عندما كتبت مقالتي الاولى حول ثقافة القنادر التي تناولت قندرة الصحفي العراقي الذي قذفها بوجه الرئيس الامريكي ، أعتقد البعض أنني أحاول أطفاء نيران الثورات وأقصد بها أحباط العرب ، كما اعتقدوا بأنني اريد مصادرة الفرحة العارمة التي يعيشها العرب نتيجة هذا الحدث ، وأن قلمي يعيش بساحات اللطم والنواح وغيرها من الظنون التي أختلف معها كلياً لذلك عدت مرة أخرى لأكتب حول معركة القنادر الخالدة .
قلت بان منظر الحذاء وهو يرفرف متجهاً لراس بوش كان ممتعاً ويدعو للبهجة والسرور على أعتبار أنه محتل وداعم قوي للعدو الصهيوني فكنت أعتقد كما أعتقد الكثير بان هذا الحدث أنتصار وبداية لثورة قد تسمى بثورة القنادر أو بمعركة أم القنادر ، لكن سرعان ما تبدد هذا الفرح لأمتعاض وأسى لأن قندرة الزيدي لن تؤثر بالعرب ولا حتى بالعراقيين أنفسهم ، ولن تعيد لنا قتلانا ولا تفك قيد أسرانا ولن تسترجع اراضينا المحتله .
المنظر أنسانى المقاومة وما تفعله منذ بداياتها وحتى يومنا هذا ، كما أنسانا أهالي غزة المحاصرين ، فمنا من أنشد من أجل القندرة ومنا من عرض أمواله لشرائها بل حتى مصانع الاحذية العربية بدأت بنسب قندرة الزيدي لمصانعها على أعتبار أن القندرة أصبحت رمزاً عربياً للحرية ومحاربة الاستعمار ، يا لها من سخرية !!
لقد طوت قندرة الزيدي صفحات المجد والحرية المتمثلة في المقاومة لتصبح القندرة عنواناً للحرية والنضال ومقاومة الاستعمار ، وهاهو صاحب القندرة البطل الشجاع يتقدم للمالكي بالاعتذار والندم على ما فعله ، وأخوته يطالبون السستاني للتدخل والافراج عنه كونهم من مقلديه وأتباعه .
المصيبة الاعظم أننا نبحث عن أي حدث نعتقد أنه قد استرد لنا كرامتنا دون أن نمهل عقولنا للحظة تفكير عما ينتج من وراء هذا الحدث ، فنتسابق لوسائل الاعلام لنعبر عن فرحتنا وتأييدنا لهذا الحدث الذي سرعان ما نندم عليه ونحاول نسيانه .
ما أقصده أنني لا أريد لأمتي أن تترك السيف والقلم لتستبدلهما بالقندرة كرمز وشعار فقط لانها رمية بوجه بوش تاركين تاريخاً طويلاً من النضال ممتلأ بصفحات ناصعة البيضاء .
ما أقصده أن لا نصنع لأنفسنا تاريخاً جديداً شعاره القندرة ، فنخلده بالشعر والمؤلفات لأجيالنا القادمة فمنحي تاريخاً صنعه اسلافنا مليء بالبطولات والنضال .
ما أقصده أن لا تكون قندرة الزيدي رمزاً لنا نفتخر بها ونتفاخر أمام العالم بانها رمزاً لنضالنا وكرامتنا .
ما أقصده أن لا تنسينا هذه القندرة ضحايا العراق وفلسطين ولبنان وغيرها من العرب والمسلمين .
ما اقصده أن لا نعتبر ما حدث بمعركة ام القنادر فتصبح أحدى معاركنا التي انتصرنا بها على العدو .
ما اقصده أن نربأ بأنفسنا عن ثقاقة القنادر ونتسلح بما تسلح به الاسلاف من أهلنا لكي نحقق لأنفسنا النصر .
أنا لا ألوم من فرح وابتهج وسرّ بالمشهد ولكني ألوم من تفاعل مع هذا المشهد على أنه أنتصار لنا وثورة ضد المستعمر فتغزل بحذاء الزيدي وكتب عنه ما لم يكتبه مالك بالخمر .
لكم جل أحترامي
المفضلات