بسم الله الرحمن الرحيم
تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في قتل الحرث والنسل في قطاع غزة براً وجواً وبحراً وكل ما أتت عليه تحت شعار.. اضربوا بكل قوة لا تكترثوا بالرأي العام الدولي.. وتحت ذريعة الدفاع عن النفس وتأمين الحماية للمحتلين تقدم القوات الإسرائيلية على قتل الفلسطينيين بلا هوادة غير مكترثة بالضحايا من الأمهات الثكلى والأطفال وكبار السن..
يأبى الكرم الإسرائيلي الأصيل على أصحابه إلا أن يتحف الشعب الفلسطيني بهدايا من نوع صهيوني خاص، كتب على كل منها «صنع في إسرائيل»! وقد تم إيصال هذه الهدايا يوم السبت حرصاً منهم على سرعة الإنجاز، على رغم ما في ذلك من مخالفة للتعليمات التوراتية!
وإذا كانت «الهدايا على مقدار مهديها» كما يقال، فإن هدايا إسرائيل تتناسب مع التاريخ الوحشي الصهيوني العريق، صاحب مجازر دير ياسين وصبرا وشاتيلا وقانا الأولى والثانية وجنين ومجازر حرب لبنان 2006، وغيرها مما يصعب حصره.
وخلافاً للهدايا الإسرائيلية السابقة، فإن هدايا مناسبة أعياد الميلاد 2008، جاءت مغلّفة بأياد عربية وفلسطينية، أعرب بعضهم عن بهجته بها وسكت بعض آخر، وإن كان هناك صف عربي أصيل يدمي حرقة على ما يرى ويسمع!
ففي الوقت الذي تشن فيه إسرائيل عدوانها الوحشي الهمجي البربري ضد الأطفال والنساء والمدنيين في غزة، يسارع مسؤولون فلسطينيون منذ الساعات الأولى للعدوان الصهيوني بالإدلاء بتصريحات لا تليق بمستوى مسؤول يحمل أدنى درجات الانتماء الوطني تجاه قضيته، ولو كانت مثل هذه التصريحات صدرت من مسؤول غربي تتعرض بلاده لهجوم لأقيل من ساعته، أو ربما أحيل للمحاكمة بتهمة الخيانة!
في الوقت ذاته، فإن تلكؤ دول عربية في الموافقة على عقد قمة عربية طارئة في هذه الظروف العصيبة، يزيد من الشكوك التي تدور حول تهمة تواطؤ وتآمر هذه الدول مع الحكومة الإسرائيلية!
وفي الوقت الذي بادر فيه خادم الحرمين الشريفين بمخاطبة الرئيس الأميركي، وطالبه بالضغط على إسرائيل لإيقاف حملتها العسكرية المسعورة، كان الأولى بالحكومات العربية أن تبادر بردود أفعال على المستوى العربي، تتناسب وحجم الفظائع التي تقوم بها إسرائيل.
من هذه المواقف ألا تقبل الدول العربية بمجرّد «بيان» من مجلس الأمن يطالب كلاً من إسرائيل و «حماس» بوقف عملياتهما العسكرية، لأن في ذلك مساواة غير عادلة بين المعتدي ومن له حق الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
كما أنه من المطلوب من الدول العربية، أن تقوم بتوثيق الجرائم الإسرائيلية، وأن تبدأ بتحرك على المستوى القضائي الدولي، من خلال تقديم طلب إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، لكي تزول تهمة التواطؤ والتآمر، خصوصاً أن ثلاث دول عربية أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية!
وإذا كان صدام حسين حوكم وأعدم من أجل قتل 148 شخصاً، فإن من قتلوا في يوم واحد في غزة قد فاق 230 شخصاً، فهل تعي الدول العربية استخدام هذه الورقة القضائية الدولية؟
ولعل الأمر الذي يجب التنبّه إليه، هو أن أمن الدول العربية مرتبط بأمن الشعب الفلسطيني، وغني عن القول إن أي اعتداء على الشعب الفلسطيني ستكون له آثاره السلبية في الشارع العربي، الأمر الذي قد ينعكس في نهاية الأمر على أمن الحكومات العربية.
أما إذا كانت بعض الأنظمة العربية تعتقد أن إسرائيل ستقضي على «حماس» من خلال عدوانها الوحشي على غزة، فربما كان حرياً بها أن تتعلّم من دروس التاريخ الحديث، أن مقاومة الشعوب المسلوبة حقوقها لا تموت باستخدام القوة العسكرية وحدها، حتى لو تمكنت الآلة العسكرية من إبادة قادتها. الأمثلة على ذلك كثيرة، ولعل أقربها إلى الذاكرة وفي عصرنا الحديث «طالبان»، «القاعدة»، «المحاكم الصومالية»، «حزب الله»، «المقاومة الشيشانية»، التي لم تفنها وحشية القوة العسكرية التي استخدمت ضد كل منها، بل إن كلاً منها ازداد قوة بعد كل عملية ضده.
واقع الأمر أن «حماس» لن تزول كما يزعم المسؤولون الإسرائيليون، بل إنهم يعلمون ذلك، ولا أخفي إعجابي بأسلوب التهكّم الذي تناولت به صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية سمّته «سيناريو الأحلام»، الذي تقدمه الحكومة الإسرائيلية، حين وصفت الصحيفة القصف الإسرائيلي بأنه سيقلب غزة رأساً على عقب، وسينزل آلاف الجنود الإسرائيليين إلى غزة ويغتالون جميع قادة «حماس»، ومن ثم يقومون بتحرير الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليت وهو سليم معافى، ثم بعد ذلك يقدّمون للصحافة آلاف الصور لأسلحة متقدمة عثر عليها في مستودعات «حماس
............
اخوكم نمر ابوغوش
تحية شمرية طائية
القدس
المفضلات