[align=CENTER][table1="width:85%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]
*
*
اخوانى الافاضل
وموعد متجدد مع.....(( شاعر الاسبوع))
وشاعرنا اليوم هو ....
شاعر حاز قوّة البداهة من دون اعتراض. حيثما يخْلد البعض، وَهُمْ أحياء، إلى النسيان العادل أو يبدأون بإثارة امتعاض
أقرب محاوريهم، نالَ هو قوّة الاسطورة ، في حياته المعذّبة كما في شعره، وسكنَ ثنايا الوعي الشعريّ للعرب ولعدد
متزايد من محبّي الشعر في العالم كلّه. قائم هو في مسارب الذائقة، مقيم في معاهد الحسّ، منتشر كالوعد في طيّات
الخطاب الشعريّ الجديد. شاعر احتضنَ مأساته ومضى بها ومعَها إلى الهاوية. لم يلتفتْ إلاّ لجوهر ذاته الحارّ والأكثر
شخصانيّة، فتبعتْه القصيدة. سجالاته خاضَها في بضع مقالات صحافيّة عاصفة ينقصها الصّحو ولكنْ أملاها تهميش مرير.
ولأنّها لم تفلح في تعكير الأساسيّ عنده، فسرعان ما نسيَها التاريخ.
شاعر طالع من رماد المراثي، اشبه بأيوب في العهد القديم، وليّ في ثوب ثائر، ملاك وشيطان، ولكن في حال من
البراءة التامة والطفولة الدائمة. ثوري ولكن مكتئب، مناضل وخائب، مضطرب روحاً وقلباً وجسداً. يهجس بالحياة مقدار ما
يهجس بالموت وكأن الموت هو قرين الحياة في عينيه هو الذي رحل باكراً. وعندما كان يشعر بأن الموت يدنو أكثر
فأكثر كان يزداد شغفاً بالكتابة. وكان يكتب ويكتب... لكنّ الموت كان هو القصيدة الأخيرة.
هو الشاعر ....بدر السياب
ولد الشاعر بدر شاكر السياب عام 1926 في قرية جيكور على الفرات، قرب مدينة البصرة جنوب العراق.
والده " شاكر بن عبد الجبار بن محمد بن بدران المير" وكلمة سياب بتشديدها بضم السين أو فتحها : اسم يطلق على
البلح أو البسر الأخضر. لكن قصة تروى في العائلة تزعم أنه دعي بهذا الاسم لأنه فقد جميع أقربائه بمرض الطاعون
وسيب وحيدا.
وكان آل السياب يملكون أراضي مزروعة بالنخيل، وهم مسلمون سنيون عرفتهم جيكور لأجيال عدة. و على الرغم من
من أنهم لم يكونوا من كبار الملاكين في جنوب العراق، فأنهم كانوا يحيون حياة لائقة ومحترمة.
تأثر السياب بحكايات جده كثيرا هذا الجد الذي احترف سرد القصص والحكايات المسلية وكان السياب يحبها كثيرا
وكانت أكثرهم قربا إلى قلبه حكاية "عبد الماء" الذي اختطف "زينب" الفتاة القروية الجميلة، وهي تملأ جرتها من النهر..
ومضى بها إلى أعماق البحر و تزوجها، وأنجبت له عددا من الأطفال، ثم رجته ذات يوم أن تزور أهلها، فأذن لها بذلك،
بعد أن احتفظ بأبنائه ليضمن عودتها، ولكنها لم تعد، فأخذ يخرج من الماء ويناديها ويستثر عاطفتها نحو الأطفال،
ولكنها أصرت على البقاء، وأخيرا أطلق أهلها النار على " عبد الماء" فقتلوه، أما الأطفال فتختلف روايات العجائز
حول مصيرهم..
ويبدو أن حكايات الجد عن الماء أثرت على ذكرياته فجعلته يرتبط بالماء ولكن على طريقته الخاصة عن طريق المطر.
