس صفات عرف بها عبر كل تاريخه مما جعلتها سمة من سماته عبر كل تاريخ وكل زمان ..
فهو المكرم ضيفه المغيث من استغاثه ..
هذا فى زمن أطلق العرب الأواخر عليه .. "جاهلية" ..
فهذا عنترة يقول :
وأغض طرفى إن بدت لى جارتى ** حتى يوارى جارتى مأواها
وهذا السموأل يدفع حياة ابنه مقابلا لوفاءه وفيما ؟ .. فى درع :
وفيت بأدرع الكنـدي إنـي
إذا ما خان أقوام وفيت
وهذا حاتم الطائى تلومه زوجته بشدة على كرمه وجوده :
وقائِلَة ٍ أهْلَكْتَ بالجودِ، مالَنا ** ونفسك، حتى ضر نفسك جودها
فقلتُ دَعيني، إنّما تِلكَ عادَتي ** لكل كريمٍ عادة يستعدها
والحديث عن نشأة العرب – هذا إن اعتبرنا الجاهلية مرحلة النشأة – يوحى إلينا بفطرة هذه الأمة وهذا الجنس بعيدا عن أى تشريع سماوى وأى دعوة إصلاحية ..
فقد أخضع الروم قسما من أرضها وأخضع الفرس القسم الآخر ورضى العرب إجماعا بهذه التبعية فلم تكن لهم طاقة منفردين بأكبر حضارتين وقتها .. والأهم من المقدرة والتكافؤ .. لم تكن للعرب حاجة أو نزعة للثورة .. ولم يكن لهم لواء وهدف يقاتلون من أجله .. فهى محض جاهلية ..
لكن حدث خطير فى هذه الفترة يوحى لنا بتأصل صفات بعينها فى هذا الجنس العجيب .. صفات لم ارها خلال تجوالى فى ساحة التاريخ واروقته العجيبة فى أى أمة وحضارة غيرها ..
هذه العرب مجتمعة قد أخضعت لسلطان كسرى ورضيت ان يأخذ من مالها أو دمها ما يشتهيه .. لكن حدث خطير يعد أهم أحداث العرب فى الجاهلية ..
وإن دلّ .. فعلى مبدأ وخلق هو فى جينات هؤلاء العرب ..
إنها وقعة "ذى قار" ..
لقد أبى العرب الحرب لكل هذه الاسباب لكن اصبحت ضرورة وحتمية الآن .. لكن لأى سبب ستجتمع هذه القبائل ولأى سبب يبذلون ارواحهم .. قبل أن يدخل مصطلح الجهاد والحرب المقدسة إلى قاموسهم الناصع بياضا ..
نعم كانت القبائل تغير على بعضها وكان الصراع دائما لكن أليس هذا هو العرف السائد فى كل بقاع العالم .. ولماذا نرى محاربى الفايكنج بصورة فرسان شجعان وما هم إلا قراصنة مغيرين لا خلق لهم ولا رحمة بقلوبهم ..
هذه أعراف الحرب دائما دون أن يكون لها تشريع سماوى ..
والحرب يبعثها القوىّ تجبرا ** وينوء تحت بلاءها الضعفاءُ
والحرب من شرف الشعوب فإن بغت ** فالحق مما يدعون براءُ
وعودة لذى قار ..
ذكر كسرى بن هرمز يوماً الجمال العربي ، وكان في مجلسه رجل عربي يقال له :
زيد بن عدي ،
فقال له :
أيها الملك العزيز إن خادمك النعمان بن المنذر عنده من بناته وأخواته وبنات عمه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة .
وأرسل كسرى زيداً هذا إلى النعمان ومعه مرافق لهذه المهمة ، فلما دخلا على النعمان قالا له :
إن كسرى أراد لنفسه ولبعض أولاده نساءاً من العرب ، فأراد كرامتك ، وهذه هي الصفات التي يشترطها في الزوجات .
فقال له النعمان :
أما في مها السواد وعين فارس ما يبلغ به كسرى حاجته ؟
يا زيد سلّم على كسرى ،
قل له :
إن النعمان لم يجد فيمن يعرفهن هذه الصفات ، وبلغه عذري . ووصل زيد إلى كسرى فأوغر صدره ،
وقال له :
إن النعمان يقول لك :
ستجد في بقر العراق من يكفينك .
فطار صواب كسرى وسكت لكي يأمن النعمان بوائقه ، ثم أرسل إلى النعمان يستقدمه ، فعرف النعمان أنه مقتول لا محالة ، فحمل أسلحته وذهب إلى بادية بني شيبان حيث لجأ إلى سيدهم هانئ بن مسعود الشيباني وأودع عنده نسوته ودروعه وسلاحه ، وذهب إلى كسرى ، فمنعه من الدخول إليه وأهانه ، وأرسل إليه من ألقى القبض عليه ، وبعث به إلى سجن كان له ، فلم يزل به حتى وقع الطاعون هناك فمات فيه .
وأقام كسرى على الحيرة ملكاً جديداً هو إياس بن قبيصة الطائي، وكلفه أن يتصل بهانئ بن مسعود ويحضر ما عنده من نساء النعمان وسلاحه وعتاده ، فلما تلقى هانئ خطاب كسرى رفض تسليم الأمانات ، فخيره كسرى إما أن يعطي ما بيده ، أو أن يرحل عن دياره ، أو أن يحارب ، فاختار الحرب .
وفي أثناء ذلك جمع كسرى نخبة من قيادات الفرس ومن قبائل العرب التي كانت موالية له وخصوصاً قبيلة إياد ، ووجههم ليجتاحوا هانئاً ويحضروه صاغراً إلى كسرى.
فلما وصل جيش كسرى وحلفاؤهم من العرب أرسلت قبيلة إياد إلى هانئ :
نحن قدمنا إلى قتالك مرغمين ، فهل نحضر إليك ونفرّ من جيش كسرى؟
فقال لهم :
بل قاتلوا مع جنود كسرى ، واصمدوا إلينا أولاً ، ثم انهزموا في الصحراء ، وإذا ذاك ننقض على جيش كسرى ونمزقهم .
وقدم الجيش الفارسي وحلفاؤهم من إياد فوجدوا جيش هانئ قد اعتصم بصحراء لا ماء فيها ولا شجر ، وقد استقى هانئ لجيشه من الماء ما يكفيهم ،فبدأ الفرس يموتون من العطش ، ثم انقضوا على جيش هانئ كالصواعق ، وبينما هم في جحيم المعركة انهزمت قبيلة إياد أمام هانئ وانقضت على الفرس الذين حولها ، فضربت فيهم ومزقتهم ، وقتل كل قيادات فارس الذين أرسلهم كسرى لإحضار هانئ حياً ، فلما رجعت بعض فلول الفرس إلى كسرى إذا هم كالفئران الغارقة في الزيت .
ذى قار ..
كانت مواجهة أولى من نوعها بين العرب والفرس .. حرب شرسة من أجل نساء مهما يكن أميرات أو من العامة فالقضية قضية مبدأ ..
وهكذا نرى العرب مجتمعين يقفون صفا واحدا حين تمس كرامتهم وأعراضهم ..
هذا فى مجتمع الجاهلية ..
منقول للتفكر فيما بين سطوره
المفضلات