فن التعامل مع الزوجة:backbghea
1) التلطُّفُ والدَّلالُ: ومن صُورِ الملاطفةِ والدَّلالِ للزَّوجةِ، نداؤها بأحبِّ الأسماءِ إليها أو بتصغيرِ اسمِها للتَّمليحِ أو ترخيمِه - يعني تسهيلِه وتليينِه -، وهذا أيضاً من حياتِه صلى الله عليه وسلم، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقولُ لعائشةَ: " يا عائش! هذا جبريلُ يقرئك السَّلامَ "([7]) . وكان يقولُ لعائشةَ أيضاً " يا حميراء " ([8])! قال ابنُ كثيرٍ في النِّهايةِ: والحميراءُ تصغيرُ حمراء، يُرادُ بها البيضاءَ . وقال الذهبيُّ: الحمراءُ في لسانِ أهلِ الحجازِ البيضاءُ بشقرةٍ، وهذا نادرٌ فيهم . - إذن - لقد كان صلى الله عليه وسلم يلاطفُ عائشةَ ويناديها بتلك الأسماءِ مصغَّرَةً مرخَّمَةً . وأخرج مسلمُ من حديثِ عائشةَ في الصَّيامِ قالت: " كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقبِّلُ إحدى نسائه وهو صائمٌ " ([9])، ثُمَّ تضحكُ - رضي الله تعالى عنها -، - أي تعني أنَّه كان يقبِّلُها - . وأخرج النسائيُّ في عشرةِ النِّساءِ أنَّها قالت - أي عائشة -: " هوى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ليقبِّلَني فقلتُ: إنِّي صائمةٌ! فقال صلى الله عليه وسلم:" وأنا صائم " ([10]) . وأيضا أنَّها قالت " كان الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم يظلُّ صائماً فيقبِّلُ ما شاءَ من وجهي " ([11]) . ومن حديثِ عائشةَ - أيضاً - أنَّها قالت، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ذكرَ كلمةً معناها " أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنُهم أخلاقاً وألطفُهم بأهلِه "([12]) . ومن خلالِ هذه الأحاديثِ يتبيَّنُ لنا ملاطفةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأزواجِه، وحسنُ التعاملِ معها - أي مع عائشةَ رضي الله عنها - . ومن صُوَرِ المداعبةِ والملاطفةِ أيضاً إطعامُ الطَّعامِ،فقد أخرجَ البخاريُّومسلمٌ من حديثِ سعد بن أبي وقَّاص أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال، ثُمَّ ذكر الحديثَ إلى قوله: " وإنَّك مهما أنفقتَ من نفقةٍ فإنَّها صدقةٌ، حتَّى اللُّقمة التي ترفعُها إلى فيِّ امرأتِك " ([13]) . حتى اللُّقمة التي ترفعُها بيدِكَ إلى فمِ امرأتِك هي صدقةٌ! ليس فقط كسباً للقلبِ وليس فقط حسنَ تعاملٍ مع الزَّوجةِ بل هي صدقةٌ تؤجَرُ بها من الله - عزَّ وجلَّ- . وذكرَ النوويُّ في هذا الحديثِ: إنَّ وضعَ اللقمةِ في فمِ الزَّوجةِ يقعُ غالباً في حالِ المداعبةِ، ولشهوةِ النَّفسِ في ذلك مدخلٌ ظاهرٌ،ومع ذلك إذا وجَّهَ القصدَ في تلك الحالةِ إلى ابتغاءِ الثَّوابِ حصلَ له بفضلِ الله . قلتُ - والقائلُ الحافظُ ابن حجر -: وجاء ما هو أصرحُ من ذلك وهو ما أخرجهُ مسلمٌ عن أبي ذرٍّ فذكرَ حديثاً فيه " ..