كذلك تشمل ذكرياته لعبه على شاطئ نهر"بويب" الذي كان له نصيب لا باس به من أشعاره، متذكرا بيتهم المختلف عن
سائر البيوت وخصوصا الـ"الشناشيل"، وهي شرفة مغلقة مزينة بالخشب المزخرف و الزجاج الملون..
تنقل بين جيكور وأبي الخصيب والبصرة ثم بغداد لاستكمال تعليمه وتحصيله الدراسي ليتخرج من دار المعلمين في بغداد
في منتصف الأربعينات، حيث كانت بغداد تعيش كباقي العواصم العربية انعكاسات الصراعات العالمية أثناء الحرب الثانية
"جسم نحيل هزيل، بسيط في ملبسه، يسير بصورة مستعجلة متأبطًا كتابه الذي يكون في الغالب باللغة الانجليزية التي يجيدها، يكره الزيف والادعاء والعظمة." وهذا هو التعريف الذي سطره عنه رفيق رحلة العمل أ.عبد الوهاب الشيخلي الصحفي المعروف..
دخل السياب معترك الحياة السياسية وعانى منها الكثير فقد دخل السجن مرات وطرد من الوظيفة ونفي خارج البلاد.
صدرت مجموعته الأولى "أزهار ذابلة" عام 1947 في القاهرة وكان كتب في منفاه أجمل قصائده ومناجاته الشعرية غريب على الخليج وصهرت هذه المرحلة شعره ليتبلور فيها صوته وتكتمل أداته ويكتب ذروة نصه الشعري الذي صار يتميز به بعد رحيله.
زار بيروت عام 1960 لطبع ديوان له، وقد ساهم في هذه الفترة في الحركة الشعرية والثقافية المتمثلة بصدور مجلة شعر وحوار والآداب.
وفي هذه الفترة بالذات تدهورت صحته وصار يتنقل بين بيروت وباريس ولندن وراء العلاج وكان جمسه يهزل أكثر وأكثر حتى انكسر عظم ساقه لهشاشتها.
شكلت هذه السنوات الأخيرة بين 1960 - 1964 مأساة السياب الصحية والاجتماعية حيث عانى من الموت يحمله بين ضلوعه في المنافي وليس لديه إلا صوته ومناجاته الشعرية ممزوجة بدم الرئة المصابة، حتى مات مسلولا في يوم 24/12/1964 في المستشفى الأميري في الكويت.
الحب فى حياة بدر السياب
عرف السياب الحب منذ كان شابا صغيرا في قريته التي عشقها فأحب إحدى عشرة فتاة، أحبهن في حياته وكان صادقا في حبـه لهن كانت أولاهن "الراعية التي تكبره بأعوام عديدة ثم أعجب بفتاه عمرها أربعة عشر عاما..
لينتهي به الحال بالزواج من إحدي قريباته"إقبال" التي تحكي عن زواجهما قائلة:"لم أتعرف عليه بمعني كلمة التعارف والحب واللقاء، إنما كانت بيننا علاقة مصاهرة حيث إن أختي الكبري كانت زوجة لعم الشاعر (السيد عبد القادر السياب) في أوائل الثلاثينات، وكان أخي قد تزوج من أسرة السياب، وبعد نيل الموافقة الرسمية تم عقد الزواج في 19 يونيو 1955 في البصرة."
وأنجبت منه غيداء وغيلان وألاء، ولمّا أصابه المرض كانت مثال المرأة الحنونة، المحتملة كل متاعب والأم الحياة، حيث كانت الأيام معه أياما قاسية حتى وفاته، وتحكي عن تلك الأيام قائلة:"كانت السنوات الثلاث الأخيرة من حياته فترة رهيبة عرف فيها صراع الحياة مع الموت. لقد زجّ بجسمه النحيل وعظامه الرقاق إلي حلبة هذا الصراع الذي جمع معاني الدنيا في سرير ضيق."
أسس السياب لحداثتنا شعرا وكتب قصائد لا ماضي لها في الشعر العربي المعاصر مختطا بذلك مسارا في القصيدة العربية الحديثة سار عليه الكثيرون من بعده.
يمتاز شعر السياب بالمناجاة الغنائية العميقة والصورة البارعة التي تمتزج فيها اللغة بالرؤية وبالإيقاع في مدى شعري ممتد بين روعة الأداء وعمق الدلالة وتشابك إيماءاتها.
صدرت له المجموعات الشعرية التالية "أزهار وأساطير" و"المعبد الغريق" و"منزل القنان" و"أنشودة المطر" و"شناشيل ابنة الجلبي"
ترددت الكثير من الآراء التي تؤكد أن "السياب" هو أول من كتب في الشعر الحر وأنه من اكتشفه، ولكن لم يستطع احد إثبات ذلك ولا حتى هو شخصياً.
وبدأ كتاباته الشعرية بقصائده الرومانسية التي نشر أولاها عام1941 بعنوان"على الشاطئ" وكان ذلك في الخامسة عشر من عمره لتصل عدد القصائد عند وفاته إلى 244 قصيـدة وهو عدد هائل في سنوات عمره القصيرة.
ويتميز شعر "السياب" الجمال والبساطة فترى كل من يقرأه يعجب به ويتعلق بكلماته التي تشعر بأنها شابة دائما وصالحة لكل العصور والأوقات، ولذلك كان شعره مادة خصبة للدراسة والبحث فقد حظي شعره بالكثير من رسائل الدكتوراه والماجستير والكتب ففي رسالة دكتوراه عن السياب قـدمت في "جامعة السوربـون" أواخر عـام 1980 يورد الباحث ما يزيد عن أربعمائة كتاب وبحث عن الشاعر بـاللغات العربية والإنكليـزية والفـرنسية والصربيـة.
ليس هذا فقط بل هناك أيضا 37 عنوانا من أعمال السياب شعرا ونثرا وترجمة، إضافة إلى 55 كتـابا ومرجعا ممـا يتعلق بدراسـة شعر السيـاب من قريب أو بعيـد.
وأشهرها دراسة الأستاذ الدكتور إحسان عباس بعنوان "بدر شاكـر السياب: دراسة في حياته وشعره (1969). والتي تتميز بالرصانة والدقة، وبالإنصاف قبل كـل شيء. فهي تتناول حيـاة الشاعر اعتمادا على معلومات استقاها البـاحث من أصحاب الشـاعر ومعاصريه ومن مجموعة من رسـائله غير قليلة.
وكتاب الدكتور عيسى بلاطة(بدر شاكر السياب: حياته وشعره)، التي نال بهـا الدكتوراه من جامعة لندن، وقد نشرها بالعربية أول مرة عام 1971 وأضاف ملحقا بعدد من القصائـد غير المنشـورة أفاد منها عدد من الباحثين بعده.
وكتاب المحامي محمود العبطة بعنوان (بدر شـاكر السياب والحركة الشعرية الجديدة في العراق) (1965) وهو كتاب لـه أهمية خاصة نظرا لعلاقة المؤلف الوثيقة بالشاعر.
أما رسائـل السياب التي جمعها وقدم لهـا ماجـد صالـح السـامرائي (بـيروت 1975) فقد يسرت للبـاحث ما يظن أنـه جميع رسائل السياب إلى أصدقائه ممـا يتعلق بسيرتـه الأدبية، وهي مـادة تنير الكثير من شعر السياب وتفسر أمورا كان يمكن أن تبقى غامضة لولا هذه الرسائل.
وخلال مسيرته الشعرية أبدع أعمالا راقية ورائعة في آن واحد ومن أشهر دواوينه "أزهار ذابلة" 1947، و "أساطير" 1950، و "حفار القبور" 1952، و "المومس العمياء" 1954، و "الأسلحة والأطفال" 1955، و"أنشودة المطر" 1962، و "المعبد الغريق" 1962، و "منزل الأقتان" 1963 و "شناشيل ابنة الجلبي" 1964. ثم نشر ديوا "إقبال" عام 1965.