وفي بضعِ أحدِكم صدقةٌ " ([14]) قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدُنا شهوتَه ويؤجَرُ؟! قال: "نعم! أرأيتُم لو وضعَها في الحرامِ ..". إذن فمن صُوَرِ المداعبةِ والملاطفةِ للزَّوجةِ إطعامُها الطَّعامَ، وكم لذلك من أثرٍ نفسيٍّ على الزَّوجةِ . وأنا أسألُك أيُّها الرجلُ ماذا يكلِّفُك مثلُ هذا التعاملِ؟! لا شيء! إلا حسنُ التأسِّي والإقتداءُ وطلبُ المثوبةِ وحسنُ التعاملِ وبناءُ النَّفسِ، فالملاطفةُ والدَّلالُ والملاعبةُ مأمورٌ أنت بها شرعاً لما تفضي إليه من جمعِ القلوبِ والتآلُفِ، ولذلك قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله: " هلاَّ بكراً تلاعبُها وتلاعبُك وتضاحكُها وتضاحكُك؟! " ([15])، - إذن - فالمضاحكةُ والملاعبةُ والملاطفةُ والدَّلالُ للمرأةِ مطلوبٌ منك شرعاً. 2) التَّجاوزُ عن الأخطاءِ في الحياةِ الزَّوجيَّةِ: وغضُّ البصرِ، خاصَّةً إذا كانت هذه الأخطاءُ في الأمورِ الدنيويَّةِ . فأقولُ: لا تنسَ يا أيُّها الأخُ الحبيبُ أنَّك تتعاملُ مع بشرٍ و" كلُّ بني آدمَ خطَّاء وخيرُ الخطَّائين التَّوابون "، ولا تنسَ أنَّك تتعاملُ مع امرأةٍ،وكما قال صلى الله عليه وسلم قد ".. خُلِقَت من ضلعٍ أَعْوجٍ " ([16]) . لا تكُن شديدَ الملاحظةِ، لا تكُن مرهفَ الحسِّ، فتجزع عندَ كلِّ ملاحظةٍ أوكلِّ خطأٍ، انظُر لنفسِك دائماً فأنت أيضاً تخطئُ، لا تنسَ أنَّ المرأةَ كثيرةُ الأعمالِ في البيتِ ومعَ الأولادِ والطَّعامِ والنَّظافةِ والملابسِ وغيرِها،ولا شكَّ أنَّ كثرةَ الأعمالِ يحدثُ من خلالِها كثيرٌ من الأخطاءِ . لا تنسَ أنَّ المرأةَ شديدةُ الغيرةِ سريعةُ التأثُّرِ، احسب لكلِّ هذه الأمورِ حسابَها، واسمع لهذهِ الأمثلةِ: أ- الحلم والإنصاف: عائشةُ - رضي الله عنها وأرضاها -، كما تُحدِّثُ أمُّ سلمةَ أنَّها – أم سلمة - أتت بطعامٍ في صحفةٍ لها إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابِه، فجاءت عائشةُ متَّزِرةَ الكساءِ ومعها فهرٌ - أي حجرٌ ناعمٌ صلبٌ - ففلقَت به الصَّحفةَ، فجمعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصَّحفةِ وقال - يعني أصحابه -: " كلوا، غارَت أمكم، غارَت أمُّكم .."، ثُمَّ أخذَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم صَحفةَ عائشةَ فبعثَ بها إلى أمِّ سلمةَ، وأعطى صحفةَ أمِّ سلمةَلعائشة ([17]) . فأقولُ: انظُر لحسنِ خُلُقِه صلى الله عليه وسلم وإنصافِه وحلمِه، وانظُر لحسنِ تصرُّفِه وحلِّه لهذا الموقفِ بطريقةٍ مُقنِعةٍ، معلِّلاً لهذا الخطأِ من عائشةَ - رضي الله عنها - بقولِه " غارَت أمُّكم، غارَت أمُّكم!"، فهو يقدِّرُ نفسيَّةَ عائشةَ زوجَه اعتذاراً منه صلى الله عليه وسلم لعائشةَ، لم يحمِّل عائشةَ نتيجةَ هذا الخطأِ ونتيجةَ هذا العملِ ولم يذمّها صلى الله عليه وسلم، لأنَّ أمَّ سلمةَ هي التي جاءَت إلى بيتِ عائشةَ تقدِّمُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه هذا الطَّعامَ، ولذلك قدَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم هذا الموقفَ، وتعاملَ معه بلطفٍ وحكمةٍ - صلواتُ الله وسلامُه عليه -....
يتبع................تابعونا في الحلقة القادمة...:welcome17وفي المرة القادمة ساتحدث عن فن التعامل مع الزوج...
المفضلات