ومن ترجماته الشعرية عيون الزا أو الحب و الحرب ،عن أراغون- بدون تاريخ، قصائد عن العصر الذري ، عن ايدث ستويل- دون مكان للنشر ودون تاريخ ، قائد مختارة من الشعر العالمي الحديث، قصائد من ناظم حكمت بغداد – 1951.
الاسطورة فى فكر السياب
. فإن قراءة البعد الأسطوري في شعر السياب ينبغي الاّ تتم من خلال النظر الى الاسطورة كونها مفهوماً يتحدد بحدوده الوضعية (في المعاجم وكتب الاساطير)، بل أن نقرأها بالمفهوم السيابي لها. فهي، كما جاءت في قصيدته، تمثل موقفاً انسانياً وجودياً يرتكز الى اسانيد ودلالات واقعية. فنحن أمام استخدام حديث ومميز للأسطورة، فضلاً عما أصبح لها من أبعاد واقعية
اذ تحولت «الشخصية» فيها من «اطارها الشعائري» الى صورة لـ«البطل المعاصر» الذي ينهض بمجتمعه وانسانه من اجل ان يحقق انتصارهما، وذلك من خلال تأكيد المعاني المعاصرة لنضال هذا الانسان من أجل تغيير واقع حياته الى حياة أفضل. وهو، في هذا، وإن كان يضع «الواقعي» و«الانساني المباشر» ضمن الأبعاد المتحققة من خلال «رؤيا الاسطورة»، فإننا نجده يفجر الاسطورة ليجعلها تستجيب الدلالة الجديدة التي يريدها، والتي تعتمد على ربط «مجال الرؤيا» بحقائق الواقع الانساني
لعل اكثر ما يصنع «اسطورة» السيّاب هو كونه كتلة من المتناقضات، مثلما هو كتلة من جروح وآمال وأحلام وخيبات.
فهو الذي كان اكثر من شاعر لم يكن إلا شاعرآً وشاعراً فقط. اما بدر الشيوعي والقومي والعروبي والتموزي
الرومانسي والواقعي والرؤيوي والتقليدي والثائر...
فلم يكن باختصار إلا ذاك الشاعر الذي جاء غريباً عن هذا العالم ورحل غريباً عنه. بل الشاعر الذي لم يستطع ان
يتصالح مع الحياة إلا عبر الموت، ولم يتصالح مع الحب إلا عبر الموت وكذلك مع العالم والأفكار والتاريخ.
نقرأ بدر شاكر السياب اليوم كما قرأناه بالأمس وكما سنقرأه غداً وبعد غد،
شاعراً قادراً على التجدد باستمرار، شاعراً قادراً على ان يترك اثراً حياً
باستمرار، وقادراً على تخطي عثراته الكثيرة وهناته الكثيرة...
ولعل اجمل قراءة له هي تلك التي تتم خارج شعارات الحداثة والثورة الشعرية
والتجديد...
فهذا الشاعر لا يُقرأ من وجهة واحدة ولا عبر ذائقة واحدة او مزاج واحد.
شاعر متعدد اللغة والأسلوب والشكل والإيقاع ولكن «أحدي» الروح والألم
والإسرار والتعبير.
حقاً ان بدر شاكر السياب الذي قرأناه وأعدنا قراءته حتى السأم، ما زلنا
نحتاج الى ان نقرأه ونقرأه دائماً، ليس لأن شعره عصيّ على الاستنفاد بل لأنه
شاعر حي دائماً، بجروحه وخيباته، بآماله وهواجسه، وبنزعته الذاتية
ونبرته الشخصية.
بدر شاكر السياب شاعر في حياته كما في شعره، شاعر خارج شعره ايضاً،
شاعر في اسطورته، شاعر في موته الذي لا يشبه الموت.
ارجوا ان اكون قد وفقت فى تقديم تعريف بسيط عن شاعر متميز جدا
رحل عن عالمنا ولكنه ترك رصيد من جمال
ومدرسة يدرس بها القادمون من بعده
تحياتى للجميع
*
*
[/align][/cell][/table1][/align]
المفضلات